لا يبنغي أبداً أن يكون المكان الذي يعيش فيه المرء عاملاً يحدد حقوقه أو يقيد الفرص المتاحة أمامه للإرتقاء الاقتصادي والاجتماعي. ولكن ثمة بلدا عديدة تتفاوت فيها نوعية الحياة والفرص المتوفرة للمواطنين تفاوتاً كبيراً بين حي سكني وآخر. وعندما تكون هذه الأحياء قريبة جداً من بعضها، أو حتى متجاورة، ينشأ تفاوت مرئي واضح للأغنياء والفقراء على حدٍ سواء. وفي الوضع المثالي، يُفترض أن يؤدي وجود الأحياء الفقيرة على مسافة قريبة من الأحياء الغنية إلى زيادة إمكانية السكان الفقراء في الحصول على خدمات أفضل، من قبيل المدارس والعيادات الصحية وفرص العمل. ولكن في واقع الأمر لا توجد ضمانات بأن يحصل جميع السكان (خصوصاً من الأحياء الأخرى الأقل ثراءً) على خدمات أفضل من الأحياء الأكثر ثراءً أو أن يحصلوا على فرص عمل توفر أجراً أعلى وأمناً اقتصادياً (بريغز 2005؛ 2007). وفي الواقع أعرب الأفراد من ذوي الدخل المتدني الذين يعيشون بالقرب من الأحياء الغنية عن قدر أكبر من الشعور بالوصم وزيادة التوتر وحس أكبر بالانعزال الاجتماعي (تشاسكين وجوزيف 2010؛ غراهام، بينتو، ورويز 2015). وإضافة إلى التأثيرات النفسية السلبية التي تنجم عن كون المرء فقيراً بجوار جيران أغنياء، وهي تأثيرات تعود بالضرر على صحة السكان ذوي الدخل المتدني ورفاههم، فإن احتمالية أن يدعم الأفراد الأغنياء توزيع الثروة على نحو أكثر إنصافاً تصبح أقل عندما يكون التفاوت مرئياً على نحو مباشر (ساندز 2017). وبالتالي، عندما تكون الأحياء الغنية والأحياء الفقيرة متجاورة، فقد قد يكون التفاوت أكثر ديمومة. وتاريخاً، اتسمت أحياء سكنية عديدة في القاهرة بعدم التجانس الاقتصادي، حيث يعيش السكان ضمن طبقات اقتصادية واجتماعية مختلفة، ولكن بدأت تزداد ظواهر الفصل الاجتماعي والاقتصادي في الفترة الأخيرة، مما يزيد التجانس الطبقي للسكان (أدهم 2005؛ سيمز وأبو لغد 2010؛ بدوي وآخرون 2015).
سنعرض في هذا العرض الموجز خرائط للأحياء الأكثر ثراءً وتلك الأكثر فقراً، مع التركيز على مدى قرب المسافة بين الأماكن التي يعيش فيها الأغنياء وتلك التي يعيش فيها الفقراء. ونجذب الانتباه إلى التفاوت في الحيز المكاني للمدينة. إن التفاوت في الحيز المكاني “يركز على الأساس الهيكلي-المناطقي للتفاوت، ويوسّع [...] الاهتمام بالتكوين الطبقي إلى مجال الأبحاث الجديد المتمثل في الفضاء الجغرافي” (لوباو و ساينز 2002، 499). يزداد التفاوت في الحيز المكاني عندما يتركز الفقر والخدمات والبنى التحتية ذات النوعية المتدنية في مناطق جغرافية محددة وتصبح هذه السمات جزءاً لا يتجزأ من هذه المناطق. ويتيح لنا تفحّص هذه الجوانب على مستوى الحي أن نحدد المناطق التي تستمر فيها الخبرة المعاشة للتفاوت، ويبزر فيها التفاوت بشدة من حيث البيانات الخاصة بكل منطقة ومن حيث البيوت المتداعية التي تقف في تضاد صارخ مع المحيط الأكثر ازدهاراً والفنادق الفخمة المجاورة من فئة الخمس نجوم.
مشكلة مستوى التحليل في دراسة التفاوت
ظلت الدراسات المعنية بالتفاوت تركز منذ مدة طويلة على التحليل من المستوى الكلي (مستوى البلد). وتشير مثل هذه المؤشرات للاقتصاد الكلي إلى أن التفاوت في الدخل في مصر يقل عنه في معظم بلدان المنطقة وخارجها. وفي الكتاب الذي ألفه فيرمي وآخرون (2014)، يدفع الباحثون بأن وضع التفاوت والفقر في مصر ليس أسوأ منه في العديد من الأماكن الأخرى، مستندين في ذلك إلى إحصاءات الفقر على المستوى الوطني و ’معامل جيني‘ (GINI coefficient). ويُعتبر معامل جيني المقياس الأكثر شيوعاً للتفاوت، وتتراوح قيمته ما بين 0 إلى 1، حيث يزيد التفاوت كلما انخفضت قيمة المُعامل. وظلت قيمة معامل جيني لمصر تتراوح ما بين 0.33 إلى 0.35 خلال الفترة 2005-2009، وهي قيمة قريبة من القيمة السائدة في بلدان منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي (فيرمي وآخرون 2014، 38). وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2013، هبط معامل جيني لمصر إلى 0.30، وهو أدنى تقدير تُسجله مصر (فيرمي وآخرون 2014، 2). وقد سجل حوالي 60% من بلدان العالم قيماً أعلى لمعامل جيني بالمقارنة مع القيمة التي سجلتها مصر، وبالتالي فإن التفاوت في مجتمعات تلك البلدان يفوق التفاوت في المجتمع المصري. وغالباً ما يتناقص التفاوت كلما تزايد ثراء البلد، لذا فإن معامل جيني لمصر يسجل قيمة أدنى مما هو متوقع نظراً إلى الدخل الذي تحققه. وفيما يتعلق بتوزيع الدخل في العالم، فإن أفقر المصريين – أي شريحة الـ 1% الدنيا – هم أفضل حالاً من 15% من سائر العالم. فهم “ليسوا معدمين بقدر [أشد الناس فقراً] في الهند والصين والبرازيل” (فيرمي وآخرون 2014، 40).
بيد أن هذه الإحصاءات التي تُظهر مستويات متدنية من التفاوت لا تتطابق مع تصورات المصريين العاديين، إذ يشعر الكثير من الناس بأن التفاوت مرتفع، كما أظهرت البيانات التي أصدرتها منظمة ’الباروميتر العربي‘ (تيسلر وآخرون، الموجة 3، 2012-2014) أن 88% من المستجيبين للاستطلاعات يعتقدون بأن الوضع الاقتصادي – الفقر والبطالة وزيادة الأسعار – يمثل التحدي الأكثر أهمية الذي تواجهه مصر. وفي عام 2013، وصف أكثر من 90% من المواطنين الذين شاركوا في الاستطلاع الوضع الاقتصادي بأنه “سيء” أو “سيء جداً”، بزيادة عن نسبة المجيبين في عام 2011 التي بلغت آنذاك 76%. وأشار معظم المجيبين على الاستطلاع (55%) إلى الهدف بتحسين الوضع الاقتصادي بوصفه السبب الرئيسي لاحتجاجات الربيع العربي، ولا يوجد تفاؤل كبير بأن الأوضاع ستتحسن: فقد قال 57% من المجيبين إن الوضع الاقتصادي سيتراجع خلال السنوات القليلة المقبلة مقارنة مع الوضع الحالي. وأخذ مستوى التفاوت الاقتصادي في مصر يرتبط على نحو متزايد بطريقة فهم المصريين للديمقراطية: فقد أعرب حوالي ثلث المجيبين عن اعتقادهم بأن تقليص الفجوة بين الأغنياء والفقراء هي السمة الأكثر أهمية للديمقراطية، في حيث أعرب 9% فقط من المجيبين عن قناعتهم بأن الحكومة تؤدي عملاً جيداً في هذا المجال.
يرتبط مفهوم التفاوت في جوهره بمقارنات مرجعية محددة، ويتطلب عقد مقارنات بين الجماعات. فالقول، على سبيل المثال، بأن المصريين الأشد فقراً “ما زالوا أفضل حالاً” من معظم الناس المعدمين في العالم لا يعني أنهم لا يعانون من انعدام الأمن الاقتصادي أو أنه ليس لديهم شواغل بشأن التفاوت. وكما يشير فيرمي وآخرون (2014)، فإن الناس الأشد فقراً بين الأمريكيين هم أفضل حالاً من 55% من سكان العالم؛ ومع ذلك يُنظر إلى التفاوت في الولايات المتحدة بوصفه قضية كبرى تؤثر على السياسات والانتخابات الأمريكية إلى حد كبير، وتمثل شاغلاً رئيسياً لأناس عديدين يختبرون التفاوت في حياتهم اليومية. ومن غير المرجح أن المسرح العالمي يمثل نقطة مرجعية لمعظم الأفراد: فمعظم الناس لا ينظرون إلى وضعهم الاقتصادي ويقارنون وضعهم بوضع سائر الأفراد في العالم، ويشكلون آراءهم على ضوء ذلك بشأن التفاوت الذي يعيشونه. وكذلك لا ينظر الناس إلى البلد بمجمله كمجموعة مرجعية: فتصورات الناس بشأن التفاوت تتشكل بصفة رئيسية بفعل بيئتهم المباشرة (هوازر ونورتون، 2017). وبالتالي، من الضروري تقليص نطاق القياس إلى المستوى دون الوطني كي نفهم الكيفية التي يختبر الناس التفاوت عبرها.
وحالما نقلص نطاق القياس، لن يقتصر الأمر على توفير نظرة أكثر دقة على أوجه التفاوت التي يراها الناس في حياتهم اليومية، بل تتوضح أيضاً جوانب القصور في التحليل على المستوى الكلي. ففي المقام الأول، يعمل المعامل الجيني على المستوى الوطني على إضفاء الانسجام على الفروقات على امتداد الفضاء الجغرافي. ورغم أن المناطق الريفية تنزع لأن تعاني من معدلات فقر أكبر، لكن التفاوت بين الأفراد ينزع أن يكون في أعلى مستوياته في المناطق الحضرية. ويمكن للتحليل الأكثر محلية للمناطق الحضرية أن يوفر أدلة حول التناقض المتمثل في “انحسار التفاوت” ولكن مع “زيادة الاضطرابات السياسية”، وهو ما شهدته مصر في العقد الماضي، خصوصاً حسبما تجسد ذلك في الربيع العربي في عام 2011.
نحن نعلم أن التفاوت في مصر يصل إلى أعلى مستوى له في القاهرة، وقد تفاقم الوضع في السنوات التي سبقت الربيع العربي. فخلال الفترة 2005-2009، تراجع معدل الدخل في القاهرة بنسبة 14% (ميلانوفيتش 2014، 48). وبحلول نوفمبر/ تشرين الثاني 2009، بلغ مُعامل جيني في القاهرة 0.397 – وهو أعلى مستوى للتفاوت بين جميع محافظات البلد (ميلانوفيتش 2014، 50). إضافة إلى ذلك، تُظهر البيانات انخفاضاً في إنفاق الأسرة لكل فرد على الغذاء، والمواد غير الغذائية، والسكن، والسلع المعمرة (فيرمي وآخرون 2014، 38). وباتت الحياة أكثر غلاء للعديد من الناس، وتشير هذه الأرقام إلى أنهم خفضوا استهلاكهم.
إلا أن تقليص نطاق القياس وصولاً إلى المدينة لا يوفر سوى قدراً محدوداً من المعلومات. فعلى سبيل المثال، يقيس معامل جيني على مستوى المدينة قيمة التفاوت بين الأفراد أو غالباً بين الأسر المعيشية (استناداً إلى مستوى التحليل في الاستقصاءات) الموجودة في أي مكان داخل حدود المدينة المعنية. إلا أن هذه القيم لا تخبرنا أن تقطن هذه الأسر، وما إذا كان الأغنياء والفقراء يقطنون في الأجزاء نفسها من المدينة أم أنهم منفصلون عن بعضهم، كما لا توفر هذه القيم أي معلومات حول جغرافية الفقر والغنى والتفاوت. ومن الممكن أن يكون معامل جيني هو نفسه لمدينتين مختلفتين، ومع ذلك من الممكن أن يتضمنا أنماطاً مكانية مختلفة تماماً للتفاوت. فمثلاً، قد يكون الأغنياء والفقراء موزعين بالتساوي في واحدة من المدينتين، يعيشون معاً في أحياء ذات دخل مختلط، في حين يعيش الأغنياء والفقراء في المدينة الأخرى في أجزاء منفصلة من المدينة. وقد تحتوي إحدى المدينتين على جيوب معزولة من مناطق الفقر محاطة بأحياء غنية، في حين يتركز الأغنياء في المدينة الأخرى في جزء محدد منها. وبعبارة أخرى، لا يخبرنا معامل جيني للقاهرة سوى أن التفاوت مرتفع نسبياً ضمن المدينة ككل. ولا يمكنه أن يخبرنا كيف يتجلى التفاوت بين الأماكن.
لذلك، سنحوّل انتباهنا إلى أصغر مستوى دون قطري للتحليل، وهي الشياخة أو الحي، وذلك لندرس تقاطع التفاوت والجغرافيا. وهذا يتيح لنا تحديد الكيفية التي يفسر فيها مكان الحي وجواره التصورات الشعبية حول التفاوت ومدى دقة هذه التصورات. وسنستخدم في هذا العرض الموجز أدوات الخرائط لتحديد الأماكن التي يعيش فيها الأغنياء والفقراء متجاورين، ولتوضيح أن البيئة المباشرة تكشف عن تفاوت صارخ. ثم سنقدم تفاصيل حول أحياء متجاورة ولكنها مختلفة جداً فيما بينها من ناحية اقتصادية. ونحن نقوم بذلك كي نتحدى السرديات التي تزعم بأن التفاوت في مصر هو في حدوده الدنيا. فهذه السرديات تتجاهل التجربة المعاشة للسكان الذين يعيشون في مناطق تشهد تفاوتاً عالياً، والذين يعرفون تماماً أن أحياءهم تتسم بالتفاوت. وهو تفاوت يمكنهم رؤيته بكل وضوح.
وثمة تنبيه مهم يتمثل في أن هذه التحليل يستند إلى أحدث إحصاء متوفر من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (2006)، ونحن نأمل بأن نتمكن من تحديث بعض النتائج حالما يتوفر إحصاء عام 2017. وستتيح المعلومات الإضافية من هذا الإحصاء إجراء تحليل للتغيير مع مرور الزمن، والذي يساعد في تتبع النمو الاقتصادي في السنوات الأخيرة، والذي ترافق مع زيادة معدلات الفقر والتضخم، مما أثر على الأحياء المختلفة.
توزيع دخل الفرد، وخط الفقر، وفجوة الفقر بين الأحياء في إقليم القاهرة الكبرى
هناك اختلافات كبيرة بين أحياء إقليم القاهرة الكبرى فيما يتعلق بمعدل دخل الفرد، وهو مقياس للثروة، وما يتعلق بنسبة السكان الذين يعيشون تحت خط الفقر. وعلى الرغم من الترابط الشديد بين هذين المقياسين، إلا أنهما غير متماثلين. فمن الممكن أن يوجد حي فيه نسبة قليلة من السكان الذين يعيشون تحت خط الفقر، وأن يكون معدل دخل الفرد فيه متوسطاً فقط. وينطبق هذا الأمر إذا كان معظم السكان يعيشون على حافة الفقر، ولكن ليس دون خط الفقر. لذا، يجب علينا عندما نقارن بين الأحياء أن ننظر إلى معدل دخل الفرد ومعدلات الفقر في الوقت نفسه. ومن الضروري أيضاً دراسة فجوة الفقر، والتي تقيس عمق الفقر. وتشير هذه “الفجوة” إلى المسافة بين معدل الدخل في المنطقة – وهو الحي في الحالة التي بين أيدينا – وبين خط الفقر. فمثلاً، يبلغ خط الفقر حالياً في مصر 800 جنيه (ما يعادل 44.72 دولاراً أمريكياً) شهرياً للشخص. وبالنسبة للأحياء التي تبلغ فيها قيمة فجوة الفقر 5%، فإن زيادة بمعدل 40 جنيه للفرد في كل شهر سترفع معدل دخل الفرد في الحي إلى خط الفقر (40 جنيه يعادل 5 في المئة من 800 جنيه). أما أكبر فجوة للفقر بحسب مجموعة البيانات التي بحوزتنا فتبلغ 36%، مما يعني ضرورة زيادة الدخل بمعدل 240 جنيه للفرد شهرياً لرفع الحي من الفقر. وكما هو حال العلاقة بين معدل دخل الفرد ومعدلات الفقر، فمن الممكن أن يوجد حيان فيهما النسبة نفسها من الساكنين الذين يعيشون تحت خط الفقر، ولكن يعيش السكان في أحدهما تحت خط الفقر مباشرة (أي قريبين من خط الفقر)، فيما يعيش سكان الحي الآخر في مستوى أدنى كثيراً من خط الفقر. وبالتالي، فإن كل من هذه المتغيرات الثلاثة مهم لتحديد الأحياء المتجاورة المتفاوتة جداً في هذه الأبعاد.
تُظهر الأشكال الثلاثة أدناه توزيع معدل الدخل للفرد (الشكل 1)، ومعدلات الفقر (الشكل 2)، وفجوة الفقر (الشكل 3)، في جميع أحياء إقليم القاهرة الكبرى. وتوضح هذه الأشكال أن هناك قدراً كبيراً من الاختلاف في البيانات، وتوفر أدلة أولية على المستويات العالية للتفاوت داخل المدينة.
نرى في الشكل 1 أن توزيع معدل الدخل للفرد منحرف بشدة. ويبلغ أدنى معدل سنوي لدخل الفرد في هذه الأحياء 2,570 جنيه، في حين يبلغ أعلى معدل سنوي لدخل الفرد 20,817 جنيه.[1] ويبلغ معدل الدخل السنوي للفرد أقل من 6,367 جنيه في 75 في المئة من الأحياء،[2] في حين ثمة 83 حياً في الحد الأعلى من معدلات دخل الفرد إذ يتجاوز المعدل فيها 8,360 جنيه.[3] وتتسم بعض الأحياء أنها أغنى كثيراً من غيرها، وهو ما يمكننا ملاحظته إذا نظرنا إلى أقصى يمين الشكل. أما القيم المتطرفة جداً فهي للأحياء التي يزيد معدل دخل الفرد فيها عن 10,000 جنيه،[4] في حين هناك أحياء يبلغ معدل الدخل فيها ضعف هذه القيمة. ويدلنا هذا الشكل على أن عدداً قليلاً من الأحياء تمتلك قدراً غير متناسب من الثروة، مما يشير إلى تفاوت في معدلات دخل الفرد.
يُظهر الشكل 2 معدلات الفقر في الأحياء مقاسةً بنسبة السكان الذين يعيشون تحت خط الفقر. وثمة اختلافات كبيرة في معدلات الفقر على امتداد إقليم القاهرة الكبرى: من 0.26% إلى 91.5% من سكان الحي يعيشون تحت خط الفقر. فيما يصل الوسيط الحسابي إلى 21%، مما يعني أن معدلات الفقر في نصف أحياء القاهرة تقل عن هذه النسبة، ويتضح أن التوزيع منحرف في هذه الحالة أيضاً، فهناك ستون حياً من فئة متطرفة في الشكل، إذ يزيد معدل الفقر فيها عن 58%، وثمة أحياء أخرى من فئة متطرفة جداً إذ يزيد معدل الفقر فيها عن 85%.
كما ذكرنا سابقاً، تأتي بياناتنا من آخر إحصاء متوفر (2006)، لذا تستند المعلومات التي لدينا حول معدلات الفقر في الأحياء إلى خط الفقر المحدد في وقت جمع البيانات. وفي عام 2006، كان خط الفقر الأدنى في مصر 1,423 جنيه سنوياً للفرد، أو حوالي 118 جنيه شهرياً (البنك الدولي 2007). ويمثل الخط الأدنى للفقر تقديراً للمستوى الأدنى للإنفاق الغذائي وغير الغذائي الضروري للبقاء. أما خط الفقر الأعلى، وهو القياس الأكثر سخاءً للفقر، فيبلغ 1,853 جنيه (أو 154 جنيه شهرياً).[5] وظل خط الفقر يرتفع بصفة مستمرة في السنوات الأخيرة: من 297 جنيه شهرياً في عام 2010 (أهرام أونلاين، 2013) إلى 326 جنيه شهرياً في عام 2012 (اليونيسف، 2015) إلى 482 جنيه شهرياً في عام 2015 (موقع إيجبت إندبيندنت، 2016). أما الزيادة الأخيرة التي رفعت الرقم إلى 800 جنيه مصري فقد نجمت بصفة أساسية عن تخفيض سعر صرف الجنيه المصري بحوالي 50% بعد أن عوّمت الحكومة المصرية سعر الصرف في نوفمبر/ تشرين الثاني 2016 (صحيفة إيجبت توداي، 2017). ويدل خط الفقر الحالي بأن المواطن المصري يحتاج حالياً 1.47 دولار في اليوم (حوالي 26 جنيه) لتلبية احتياجاته الأساسية. وفي عام 2006 كانت هذه القيمة 0.67 دولار (باستخدام سعر صرف العملة في ذلك العام)، وارتفع هذا الرقم قبل فترة وجيزة من الربيع العربي في عام 2010، وبلغ 1.70 دولار. ولغاية المقارنة، يبلغ خط الفقر الدولي 1.90 دولار يومياً، ويساوي حوالي 40 جنيه يومياً، أو 1,200 جنيه شهرياً (البنك الدولي، 2015). وطرح البنك الدولي مؤخراً مقياساً جديداً لإجراء تقييم أفضل للفقر في البلدان المتوسطة الدخل. ويقدّر البنك الدولي أن مبلغ 3.20 دولار يومياً هو أقرب إلى الواقع لما هو ضروري للبقاء في البلدان المتوسطة الدخل من الفئة الدنيا مثل مصر (فيريرا وسانشيرز، 2017). وهذا يدل على أن بيانات إحصاء عام 2006، والتي ترسم صورة قاتمة لأحياء معينة، لا تكفي أبداً لوصف مدى الفقر الذي يشهده القاهريون حالياً.
يُظهر الشكل 3 فجوة الفقر، وهي مقياس لمدى عمق الفقر، والذي يتراوح ما بين 0.02% إلى 36.6%. وهذا يعني أن سكان الحي ذي القيمة الأعلى لفجوة الفقر يحصلون على دخل يقل بـ 36.6 نقطة عن خط الفقر. ولا يصل عمق الفقر إلى هذه القيمة الكبيرة في معظم الأحياء. ويبلغ الوسيط الحسابي لفجوة الفقر 3.67%، كما تقل فجوة الفقر في خمسة وسبعين في المئة من الأحياء عن 6.7%. وبصفة عامة، يعيش معظم الفقراء في إقليم القاهرة الكبرى تحت خط الفقر مباشرة. ومع ذلك، هذا لا ينطبق على جميع الأحياء. فهناك 41 حياً ذات قيم متطرفة، حيث تزيد فجوة الفقر فيها عن 13%، إضافة إلى عدة أحياء ذات قيم متطرفة بشدة حيث يزيد عمق الفقر فيها عن 20%. أما ما يثير الانشغال بصفة خاصة فهو أن الأحياء التي تشهد معدلات فقر عالية، ينزع عمق الفقر فيها أن يكون متطرفاً أيضاً.
يوضح الشكل 4 العلاقة بين معدلات الفقر وفجوة الفقر. ويشهد الحي الذي يوجد فيه أعلى معدل فقر، حيث يعيش 95.5% من السكان تحت خط الفقر، أعلى فجوة فقر أيضاً مقارنة مع جميع الأحياء في إقليم القاهرة الكبرى (36.6%). أما الأحياء التي تقع في فئة متطرفة من حيث معدلات الفقر (أكثر من 58%) فتنزع أن تكون في فئة متطرفة أيضاً من حيث فجوة الفقر (13%). وتمثل إشارات (x) الحمراء في الشكل 4 الأحياء التي تقع في فئة متطرفة من الناحيتين. لذا، ورغم أن فجوة الفقر منخفضة نسبياً في معظم أحياء إقليم القاهرة الكبرى، فإن بعض الأحياء هي “ذات حرمان مضاعف”، إذ تعاني من معدلات فقر عالية ومستويات عميقة من الفقر، ويعيش العديد من قاطنيها تحت خط الفقر بمسافة كبيرة.
يتبع توزيع الثروة، والفقر، وعمق الفقر توزيعاً مكانياً أيضاً. ففي الخرائط أدناه، تمثل الأحياء المبينة باللون الأزرق الأحياء الأكثر ازدهاراً بالمقارنة مع غيرها، والتي تتمع بأعلى معدل دخل للفرد (الخريطة 1)، وأقل معدلات للفقر (الخريطة 2)، وأدنى قيمة لفجوة الفقر (الخريطة 3). في حين تمثل الأحياء المبينة باللون الأحمر الأحياء الأكثر حرماناً وفق هذه المؤشرات.
نرى بصفة عامة انقساماً حضرياً – ريفياً، حيث توجد الأحياء الأكثر ازدهاراً في وسط القاهرة أو في المراكز العمرانية في الجزء الشمالي من إقليم القاهرة الكبرى، في حين تقع الأحياء الأشد حرماناً في الهوامش، وهي المناطق الأكثر ريفية في إقليم القاهرة الكبرى. ومع ذلك، إذا نظرناً بحرص إلى وسط المدينة، يمكننا أن نرى ثلاث مناطق ملونة بالأحمر قريبة جداً من المناطق الغنية. الخرائط 4، و 5، و 6 هي خرائط مناظرة للخرائط أعلاه، إلا أنها تركز على وسط القاهرة كي نسلط نظرة أقرب إلى تلك المناطق.
تُظهر هذه الخرائط الثلاث منطقة صغيرة جداً: ويشير مقياس الرسم في أسفل كل خريطة إلى قرب مسافة الأحياء من بعضها. هذا القدر من الاختلاف في مثل هذه المساحة الجغرافية الصغيرة يسلط الضوء على النقطة الرئيسية التي نثيرها هنا وهي أن التعامل مع بيانات على مقياس أصغر يعطي صورة مختلفة تماماً عن التفاوت. فالأحياء من فئة الـ 10% الأعلى قريبة جداً من الأحياء من فئة الـ 10% الأدنى. وعندما يعيش الأغنياء والفقراء ضمن هذه المسافة القريبة، فليس من المفاجئ أن تكون التصورات بشأن التفاوت مرتفعة. وتظهر هذه البيانات أن هذه التصورات دقيقة؛ فالواقع يتماشى مع التصورات، وذلك على النقيض من الحجج التي تقترح أن التفاوت منخفض، وبالتالي فإن التصورات البحثية الشائعة خاطئة.
في كل من هذه الخرائط الثلاث، يبرز حيان متجاوران يتسمان باختلافات شاسعة من حيث الثروة والفقر وفجوة الفقر. وسنتناول الآن هذه الثنائيات من الأحياء المتجاورة.
حي القلاية وحي عُرابي – التوفيقية
الثنائي الأول هما حي القلاية (باللون الأحمر على الخريطة 7 أدناه) وحي عرابي – التوفيقية (باللون الأزرق على الخريطة 7). يقع حي القلاية في قسم بولاق ويبلغ عدد سكانه 3,164 شخصاً، في حين يقع حي عرابي-التوفيقية في قسم الأزبكية ويبلغ عدد سكانه 2.826 شخصاً. ونلاحظ أن عدد السكان في الحيين متساوٍ تقريباً، وهو أمر جيد للمقارنة، ولكن حي عرابي – التوفيقية أكثر ازدهارا من كل ناحية تقريباً مقارنة بحي القلاية.
وتُظهر الخريطة 7 الحيين بالمقارنة مع بعضهما. وفيما يتجاوز مسألة تجاور هذين الحيين، يمكننا التفكير بالصورة كخريطة للأصول المملوكة، إذ أنها تُظهر لمحة عامة للموارد المتوفرة في كل من الحيين. وفي العادة، تتم عملية تحديد الأصول من خلال عملية تنمية مجتمعية قائمة على المشاركة، وهي عملية تتضمن “تحديد ودعم وتعبئة الموارد والقدرات المجتمعية الموجودة بغية خلق رؤية مشتركة للتغيير وتحقيقها” (شارب وآخرون، 2000، 206). ويمكننا أن نستفيد من هذا المفهوم كي نوضح الاختلافات بين هذين المجتمعين المحليين فيما يتعلق بالخدمات الصحية، والمشاريع التجارية، والمواصلات، والمؤسسات. ويمكننا أن نرى من الخريطة أنه يوجد في حي عرابي – التوفيقية مطاعم ومقاهٍ ومراكز تسوق ودور سينما ومقران لنقابتين وعيادات صحية وعدة بنوك. في حين لا يوجد في حي القلاية سوى مستشفى القلعة، وشركة لتوزيع الكهرباء، ولا شيء يُذكر بخلاف ذ..
ونظراً لأن هذين الحين متجاوران، فإن الأصول المتوفر في حي عرابي-التوفيقية متاحة نظرياً لاستخدام سكان حي القلاية. لكن، وكما تُظهر بياناتنا الإحصائية، لا يبدو أن الأصول الموجودة في الحي الأكثر ازدهاراً يتجاوز تأثيرها حدود الحي لتخلق ثروة في حي القلاية. وتعقد الجداول أدناه مقارنات بين الحيين من حيث مقاييس الثروة والفقر وممتلكات الأسر ومستوى التعليم وسوق العمل. وتكشف متغيرات الثروة والفقر وعمق الفقر – والتي استخدمناها لتحديد هذه الأماكن أصلاً – عن اختلافات كبيرة في الظروف الاجتماعية والاقتصادية في هذين الحيين (الجدول 1). فمعدل دخل الفرد في حي عرابي-التوفقية يزيد بـ 11,305 جنيه عنه في حي القلاية. كما يقل معدل الفقر في حي عرابي-التوفيقية بمقدار 65 نقطة مقارنة مع حي القلاية. ويعاني حي القلاية من فقر شديد، إذ تبلغ فجوة الفقر 28%، في حين أن عدداً قليلاً فقط من سكان حي عرابي-التوفيقية مصنفون بأنهم فقراء (ويبلغ عددهم 144 شخصاً فقط). وتبلغ قيمة فجوة الفقر بينهم 2% فقط، مما يدل على أن هؤلاء السكان الفقراء يعيشون في مستوى قريب جداً من خط الفقر مباشرة.
وليس من المفاجئ أن هذه القياسات تنسحب على ممتلكات الأسر المعيشية (الجدول 2). فضمن هذه الفئة، يختلف الحيان أكثر ما يكون فيما يتعلق بامتلاك مطبخ خاص ومرحاض خاص (فحوالي 100% من الأسر المعيشية في حي عرابي – التوفيقية تملك مطبخاً ومرحاضاً خاصين، في حين ربع الأسر تملك ذلك في حي القلاية). ثمة فروقات كبيرة في ملكية السيارات، ووسائل التكنولوجيا من قبيل الهاتف المحمول وجهاز الكمبيوتر وخدمة الإنترنت. وتلتقط بيانات ممتلكات الأسر المعيشية أكثر من مجرد الثروة. فعلى سبيل المثال، فإن إمكانية استخدام سيارة خاصة تتعلق بإمكانية التنقل، في حين توفر الوسائل التكنولوجية إمكانية أكبر في الوصول إلى المعلومات. وعندما تختلف ممتلكات الأسر المعيشية في هذه القياسات، فإن ذلك قد يقيد فرصاً معينة، مثل فرص العمل والتعليم.
أما التعليم (الجدول 3)، فثمة عدد قليل جداً من سكان حي القلاية حاصلون على تعليم جامعي (5% من الرجال و 4% من النساء) كما أن معدلات الأمية مرتفعة جداً في الحي (44% بين الرجال و 51% بين النساء). في حين يحمل نصف سكان حي عرابي – التوفيقية شهادة جامعية، كما أن معدل الأمية منخفض بالمقارنة مع حي القلاية، حيث يبلغ 8% بين الرجال و 11% بين النساء. وإذا كان يوجد تأثير للاختلاف في معدلات التعليم بين الحيين على العمالة، فإنه تأثير بسيط، فمعدلات البطالة بين الرجال والنساء أدنى قليلا في حي عرابي – التوفيقية منها في حي القلاية، إذ يبلغ الفرق بضعة نقاط مئوية فقط (الجدول 4).
رغم أن معدلات البطالة متساوية تقريباً بين الحيين، إلا أنه لا يتوفر لدينا مقياس لنوعية الوظائف. ويمكننا أن نستنتج بأن معدلات الدخل الأعلى وممتلكات الأسر المعيشية الأكثر ومعدلات التعليم الأعلى في حي عرابي – التوفيقية تعني على الأرجح أن سكان هذا الحي يحصلون على وظائف لائقة، والتي باتت تتناقص على نحو مطرد في مصر بعد فترة الإصلاحات النيو-لبرالية وتزايد الاعتماد على الوظائف بموجب عقود مؤقتة. وتعرّف منظمة العمل الدولية العمل اللائق بأنه “العمل المنتج والذي يوفر دخلاً عادلاً، وأماناً في مكان العمل، وحماية اجتماعية للأسرة، وآفاقاً أفضل للتطور الشخصي والاندماج الاجتماعي، وحرية للأفراد للتعبير عن شواغلهم و قدرتهم على التنظيم والمشاركة في القرارات التي تؤثر على حياتهم، ومساواة في الفرص والمعاملة بين جميع النساء والرجال” (غير مؤرخ). ومن المرجح أن الوظائف التي يملكها سكان حي القلاية لا توفر سوى قدراً ضئيلاً من الأمان، واستحقاقات قليلة، وآفاقاً محدودة للتطور الشخصي والاجتماعي.
حي شركس وحي معروف
أما الحيان الآخران اللذان يبرزان في خرائطنا فيقعان إلى الجنوب من الحيين السابقين مباشرة. وتُضاهي الاختلافات بين حي شركس وحي معروف الاختلافات التي تناولناها بين حي القلاية وحي عرابي – التوفيقية. فمثل حي القلاية، يقع حي شركز في قسم بولاق، أما حي معروف فيقع في قسم قصر النيل. وتعقد الجداول أدناه مقارنات بين حي شركس وحي معروف باستخدام المتغييرات نفسها التي تناولناها أعلاه. ورغم أن التفاوت أقل حدة مقارنة مع الحالة السابقة، إلا أن الاستنتاجات التي يمكننا التوصل إليها تظل هي نفسها إلى حد بعيد: فنوعية الحياة والفرص المتوفرة في حي معروف تزيد كثيراً جداً عما يتوفر في حي شركس المجاور.
أما الأمر الفريد بخصوص حي شركس فهو أنه يقع في مثلث ماسبيرو (باللون الأحمر في الخريطة 8 أدناه)، وهي منطقة سكن عشوائي تحتل مساحة عقارية ثمينة إذ يحيطها بعض من أهم المعالم الثقافية والتجارية في القاهرة. وثمة حيان آخران يقعان في مثلث ماسبيرو، إلا أننا نركز على حي شركس لأنه مجاور تماماً لحي معروف (باللون الأزرق في الخريطة 8). ومع ذلك، فإن الأحياء الثلاثة التي تشكل مثلث ماسبيرو تعاني من مستويات فقر عالية، وهي تبرز على خرائطنا فيما يتعلق بفجوة الفقر بصفة خاصة.
مثلث ماسبيرو محاذي لشاطئ النيل، ويقع إلى الشمال مباشرة من ميدان التحرير والمتحف المصري وفندق ريتز كارلتون. أما في حي معروف (باللون الأزرق في الخريطة 8)، فيحصل القاطنون من الطبقة الوسطى على الدخل من محلات تصليح السيارات، وهي شائعة في المنطقة، وتقع بجوار مساكن تاريخية ومعارض فنية حديثة. ويفصل شارع طلعت حرب التاريخي بين الحد الشرقي لحي معروف ومبانيه ذات الطراز النيو-كلاسيكي وطراز آرت ديكو (المزخرف)، بما في ذلك عمارة يعقوبيان الواقعة على زاوية الحي. وتقع وزارة الخارجية المصرية داخل مثلث ماسبيرو، كما يقع فندق رمسيس هيلتون في الجهة الغربية المحاذية لنهر النيل، إضافة إلى مقري التلفزيون والإذاعة. وربما يكون مثلث ماسبيرو والمناطق المحيطة به أفضل مثال للتفاوت الظاهر في القاهرة، حيث تتجاور المنازل المتداعية مع المعالم التي تجتذب السياح، إضافة إلى مواقع تأوي مكاتب حكومية مهمة.
وبما أن المناطق المحيطة بمثلث ماسبيرو تحتوي العديد من المواقع السياسية، فإن مقارنة أسعار الفنادق في المنطقة مع معدلات دخل السكان هناك توفر طريقة أخرى للنظر إلى التفاوت (الخريطة 9). ففي حين يعيش سكان حي شركس على معدل دخل سنوي يبلغ 5,253 جنيه للفرد (حوالي 294 دولار)،[6] فإن معدل أجرة غرفة الفندق في حي معروف يبلغ حوالي 359 جنيه في الليلة (ما يعادل 20 دولار). وبالمقارنة، فإن خط الفقر الحالي يبلغ 800 جنيه شهرياً (44 دولار). وبوسع المرء أن ينزل في فندق رمسيس هيلتون الذي يقع في داخل مثلث ماسبيرو، وتبلغ أجرة الإقامة فيه 2,421 لليلة (135 دولار)، أو في فندق ريتز كارلتون، القريب من المنطقة من جهتها الجنوبية، وتبلغ أجرة الإقامة فيه 8,248 جنيه (460 دولار) لليلة. وكما أشرنا في عملية تحديد الأصول في حي عرابي – التوفيقية وفي حي القلاية، فإن الثروة لا تعبُر حدود الحي أو تعود بالفائدة على سكان الأحياء الفقيرة؛ فعلى الرغم من قرب سكان حي شركس ومثلث ماسبيرو من العديد من المواقع المدرة للدخل، تظل الظروف الاقتصادية سيئة جداً في هذه الأحياء.
ليس من المفاجئ، بالتالي، أن الحكومة المصرية حددت مثلث ماسبيرو كهدف لإعادة التنمية. ورغم أنه توجد نزاعات منذ عقد السبعينات في القرن الماضي بشأن الملكية وترميم المساكن القديمة وحقوق الحيازة، إلا أنها تصاعدت بعد تأسيس صندوق تطوير المناطق العشوائية في عام 2008 (شوكت وخليل، 2015). وقد تم تأسيس صندوق تطوير المناطق العشوائية بعد سقوط صخرة الدويقة مما أدى إلى مقتل 100 شخص يعيشون في مستوطنات عشوائية تحت منحدرات المقطم. وتتمثل ولاية الصندوق في استعراض المناطق العشوائية وتصنيفها؛ ويتم تصنيف المناطق التي تُعتبر غير آمنة وفق مقياس مؤلف من أربع نقاط بغية تحديد استراتيجيات التدخل. واعتماداً على خطورة الوضع حسب ما يراه الصندوق، تتراوح استجابات الحكومة ما بين التفاوض مع السكان لتنظيم الحيازات، إلى تحديث المباني والخدمات العامة، إلى إعادة الإسكان والتوطين. ورغم صحة بعض المزاعم حول قضايا السلامة الهيكلية لبعض المنازل في مثلث ماسبيرو وأنها تشكل خطراً على السلامة العامة، إلا أنه توجد مصالح مالية كبيرة للحكومة لإعادة تطوير المناطق العشوائية الواقعة على أراضي مرتفعة السعر، من قبيل مثلث ماسبيرو، واستخدام أساليب تدخل اندفاعية من قبيل الإخلاء القسري (مبادرة تضامن، 2014).
وعندما حدد صندوق تطوير المناطق العشوائية مثلث ماسبيرو بوصفه منطقة غير آمنة، أصدرت الحكومة سلسلة من أوامر الهدم وتم إخلاء العديد من السكان قسرياً في تلك السنة (شوكت وخليل، 2015). واستجابة إلى ذلك، شكّل السكان جمعيات لمقاومة الإخلاءات وإعادة تطوير المنطقة، وبدا في البداية أن الحكومة مستعدة للانخراط في عملية قائمة على المشاركة مع المجتمع المحلي (خليل، 2018). ومع اتضاح أن الحكومة لن تنفذ خطط المجتمع المحلي، وشروع المضاربين في شراء مزيد من الأراضي، وفي الوقت الذي رفضت فيه الحكومة إصدار تراخيص للسكان لترميم بيوتهم القائمة، اندلعت تظاهرات في عام 2011 وعام 2013 (شوكت وخليل، 2015).
عمل المركز المصري للإصلاح المدني والتشريعي مع مجموعة ’مد‘، وهي مجموعة مؤلفة من معماريين ومهندسين لتطوير خطة للنهوض بالمنطقة وتجنب إخلاء السكان أو إعادة توطينهم في أماكن أخرى أو عمليات الهدم (خليل، 2018). وبدلاً من ذلك، كلفت وزارة الدولة للتطوير الحضري والعشوائيات شركة هندسة معمارية بريطانية، (فوستر + شركاء) بإعادة تطوير وتصميم مثلث ماسبيرو. وزعمت الشركة بأن الخطة التي أعدتها “تسمح للسكان الحاليين المحافظة على حياة العمل-السكن المتداخلة في هذا الحيز المكاني” بالإضافة إلى إقامة مباني مكاتب ومتاجر جديدة، وربما كانت الشركة تنوي تحقيق ذلك بالفعل. بيد أن الرسومات التعبيرية التي قدمتها الشركة للمشروع (الصورتان 1 و 2 أدناه) تزيل النسيج الثقافي للحي، وتقدم صورة مغربلة ومصطنعة لشوارع ماسبيرو المتعرجة. وفي يونيو/ حزيران 2016، قامت وزارة الإسكان بتغير أجرة الوحدات الجديدة التي زعمت بأنها ستوفرها للمجتمعات المحلية التي تشردت بعد إتمام المشروع، مما جعلها خارج نطاق القدرات المالية للأسر التي تم ترحيلها (خليل، 2018). وبحلول مارس/ آذار 2018، لم تقرر سوى 850 أسرة من مجموع 4,500 العودة بعد عملية إعادة التطوير، إلا أن العديد منها لم تحصل حتى الآن على الإعانات المقررة لتغطية كلفة سكن مؤقت (الطاوي، 2018). وقد جرى هدم الحي في أواخر أبريل/ نيسان 2018.
تمثل منطقة مثلث ماسبيرو وعملية هدمها مثالاً عميق الدلالة على التفاوت الظاهر، وكذلك عملية محو هذا التفاوت. لقد كان التفاوت بارزاً جداً للسكان، كما كان بارزاً جداً للحكومة أيضاً. وقد تعاملت الحكومة مع المنطقة، مثلها مثل سائر مناطق العشوائيات، على أنها مشكلة يجب إزالتها، ولتحويل المنطقة إلى عقارات عالية القيمة، وكذلك كوسيلة لاجتذاب الاستثمار الأجنبي. وربما أدى قرار الحكومة بهدم المنطقة وترحيل سكانها قسراً إلى إزالة التفاوت الظاهر مع المناطق المحيطة، إلا أنه أدى ببساطة إلى نقل الفقر إلى مكان آخر ومن دون توفير حل لمواجهته.
وكانت منطقة مثلث ماسبيرو قبل هدمها شديدة التفاوت مع محيطها. وفي بداية هذا العرض الموجز، تناولنا كيف يشكل الناس تصوراتهم بشأن التفاوت استناداً إلى بيئتهم المباشرة. أما فكرة “عدم التطابق” المزعوم بين حقيقة تراجع مستوى التفاوت على المستوى الوطني والتصور المنتشر بين المواطنين المصريين العاديين، فهي فكرة لا تصمد أبداً أمام التحليل على هذا المستوى. ويشير الواقع إلى أن التفاوت ظاهر بشدة، ويشكل الناس فهمهم لمدينتهم وأمتهم وفقاً لهذا الواقع.
من غير المفاجئ إذاً أن قسم بولاق، وهو القسم الذي يتضمن الحيين المحرومين اللذين أبرزناهما في هذا العرض الموجز، كان موقعاً رئيسياً للنزاع أثناء تظاهرات الربيع العربي. ورغم أن سرديات عديدة زعمت أن الثورة انطلقت بجهود الشباب المتعلمين من الطبقة الوسطى الذين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي، أشار الباحث إسماعيل في أبحاثه (2013) إلى أهمية الشوارع الخلفية القريبة من ميدان التحرير، فقد قام المتظاهرون في تلك الشوارع بحرق مراكز الشرطة، مما أتاح للمتظاهرين في ميدان التحرير مواصلة تظاهراتهم بمقدار أقل من تدخل الشرطة. وقد حمل حرق مراكز الشرطة أهمية رمزية، إذا أنها تمثل “مواقع التعذيب الحكومي العنيف، والإساءات اللفظية، والإذلال”، وأتاحت الثورة الفرصة للمواطنين أن يصفوا حسابهم مع الدولة (إسماعيل 2013، 872). ونظراً لقرب سكان تلك الأحياء من ميدان التحرير، والنزاعات الموجودة أصلاً بينهم وبين الدولة، إضافة إلى التفاوت البارز الذي يشهدونه في حياتهم اليومية، فقد تهيأت الظروف ليصبحوا قوة مهمة في احتجاجات الربيع العربي التي شكلت المطالب بتحقيق المساواة والعدالة (وهي مطالب لم تتحقق حتى الآن).
توجيه الاستثمارات، وأوجه التفاوت المتداخلة
من المهم أن نلاحظ هنا أن ثمة حدود إدارية تفصل ما بين الأحياء التي ناقشناها في ثنائيات، عندما قارنا بين حي يعاني من الحرمان وحي يتمتع بالازدهار، وهي حدود مهمة فيما يتعلق بتخصيص الميزانيات. إن عملية الميزانية في مصر هي عملية مركزية إلى حد كبير، ولا تتوفر سوى معلومات ضئيلة حول الميزانيات دون الوطنية، أو أين توجه الحكومة استثماراتها. وعندما توزع الوزارات التنفيذية المخصصات (من قبيل وزارة التنمية المحلية، ووزارة الصحة، ووزارة التعليم، ووزارة الإسكان) على المستوى دون الوطني، فإن وزارة المالية تحدد كيفية استخدام هذه الميزانيات بين المحافظات والأقسام. ولا تتاح للسكان المحليين أي وسيلة للمشاركة في قرارات الميزانية، إذ أن مجالسهم المحلية الضعيفة أصلاً تم حلها منذ عام 2011.
ولا تتوفر أية معلومات حول توزيع مخصصات الميزانية على مستوى الشياخة، ولكن تتوفر بيانات حول تمويل مشاريع التنمية المحلية على مستوى المراكز. وهذه إحدى البنود القليلة في ميزانية وزارة التنمية المحلية التي تتوفر عنها بيانات على المستوى المحلي. ويغطي هذا التمويل مشاريع من قبيل الإنارة وتعبيد الشوارع والتجديد البيئي. ويقع الحيان المحرومان اللذان تناولناهما أعلاه في قسم بولاق، حيث يعيش 50% من السكان تحت خط الفقر، ومع ذلك لم يحصل قسم بولاق سوى على 7 جنيهات لكل شخص لمشاريع التنمية المحلية في السنة المالية 2014/2015. في حين حصل قسم الأزبكية، الذي يضم حي عرابي – التوفيقية، وهو الحي الأغنى ضمن الأحياء التي أشرنا إليها أعلاه، على 17 جنيه لكل شخص. وبصفة عامة، تحصل الأقسام الغنية على أكبر حصة لكل فرد من أموال التنمية المحلية. فعلى سبيل المثال، حصل قسم النزهة، وهو أغنى قسم في القاهرة على مخصصات لكل فرد تفوق كثيراً مخصصات التنمية المحلية لأي قسم آخر في السنة المالية 2014/2015 (إذ بلغ 42 جنيه). ورغم أن هذا المقياس محدود، إلا أنه يُظهر الانفصام بين الاحتياجات المحلية وبين الأسلوب الذي تعتمده الحكومة لتوزيع الموارد، وربما يوضح أيضاً طريقة توزيع الاستثمارات الحكومية الأخرى بين المناطق المختلفة.
التحليلان اللذان استعرضناهما بشأن الأحياء المتجاورة، والخرائط التي عرضناها تظهر تفاوتاً كبيراً بين الأحياء من حيث الثروة والفقر وعمق الفقر، مما يسلط الضوء على الحاجة إلى توجيه أفضل للموارد للأحياء الأشد حاجة إليها. وقد وجدنا أن الأحياء المتجاورة متفاوتة بشدة في عدة قياسات وأن الأحياء ذات معدلات الفقر الأعلى تعاني أيضاً من الفقر الأشد عمقاً مما يوضح الكيفية التي يتداخل فيها التفاوت على امتداد عدة مقاييس. وبالتالي لا تقتصر أهمية تحديد البعد المكاني للتفاوت في تحديد توجيه أفضل للموارد، بل يوفر أيضاً فهماً أشمل للتحديات التي تواجهها الأحياء المختلفة. ومن الضروري استخدام عدة قياسات تتضمن إحصاءات الثروة والفقر وممتلكات الأسر المعيشية والتعليم والعمل بغية تحديد ما هي الاحتياجات بالضبط.
إن تقليص المقياس إلى المستوى المحلي، إضافة إلى التركيز على المناطق المتجاورة، يُظهر تفاوتاً أكثر بروزاً مقارنة بالتحليل على المستوى الكلي. ويدرك العديد من القاهريين أن أحياءهم متفاوتة، وهذا التصور أكثر صحة مما تسلم به العديد من التحليلات الأكاديمية. وبوسع وضع خرائط للبيانات على هذا المستوى أن يطلع عموم الجمهور على ما يراه القاهريون في حياتهم اليومية، وتتمثل رؤية ’مبادرة تضامن‘ في أنه يمكن لهذه الأبحاث المستندة إلى البيانات أن تخدم كأداة لتوجيه الأموال العامة على نحو أفضل وتقديم خدمات عامة وخاصة أكثر فاعلية لتلك الأحياء.
أدهم، ك. (2005). العولمة، والليبرالية الجديدة، والفضاءات الجديدة لرأس المال في القاهرة. مجلة استعراض المساكن والمستوطنات التقليدية، 17(1)، 19-32.
Adham, K. (2005). Globalization, neoliberalism, and new spaces of capital in Cairo. Traditional Dwellings and Settlements Review, 17(1), 19-32.
أهرام أونلاين (2013، 28 نوفمبر/ تشرين الثاني). معدلات الفقر في مصر ترتفع إلى 26% في 2012/2013: الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بالرجوع إليه من الموقع: http://english.ahram.org.eg/NewsContent/3/12/87776/Business/Economy/Egypts-poverty-rate-rises-to–in–CAPMAS.aspx
Ahram Online (2013, November 28). Egypt’s Poverty Rate rises to 26% in 2012/2013: CAPMAS. Retrieved from http://english.ahram.org.eg/NewsContent/3/12/87776/Business/Economy/Egypts-poverty-rate-rises-to–in–CAPMAS.aspx
الطاوي، أ. (2018، 10 مارس/ آذار). سكان مثلث ماسبيرو في القاهرة يتمسكون ببيوتهم بينما يقترب موعد هدمها. أهرام أونلاين: http://english.ahram.org.eg/NewsContent/1/64/292339/Egypt/Politics-/Residents-of-Cairos-Maspero-Triangle-cling-on-as-d.aspx
Al Tawy, A. (2018, March 10). Residents of Cairo’s Maspero Triangle cling on as demolition looms. Ahram Online http://english.ahram.org.eg/NewsContent/1/64/292339/Egypt/Politics-/Residents-of-Cairos-Maspero-Triangle-cling-on-as-d.aspx
بدوي، أ.؛ عبد السلام، هـ؛ إياد، هـ. (2015). تحري تأثير سياسات التخطيط العمراني على التقيم الحضري في القاهرة، مصر: حالة المعادي ودار السلام. مجلة الإسكندرية الهندسية، 54(4)، 1225-1232.
Badawy, A., Abdel-Salam, H., & Ayad, H. (2015). Investigating the impact of urban planning policies on urban division in Cairo, Egypt: The case of El-Maadi and Dar El-Salam. Alexandria Engineering Journal, 54(4), 1225-1232.
بريغز، إكس. (2005). رأس المال البشري والفصل العرقي في الولايات المتحدة. في كتاب د. فاراداي، فصل المدينة: الجيتوات والجيوب وانعدام المساواة. آلبني: مطبعة جامعة ولاية نيويورك (SUNY).
Briggs, X. (2005). Social Capital and Segregation in the United States. In D. Varady Desegregating the City: Ghettos, Enclaves and Inequality. Albany: SUNY Press.
بريغز، إكس. (2007). تكريس الفقر، والاختلاط الاجتماعي و ’جغرافيا الفرص‘: دروس للسياسات والأسئلة التي لم يُجب عليها. مجلة جورجتاون لقانون وسياسات الفقر 13(3):403-414.
Briggs, X. (2007). Entrenched Poverty, Social Mixing and ‘the geography of opportunity’: Lessons for policy and unanswered questions. Georgetown Journal of Poverty Law and Policy 13(3):403-414.
تشاسكين ر. ج.؛ جوزيف، م. ل. (2010). إقامة “مجتمع محلي” في مشاريع الإسكان لفئات الدخل المختلفة: الافتراضات، والنُهج، والخبرات المبكرة. مجلة استعراض الشؤون الحضرية، 45(3)، 299-335.
Chaskin, R. J., & Joseph, M. L. (2010). Building “community” in mixed-income developments: Assumptions, approaches, and early experiences. Urban Affairs Review, 45(3), 299-335.
موقع إيجبت توداي. (2016، 27 يوليو/ تموز). 27.8 في المئة من سكان مصر يعيشون تحت خط الفقر: الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء. بالرجوع إليه من الموقع: http://www.egyptindependent.com/278-percent-egyptian-population-lives-below-poverty-line-capmas/
Egypt Today. (2016, July 27). 27.8 percent of Egyptian population lives below poverty line: CAPMAS. Retrieved from http://www.egyptindependent.com/278-percent-egyptian-population-lives-below-poverty-line-capmas/
فيريرا، ف.؛ سانشيز، سي. (2017). مصفوفة أكثر شمولاً لخطوط الفقر العالمية. البنك الدولي. بالرجوع إليه من الموقع http://blogs.worldbank.org/developmenttalk/richer-array-international-poverty-lines
Ferreira, F. & Sanchez, C. (2017). A richer array of international poverty lines. World Bank. Retrieved from http://blogs.worldbank.org/developmenttalk/richer-array-international-poverty-lines
غراهام، سي.؛ بينتو، س.؛ رويز، ج. (2015). التوتر، والقلق، والدعم الاجتماعي: التفاوت في المدن الأمريكية. مذكرات الارتقاء الاجتماعي، مؤسسة بروكينغز. بالرجوع إليه من الموقع https://www.brookings.edu/research/stress-worry-and-social-support-inequality-in-americas-cities/
Graham, C., Pinto, S. and Ruiz, J. (2015). Stress, worry, and social support: Inequality in America’s Cities. Social Mobility Memos, Brookings Institutions. Retrieved from https://www.brookings.edu/research/stress-worry-and-social-support-inequality-in-americas-cities/
هاوسير، أو. بي.؛ نورتون، م. آي. (2017). التصورات والتصورات المغلوطة للتفاوت، مجلة الرأي الراهن في علم النفس، 18، 21-25.
Hauser, O. P., & Norton, M. I. (2017). (Mis) perceptions of inequality. Current Opinion in Psychology, 18, 21-25.
منظمة العمل الدولية (غير مؤرخ) العمل اللائق. بالرجوع إليه من الموقع http://www.ilo.org/global/topics/decent-work/lang–en/index.htm
ILO (n.d.) Decent Work. Retrieved from http://www.ilo.org/global/topics/decent-work/lang–en/index.htm
إسماعيل، س. (2013). مهمشو المدن والثورات العربية: القاهرة ودمشق من منظور مقارن. مجلة الدراسات المقارنة في علم الاجتماع والتاريخ، 55(4)، 865-894.
Ismail, S. (2013). Urban subalterns in the Arab revolutions: Cairo and Damascus in comparative perspective. Comparative Studies in Society and History, 55(4), 865-894.
خليل، أ. (2018، 4 يونيو/ حزيران). من المشاركة المجتمعية إلى الإخلاء القسري في مثلث ماسبيرو. معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط. بالرجوع إليه من الموقع https://timep.org/commentary/from-community-participation-to-forced-eviction-in-the-maspero-triangle/
Khalil, O. (2018, June 4). From community participation to forced eviction in the Maspero Triangle. The Tahrir Institute for Middle East Policy. Retrieved from https://timep.org/commentary/from-community-participation-to-forced-eviction-in-the-maspero-triangle/
لوباو، ل.؛ ساينز، ر. (2002). التفاوت والتنوع في الحيز المكاني كمجال جديد للأبحاث. مجلة علم الاجتماع للمجتمعات الريفية 67(4)، 497-511.
Lobao, L., and Saenz, R. (2002). Spatial inequality and diversity as an emerging research area. Rural Sociology 67(4), 497–511.
ميلانوفيتش، ب. (2014). “التفاوت في الحيز المكاني”. في كتاب ب. فيرمي؛ ب. ميلانوفيتش؛ س. الشواربي؛ س. الطويلة؛ م. جادالله؛ إي. أ. أ. المجيد (محررون)، التفاوت الداخلي في الجمهورية العربية المصرية: الحقائق والتصورات على امتداد الناس والزمن والمكان (ص. 37-54). البنك الدولي، واشنطن العاصمة.
Milanovic, B. (2014). Spatial Inequality. In P. Verme, B. Milanovic, S. Al-Shawarby, S. El Tawila, M. Gadallah & E.A.A. El-Majeed (Eds.), Inside inequality in the Arab Republic of Egypt: Facts and perceptions across people, time and space (pp. 37-54). World Bank, Washington, D.C
صبري، س. (2010). كيف يجري التقليل من تقديرات الفقر في القاهرة الكبرى، مصر. مجلة البيئة والتوسع العمراني، 22(2)، 523-541.
Sabry, S. (2010). How poverty is underestimated in greater Cairo, Egypt. Environment & Urbanization, 22(2), 523-541.
ساندز، م. ل. (2017). التعرض للتفاوت يؤثر على الدعم لإعادة التوزيع. مجلة وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم، 114(4)، 663-668.
Sands, M. L. (2017). Exposure to inequality affects support for redistribution. Proceedings of the National Academy of Sciences, 114(4), 663-668.
شارب، ب. أ؛ غريني، م. ل.؛ لي، ب. ب.؛ رويس، س. دبليو. (2000). تقييمات المجتمعات المحلية استناداً إلى الأصول المملوكة، تقارير الصحة العامة، 113، 205-211.
Sharpe, P. A., Greaney, M. L., Lee, P. P., & Royce, S. W. (2000). Assets-oriented community assessments. Public Health Reports, 113, 205–211.
شوكت، ي.؛ خليل، أ. (2015). ممارسات عمرانية موازية في مصر. مركز الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية. بالرجوع إليه من الموقع http://www.egypturbanforum.com/wp-content/uploads/books/UNHABITAT%20-%20Parallel%20Urban%20Practice%20in%20Egypt%20En.pdf
Shawkat, Y. & Khalil, O. (2015). Parallel urban practice in Egypt. United Nations Human Settlements. Retrieved from http://www.egypturbanforum.com/wp-content/uploads/books/UNHABITAT%20-%20Parallel%20Urban%20Practice%20in%20Egypt%20En.pdf
سيمز، د.؛ أبو لغد، ج. ل. (2010). فهم القاهرة: منطق مدينة خارجة عن السيطرة. نيويورك: مطبعة الجامعة الأمريكية بالقاهرة.
Sims, D., & Abu-Lughod, J. L. (2010). Understanding Cairo: The logic of a city out of control. New York: The American University in Cairo Press.
الهوامش
[1] بحسب سعر الصرف في 1 يوليو/ تموز 2018، حيث بلغ سعر الجنيه الواحد 0.056 دولار. بالنسبة لسنة بيانات الدخل (2006)، كان مبلغ 5,253 جنيه يعادل حوالي 920 دولاراً أمريكياً. وبما أننا نعرف بأن معدلات الدخل انخفضت في القاهرة في السنوات التي سبقت ثورة عام 2011، وأن معدلات الفقر واصلت الارتفاع، فمن غير المرجح أن معدل دخل الفرد في حي شركس قد حقق ارتفاعاً كبيراً منذ 2006. وحتى لو ارتفعت معدلات الدخل، فما من شك بأن تعويم سعر العملة في عام 2016 وما تبعه من تضخم قد ألغى أية تأثيرات إيجابية لزيادة الدخل. هذه الأرقام تخص خط الفقر على المستوى الوطني؛ ومع ذلك، ثمة تقديرات إقليمية أيضاً. فبالنسة لمناطق المدن، كان خط الفقر الأدنى في عام 2006 مبلغاً قدره 1,453 جنيه سنويا للفرد، وكان خط الفقر الأعلى 1,921 جنيه. وبالنسبة للمناطق الريفية في صعيد مصر، كان خط الفقر الأدنى 1,408 جنيه وخط الفقر الأعلى 1,812 جنيه. وتجدر الإشارة إلى أن الفروقات بين هذه التقديرات هي فروقات ضئيلة، على الرغم من الفرق الكبير في كلفة المعيشة في المناطق الحضرية. وتشير الأبحاث إلى أن خطوط الفقر في المناطق الحضرية، وخصوصاً في إقليم القاهرة الكبرى، هي منخفضة جداً ولا تغطي كلفة الاحتياجات الضرورية. كما أن استقصاءات الأسر المعيشية تسجل عدداً أقل من العدد الحقيقي للقاطنين في المستوطنات غير الرسمية، إضافة إلى أن حسابات خط الفقر لا تأخذ بالاعتبار حقيقة أن العديد من الناس الذين يعيشون في المناطق غير الرسمية يدفعون مبالغ أكبر للحصول على الاحتياجات الضرورية (خصوصاً كلفة الغذاء) مقارنة بسكان الأحياء الأكثر ازدهاراً (صبري 2010).
[2] عادة ما يشار إلى الرواتب في مصر كقيمة للدخل الشهري، ولكننا اخترنا إبقاء بيانات الإحصاء كما هي، أي كدخل سنوي، بغية مساعدة القراء على إجراء مقارنات مع الرواتب المعتادة في سياقات قطرية أخرى، والتي عادة ما تُحتسب كراتب سنوي.
[3] إذا ما ترجمنا هذه الأرقام إلى ما يكافئها بالدولار الأمريكي، فإن نطاقها يبلغ 143.82 دولار إلى 1,164 دولار، باستخدام سعر الصرف في 1 يوليو/ تموز 2018. أما بحسب قيمة الدولار في سنة 2006، وهي السنة التي جُمعت فيها البيانات، فإن نطاق الأرقام هو 449 دولار إلى 3,644 دولار (سعر الصرف لآخر يوم دوام للبنوك في السنة، 29 ديسمبر/ كانون الأول، بلغ سعر الدولار الواحد ما يكافئ 17.507 جنيه مصري). وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2016، عومت الحكومة المصرية سعر صرف الجنيه، مما خفض قيمته بأكثر من 50%.
[4] 356 دولار أمريكي (2018)؛ 1,114 دولار أمريكي (2006).
[5] 467 دولار أمريكي (2018)؛ 1,464 دولار أمريكي (2006).
[6] 559 دولار أمريكي (2018)؛ 1,750 دولار أمريكي (2006).
The content of this website is licensed by TADAMUN: The Cairo Urban Solidarity Initiative under a Creative Commons Attribution-NonCommercial-ShareAlike 3.0 Unported License
Comments