تصرف العائلات المصرية ثروة على التعليم. ورغم أن المدارس الحكومية متوفرة للجميع، إلا أن معظم العائلات تسعى لإيجاد دروس خصوصية لاستكمال التعليم الذي يتلقاه الأطفال في منظومة المدارس الحكومية. ووفقاً لاستقصاء الدخل والإنفاق والاستهلاك للأسر المعيشية للعام 2012/2013، تخصص الأسرة ما معدله 38% من إنفاقها المخصص للتعليم للدروس الخصوصية، و 11% للمواصلات. تتسم رواتب المعلمين في المدارس الحكومية بانخفاضها، كما أن مكانة مهنة المعلم في المجتمع متدنية. وتُعتبر نوعية التعليم في مصر من بين الشكاوى المشتركة للسكان، مما يجعل العائلات تكافح لضمان حصول أبنائها على التعليم لتحقيق النجاح. مع ذلك تتعلق إحدى الشكاوى التي نسمعها أحياناً أثناء أجراء الأبحاث، خصوصاً في المناطق العشوائية، بالمسافة الكبيرة التي يتعين على الأطفال قطعها للوصول إلى المدرسة، مما يضع عبئاً إضافياً على العائلات لتوفير المواصلات، وعلى الأطفال الذين يتحملون عبء الرحلة المفرطة في طولها إلى المدرسة. ومن خلال الأبحاث التي أجرتها مبادرة ’تضامن‘، توفرت لدينا أدلة من الروايات الشفهية تشير إلى أن هذه المشكلة منتشرة في المناطق العشوائية بصفة خاصة. لذا قررنا تحري التوزيع المكاني للمدارس الحكومية ضمن إقليم القاهرة الكبرى، والكيفية التي يرتبط بها توزيع المدارس بالتوزيع السكاني في المناطق العشوائية.
وقّعت الحكومة المصرية في بداية عقد التسعينات من القرن العشرين تعهداً لإقرار جدول أعمال لإصلاح شامل للتعليم أُعلن عنه أثناء المؤتمر العالمي لتوفير العلم للجميع الذي نظمته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) في جومتيين بتايلاند. وأطلقت الحكومة على عقد التسعينات من القرن الماضي “عقد التعليم”. ومع ذلك، كانت أولوية الحكومة لتحسين التعليم تتعلق برأس المال الإنساني بقدر ما تتعلق بالأمن الوطني. وفي بدايات عقد التسعينات أيضاً، شعرت الحكومة بالتهديد من الحركات الإسلامية التي نشأت في الأحياء التي تعاني من نقص الخدمات في المدن المصرية، والتي لم يكن تواجد الحكومة كبيراً فيها. وفي ظل غياب المرافق الحكومية في الأحياء الأشد فقراً في منطقة الجيزة في القاهرة، توجهت العائلات نحو الدروس الخصوصية والمدارس الخاصة. وكانت هذه الدروس الخصوصية والمدارس الخاصة تتوفر غالباً في المساجد أو تديرها منظمات غير حكومية دينية. ومع ذلك، كانت الحكومة تعتقد أن العديد من تلك المدارس و/أو المساجد مرتبطة بالحركات الإسلامية، وقد اجتذبت الأعضاء من خلال توفير خدمات مجانية أو منخفضة الكلفة، بما في ذلك التعليم. واعتقدت الحكومة أنه سيكون بوسعها الحد من هذا التهديد، وفي الوقت نفسه، تحقيق بعض الأهداف التعليمية الوطنية من خلال بناء المدارس في تلك الأحياء التي تعاني من نقص الخدمات، كي تحل محل المؤسسات ذات التوجه الديني، وللدفع نحو رفع مستوى الالتحاق بالمدارس الابتدائية. (ديكسون، 2010).
كانت نتائج “عقد التعليم” مذهلة في ظاهرها. فما بين عامي 1990 و 2005، ازدادت معدلات الالتحاق بالمدارس الابتدائية ومعدلات معرفة القراءة والكتابة بين الأفراد من الفئة العمرية 15-24 سنة بمقدار 10 في المئة. ومع ذلك، لم تستثمر الحكومة ما يكفي في مرافق المدارس لمواكبة الطلب من السكان الذين تزداد أعدادهم باطراد، خصوصاً في المناطق العشوائية، ونتيجة لذلك كانت الغرف الصفية مزدحمة بشدة، كما لم تتم تلبية متطلبات تأهيل المعلمين والإدارة على نحو ملائم، ولم تتحسن جودة التعليم مع ازدياد معدلات الالتحاق.
ووجد استطلاع أجراه فرع منظمة كير الدولية في مصر أن معدل الأمية يصل إلى 80 في المئة في بعض المدارس. وقد احتلت مصر المرتبة 141 من بين 144 بلداً من حيث جودة التعليم الابتدائي، والمرتبة 142 من حيث تدريب موظفي التعليم، وذلك في تقرير التنافسية العالمي للعام 2014-2015 الذي يعده المنتدى الاقتصادي العالمي، وهو استطلاع يستعرض مجموعة من المؤسسات والسياسات والعوامل التي تحدد مستوى الإنتاجية في البلد. ويمثل هذا الأمر تعارضاً صارخاً مع معدلات الالتحاق بالمدارس، التي بلغت 95 في المئة في المدارس الابتدائية، مما جعل مصر تحتل المرتبة 64 على هذا المؤشر. وقد احتلت مصر المرتبة 79 في تقرير التنافسية الدول (المنتدى الاقتصادي العالمي، 2014).
في حين توجد عدة تحديات كبرى تواجه قطاع التعليم في مصر، إلا أن أحدها الذي لا يُطرح عادة للنقاش هو إمكانية الوصول إلى المدارس والمساواة المكانية في توزيع المدارس. فما مدى السهولة التي يتاح فيها للأطفال الوصول إلى المدارس، وكم يتعين على العائلات أن تدفع كي يتمكن الأطفال من الوصول إلى المدارس؟ وهناك سببان رئيسيان يدفعان الأطفال لترك الدراسة وأولهما الفقر، فإما أن الأسرة لا تتحمل كلفة التعليم أو أن الأسرة تعتمد على الأجر الذي يحصل عليه الطفل من العمل، والسبب الثاني هو بعد المسافة التي يتعين على الطفل قطعها كي يصل إلى المدرسة.
تخدم المدارس الحكومية الطلاب الذين يعيشون في الحي المحيط فيها، وهي مؤسسات مجتمعية بصفة متأصلة. ويجب أن تكون المدارس موزعة بالتساوي نسبياً في جميع أنحاء المدينة وبما يتناسب مع التعداد السكاني للمناطق المختلفة من أجل ضمان إمكانية الوصول المتساوية للتعليم. إن معظم الأسر في إقليم القاهرة الكبرى لا تملك سيارات خاصة كي تقل الطلاب إلى المدارس، ويتعين على الطلاب استخدام المواصلات العامة، أو تاكسي، أو توك توك، أو المشي – وهذه هي وسائل المواصلات الأكثر شيوعاً في القاهرة. وكلما بعدت مسافة الأسرة ذات الأطفال عن المدرسة، كلما ازداد ما تنفقه على المواصلات وكلما ازداد الضغط على الأطفال بسبب طول وقت السفر الذي يتطلبه الوصول إلى المدرسة. ووفقاً لاستقصاء الدخل والإنفاق والاستهلاك للأسر المعيشية للعام 2012\2013، تنفق الأسر حوالي 11 في المئة من ميزانية التعليم على المواصلات. وإذا كانت الأسرة تعيش على مسافة من المدرسة يمكن قطعها سيراً على الأقدام، تتراجع كلفة المواصلات حينها إلى صفر، كما يتقلص الضغط التي يعاني منع الطفل في رحلته إلى المدرسة.
ما هي المسافة التي يمكن قطعها سيراً على الأقدام؟ ليس هناك تعريف متفق عليه لهذا المفهوم، ولكن لغرض هذه الدراسة، فإننا نعرف المسافة التي يمكن قطعها سيراً على الأقدام بـ 1 كيلومتر.
ما هي أحياء إقليم القاهرة الكبرى التي يوجد فيها أكبر عدد من المدارس ضمن مسافة يمكن قطعها سيراً على الأقدام؟ تجيب الخريطة التالية عن هذا السؤال. فالمناطق الملونة بالأزرق فيها أكبر تركيز من المدارس ضمن مسافة يمكن قطعها سيراً على الأقدام، أما المناطق الملونة بالأصفر ففيها أقل عدد من هذه المدارس، في حين يمثل اللون الأخضر المناطق التي في الوسط بين الفئتين السالفتين. أما المناطق غير الملونة فلا يوجد فيها مدارس ضمن مسافة يمكن قطعها سيراً على الأقدام. وللتعرف على مزيد من التفاصيل حول الكيفية التي عرّفنا بها منطقة الدراسة، والكيفية التي أعددنا فيها هذه الخريطة، والبيانات التي استخدمناها في ذلك، يرجى الاطلاع على بند المنهجية أدناه. وأردنا أيضاً أن نجري هذا التحليل لإقليم القاهرة الكبرى بأكمله، ولكن البيانات المتوفرة شكلت بعض القيود.
هناك أربعة أحياء تبرز فوراً بوصفها مناطق يوجد فيها عدد كبير جداً من المدارس ضمن مسافة يمكن قطعها سيراً على الأقدام: القاهرة الفاطمية، وشبرا، والعباسية، وحدائق القبة. إذ يوجد في كل من هذه الأحياء 32 مدرسة حكومية أو أكثر ضمن مسافة يمكن قطعها سيراً على الأقدام. ويبلغ معدل عدد المدارس التي يمكن الوصول إليها سيراً على الأقدام في منطقة الدراسة بأكملها أكثر قليلاً من ست مدارس (انظر بند المنهجية للاطلاع على وصف لمنطقة الدراسة). فلماذا يوجد هذا العدد الكبير من المدارس في تلك الأحياء؟ هذه المناطق هي من بين أقدم المناطق في المدينة، ولا يتيح حجم النسيج العمراني ونمطه في هذه المناطق إقامة مدارس كبيرة؛ وقد تم إعادة تأهيل العديد من المباني القائمة لاستخدامها لأغراض تعليمية. ورغم أنه لا تتوفر لدينا بيانات حول معدلات الالتحاق في كل من هذه المدارس في تلك الأحياء، ولكننا نفترض أن كل مدرسة في تلك المناطق تخدم عدداً أقل كثيراً مما تخدمه المدارس الموجودة في المناطق الأحدث في المدينة، وهي تخدم عدداً أقل من السكان، كما هو موضح أدناه.
أما العدد القليل نسبياً من المدارس الواقعة ضمن مسافة يمكن قطعها سيراً على الأقدام في مناطق من قبيل مدينة نصر، ومصر الجديدة، والزمالك، وغيرها من الأحياء ذات معدلات الدخل المرتفع، فمن المرجح أن سببه أن هذه الأحياء مخدومة غالباً بمدارس خاصة (وهي غير متضمنة في الخريطة). وهناك أيضاً عدد قليل نسبياً من المدارس الخاصة ضمن مسافة يمكن قطعها سيراً على الأقدام في المناطق العشوائية، ولكن لا يمكن إظهار التفاوت الحقيقي في إمكانية الوصول إلى المدارس الحكومية إلا إذا أخذنا التعداد السكاني بعين الاعتبار.
المناطق التي يوجد فيها أكبر عدد من المدارس ضمن مسافة يمكن قطعها سيراً على الأقدام
توضّح الخريطة أدناه الكثافة السكانية لمنطقة الدراسة، مع تحديد المناطق العشوائية بخط أسود حولها. ويشير اللون الأزرق الغامق إلى كثافة سكانية أعلى في حين يشير اللون الأزرق الفاتح إلى كثافة سكانية أدنى. وتُظهر الخريطة الكثافة السكانية بحسب عدد الأشخاص لكل ربع كيلومتر مربع. ورغم أن هذا المقياس ليس مقياساً معتاداً للكثافة السكانية، إلا أن مساحة ربع كيلومتر مربع هي الوحدة المستخدمة في التحليل أدناه والتي تنسجم مع تعريفنا للمسافة التي يمكن قطعها سيراً على الأقدام. يُرجى الاطلاع على بند المنهجية أدناه للحصول على مزيد من المعلومات. ويوضح الجدول أدناه الكثافة السكانية بوحدة ربع كيلومتر مربع، وكذلك بالوحدة المعتادة المتمثلة بكيلومتر مربع.
المناطق الأكثر كثافة سكانية هي غالباً المناطق العشوائية. أما المناطق الأكبر كثافة سكانية فهي إمابة/الوراق (في شمال مدينة الجيزة)، دار السلام/البساتين (في جنوب القاهرة)، الكُنيسة (قسم العمرانية في جنوب الجيزة)، وتصل الكثافة السكانية فيها إلى 100,000 شخص لكل كيلومتر مربع.
مجموعات الأحياء ذات أعلى كثافة سكانية في منطقة الدراسة
عندما ندمج هاتين الخريطتين (الكثافة السكانية مع عدد المدارس الواقعة ضمن مسافة يمكن قطعها سيراً على الأقدام) فإن النتيجة تؤكد الكثير مما تشير إليه الأدلة القولية: فالمناطق العشوائية تعاني بشدة من نقص الخدمات ولا يوجد فيها سوى عدد قليل جداً من المدارس التي تقع ضمن مسافة يمكن قطعها سيراً على الأقدام، نسبة لعدد السكان.
تُظهر هذه الخريطة المناطق التي تحتل العشرة في المئة الأدنى (وهي ملونة بالأحمر) من بين جميع المناطق التي تتناولها الدراسة من حيث عدد المدارس الواقعة ضمن مسافة يمكن قطعها سيراً على الأقدام بالنسبة لعدد السكان. وبمعنى آخر، فإن هذه المناطق هي التي تتلقى أقل خدمات في إقليم القاهرة الكبرى.
ما الذي تبدو عليه هذه الأحياء إذا ما نظرنا إليها عن قرب؟ إن حي المنيرة في الجيزة، الواقع إلى الغرب من حي إمبابة وإلى الجنوب من حي الوراق، هو الحي الذي يحصل على أقل خدمة في إقليم القاهرة الكبرى، ويتسم بكثافة سكانية عالية جداً حيث تصل إلى 130,000 شخص لكل كيلومتر مربع. وللمفارقة، كان هذا الجزء من المدينة هو الجزء الذي شهد أشد تجليات العنف للحركات الإسلامية في بدايات عقد التسعينات من القرن الماضي، ومع ذلك، ووفقاً للبيانات التي بحوزتنا، بالكاد أنشأت الحكومة أي مدرسة في المنطقة. وفيما يلي صورة ساتلية للحي مع مواقع المدارس الحكومية ملونة باللون الأخضر.
ومن بين الأحياء الأخرى ذات الكثافة السكانية العالية والتي تعاني من نقص الخدمات في إقليم القاهرة الكبرى، منطقة دار السلام / عزبة نافع / وسط البساتين. وفيما يلي صورة ساتلية للمنطقة.
يكمن جزء من مسألة إمكانية الوصول إلى المدارس سيراً على الأقدام في التوزيع غير المتكافئ للمدارس الحكومية في جميع أنحاء المناطق العشوائية. وكما تشير الصور الساتلية الواردة أعلاه، تتجمع المدارس الحكومية في مناطق محددة من المستوطنات العشوائية، مما يترك مناطق واسعة ضمنها دون إي إمكانية للوصول إلى المدارس. رغم أنه من الضروري إجراء المزيد من الأبحاث للوصول إلى استنتاجات مؤكدة، فإن سبب نقص الخدمات في المناطق العشوائية يعود جزئياً إلى نهج الحكومة الذي يتسم برد الفعل المتأخر نحو المناطق العشوائية، حيث توفر الخدمات العامة (بما فيها المدارس) بعد أن تصبح هذه المناطق قائمة بالفعل ومسكونة. وهذا يجبر الحكومة على تبني نهج عملي لإقامة المدارس، حيث تنشئها حيثما تتوفر الأرض، بدلاً من أن تضعها في مناطق توفر أكبر إمكانية وصول للناس المحتاجين. هذه القيود الناجمة عن توفر الأراضي تحدد الخيارات بشأن أماكن إقامة المدارس الحكومية ضمن المنطقة، مما يسبب مشقة في الوصول إليها على الطلاب وعلى السكان بصفة عامة. ولتجنب هذه المشكلة، يتعين على الحكومة تبني نهج استباقي في إدارتها لاستخدام الأراضي في المناطق العشوائية، من خلال توقع النمو المستقبلي وتحديد أراضٍ لبناء المدارس الحكومية وغيرها من مرافق الخدمات العامة عليها.
خاتمة
هذه نظرة أولية نحو توزيع المدارس الحكومية في جميع أنحاء إقليم القاهرة الكبرى، ورغم أن النتائج تمثل تقديرات غير دقيقة، إلا أنها تشير إلى وجوب أن تعالج الحكومة على نحو جاد قضايا إمكانية الوصول إلى المدارس الحكومية أمام الأطفال الذين يعيشون في المناطق العشوائية. وهؤلاء الأطفال هم الأطفال الأشد حرماناً في القاهرة، ويواجهون عقبات هائلة في حياتهم تنجم ببساطة عن المكان الذي ولدوا فيه. أما الناس الذين يعيشون في مناطق أخرى فيتاح لهم مستويات مختلفة من إمكانية الوصول إلى التعليم، والعمل، والحقوق، كما أن نقاط الضعف الهيكلية هذه تستمر عبر الأجيال. ولا يجب أن يكون الوصول إلى المدرسة من بين هذه العوائق. ونظراً للأهمية الكبيرة التي تضعها مصر على التعليم، إذا لم تتوفر لهؤلاء الأطفال إمكانية الوصول إلى التعليم (وهذا الأمر لا يتناول حتى أبسط الاعتبارات لجودة التعليم الذي تقدمه المدارس الحكومية)، فما هي الفرصة المتاحة لهم للتغلب على الهياكل المجتمعية التي تتركهم مستضعفين أصلاً.
البيانات
لقد أعددنا الخرائط باستخدام ثلاث مجموعات من البيانات: بيانات السكان من إحصاء عام 2006، وحدود الشياخات (الأحياء) التي حصلنا عليها من زميل واستناداً إلى الخرائط التي نشرتها محافظات القاهرة والجيزة والقيلوبية (وهي ليست خرائط رسمية – فالخرائط الرسمية الملائمة للاستخدام في البرنامج الحاسوبي (ArcGIS) غير متوفرة للعموم)، ومجموعة نقاط بيانات من الهيئة العامة للتخطيط العمراني تتضمن مواقع جميع المدارس الحكومية والمدارس الخاصة ومدارس ذوي الاحتياجات الخاصة إضافة إلى مواقع الجامعات والمعاهد المهنية وغيرها من المراكز التدريبية. أما حدود المناطق العشوائية فقد أعدتها الوكالة الألمانية للتعاون الدولي.
نحن ندرك بأن بعض الباحثين شككوا في نتائج الإحصاء المتعلقة بالمناطق العشوائية، واقترحوا بأن الإحصاءات الخاصة بهذه المناطق غير دقيقة ومجتزأة. ومع ذلك فإننا لم نعدل أية أرقام للتعداد السكاني استناداً إلى التقديرات السكانية غير الرسمية التي أصدرتها المجتمعات المحلية والمنظمات غير الحكومية وغيرها من التقديرات غير الرسمية. وهذا يشير إلى أن الأطفال الذين يعيشون في المناطق العشوائية قد يكونوا محرومين إلى درجة أكبر مما تدل عليه البيانات الواردة أعلاه.
وكما أشرنا أعلاه، فإن خرائط حدود الأحياء التي حسبنا الكثافة السكانية بناء عليها هي خرائط غير رسمية، لذا يجب اعتبار جميع قياسات الكثافة السكانية في هذه المقالة على أنها تقديرات فقط. وقد عدلنا الكثافة السكانية الخاصة بشياخة ’عزبة نافع‘ والمناطق المحيطة بها فقط. ففي الحسابات الأصلية، تجاوزت الكثافة السكانية 250,000 شخص لكل كيلومتر مربع، وهو عدد يزيد كثيراً عن الانحرافات المعيارية الثمانية عن وسيط الكثافة السكانية للمدينة، ويزيد بأكثر من الضعفين عن الكثافة السكانية في الأحياء المجاورة على الرغم من تشابه النسيج العمراني بين هذه الأحياء وهو نسيج عمراني نمطي في المناطق العشوائية في القاهرة. وعندما قمنا بتعديل الكثافة السكانية لشياخة ’عزبة نافع‘ والأحياء المحيطة بها، فقد حددنا الوسط الحسابي للكثافة السكانية في الأحياء المحيطة وأعدنا تطبيق الكثافة السكانية على مجموعة البيانات المتوفرة لدينا، وحددنا كثافة سكانية تقع ضمن نطاق أكثر واقعية.
أما ما يتعلق بمجموعة نقاط البيانات الواردة من الهيئة العامة للتخطيط العمراني، فقد استخدمنا مواقع المدارس الحكومية فقط في تحليلنا. ولا تشتمل مجموعة نقاط البيانات على تواريخ مرتبطة بها، ولكن يبدو أنها من منتصف العقد الأول من القرن الحالي نظراً لوجود بعض المدارس التي أنشئت خلال السنوات العشرة الأخيرة، وعدم تضمن البيانات على المدارس التي أنشئت خلال السنوات الخمس الماضية. وقد تضمنت البيانات بعض العيوب، بما في ذلك وجود أكثر من ألف نقطة بيانات مكررة إضافة إلى خطأ في مواقع بعض نقاط البيانات. وقد أزلنا نقاط البيانات المكررة، كما قمنا وقدر الإمكان بمقارنة هذه النقاط مع الصور الساتلية عندما تبيّن أن نقطة البيانات المعنية كانت تشير إلى موقع خاطئ. وبخلاف ذلك، فقد تركنا نقاط البيانات على حالها. كما ظهر بعض الخطأ في التصنيف بين المدارس الحكومية والمدارس الخاصة، ولكننا لم نسعَ إلى تصحيح هذا الأمر على افتراض أن الخطأ في التصنيف من مدرسة خاصة إلى مدرسة حكومية والعكس سيضاهي بعضه بعضاً من ناحية إحصائية.
وحتى مع وجود هذه العيوب في البيانات، فإننا واثقون ورغم نقص الدقة بأن البيانات تمثل بصفة عامة المضامين المكانية لتوفير خدمات المدارس في منطقة الدراسة.
يُرجى ملاحظة أن الخرائط الواردة في هذا المقال أُعدت باستخدام البرنامج الحاسوبي (ArcGIS 10.1).
منطقة الدراسة
كان القصد الأصلي لهذا البحث هو إجراء تحليل لجميع مناطق إقليم القاهرة الكبرى، ولكن كانت الدراسة مقيدة بتوفّر مجموعة البيانات السكانية ومجموعة نقاط البيانات. هذه الخريطة تُظهر إقليم القاهرة الكبرى محاطاً بخط أصفر، والمناطق التي تتوفر عنها معلومات سكانية ملونة باللون الأزرق، إضافة إلى مجموعة نقاط البيانات ملونة باللونين البرتقالي والأصفر.
حددنا الشياخات (الأحياء) في البداية بالاقتصار على تضمين الشياخات التي تحتوي على مدرسة أو أنها مجاورة لمدرسة. وبغية حل مسألة الخطأ في الكثافة السكانية لبعض الأحياء، خصوصاً الأحياء التي تحتوي على مناطق صحراوية أو زراعية واسعة، فقد أقمنا دائرة بنصف قطر كيلومتر واحد حول جميع نقاط البيانات المتوفرة لدينا إضافة إلى نقاط البيانات التي تتضمن مساجد وكنائس، وقيدنا حدود الشياخات المشمولة في منطقة الدراسة بالمناطق المحصورة ضمن الدوائر الموصوفة أعلاه. وهذا يستند إلى الافتراض بأن جميع السكان يقطنون على مسافة تبعد كليومتر واحد أو أقل عن مسجد أو كنيسة أو مدرسة. وقد أتاح لنا استخدام هذه الدوائر إلغاء الأماكن الفارغة من التحليل.
المسافة التي يمكن قطعها سيراً على الأقدام
حددنا المسافة التي يمكن قطعها سيراً على الأقدام بمسافة 0.5 كيلومتر إلى 1 كيلومتر. وبغية تحديد عدد المدارس الواقعة ضمن مسافة يمكن قطعها سيراً على الأقدام، أجرينا تحليلاً لتوزيع النقاط من خلال تقسيم منطقة الدراسة إلى شبكة من الخطوط وحددنا طول وعرض ضلع كل خلية من خلايا الشبكة بـ 500 متر. ومن خلال مطابقة هذه الشبكة مع مجموعة نقاط البيانات، تمكنا من تحديد عدد المدارس الحكومية الموجودة في كل خلية. ثم افترضنا أن عدد المدارس في كل خلية والخلايا الثماني المجاورة لها يحدد قيمة حسابية للمدارس الواقعة ضمن مسافة يمكن قطعها سيراً على الأقدام.
تَظهر في الأشكال الواردة أدناه إحدى عشرة مدرسة مشار إليها بالنقاط الزرقاء. تحتوي الخلية (A) على سبيل المثال على مدرسة واحدة إضافة إلى ست مدارس أخرى في الخلايا المجاورة، ليصل العدد الإجمالي إلى سبعة. وتحتوي الخلية (E) على مدرستين كما تحتوي الخلايا المجاورة على ثماني مدارس، وبذلك يصل المجموع إلى إحدى عشر مدرسة. وقد أجرينا هذه العملية لكل خلية في جميع أنحاء منطقة الدراسة. ومن المهم أن نتذكر بأن المرتبة المحددة لكل خلية من حيث عدد المدارس الواقعة ضمن مسافة يمكن قطعها سيراً على الأقدام لا تشير إلى عدد المدارس في الخلية ذاتها وحسب، بل أيضاً إلى المدارس الموجودة في منطقة التركيز المحيطة.
الكثافة السكانية
ولغرض إعداد خريطة الكثافة السكانية، حددنا القيمة العددية للكثافة السكانية في كل خلية مساحتها ربع كيلومتر مربع. وتستند القيمة العددية للكثافة السكانية إلى الكثافة السكانية لكل شياخة والمستمدة من أعداد السكان الواردة في إحصاء عام 2006. وقد وضعنا الشبكة فوق خرائط الشياخات. وبالنسبة للخلية التي تقع بأكملها ضمن حدود شياخة معينة، وضعنا لهذه الخلية قيمة الكثافة السكانية العامة للشياخة. أما الخلية التي تمر فيها حدود شياختين أو أكثر، فقد أخرجنا المعدل الحسابي من كل شياخة واستخدمنا هذه المعدلات لتحديد القيمة العددية للكثافة السكانية للخلية المعنية، وتظهر هذه القيم باللون الأحمر في الأشكال أدناه.
وعند هذه المرحلة، حددنا لكل مربع تبلع أبعاده 500 متر X 500 متر قيمتين عدديتين: عدد المدارس الواقعة ضمن مسافة يمكن قطعها سيراً على الأقدام، والكثافة السكانية للمربع المعني. ثم قمنا بتقسيم عدد المدارس الواقعة ضمن مسافة يمكن قطعها سيراً على الأقدام على الكثافة السكانية للخروج بعدد المدارس الواقعة ضمن مسافة يمكن قطعها سيراً على الأقدام لكل شخص. يبين الشكل أدناه عدد المدارس الواقعة ضمن مسافة يمكن قطعها سيراً على الأقدام لكل 10,000 من السكان. وهذا المثال توضيحي ولا يمثل بأي حال من الأحوال نتائج الدراسة نفسها.
الصورة الرئيسية: شارع مجاور لمدرسة صلاح الدين، ’عزبة الهجانة‘ / منظمة ’تكوين لتنمية المجتمعات المتكاملة‘. الصورة مستخدمة بإذن.
The content of this website is licensed by TADAMUN: The Cairo Urban Solidarity Initiative under a Creative Commons Attribution-NonCommercial-ShareAlike 3.0 Unported License
Comments