انبثقت بعد الربيع العربي فرصة كبرى لضمان حقوق النساء في تونس، وقد تجلت الجهود لاغتنام هذه الفرصة في عدة مجالات، بما في ذلك تمثيل النساء في المناصب السياسية على المستويين الوطني والمحلي. وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2011، جرت انتخابات في تونس لاختيار المجلس الوطني التأسيسي المسؤول عن صياغة الدستور الجديد. وانهمك التونسيون، على العكس من نظرائهم المصريين، في حوار امتد ثلاث سنوات للتداول بشأن الدستور الجديد. واستخدمت النساء التونسيات عملية صياغة الدستور القائمة على المشاركة “كوسيلة لتعبئة الجهود المحلية، والربط مع مناصري الحقوق المتعلقة بالنوع الاجتماعي في بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والمشاركة في حوار عابر للقوميات (de Silva de Alwis, Mnasri, and Ward 2017, 91-2). وكانت إحدى نتائج هذه الجهود هي تخصيص حصص [كوتا] للجنسين، وهي آلية مهمة لتحقيق المساواة بين الجنسين. وليست حصص الجنسين أمراً جديداً تماماً في تونس، فقبل الربيع العربي، كانت توجد حصص حزبية طوعية قادت إلى مستويات تمثيل نسائي عالية نسبياً (وهو ما سنتناوله بتفصيل أكبر أدناه). مع ذلك، ظلت الهيئات التشريعية خاضعة لهيمنة الحزب الحاكم. ولم تكن الحصص في ذلك الوقت محددة في قانون الانتخابات كما هي الحال في الوقت الحالي. وبعد الربيع العربي، استخدمت تونس حصص الجنسين لانتخابات المجلس الوطني التأسيسي في عام 2011، والانتخابات البرلمانية لعام 2014، وانتخابات البلديات لعام 2018، مما ساعد على ضمان تمثيل النساء في الهيئات التشريعية على كافة مستويات الحكومة.
يتطلب قانون الانتخاب التونسي مساواة عمودية (بمعنى تحقيق تناوب للمرشحين والمرشحات ضمن كل قائمة حزبية) ومساواة أفقية (أي لزوم أن ترشّح الأحزاب عدداً متساوياً من القوائم التي يتصدرها الذكور والإناث في جميع المناطق الانتخابية والبلديات). وكانت هذه الحصص التقدمية المخصصة للجنسين، إضافة إلى ضمان المساواة بين الجنسين، قد تكرست في الدستور التونسي الجديد نتيجة لجهود الحركات النسائية في التنظيم بين الأوسط الشعبية والتواصل مع النُخب المتجاوبة. وقد مارست الجماعات النسائية “سياسات من أدنى السلم الاجتماعي” عززتها احتجاجات واسعة النطاق أثناء عملية صياغة الدستور، ونجحت في فرض تغيير على لغة الدستور بشأن الدور “المكمل” للمرأة في المادة 28، وتبني لغة تحقيق المساواة للنساء اللاتي يجب أن يتمتعن كمجموعة بحقوق متساوية (Charrad and Zarrugh 2014, 230). وبحلول عام 2019، كانت النساء تشغل حوالي ثلث مقاعد البرلمان، وقرابة نصف مقاعد المجالس المحلية (UN Women 2018). ومع ذلك، وكما سنوضح أدناه، تفتقر انتخابات رؤساء البلديات إلى الحصص المخصصة للجنسين، مما كان له تبعات على تمثيل النساء على هذا المستوى. فقد زادت الحصص تمثيل النساء في الهيئات التشريعية، إلا أن غياب الحصص لإشغال المناصب على مستوى السلطة التنفيذية يبقي النساء في موقف ضعيف.
وفي حين حقق التونسيون مكتسبات مهمة فيما يتعلق بالتمثيل النسائي، كان النجاح أقل لغاية الآن فيما يتعلق بنشر الديمقراطية على المستوى المحلي واعتماد اللامركزية في السلطة، خصوصاً السلطة السياسية. وكانت نصوص الدستور غامضة إلى حد ما بخصوص مقدار السلطة التي تتمتع بها الحكومات المحلية، على الرغم من التزام الدستور باللامركزية (كما سنناقش أدناه). ومع ذلك، فتحت الانتخابات الأخيرة على مستوى البلديات في عام 2018 فرصاً لمشاركة النساء في جميع أنحاء تونس. وسنبحث في هذا الإيجاز موضوعي اللامركزية والتمثيل النسائي على المستوى المحلي، كما سنناقش صعود سعاد عبد الرحيم، وهي أول امرأة تترأس بلدية تونس العاصمة. وهي تمثل توجهاً أوسع لزيادة تمثيل النساء على المستوى المحلي، كما توفر رئاستها لبلدية تونس العاصمة نافذة لدراسة تطبيق عملية اللامركزية بموجب الدستور الجديد. وسنستعرض السلطات التي تتمتع بها الحكومات المحلية، وسنقيم الحجة بأنه رغم أن هذه السلطات قد تكون بسيطة، إلا أن تمثيل النساء في الحكومات المحلية يحمل قيمة رمزية قوية وله تأثير محتمل على التغييرات المستقبلية، خصوصاً مع اكتساب النساء لمزيد من الخبرات السياسية.
سعاد عبد الرحمن، إضافة إلى نساء غيرها ممن انتُخبن على مستوى الحكومات المحلية، هي مناصرة قوية للامركزية، وهي تتمتع بمركز للمطالبة بسلطة أكبر للحكومات المحلية. ومن الممكن أن تكون اللامركزية وسيلة مفيدة للحد من التفاوت الإقليمي في تونس، والذي كان من المحركات الرئيسية للثورة. وقد تكون النساء، اللاتي يشغلن حوالي نصف المناصب على مستوى الحكومات المحلية، جزءاً من الحل لهذا التفاوت. ومن المرجّح أن يُترجم هذا التمثيل النسائي الجديد إلى مطالبات من المواطنين باتخاذ إجراءات.
ليس بالضرورة أن يؤدي التحول الديمقراطي على المستوى الوطني إلى تحول ديمقراطي على المستوى المحلي. وتتمتع الحكومات المحلية في تونس ببعض السلطات الإدارية والمالية، ولكن السلطة السياسية – أي السلطة على صنعالسياسات – تظل مركزة بشدة حتى بعد مرور ثماني سنوات على الثورة، رغم أن اللامركزية كانت قضية رئيسية أثناء صياغة الدستور الجديد. وتُعنى اللامركزية الإدارية بتنظيم المؤسسات السياسية وكيفية تنفيذ القرارات السياسية، وتحويل السياسات إلى نتائج. فيما تشير اللامركزية المالية إلى الجهة التي تحدد الضرائب وتجمعها، إضافة إلى الجهة التي تحدد مجالات إنفاقها. وختاماً، تستتبع اللامركزية السياسية قضايا تتعلق بالتمثيل وقدرة الحكومات المحلية على صنع السياسات، “والمدى التي تقوم فيه المؤسسات السياسية بتحديد المصالح المتعددة للمواطنين على شكل قرارات سياسية” (Litvak, Ahmad, and Bird 1998, 6). ولا يمكن أن توجد اللامركزية السياسية دون وجود لامركزية إدارية ومالية، ولكن تُعتبر اللامركزية السياسية ضرورية لتحقيق تحول ديمقراطي جدي على المستوى المحلي.
هناك تاريخ طويل نسبياً للامركزية الإدارية في تونس، بيد أن السلطات المركزية، سواء الاستعمارية أم الاستبدادية، استخدمت نظام البلديات كوسيلة للتأثير على المستوى المحلي. تأسست مدينة تونس في عام 1858 بوصفها أول بلدية في تونس والعالم العربي بمجمله. وظلت بلدية تونس العاصمة هي الوحيدة في العالم العربي لمدة تقارب ثلاثة عقود حتى تأسست ست بلديات إضافية في عام 1884. واستخدم المسؤولون الفرنسيون اللامركزية كوسيلة للسيطرة الترابية والاستعمارية، وتزايد عدد البلديات ليصل إلى 69 بلدية في نهاية حقبة الاستعمار (UCLG 2007). وأثناء فترة حكم بن علي (1987-2011)، مارست الحكومة نفوذها على المستوى المحلي من خلال أشكال متعددة من الإشراف، وقلصت دور البلديات إلى حد كبير (Clark, Dalmasso, and Lust 2017).
وكانت البلديات، من الناحية النظرية، مسؤولة عن التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وتوفير الخدمات، والتخطيط الحضري، والفضاءات العامة، وإدارة خدمات الشرطة المحلية، والسيطرة على حركة سير المركبات. ومع مر الوقت، تضاءلت مسؤولياتها إلى توفير الخدمات الأساسية جداً، من قبيل جمع النفايات. علاوة على ذلك، كانت سلطة البلدية تتداخل غالباً مع سلطات المحافظات التي باتت سلطاتها في صنع القرار في نهاية المطاف تسمو على سلطات البلديات. ولم تكن للبلديات سلطة حقيقية على ميزانياتها، وظلت تكافح لزيادة إيراداتها، وأصبح اعتمادها على الدولة يتزايد. وقد أدى هذا الاعتماد المالي إلى مستويات أعلى من تدخل الدولة في عمليات صنع القرار المحلي (Clark, Dalmasso, and Lust 2017). كما أعيقت سلطتها السياسية من جراء سيطرة الحزب الحاكم على المجالس المحلية. وفي حين استحدث القانون الأساسي رقم 90-48 الصادر في 4 مايو/ أيار 1990 أسلوب اقتراع مختلط للانتخابات المحلية، وللمرة الأولى، “أتاح أسلوب الاقتراع للحزب المهيمن ميزة أكبر، كما وضع الأحزاب الأخرى في موضع ضعف”، رغم أن القانون “عُرض بوصفه تنازلاً لمصلحة أحزاب المعارضة” (UCLG 2007, 3). وأتاحت قوانين الانتخابات للتجمع الدستوري الديمقراطي أن يفوز باستمرار بثمانين في المئة من مقاعد مجالس البلديات.
وبعد ثورة عام 2011 مباشرة، أولى النشطاء الأولوية لموضوع استبدال المجالس التي يهمين عليها التجمع الدستوري الديمقراطي؛ ومع ذلك، أصبحت النيابات الخصوصية على المستوى المحلي والتي حلت محل المجالس البلدية بعد الثورة، موقعاً لصراع القوى بين شرائح النخبة، مما يوضح أن نشر الديمقراطية على المستوى المحلي سيتطلب جهوداً كبيرة (Clark, Dalmasso, and Lust 2017). وجرت أيضاً نقاشات مكثفة حول اللامركزية في تونس بعد الثورة. واعتبرها المعارضون بأنها سبيل خطير يؤدي إلى التشظي والجهوية وتفكك وحدة الدولة. ومع ذلك كان المؤيدون هم الأغلبية وأقاموا الحجة بأن التنمية الاقتصادية الأكثر مساواة بين المناطق ستكون أولوية رئسية في عملية الإصلاح الدستوري، نظراً لأن التفاوت بين المناطق كان أهم قوة محركة للثورة.
وفي نهاية المطاف، فاز المؤيدون، وتنص المادة 131 من الدستور التونسي على أن الحكومة المحلية تستند إلى مبدأ اللامركزية. كما تنص على أنه:
تشير الميزنة القائمة على المشاركة، بوصفها أسلوباً من أساليب الحكم القائم على المشاركة، إلى عملية من التعاون بين المجتمع المدني والحكومة المحلية لتخصيص أموال البلدية، إذ أن الديمقراطية التمثيلية وحدها غير كافية لإشراك المواطنين، وتخصيص الموارد العامة الشحيحة على نحو مناسب، وتحسين تقديم الخدمات (Wampler and McNulty 2011). ومن أجل الوصول إلى عمليات صنع قرار جماعية وأكثر شمولاً للكافة، فإن آليات الديمقراطية المباشرة إلى جانب المؤسسات التمثيلية تمنح المواطنين سلطة أكبر على السياسات، وتتيح لهم صوتاً في تطبيقها. ويقيم مؤيدو اللامركزية الحجة بأن اللامركزية تفتح طرقاً للمشاركة الديمقراطية؛ ومع ذلك، هذا يتطلب التزاماً صادقاً بالتمثيل على المستوى المحلي، وموارد مالية مكرسة لإتاحة المشاركة.
ورغم أن الدستور تضمّن تركيزاً على اللامركزية وتوسيع اختصاصات السلطات المحلية، فقد تأجلت انتخابات البلديات من موعدها الأصلي في أكتوبر/ تشرين الأول 2016 حتى مايو/ أيار 2018. وكان التأجيل نتيجة لعقبتين تشريعيتين أوسع نطاقاً. الأولى كانت الفشل في إقرار قانون بشأن الانتخابات المحلية والجهوية حتى 31 يناير/ كانون الثاني 2017. والثانية كانت تأجيل إقرار قانون السلطات المحلية حتى 1 مايو/ أيار 2018. ورغم أنه كان بالإمكان عقد الانتخابات باستخدام القانون رقم 33 لسنة 1975، إلا أن ذلك كان سيخلق تشويشاً قانونياً وعملياً إذ أن القانون رقم 33 لم يقر بالاستقلال المالي والإداري للسلطات المحلية. لذا فإنه من دون وجود القانون المناسب، “ما كان الناخبون ولا المرشحون للمجالس المحلية سيعرفون تماماً ما هي مسؤوليات المجالس، أو ما نوع المشاريع التي تملك السلطة لتنفيذها” (Abderrahim 2017).
وفي نهاية المطاف أقر البرلمان قانون السلطات المحلية في مايو/ أيار 2018، بعد فترة طويلة من الحوار حول تفاصيل كيفية أداء المجالس المحلية لوظائفها. وأوضح القانون بعض الجوانب المشوشة المحيطة بالحكم المحلي وخول السلطات المحلية باختصاصات واسعة وذلك للمرة الأولى منذ استقلال تونس؛ ومع ذلك، ما زال نطاق الاختصاصات التي تتمتع بها السلطات المحلية غير محدد تماماً. فوفقاً للقانون:
وبصفة عامة، منحت هذه التغيرات قدراً أكبر من الحكم الذاتي على المستوى المحلي، خصوصاً بالمقارنة مع نظام الإشراف أثناء حقبة حكم بن علي. ورغم أن السلطة السياسية للحكومات المحلية تظل محدودة، إلا أنها تتمتع بسيطرة أكبر بكثير على ميزانياتها، وبوسعها فرض ضرائب ورسوم، كما أنها مسؤولة عن تقديم مجموعة أكبر من الخدمات. وما زال من غير الواضح ما إذا كانت صناديق اللامركزية الحديثة التأسيس ستخفف من اعتماد البلديات على الحكومة المركزية إذ تفتقر البلديات للتمويل الكافي؛ ومع ذلك تمثل زيادة مسؤوليات مجالس البلديات آلية مهمة للمساءلة، وهي أقرب للناس من الحكومة المركزية.
كان تركيز الدستور وقانون السلطات المحلية على اللامركزية استجابة لسياسات استمرت لعقود ركزت السلطات والسياسات بيد الحكومة، وأدت إلى تنمية وتوزيع للموارد على نحو غير متكافئ بين المناطق. وتتسم أوجه التفاوت الاقتصادي في تونس بأنها ذات جانب جهوي؛ فثمة انعدام مساواة كبير بين المناطق الساحلية الشمالية وبين المناطق الداخلية والغربية والجنوبية. فبدءاً من عقدي الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، أطلقت الحكومة “خطط التنمية المتكاملة” بهدف تقليص التفاوت الإقليمي، ومع ذلك “لم تكن كافية لتغيير الآليات الرئيسية لتخصيص الموارد، أو الحد من انعدام المساواة. وقد تأسست عدة مؤسسات لغاية التنمية الإقليمية، ولكن لم يتمكن أي منها من إطلاق وتنفيذ خطط شاملة للمناطق الفقيرة” (Boughzala and Hamdi 2014, 4). وكانت خطط التنمية الإقليمية جزءاً من “مشروع مفروض من أعلى الهرم السياسي، وتدير الدولة تفاصيله”، ولكن “لا حكومة بورقيبة ولا حكومة بن علي التزمت بالسياسات المعلنة لضمان الاستثمارات التصويبية والمخصصة للمناطق المحرومة” (Sadiki 2019).
نتج عن ذلك تركيز جهوي للفقر والبطالة في مناطق محددة. ففي المناطق الداخلية الغربية، كان 32 في المائة من الناس يعيشون في الفقر مقارنة مع 8 في المئة في المناطق المناطق الداخلية الشرقية، و9 في المائة من منطقة تونس الكبرى (الشكل 1). وكانت معدلات البطالة في هذه المناطق من بين أعلى المعدلات أيضاً (الشكل 2). وكانت هذه المنطقة هي مركز الاحتجاجات في عام 2011، إضافة إلى الاحتجاجات المبكرة ضد البطالة وظروف العمل وانعدام المساواة الاقتصادية (Beinin 2015). وللاستجابة لمطالبات الثورة، كان يتعين على القادة السياسيين تقليص التفاوت الجهوي بشكل كبير عند صياغة الدستور.
بعد ثورة عام 2011، فاز حزب النهضة الإسلامي بـ 89 مقعداً من مقاعد المجلس الوطني التأسيسي التي يبلغ عددها 217 مقعداً، وكان المجلس مكلفاً بصياغة الدستور الجديد (NDI 2011). أسس المجلس الوطني التأسيسي ست لجان لكتابة الدستور، وترأس حزب النهضة أربعة منها مما منحه دوراً رئيسياً في عملية صياغة الدستور.[3] وتعاملت إحدى اللجان بصفة محددة مع قضايا الحكم المحلي، مما يعكس أهمية قضية اللامركزية في إعادة هيكلة النظام السياسي. وأعرب الحزب العلماني، نداء تونس، الذي فاز بثاني أكبر نسبة من مقاعد المجلس الوطني التأسيسي، عن تحفظه بشأن إحالة السلطات إلى المستوى المحلي نظراً لأن مؤيديه يتركزون في المناطق الساحلية ومن فئات النخب. وبالمقابل، كانت القاعدة الانتخابية لحزب النهضة تتركز في المناطق الداخلية، وبالتالي فقد دعم اللامركزية “لخلق وزن مقابل للقوى التقليدية التي تتركز في تونس العاصمة” (Walles 2018).
عقدت تونس أول انتخابات حرة وديمقراطية للمجالس البلدية في 6 مايو/ أيار 2018. وتنافس فيها أكثر من 57,000 مرشح لإشغال أكثر من 7,200 مقعد في 350 بلدية. وتعتبر الانتخابات الحرة والنزيهة والمباشرة لإشغال كل هذا العدد من المناصب أمراً مهماً بحد ذاته، بيد أن هذه الانتخابات البلدية الأولى كانت مهمة أيضاً لسبب آخر. فقد شكلت النساء حوالي نصف المرشحين (49 في المئة)، كما كان أكثر من نصف المرشحين ممن تقل أعمارهم عن 35 عاماً. وفازت 47 في المئة من المرشحات بالانتخابات، كما فاز فيها 37 في المئة من الشباب (Carnegie 2018). وكانت نسبة كبيرة من المرشحات هن شابات أيضاً. ووجد استطلاع شمل 2,000 من المرشحين للبلديات أن معدل الأعمال للمرشحين الذكور بلغ 45 عاماً، فيما بلغ معدل الأعمار للمرشحات النساء 36 عاماً (Blackman, Clark, and Şaşmaz 2018). وحتى لو كانت هذه الفجوة ناتجة عن سعي قادة الأحزاب لتلبية حصة الشباب[4] وحصة النساء[5] في الوقت نفسه، فإنها مع ذلك شكلت فرصة للنساء الشابات للمشاركة في السياسة.
وفي الانتخابات المحلية التي عقدت في عام 2018، كان حزب النهضة هو الحزب الوحيد الذي قدم مرشحين في جميع البلديات التي يبلغ عددها 350 بلدية (وقدم حزب نداء تونس مرشحين لـ 345 بلدية، أما حزب الجبهة الشعبية اليساري فقدم مرشحين في 119 بلدية). وكانت قدرة حزب النهضة على التغلغل في الخريطة الانتخابية بأكملها واضحاً في قدرته على التعبئة على المستوى المحلي وتحقيق نتائج (Feurur 2018). وفي حين اعتمد حزب نداء تونس على أعضاء الحزب الراسخين، والذين كان بعضهم أعضاء سابقين في حزب التجمع الدستوري الديمقراطي، قدم حزب النهضة مرشحين جدد، واعتمد نظاماً فتح نصف قوائم الحزب لأشخاص من المشاركين الجدد في الميدان السياسي.[6] وفي المناطق التي لم تكن معاقل لحزب النهضة، “رشح الحزب أسماء شكلت مفاجأة، من قبيل النساء الناشطات في النقابات، والمسؤولات السابقات في الحكومة، وممثلات عن الأقليات الدينية” (Şaşmaz 2018).
وربما كانت النتيجة التي شكلت أكبر مفاجأة هي الانتخابات المحلية في تونس العاصمة، حيث رشح حزب النهضة سعاد عبد الرحيم لمنصب رئيسة البلدية. وكانت سعاد قد بدأت نشاطتها أثناء دراستها الجامعية في عام 1985 في إطار الاتحاد العام لطلاب تونس، وهي مناصرة قوية للامركزية. وتنتخب المجالس البلدية رئيس البلدية أثناء الجلسة الأولى وذلك في جولتين انتخابيتين تتطلب أن يحصل الفائز على الأغلبية المطلقة. وتاريخياً، ظلت القانونين التي تحكم انتخاب رئيس البلدية لتونس العاصمة تختلف عنها لسائر البلديات. وحتى سن القانون الأساسي رقم 90-48 الصادر في 4 مايو/ أيار 1990، والذي استحدث الانتخابات على المستوى المحلي، كانت السلطات المركزية تعيّن جميع رؤساء البلديات. وبعد إقرار القانون في عام 1990، باتت المجالس المحلية تنتخب رؤساء البلديات في جميع البلديات. ومع ذلك، ظل منصب رئيس بلدية تونس العاصمة يتم بالتعيين حتى الانتخابات البلدية في مايو/ أيار 2018. وبالتالي، كان أمراً مهماً أن تشغل امرأة هذا المنصب لأول مرة يتم إشغال المنصب عبر الانتخابات، مما يظهر بأن غالبية النخب السياسية في المجلس المحلي في تونس العاصمة كانت مستعدة لوضع ثقتها في امرأة في هذه الانتخابات الأولى التاريخية.
لم يخلو ترشيح سعاد عبد الرحيم لمنصب رئيسة البلدية من الخلافات. فعلى سبيل المثال، زعم فؤاد بوسلامة، وهو عضو في حزب نداء تونس، بأنه ليس بوسع رئيسة البلدية أن تشارك في المراسيم الوطنية الدينية في مسجد الزيتونة بسبب الفصل بين الجنسين في المرافق الدينية الإسلامية (Grewal and Cebul 2018). وبما أن هذا الزعم صدر عن ممثل عن حزب نداء تونس، فإنه يلقي الضوء على تفاصيل الجوانب المتعلقة بالنوع الاجتماعي في السياسة، حتى في الأوساط العلمانية. ولم تواجه النساء اللاتي ترشحين لمقاعد المجالس البلدية هذا النوع من المعارضة، ولكن يبدو أن النساء اللاتي ترشحن لمناصب تنفيذية – وتحديداً في العاصمة – أثرن شواغل أكبر (على أقل بصفة معلنة) بشأن قدرة المرأة على تنفيذ جميع الواجبات التي يتطلبها المنصب العام. ورغم العقبات، فازت سعاد عبد الرحيم بانتخابات رئاسة البلدية وأصبحت رئيسة بلدية تونس العاصمة في 3 يوليو/ تموز 2018، بعد أن هزمت مرشح حزب نداء تونس بأربعة أصوات فقط (من مجموع 60 عضواً في المجلس).
وبما أن سعاد عبد الرحيم هي أول رئيسة بلدية منتخبة (بدلاً من أن تكون معيّنة) في تونس العاصمة، فقد توجّب عليها أن تواجه توترات غير محلولة بين السلطات المحلية والوطنية. ففي 29 سبتمبر/ أيلول 2018، سربت وسائل الإعلام مقطع فيديو طلبت فيه سعاد عبد الرحيم من وزير الشؤون المحلية، رياض المؤخر، أن يمنحها درجة وزير دولة بوصفها رئيسة بلدية تونس العاصمة. ففي السابق، عندما كان يتم إشغال منصب رئيس بلدية تونس العاصمة بالتعيين، كان رئيس البلدية يتمتع بمقعد في مجلس الوزراء بصفة وزير دولة. ومنحت الحكومة المركزية منصب وزير دولة لرؤساء البلدية السابقين لتونس العاصمة، السيد محمد الباجي بن مامي، والسيد عباس محسن في عامي 2010 و 2000، على التوالي.[7] وزعم الوزير رياض المؤخر أنه هذه الامتيازات ألغيت عندما بات منصب رئيس البلدية يُشغل بالانتخاب، وأن الوزير لا يملك إطاراً قانونياً لتخويل منح هذا المنصب. مع ذلك، لم تكن القناة القانونية أو النص القانوني الذي أضفى الشرعية على هذا الامتياز أمراً واضحاً أصلاً؛ وربما كان الأمر يعتمد على العرف وليس على القانون أو الدستور (Bouhlel 2018). ويعكس انعدام الوضوح بشأن ما إذا كان رئيس بلدية تونس يستحق أن يشغل مقعداً في مجلس الوزراء بموجب الإطار القانوني الجديد، الجدال الذي لم يُحل بشأن سلطات المسؤولين المحليين المنتخبين وعلاقتهم مع هيئات الحكومة المركزية.
ومع ذلك، فإن السيدة سعاد عبد الرحيم هي مناصرة قوية للامركزية وزيادة دور المجالس البلدية. وتقول، “ثمة مواد في القانون تحكم تنفيذ [اللامركزية] وفقاً للدستور. وهذا يتضمن منح المجالس البلدية امتيازات تنفيذية للإشراف على التحول التدريجي إلى اللامركزية على امتداد السنوات الثمانية عشرة المقبلة. وأنا أدعم هذه الجهود وأواصل إقامة شراكات مع وزارات مختلفة لتنفيذ هذا الأمر” (Carnegie 2018a). وتماشياً مع هذه المبادئ، فإنها تعمل على تنفيذ برنامج الصحة العامة للبلدية بغية توسيع توظيف الأطباء المحليين وزيادة قدرات المستشفيات، وتوفير الخدمات الصحية الوقائية، وتقليص التكاليف والساعات الطويلة التي تمضيها الأسر التي تعيش في الأحياء الفقيرة عند سعيها للحصول على الرعاية الصحية. كما تعمل رئيسة البلدية مع وزارة التعليم لإشراك البلديات في تصميم المناهج المدرسية. وتقول، “نحن نعمل بدأب على تجاوز أدوارنا التقليدية، إذ نشعر بأننا منتخبون لتحقيق آمال أكبر لمستقبل البلد” (Carnegie 2018a). ومن بين أولوياتها الأخرى استعادة سلطات المجالس البلدية والتي يفترض أن تتمتع بها هذه المجالس، بما في ذلك تقديم الخدمات. وعند حل المجالس البلدية التي كان يسيطر عليها حزب التجمع الدستوري الديمقراطي واستبدالها بممثلين معينين بعد الثورة، لم يكن بوسع المجالس تلبية طلبات الجمهور بفاعلية وتقديم الخدمات، وتهدف سعاد عبد الرحيم إلى تغيير هذا الوضع على الرغم من محدودية الموارد المالية. وقد أكدت على تنظيف الشوارع وإنارتها، وإقامة أماكن خضراء، وتطوير برامج استثمار لتحسين البنية الأساسية. وهذه البرامج هي جزء من استراتيجية لجعل تونس العاصمة مقصداً سياحياً رئيسياً، وفي الوقت نفسه تلبية احتياجات المواطنين.
رغم أن فوز سعاد عبد الرحيم هو فوز تاريخي للتمثيل النسائي، خصوصاً في المناصب التنفيذية، من المهم الإشارة إلى أن التمثيل النسائي في تونس ليس أمراً جديداً. فخلال فترة الحكم الاستبدادي، منحت البرامج النسائية التي أدارتها الدولة خلال حكم بورقيبة (1956-1987) وبن علي (1987-2011) فرصاً للنساء للمشاركة في المجال السياسي بطرق لم تتوفر للنساء في سائر البلدان العربية. فقد حصلت النساء على الحق في التصويت في عام 1957، والحق في الترشح للانتخابات في عام 1959. وانتخبت راضية حداد للبرلمان في عام 1959. وازدادت نسبة النساء في البرلمان من 4 في المئة بحلول عام 1989 إلى 12 في المئة في عام 1999، وبلغ تمثيل النساء في المجالس المحلية 20 في المئة. وعشية الربيع العربي، كانت النساء تشغل 28 في المئة من مقاعد مجلس النواب، و27 في المئة من مقاعد المجالس المحلية، كما أشغلت عدة نساء مناصب وزارية (Benstead 2018, 519).
وبعد الربيع العربي، أولي اهتمام كبير بالمستوى الوطني للتمثيل النسائي، حيث تشغل النساء حالياً 68 مقعداً من مجموع 217 مقعداً في البرلمان (31.3 في المئة) (IPU, 2019). مع ذلك، أخذت النساء تحقق إنجازات كبيرة على المستوى المحلي. فبعد الانتخابات البلدية الأولى في عام 2018، تمكنت المرشحات النساء من الحصول على 47 في المئة من مقاعد المجالس المحلية (UN Women, 2018). وعلى خلاف انتخابات المجالس البلدية، لا تتضمن المنافسات لإشغال مناصب رؤساء البلديات حصص للجنسين. ومع ذلك تمكنت النساء من حصد عدد مهم من رؤساء المجالس البلدية في عام 2018، بلغ حوالي خُمس العدد الكلي، ويُظهر التفاوت بين تمثيل النساء في المجالس البلدية وبين تمثيلهن في رئاسة البلديات أهمية تخصيص الحصص للجنسين لتحقيق مستويات أعلى من التمثيل النسائي (Yerkes & McKeown, 2018). وقد صرّحت سعاد عبد الرحيم أن التفاوت في تمثيل النساء على مستوى المجالس البلدية في مقابل رؤساء البلديات (47 في المئة في مقابل 19.5 في المئة) ناتج عن “نقص الثقة من قبل النُخب بقدرات المرأة” (Cargnelutti 2018). ووفقاً لسعاد عبد الرحيم، يمثل رد الفعل السلبي على انتخابها إثباتاً على “العقلية الذكورية السائدة بين الناس”، وهي تعتبر نفسها “رمزاً لنساء تونس” في الكفاح من أجل التغيير (Cargnelutti 2018).
ويبدو أن هناك تغييراً ثقافياً يحدث مع زيادة التمثيل النسائي، وإن يكن إلى درجة محدودة. وتضمنت استطلاعات الرأي العام الإقليمية، الباروميتر العربي، سؤالاً حول ملاءمة النساء لإشغال المناصب السياسية، وذلك في ثلاث دورات من الاستطلاعات جرت في تونس في أعوام 2011، و2013، و2016. ويُظهر الشكل 3 أدناه الإجابات عن هذه السؤال، ويوضح أنه منذ الدورة الأولى لتنفيذ الاستطلاع، بات دعم النساء في السياسية أكبر في عام 2013، وفي عام 2016 مقارنة مع عام 2011. وقد جرت الدورة الأولى من 30 سبتمبر/ أيلول إلى 11 أكتوبر/ تشرين الأول 2011، أي بعد تسعة أشهر من الإطاحة ببن علي، وقبل انتخابات المجلس التأسيسي في 23 أكتوبر/ تشرين الأول 2011، حيث كان نصف المرشحين نساء. وفازت النساء في نهاية المطاف بـ 24 في المئة من مقاعد المجلس الوطني التأسيسي الذي تشكل لصياغة الدستور. وجرت الدورة الثانية من 3-25 فبراير/ شباط 2013، وذلك أثناء المداولات بشأن دستور عام 2014. وختاماً، جرت الدورة الأخيرة من 13 فبراير/ شباط إلى 3 مارس/ آذار 2016 بعد أن فازت النساء بحوالي ثلث مقاعد البرلمان الوطني.
وتُظهر النتائج أن الموقف الإيجابي إزاء النساء في العمل السياسي وصل أعلى مستوى له في عام 2013، وتراجع قليلاً في عام 2016. ففي عام 2013، أعرب 43.7 في المئة من المجيبين عن رفضهم أو رفضهم بقوة للتصريح بأن الرجال يمثلون قادة سياسيين أفضل من النساء؛ وفي عام 2016، بلغت النسبة 42.8 في المئة. أما التغيير الأكبر فهو في العمود في أقصى يمين الشكل، الذي يحسب المجيبين الذين يرفضون بقوة هذا التصريح، معبرين عن أكبر دعم للنساء المنهمكات في الميدان السياسي. وفي عام 2011، أعرب 4.2 في المئة فقط من المجيبين عن رفضهم القوي. وفي عام 2013، ارتفعت النسبة إلى 22.7 في المئة، وزادت قليلاً إلى 23.3 في المئة. وهذا يمثل زيادة بحوالي 20 في المئة من عام 2011، مما يعكس تغيّراً كبيراً في المواقف.
ومن غير المفاجئ أن النساء أكثر تقبلاً للنساء المنهمكات في السياسة مقارنة مع الرجال (كما يوضح الشكل 4). مع ذلك، ثمة عدد أكبر من النساء يعتقدن بقوة بأن الرجال أفضل في القيادة السياسية من النساء (30.5 في المئة) مقارنة مع النساء اللاتي يرفضن هذه الفكرة رفضاً قويا (27.1 في المئة). وأعربت أغلبية ضئيلة من النساء عن الموافقة أو الموافقة بقوة بأن الرجال هم قادة سياسيون أفضل (52 في المئة)، فيما أعرب 58.4 في المئة من الرجال عن رأي مشابه.
رغم أن أغلبية المجيبين (ذكوراً وإناثاً) ما زالوا يعتقدون بأن الرجال يمثلون قادة سياسيين أفضل من النساء، إلا أن الفئة التي ترفض هذه الفكرة بشدة ازدادت زيادة كبيرة منذ عام 2011. ونظراً للمكاسب التي حققتها النساء على المستوى المحلي في عام 2018، سيكون من الشيّق أن نرى ما إذا كانت الاستطلاعات المستقبلية ستعكس تحولاً أكبر في الرأي العام، خصوصاً أن المستوى المحلي أكثر ظهوراً للمجيبين العاديين على الاستطلاعات وأقرب إلى ديناميات السياسات الوطنية.
مع ذلك، قد لا يترك التغيير الثقافي المتجه من أسفل القاعدة الاجتماعية تأثيراً كبيراً على نمط انخفاض مستوى تمثيل النساء في مناصب رؤساء البلديات إذا ظل موقف النخب السياسية دون تغيير، نظراً إلى أن هذه الانتخابات تحدث على نحو مباشر. وبالطبع من الممكن للمستويات الأعلى لتمثيل النساء في المجالس المحلية أن يزيد أرجحية حصول النساء المرشحات لمنصب رئيس بلدية أن يحصلن على أغلبية الأصوات؛ ومع ذلك، من غير المرجع أن نرى العديد من النساء يشغلن منصب رئيس بلدية ضمن الإطار المؤسسي الحالي دون وجود انتخابات مباشرة ودون تخصيص حصص للجنسين.
ويُعد تقلد النساء مناصب تنفيذية قيادية مهماً بصفة خاصة إذ بوسعهن جلب المزيد من النساء إلى مواقع السلطة، إما بصفة مباشرة من خلال ما يقمن به من إجراءات، أو بصفة غير مباشرة من خلال تشكيل المواقف العامة وتمثيل قدوة للنساء الأخريات. وتعمل سعاد عبد الرحيم في تونس العاصمة على ترقية النساء في الحكومة المحلية. فمن بين خمس عشرة لجنة في المجلس البلدي، تترأس النساء إحدى عشرة لجنة منها. ووفقاً لسعاد عبد الرحيم، “يجب أن نمكن النساء من خلال العمل – مثلاً، من خلال تقديم عروض عمل أو دعوة المرشحات”، مما يوضح حقيقة أنها تدرك بأن موقعها يمنحها سلطة مباشرة لجلب مزيد من النساء إلى دوائر السلطة (Crowe, 2018). ومن شأن مشاهدة دور أكبر للنساء في الحكومة أن يغير المواقف بطريقة تفتح الباب لمزيد من النساء للمنافسة للوصول إلى المناصب – والفوز فيها.
وتظهر الأبحاث أن زيادة تمثيل النساء قد يقود إلى تقديم أفضل للخدمات وزيادة المشاركة السياسية على مستوى المواطنين. ووجدت الباحثة بينستيد (Benstead) (في كتاب سيصدر قريباً) أن المستويات المرتفعة لتمثيل النساء في المجالس البلدية في تونس عملت على “تحسين الخدمات والمخصصات على نحو يتجاوب مع احتياجات النساء، على شكل زيادة التفاعل بين النساء والأعضاء المحليين في المجالس، مما يعزز القدرة على طلب المساعدة بخصوص المشاكل الشخصية أو المجتمعية، أو التعبير عن الرأي أمام أعضاء المجلس” (ص. 8). ويظهر العمل الاستطلاعي الذي قامت به الباحثة أن الأرجحية تزيد بثلاثة عشر نقطة مئوية أن يعرف الرجال عضواً ما في المجالس مقارنة مع النساء، وكذلك تزيد الأرجحية بست نقاط مئوية لأن يتصل الرجال مع المسؤولين المحليين مقارنة بالنساء. ويعود ذلك جزئياً إلى أن الرجال قادرين على التواصل مع أعضاء المجلس رجالا أو نساءً، في حين أن أمكانية النساء أقل في الاتصال مع أعضاء المجلس الرجال. وبالتالي، فإن زيادة مستويات تمثيل النساء “يقلص الفجوات بين الجنسين في إمكانية الوصول إلى الخدمات من خلال تمكين النساء، وليس إقصاء الرجال” (Benstead, forthcoming, 37).
إن وجود عدد أكبر من النساء في المناصب يزد فرص النساء للتعبير عن شواغلهن وإيصال أصواتهن، ويزيد التمثيل للجميع. وتعتبر قدرة المواطنين على الاتصال بممثليهم، والتعبير عن تظلماتهم وتقديم طلبات إليهم، جانباً حاسماً في الحكم المحلي القائم على المشاركة. ونظراً لأن النساء قد يرتحن أكثر للتواصل مع الممثلات الإناث، وأن المزيد من النساء قد انتخبن، فربما تصبح السياسات المحلية ميداناً مهماً آخر لفاعلية النساء والتعبير عن اهتماماتهن، أو على الأقل مكاناً مهماً آخر غير المجال الجهوي والوطني.
وقد يثبت أن هذا الأمر مهم بصفة خاصة للمناطق المهمشة حيث الحاجة إلى الخدمات والمساواة المكانية والتمثيل السياسي هي في حدودها القصوى.
إن شمول النساء في الحوكمة المحلية هو جزء من جهد أوسع لتعزيز مشاركة النساء على كافة المستويات السياسية من أجل جلب أصوات جديدة إلى مائدة الحوار، وضمان التمثيل المتساوي. ويمكن أن تتوفر للنساء في الحكومات المحلية فرص أكبر لتحقيق تغيير مقارنة مع المستوى الوطني، خصوصاً إذا أدت عملية اللامركزية إلى منح سلطات إلى هيئات الحكم المحلي. وقد أقر الاتحاد الدولي للسلطات المحلية إعلاناً دولياً بشأن النساء والحكومات المحلية (1998)، والذي يدفع بأن “الحكومة المحلية تتمتع بمكانة فريدة للمساهمة في الكفاح العالمي من أجل المساواة بين الجنسين [...] إن الإدماج المنهجي للنساء يعزز الأساس الديمقراطي، وفاعلية أنشطة الحكومة المحلية وجودتها” (الفقرتان 10 و11 حسب الاقتباس في (UCLG 2012)). ويؤكد حق المرأة في المدينة على إمكانية الوصول المتساوية إلى عمليات صنع القرارات، بوصف ذلك طريقة لتحقيق المساواة بين الجنسين، ويدعو إلى “إضفاء المؤسسية على الآليات النسائية كهيكل للحكومات المحلية للمدن وتخصيص ميزانيات لها، وبالتالي ضمان إدماج النوع الاجتماعي في جميع مجالات أنشطة البلديات وفي السياسات العامة للحكومات المحلية وبرامجها وخططها” (Habitat International Coalition 2005).
المجالس البلدية في تونس مسؤولة عن تطوير ميزانياتها السنوية الخاصة والموافقة عليها وتنفيذها. ومع هذه السلطة الجديدة، ومع وجود عدد أكبر من النساء في المجالس البلدية، ثمة فرصة لإدماج النوع الاجتماعي، أي جعل قضايا النوع الاجتماعي في مركز “تطوير السياسات، والأبحاث، والمناصرة/ الحوار، والتشريعات، وتخصيص الموارد، وتخطيط البرامج والمشاريع وتنفيذها ورصدها” (UN Women n.d.). مع ذلك لا توجد ضمانات بأن النساء سيتمكن من تمثيل مصالح النساء بفاعلية، إذ قد تعمل الأغلبيات المؤلفة من الرجال على تهميش الممثلات النسائيات الجديدات (Schwindt-Bayer 2010). وقد أشارت سعاد عبد الرحمن إلى ضعف الثقة في النساء بين النخب السياسية، بوصف ذلك عائقاً رئيسياً في تونس؛ ومع ذلك، وكما بيّنا أعلاه، قد تكون المواقف الثقافية في طور التحول حالياً مع زيادة تمثيل النساء.
ورغم أن النساء المنتخبات حديثاً في الحكومات المحلية في تونس قد يواجهن الكثير من العقبات، إلا أن المحافظة على المناصب السياسية هو وسيلة أساسية تتيح للموظفين المحليين تقديم الخدمات بصفة تتجاوب مع احتياجات النساء. وقد أثبت الباحثون الرابطة بين التمثيل السلبي (التمثيل الديمغرافي) وبين التمثيل الإيجابي (إقرار السياسات وتنفيذها) حيث تصبح المنظمات العامة التي تتضمن تمثيلا ديمغرافياً للمستفيدين أكثر ميلاً لتنفيذ سياسات وتقديم خدمات بطريقة تتسق مع مصالح المستفيدين (Meier 1993; Keiser et al. 2002; Sowa and Selden 2003; Meier and Nicholson-Crotty 2006; Wilkins and Keiser 2006). وقد يتيح زيادة عدد النساء في المناصب تمثيلاً أفضل لمصالح النساء، إما لأن الناخبات النساء سيكن أكثر استعداداً للتواصل مع الممثلات المنتخبات، أو لأن الممثلات النساء – ونتيجة لخبراتهن كنساء – سيفهمن القضايا التي تواجهها النساء على نحو أفضل.
قد يكون للنساء مصالح تختلف عن مصالح الرجال عندما يتعلق الأمر بالخدمات العامة وبقضايا محددة أكثر أهمية لهن. وفي حين توجد مسؤولية على الرجال (سواء حقيقية أو متصورة) لكسب الدخل للأسرة، غالباً ما تكون النساء مسؤولات عن إعالة الأسرة بطرق أخرى: تغذية الأسرة، وتعليم الأطفال، والمحافظة على صحة أفراد الأسرة، والعناية بهم عند المرض. هذه الديناميات التي ينهمك فيها الرجال بالعمل “المنتج” وتتحمل فيها النساء المسؤولية عن عمل الرعاية لا تقتصر على تونس، بل تنطبق في أجزاء عديد من العالم، بما في ذلك في الدول الصناعية الغربية، رغم أن هذه النزعة تتراجع حالياً. ويمكن للخدمات العامة – خصوصاً الرعاية الصحية والتعليم ورعاية الأطفال والمياه النظيفة وخدمات الصرف الصحي – أن تخفف عبء عمل الرعاية. وأوضحت هيئة الأمم المتحدة للمرأة في تقريرها الصادر عام 2016 بعنوان “تحويل الاقتصادات، إعمال الحقوق” أنه “عندما يوجد نقص في الخدمات الاجتماعية الأساسية وتكون الحاجة إلى عمل الرعاية كبيرة، يزداد عمل النساء والبنات. وفي مقابل ذلك، يمكن للاستثمار في الخدمات الأساسية أن يقلص الطلب على عمل الرعاية والعمل المنزلي غير مدفوع الأجر الذي تؤديه النساء، وأن يحرر وقتهن لأداء أنشطة أخرى” (ص. 157). وتكون الأرجحية أكبر أن تفهم النساء العاملات في السياسة هذه الاحتياجات وأن يستجبن إليها، وأن يمثلن النساء بفاعلية في هذا المجال. ويمكن لسعاد عبد الرحيم، من خلال جهودها لإرساء برامج للصحة العامة في البلدية وعملها مع وزارة التعليم لإشراك البلدية في تصميم المناهج المدرسية، أن تساعد في تقليص الطلب على عمل الرعاية الذي تتحمله النساء في تونس العاصمة، خصوصاً النساء الفقيرات اللاتي يتحملن جزء أكبر من العبء دون الحصول على مساعدة من الموارد العامة.
ورغم أن السلطات التي تتمتع بها المجالس المحلية تبدو محدودة، إلا أن ثمة إمكانية للخدمات التي تقدمها المجالس أن تترك تأثيراً مباشراً وفعلياً على حياة الناس. فالسلطات المحلية مسؤولة عن جمع النفايات، وتعبيد الطرق وإصلاحها، وإنارة الشوارع، وأنظمة المجاري، والمياه، والأماكن العامة الخاضعة لولايتها. إن تحسين المدينة والأحياء التي يعيش فيها الناس من خلال توفير هذه الخدمات هو جزء من “الحق في المدينة”، والذي يتضمن التوزيع المتساوي للخدمات العامة الجيدة النوعية من أجل تحقيق رفاه جميع القاطنين. ومع ذلك، يتضمن الحق في المدينة أكثر من مجرد توفير الخدمات. وقد وسع الباحث هارفي (Harvey) (2008) معنى الحق في المدينة ليشمل السيطرة الديمقراطية على عملية تزويد الخدمات:
الحق في المدينة يتجاوز بكثير الحرية الفردية في الوصول إلى الموارد الحضرية: فهو حق في تغيير أنفسنا من خلال تغيير المدنية. كما أنه حق جماعي وليس حقاً فردياً إذ أن التحول يعتمد حتماً على ممارسة السلطة الجماعية لإعادة تشكيل عمليات التوسع الحضري. إن الحق في تشكيل مدننا وأنفسنا وإعادة تشكيلها هو [...] أحد أهم حقوقنا الإنسانية ولكنه أكثرها عرضة للإهمال (ص. 23).
وفي حين تُعتبر “السلطة الجماعية” هدفاً يستحق العناء، أثار المنظرون السياسيون والمناظرات السياسيات المعنيون بالحركات النسائية تحديات لمفهوم المواطنة الشمولية التي تتجاهل الفروقات بين المجموعات. وأقامت الباحثة يونغ (Young) (1989) الحجة بأن “المثال الأعلى لأنشطة المواطنة تعبر عن، أو تخلق، إرادة عامة تتجاوز الفروقات المحددة لانتماءات الجماعات وأوضاعها ومصالحها، وقد أدت إلى إقصاء الجماعات التي تُعتبر غير قادرة على تبني وجهة النظر العامة” (ص. 251). وقد تختبر النساء المدنية على نحو يختلف، كما قد يكون لديهن شواغل تختلف عن شواغل الرجال. فمثلاً، استناداً إلى خبرات النساء في لندن والقدس، وجدت الباحثة فينستر (Fenster 2006) أن “الخشية من استخدام الفضاءات العامة، وخصوصاً الشوارع، والمواصلات العامة، والحدائق الحضرية، هو ما يمنع النساء من إعمال حقهن في المدينة” (ص. 224). وتكون الأرجحية أقل بأن يشعر الرجال بالخوف في الأمكان العامة، لذا فإذا لم تُدمَج شواغل النساء في “ممارسة السلطة الجماعية”، يظل الحق في المدينة غير متوفر للجميع.
وفي القاهرة، تعكف النساء على التعبئة لمكافحة المضايقات والاعتداءات الجنسية من خلال وضع خريطة لحدوث هذه المضايقات في المدينة؛ وتمثل الخريطة الناتجة أداة بصرية مذهلة لخبرات النساء في المدينة. وتشكل حالات المضايقات هذه “تفاعلاً يومياً” قد يُعاد أنتاجه من خلال التخطيط الحضري “من قبيل تصميم الأماكن العامة وإمكانية الوصول إلى المواصلات العامة) إذا لم يأخذ المخططون خبرات النساء بعين الاعتبار (Abdelfattah 2019). تتطلب المشاركة المتساوية “حقوقاً مكانية تراعي الفروقات بين الجماعات”، وتضفي الصفة المؤسسية على آليات لتمثيل الجماعات (Young 1989, 251). وكما تحاجج الباحثة فينستر (2006)، “إن الحق في المدينة المراعية للنوع الاجتماعي يعني الحق في الاستخدام والحق في المشاركة مما يحتم الشروع في نقاش جدي حول علاقات القوة الأبوية” وهو أمر يخفق الوصف “المثالي” للحق في المدينة عن الإقرار به (ص. 229).
وإذا تمكنت البلديات في تونس من أن تأخذ قضية السلامة بعين الاعتبار عند تطوير خطط إقامة الأماكن العامة، والإنارة، وإصلاح الشوارع، فقد يزيد ذلك إمكانية وصول النساء إلى هذه الأماكن. وتلتزم سعاد عبد الرحين بتنظيف الشوارع وإنارتها، وخلق أمكان خضراء، وتطوير برامج استثمار لتحسين البنى الأساسية على الرغم من محدودية الموارد. كما أن توفير الخدمات العامة الأخرى، من قبيل الخدمات التي تحد من عبء عمل الرعاية، ستتيح مشاركة أكبر للنساء في الحياة العامة. ويخلق إدماج النساء في التخطيط الحضري والعمليات القائمة على المشاركة “حساً بالانتماء يتأسس من خلال الإعمال المتكرر للحق بالاستخدام” (Fenster 2006, 222). ويجب على المواطنات أن ينهمكن في المداولات بشأن تطوير هذه السياسات وتنفيذها، إضافة إلى الانهماك في جميع الخدمات العامة التي تشكل الحياة في المدينة، إذا ما أردنا أن نحقق حقاً في المدينة مراعياً للنوع الاجتماعي.
ومن خلال اللامركزية، وتخصيص الحصص للنساء في المجالس المحلية، ومنح سلطات أكبر للبلديات، وسّعت تونس الحق في المشاركة في المدينة. ومن المبكر لأوانه تحديد مدى نجاح سعاد عبد الرحيم وغيرها من النساء اللاتي انتخبن لمناصب محلية في تحقيق أهداف اللامركزية وزيادة توفير الخدمات وتحقيق تمثيل أكبر لمصالح النساء. ومع ذلك، توفر هذه الموجة الكبيرة من النساء المنتخبات ديمقراطياً أفضل فرصة لنساء ورجال تونس في مجال التمثيل المحلي منذ ثورة 2011.
[1] القضاء المالي هو هيئة تابعة للحكومة المركزية، وهو أحد أربعة هيئات تشكل المجلس الأعلى للقضاء (الفصل 112 من الدستور التونسي).
[2] تبلغ قيمة صندوق اللامركزية 1.45 بليون دينار تونسي، ما يعادل 500 مليون دولار أمريكي (Kapitalis, 2019).
[3] اللجان الدستورية الست، والتي تعكس أولويات المجلس الوطني التأسيسي هي: 1) الديباجة، والمبادئ الأساسية، والمراجعة الدستورية؛ 2) الحقوق والحريات؛ 3) السلطات التشريعية والتنفيذية، والعلاقات بين السلطات؛ 4) العدالة المدنية والإدارية والمالية والدستورية؛ 5) الهيئات الدستورية للتعامل مع التعدد الإعلامي، والأنظمة المالية، والسياسات والدين، وإنفاذ القانون والأمن؛ 6) القضايا المحلية والجهوية والبلدية (Pickard, 2012).
[4] تتطلب حصة الشباب في تونس أن تتضمن جميع القوائم شخصاً واحداً على الأقل من الفئة العمرية 18 إلى 35 سنة ضمن أعلى ثلاثة مواضع على القائمة. وبعد هذه المواضع الثلاثة، يجب أن تتضمن كل مجموعة من ستة مرشحين شاباً واحداً على الأقل. وتنزع الأحزاب إلى وضع الشباب في نهاية القائمة – وكان 36% من الشباب قد شغلو أول موضوعين من القوائم (Blackman, Clark, & Şaşmaz, 2018, p. 1).
[5] استخدمت تونس ترتيبات لتحقيق المساواة العمودية والأفقية في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي وأول انتخابات برلمانية، وطبقت الترتيبات ذاتها في الانتخابات البلدية، ولكن للمجالس المحلية فقط. وبالتالي كان يتعين على الأحزاب أن تعتمد التناوب في أسماء المرشحين الذكور والإناث على القوائم الانتخابية (المساواة العمودية)، وأن ترشح الأحزاب عدداً متساوياً من الذكور والإناث في انتخابات البلديات (المساواة الأفقية). أما الأحزاب التي تدخل في المنافسة في عدد فردي من المجالس المحلية فيمكنها إضافة قائمة يتصدرها ذكر أو أنثى (حسب متطلبات المساواة) (Clark, Şaşmaz, & Blackman, 2018, p. 1).
[6] وجد الباحثون الذين أجروا استطلاعات بشأن المرشحين أن 36 في المئة من المرشحين الذكور الذين كانوا على قوائم حزب النهضة لانتخابات البلديات في عام 2018 كان لديهم خبرة سابقة في الحكومة، في حين وصلت النسبة إلى 12 في المئة فقط بين المرشحات الإناث (Clark, Şaşmaz, & Blackman, 2018, p. 6). وبالمقارنة مع الأحزاب الأخرى، كانت أكبر فجوة بين الجنسين ضمن المرشحين موجودة لدى حزب النهضة فيما يتعلق بالخبرة السياسية. وكانت الفجوة بين الجنسين أقل لدى حزب نداء تونس: فكان 33 في المئة من المرشحين الذكور يملكون خبرة سياسية مقارنة مع 22 في المئة من المرشحات الإناث. وفي حين قد تعني النسبة الكبيرة من المرشحات غير المتمتعان بخبرة سياسية في قوائم حزب النهضة أن النساء شكلن مجرد شخصيات لإشغال أماكن شاغرة، أقام الباحثون الحجة بأن المرشحات كنّ يتمتعن “بإمكانات أكبر من المرشحين الذكور” نظراً لمستوى التعليم المرتفع بينهن، ومستوى الحماس الأكبر لمواصلة سيرة مهنية في ميدان السياسة (Clark, Şaşmaz, & Blackman, 2018, p. 9).
[7] تجدر الإشارة إلى أن صفة وزير دولة لم تُمنح للسيد سيف الله لصرم الذي كان رئيس بلدية بين عامي 2011 إلى 2018. وخلال تلك الفترة، كان حزب التجمع الدستوري الديمقراطي يهيمن على المجالس البلدية، وقد تم حله واستبداله بممثلين معينين. وظل الدور الجديد للبلديات غير واضح حتى إقرار قانون السلطات المحلية في عام 2018. وهذا على الأرجح هو السبب الذي دفع إلى عدم منح رئيس البلدية السابق منصب رئيس دولة (Bouhlel, 2018).
Abdelfattah, L. (2019). Deconstructing the trajectories of gendered mobility in Cairo: lessons for urban policy. Unpublished master’s thesis. Politecnico Di Milano: School of Architecture, Urban Planning and Construction Engineering, Milan, Italy
Abderrahim, T. (2017). Tunisia’s decentralization process at a crossroads. Carnegie Endowment for International Peace. Retrieved from https://carnegieendowment.org/sada/71135
Arab Barometer. (2011). Wave II. Retrieved from https://www.arabbarometer.org/waves/arab-barometer-wave-ii
Arab Barometer. (2014). Wave III. Retrieved from https://www.arabbarometer.org/waves/arab-barometer-wave-iii
Arab Barometer. (2016). Wave IV. Retrieved from https://www.arabbarometer.org/waves/arab-barometer-wave-iv
Beinin, J. (2015). Workers and thieves: Labor movements and popular uprisings in Tunisia and Egypt. Stanford: Stanford University Press
Benstead, L. J. (2019). Tunisia: Changing patterns of women’s representation. In S. Franceschet, M. Krook, & N. Tan (Eds.), The Palgrave handbook of women’s political rights (517-530). London: Palgrave Macmillan
Benstead, L. J. (forthcoming 2019). Do female local councilors improve women’s representation? Journal of Middle East and Africa. Retrieved from https://www.academia.edu/25602636/Do_Female_Local_Councilors_Improve_Women_s_Representation
Blackman, A., Clark, J., & Şaşmaz, A. (2018). Generational divide in Tunisia’s 2018 municipal elections: Are youth candidates different? Democracy International. Retrieved from http://democracyinternational.com/media/LECS_Policy%20Brief_Youth.pdf
Boughzala, M., & Hamdi, M. T. (2014). Promoting inclusive growth in Arab countries: Rural and regional development and inequality in Tunisia. Global Economy and Development, Brookings Institution, Working paper 71. Retrieved from https://www.brookings.edu/wp-content/uploads/2016/06/Arab-EconPaper5Boughzala-v3.pdf
Bouhlel, C. (2018). To what extent is Souad Abderrahim wrong? [Translated] The New Jorter. Retrieved from https://newjorter.com/2018/09/30/is-souad-wrong/
Carnegie Endowment for International Peace. (2018). [Infographics displaying the results of Tunisia’s elections]. Results from Tunisia’s 2018 municipal elections: Resource page. Retrieved from https://carnegieendowment.org/2018/08/15/results-from-tunisia-s-2018-municipal-elections-pub-77044
Carnegie Endowment for International Peace. (2018a). Interview with Mayor of Tunis Souad Abderrahim. Retrieved from https://carnegieendowment.org/sada/78183
Cargnelutti, F. (2018). Tunisia’s slow but steady march towards gender equality. Equal Times. Retrieved from https://www.equaltimes.org/tunisia-s-slow-but-steady-march#.XQJgiFxKi1s
Charrad, M. M., & Zarrugh, A. (2014). Equal or complementary? Women in the new Tunisian constitution after the Arab Spring. The Journal of North African Studies, 19(2), 230-243
Clark, J., Dalmasso, E., & Lust, E. (2017). Not the only game in town: Local-level representation in transitions. The Program of Governance and Local Development at Gothenburg, Working Paper No. 15. Retrieved from http://gld.gu.se/media/1325/lust-dalmasso-clark-final.pdf
Clark, J., Şaşmaz, A., & Blackman, A. (2018). List fillers or future leaders? Female candidates in Tunisia’s 2018 municipal elections. Democracy International. Retrieved from http://democracyinternational.com/media/Policy%20Brief_Gender.pdf
Crowe, P. (2018). Tunisians wonder what their first female mayor will do for women. PRI. Retrieved from https://www.pri.org/stories/2018-10-26/tunisians-wonder-what-their-first-female-mayor-will-do-women
de Silva de Alwis, R., Mnasri, A., & Ward, E. (2017). Women and the making of the Tunisian constitution. Berkeley Journal of International Law (BJIL), 35, 90. Retrieved from https://ssrn.com/abstract=2983803
Fenster, T. (2005). The right to the gendered city: Different formations of belonging in everyday life. Journal of Gender Studies, 14(3), 217-231. Retrieved from https://doi.org/10.1080/09589230500264109
Feuer, S. (2018). Supporting Tunisia’s moves toward local governance. The Washington Institute for Near East Policy: Policy Analysis. Retrieved from https://www.washingtoninstitute.org/policy-analysis/view/supporting-tunisias-moves-toward-local-governance
Grewal, S. & Cebul, M. (2018). What does Tunis think of its first female mayor? The Carnegie Endowment for International Peace. Retrieved from https://carnegieendowment.org/sada/76810
Habitat International Coalition. (2005). Proposal for a charter for women’s right to the city. Retrieved from www.hic-net.org/articles.php?pid=1685
Harvey, D. (2008). The right to the city. New Left Review, 2(53): 23-40. Retrieved from https://newleftreview.org/issues/II53/articles/david-harvey-the-right-to-the-city
Inter-Parliamentary Union (IPU). (2019). Women in national parliaments. Retrieved from http://archive.ipu.org/wmn-e/classif.htm
Kapitalis. (2019). al-Aʿlān ʿan ḥizma min al-qararāt tahimma al-shaʾn al-baladī wa-l-maḥalī. Retrieved from http://www.kapitalis.com/anbaa-tounes/2019/03/26/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%86-%D8%B9%D9%86-%D8%AD%D8%B2%D9%85%D8%A9-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%AA%D9%87%D9%85%D9%91-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%A3%D9%86/
Keiser, L. R., Wilkins, V. M., Meier, K. J., & Holland, C. A. (2002). Lipstick and logarithms: Gender, institutional context, and representative bureaucracy. American Political Science Review, 96(3), 553-564. Retrieved from http://orca.cf.ac.uk/40328/1/Kaiser%202002.pdf
Litvak, J., Ahmad, J., & Bird, R. (1998). Rethinking decentralization in developing countries. The World Bank. Retrieved from http://documents.worldbank.org/curated/en/938101468764361146/pdf/multi-page.pdf
Meier, G. M. (1993). The new political economy and policy reform. Presented at a DSA conference. Retrieved from https://doi.org/10.1002/jid.3380050404
Meier, K. J., & Nicholoson-Crotty, J. (2006). Gender, representative bureaucracy, and law enforcement: The case of sexual assault. Public Administration Review, 66(6), 850-860. Retrieved from https://www.jstor.org/stable/4096602
National Democratic Institute (NDI). (2011). Final report on the Tunisian National Constituent Assembly Elections. NDI: Mission d’Observation Internationale Tunisie. Retrieved from https://www.ndi.org/sites/default/files/tunisia-final-election-report-021712_v2.pdf
National Institute of Statistics. (2012). Measuring poverty, inequalities and polarization in Tunisia: 2000-2010. Statistiques Tunisie. Retrieved from https://www.afdb.org/fileadmin/uploads/afdb/Documents/Project-and-Operations/Measuring_Poverty_Inequalities_and_Polarization_in_Tunisia_2000-2010.PDF
Ordu, A. U., Ncube, M., Kolster, J., & Vencatachellum, D. J. M. (2011). The revolution in Tunisia: economic challenges and prospects. AfDB, Economic Brief. Retrieved from https://www.afdb.org/fileadmin/uploads/afdb/Documents/Publications/North%20Africa
%20Quaterly%20Analytical%20Anglais%20ok_North%20Africa%20Quaterly%20Analytical.pdf
Pickard, D. (2012). The current status of constitution making in Tunisia. Carnegie Endowment for International Peace. Retrieved from https://carnegieendowment.org/2012/04/19/current-status-of-constitution-making-in-tunisia-pub-47908
Sadiki, L. (2019). Regional development in Tunisia: The consequences of multiple marginalization. Brookings Doha Center Publications. Retrieved from https://www.brookings.edu/research/regional-development-in-tunisia-the-consequences-of-multiple-marginalization/
Şaşmaz, A. (2018). Who really won Tunisia’s first democratic local elections? The Washington Post. Retrieved from https://www.washingtonpost.com/news/monkey-cage/wp/2018/06/01/who-really-won-tunisias-first-democratic-local-elections/?utm_term=.b5a975175357
Schwindt-Bayer, L. A. (2010). Political power and women’s representation in Latin America. New York: Oxford University Press
Sowa, J. E., & Selden, S. C. (2003). Administrative discretion and active representation: An expansion of the theory of representative bureaucracy. Public Administration Review. Retrieved from https://doi.org/10.1111/1540-6210.00333
Tunisian Code on Local Authorities. (2018). Retrieved from http://www.collectiviteslocales.gov.tn/wp-content/uploads/2018/02/cadre-juridique-lois-2018.pdf
Tunisia’s Constitution of 2014. Retrieved from https://www.constituteproject.org/constitution/Tunisia_2014.pdf
United Cities and Local Governments (UCLG). (2007). Tunisian republic. Retrieved from https://www.gold.uclg.org/sites/default/files/Tunisia_0.pdf
United Cities and Local Governments (UCLG). (2012). Women in local decision making: Leading global change. UCLG Briefing Note: Contributions to the High Level Panel, London. Retrieved from https://www.uclg.org/sites/default/files/LG%20brief%20on%20Women%20in%20local%20Decision%20making-Octobre%202012_FINAL_R.pdf
UN Women. (2018). Historic leap in Tunisia: Women make up 47 percent of local government. Retrieved from: http://www.unwomen.org/en/news/stories/2018/8/feature-tunisian-women-in-local-elections
UN Women. (2016). Progress of the world’s women 2015-2016: Transforming economies, realizing rights. Retrieved from http://progress.unwomen.org/en/2015/pdf/UNW_progressreport.pdf
UN Women. (n.d.). Gender mainstreaming. Retrieved from https://www.un.org/womenwatch/osagi/gendermainstreaming.htm
Walles, J. (2018). Risk or opportunity? Diwan: Middle East Insights from Carnegie. Retrieved from https://carnegie-mec.org/diwan/75979
Wampler, P., & McNulty, S. L. (2011). Does participatory governance matter? Exploring the nature and impact of participatory reforms. Comparative Urban Studies Project, Woodrow Wilson Center for International Scholars. Retrieved from https://www.wilsoncenter.org/sites/default/files/CUSP_110108_Participatory%20Gov.pdf
Wilkins, V. M., Keiser, L. R. (2006). Linking passive and active representation by gender: The case of child support agencies. Journal of Public Administration Research and Theory, 16(1), 87-102. Retrieved from https://doi.org/10.1093/jopart/mui023
Yerkes, S., & McKeown, S. (2018). What Tunisia can teach the United States about women’s equality. Carnegie Endowment for International Peace. Retrieved from https://carnegieendowment.org/2018/11/30/what-tunisia-can-teach-united-states-about-women-s-equality-pub-77850
Young, I. M. (1989). Polity and group difference: A critique of the ideal of universal citizenship. Ethics, 99(2), 250-274. Retrieved from https://www.jstor.org/stable/2381434
The content of this website is licensed by TADAMUN: The Cairo Urban Solidarity Initiative under a Creative Commons Attribution-NonCommercial-ShareAlike 3.0 Unported License
Comments