فى أواخر يونيو، أعرب رئيس الوزراء “إبراهيم محلب” عن تأييده لفكرة اقترحها سكان المعادى لتحويل شارع ٩ إلى طريق مخصص للمشاة. المعادى هى إحدى الضواحى الأنيقة التى لا تبعد كثيرا عن قلب العاصمة وهى تعرف بالخضرة والهدوء المرورى إلى حد ما وتستلهم التخطيط البريطانى الذى يركز على الحدائق. أما شارع ٩ فهو شارع يمر على امتداد خط المترو المجاور وقد تم تطويره عبر العامين الماضيين ليصبح أحد أهم شوارع المعادى شعبيا وتجاريا. بدأت عملية إغلاق الشارع فى أوائل أغسطس ويتم غلق الشارع فى الوقت الحالى أيام الخميس والجمعة والسبت من كل أسبوع.
قام بعضنا فى “تضامن” بزيارة شارع ٩ مساء أحد أيام الخميس، وكان تأثير إغلاق الشارع فوريا وممتعا. من النادر أن يسعد المرء بفرصة للنزهة فى أى شارع فى القاهرة بدون أن يضطر لتفادى المارة والسيارات والشاحنات والميكروباصات والموتوسيكلات فى كل لحظة. ولكن هنا كان الناس يتمشون براحتهم على الطريق الذى تم رصفه مؤخرا، وهو ما أعطى للشارع حيوية وهدوءا تماثل ما نراه فى متنزهات حديقة الأزهر.
يستحق رئيس الوزراء بعض التقدير لدعمه للمشروع: وقد كانت الفكرة جيدة تماما. وتحتاج مدن مصر إلى أفكار أخرى من هذا القبيل. ولكن من أين تأتى تلك الأفكار؟ هل يقوم رئيس الوزراء بالسفر إلى مدن أخرى فى مختلف أنحاء البلاد كى يستمع إلى آراء السكان أو رؤساء الأحياء ويوافق على إحداث التغيرات فى النسيج العمرانى لتلك المدن مشروعا بمشروع؟ هذا أمر مستبعد. هل تقوم وزيرة الدولة للتطوير الحضارى والعشوائيات بلعب دور قاطرة الإبداع فى كل مدن مصر؟ إنها قد تحاول، ولكن لا يمكن لأى شخص بمفرده أن يصنع الكثير. هل يمكن لمدينة مثل الإسماعيلية أو بورسعيد أو الأقصر أن تحظى بالفرصة لكى تتصدر عملية الإبداع العمرانى فى مصر؟ فى غياب دعم الحكومة المركزية فإن هذا الأمر مستبعد تماما.
برغم الاهتمام الحكومى المتجدد بتحسين المدن المصرية، فإن الهيكل شديد المركزية للحكومة يكبت أى فرصة للتفكير الخلاق والإبداع العمرانى. وسوف تظل المدن المصرية متخلفة دومًا عن ركب أفضل المدن العالمية حتى يحصل السكان والأجهزة الحكومية بالمدينة على الحرية فى إعادة تشكيل مدنهم بأنفسهم. لا يتمتع أى موقع تنفيذى فى إدارة أى مدينة مصرية بالسلطة لكى ينفذ مشاريع بدون موافقة الحكومة المركزية، ولا تتمتع أى محافظة أو حى بحق إصدار تشريعات تختلف عن القوانين القومية. الأشخاص الذين يتمتعون بسلطة الإبداع فى المناطق الحضرية هم أولئك الذين يشغلون أعلى المناصب فى الحكومة المركزية. وهؤلاء عادة ما يتركز انتباههم على مسائل الأمن والاستثمار، بدون أن يعيروا الاهتمام الكافى لصحة وحيوية المدن. أما هؤلاء المخططون والمعماريون والمهندسون والمنظمات التى كرست نفسها لتحسين المدن المصرية فإنها تفتقر لأى نفوذ يذكر. ليس هناك أى مجال للتجريب أو التعلم أو إعمال الفكر.
فى استعراض سريع للبلاد الأخرى التى تواجه تحديات عمرانية تشابه تلك التى نواجهها فى مصر، سوف نكتشف أن هناك عمقًا واتساعًا لا يصدق فى مدى الابتكار العمرانى. وقد قام الخبراء الحضريون الذين يتعاونون مع السلطات البلدية أو يعملون لحسابها فى مدن مثل ساو باولو ومومباى ونيروبى وجوهانسبرج بتطوير سياسات وقوانين مبتكرة للتعامل مع قضايا متنوعة من قبيل المواصلات والإسكان والحوكمة وتنمية المجتمعات والفن والثقافة العامة والتراث. فى تلك البلاد التى تتمتع فيها المدن بسلطة تحديد مستقبلها، والتى يكون فيها رؤساء المدن ومجالس المدن قادرين على اتخاذ قرارات بشكل مستقل عن الحكومة القومية، والتى لا يقوم فيها مسؤولو الحكومات القومية بالتدخل فى السياسات المحلية، فإنك سوف تجد الآلاف من الناس، سواء فى الحكومة أوالقطاع الخاص، ينخرطون فى وضع برامج ومشاريع وتنفيذ أفكار تؤدى لتطور المدن.
أحد هؤلاء الأشخاص هو “هاييم ليرنر”، الذى انتخب ثلاث مرات رئيسا لمدينة كوريتيبا فى البرازيل. وسوف نستعرض فى هذه المقالة بعض مشاريع ليرنر الخلاقة -والمثيرة للجدل أحيانًا-، وهى مشروعات أعادت تعريف فكرة التطوير الحضرى فى البرازيل وأثرت على آلاف من المدن فى مختلف أنحاء العالم. كان ليرنر معماريًا فى الأصل إلى جانب كونه سياسيًا بارعًا، وقد تمكن من استخدام القوة والموارد المؤسسية المتاحة له، حتى فى الوقت الذى كانت فيه البرازيل تخضع لحكم دكتاتورى عسكرى، فى خلق تغيرات واسعة فى النسيج العمرانى وثقافة كوريتيبا. والآن، بعد ٣٠ سنة من قيامه بتلك الأنشطة، فإن فلسفة ليرنر الخاصة بالمدينة والابتكارات التى أقدم عليها ما زالت ماثلة فى الأذهان وما زالت تقدمية فى أفكارها، وهناك الكثير الذى يمكننا تعلمه من إنجازات ليرنر.
الخروج عن الخط التقليدى للتخطيط
كوريتيبا هى عاصمة ولاية بارانا فى جنوب شرق البرازيل. ومثلها مثل مصر، فإن البرازيل قد مرت بعدة عقود من إعادة الهيكلة الاجتماعية والاقتصادية بسبب ميكنة الزراعة ونزوح المزارعين وحركة الهجرة الكبيرة من الريف إلى الحضر التى بدأت فى الخمسينيات واستمرت حتى الثمانينات (إيرازابيل، ٢٠٠٤). ما بين عامى ١٩٥٠ و ١٩٦٠ ، تضاعف سكان كوريتيبا، وفى خلال الستينات، وصل معدل نمو السكان فى كوريتيبا إلى ٥٫١٦ ٪، وهو معدل بالغ الارتفاع. وكان الضغط الناتج عن هذا شديدا على البنية التحتية للمدينة. وقام وقتها مخططو الحكومة المبهورون بشبكة الطرقات السريعة فى برازيليا، عاصمة البرازيل الجديدة ذات الطراز الحديث، برسم خطة لتشغيل طريق سريع علوى فوق حى التسوق المركزى فى كوريتيبا وتوسيع طرق المدينة الأساسية. فى أوائل الستينات، قامت جماعة من طلاب العمارة والهندسة، كان من ضمنها هاييم ليرنر بالاحتجاج على التوسع المقترح فى الطرق السريعة على أساس أن المشروع سوف يؤدى إلى تدمير الكثير من المبانى التاريخية وطمس شخصية كوريتيبا. وقد عبرت تلك الاحتجاجات عن مشاعر سكان المدينة وقتها، والذين أحسوا أن التوسع فى الطرق السريعة لم يكن الأمر الذى تحتاجه المدينة (ماكيبين، ١٩٩٥).
المخطط الاستراتيجى العام لكوريتيبا
فى ١٩٦٤ ، طرحت الحكومة المحلية مسابقة عامة لوضع مخطط استراتيجى عام جديد لكوريتيبا تجاوبًا منها مع المشاعر الشعبية واعترافا بالحاجة الملحة لتنظيم النمو السريع فى تلك المدينة. تم تبنى المقترح الفائر فى العام التالى وقام رئيس مدينة كوريتيبا آنذاك بإنشاء “معهد كوريتيبا للدراسات العمرانية والتخطيط” للإشراف على تنمية وتنفيذ هذا المخطط. كان “زاريلا” يؤمن بأنه “ليست هناك فائدة ترجى من أن يطلب المرء من أفضل المحترفين أن يضعوا خطة بدون الاهتمام بالمتابعة السليمة … من قبل الناس الذين سوف يقومون بتنفيذ تلك الخطة. وهذا هو السر فى أن الكثير من الخطط تظل على الرف، لكون القائمين على التنفيذ لا يعرفونها أو لا يؤمنون بها.” (معهد كوريتيبا للدراسات، بدون تاريخ).
خرج المخطط الاستراتيجى العام لكوريتيبا فى سنة ١٩٦٦ عن الإطار التقليدى للتخطيط العمرانى فى منتصف القرن العشرين، وهو إطار ما زال يتحكم فى نظرة التخطيط المصرية بأكثر من طريقة. أولا، تم اتخاذ قرار واع بوضع مخطط كوريتيبا على نحو يتعامل مع كل عناصر النظام الحضرى – الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والتقنية – فى نفس الوقت، بدلا من النظر إليها وكأنها عناصر مستقلة عن بعضها البعض (شوارتز، ٢٠٠٤). وقد سمح الهيكل المؤسسى للحكومة على مستوى البلديات ودور معهد كوريتيبا للدراسات (الذى نتناوله بالتفصيل لاحقا) بمعالجة نظم المدينة على هذا النحو.
ثانيا، تضمنت الخطة مدخلا لوسائل النقل العام يعطى الأولوية لاحتياجات السكان، وليس السيارات، فى التنقل. وقد استخدمت الخطة مدخل “التنمية المعتمدة على النقل العام” من خلال وضع قواعد تحكم استخدامات الأراضي مع شبكات الطرقات والنقل العام (إيرزابيل، ٢٠٠٤). ”التنمية المعتمدة على النقل العام” هى استراتيجية تقوم فيها البلدية باستخدام قواعد توزيع ااستخدامات الأراضى لزيادة الكثافة قرب المحطات الرئيسية للنقل العام وعلى امتداد الممرات، مع إتاحة الوصول لشبكة المواصلات العامة. تلك الخطة تشجع “التنمية ذات الاستخدامات المختلطة” فى مواجهة “التنمية ذات الاستخدام الواحد” من أجل تقليل الاعتماد على السيارات وتشجيع الجمهور على التنقل على الأقدام وخلق مجتمعات مليئة بالحيوية. تضمنت الخطة أيضا سياسات أخرى هامة بخصوص إدارة التنمية وتشجيع الصناعة وتحسين بيئة المدينة.
الحوكمة المحلية والتخطيط
قبل أن نناقش إنجازات إدارة هاييم ليرنر خلال فترة ولايته كرئيس لمدينة كوريتيبا، يجب أن نفهم طبيعة الحوكمة البلدية فى البرازيل والنظام الذى كان يعمل ليرنر فى إطاره. يجب أيضا أن نفهم أنه برغم وجود حكومة مركزية قوية فإن الهياكل المؤسسية فى البرازيل تسمح بالإبتكار فى مجال التنمية العمرانية، وهو وضع يختلف عن الوضع القائم فى الهياكل المؤسسية البلدية فى مصر الآن. ولا ندعى أن النموذج البرازيلى الذى كان قائما فى ظل الدكتاتورية العسكرية كان مثاليا للتنمية العمرانية – فالواقع أن نجاح كوريتيبا كان أمرا استثنائيا. ولكن ليرنر استطاع استخدام المؤسسات القائمة لتحقيق الكثير من الإنجازات.
ما بين ١٩٦٤ و ١٩٨٥، كانت البرازيل دولة شديدة المركزية تحكمها دكتاتورية عسكرية. وكانت البلديات تدار من قبل رئيس المدينة ومجلس المدينة. كان رئيس المدينة يعتبر بمثابة القائد التنفيذى للحكومة المحلية بينما كانت المجالس تعد الفرع التشريعى. وكان كل رؤساء المدن ومجالسها ينتخبون بطريق شعبى فى معظم البلديات، بينما يتم تعيينهم من قبل الحكومة المركزية فى المدن الكبيرة وعواصم الولايات وأيضا فى البلديات الواقعة فى الأطراف والتى كانت الحكومة تسيطر عليها بشكل وثيق لأسباب أمنية (أولو، ١٩٨٢). أما فى مصر فلا توجد حكومة محلية بالمعنى الموجود فى النموذج البرازيلى. كل المستويات التنفيذية فى الإدارات الإقليمية فى مصر (من المحافظات إلى القرى) يتم تعيينها من قبل الحكومة المركزية. أما تلك المجالس المحلية المنتخبة بشكل شعبى فى مصر فهى تفتقر إلى إى سلطات تشريعية. كوريتيبا هى عاصمة ولاية بارانا، ولذلك كان يتم تعيين رئيس تلك المدينة من قبل حكومة الولاية. وقد جرت العادة على أن يتجاهل رؤساء المدن الذين تعينهم الحكومة العسكرية تلك المجالس المنتخبة ويتحاشوا المساهمة الشعبية، بينما يهتمون فى الوقت ذاته بالاستجابة لاحتياجات النخب السياسية وطبقة رجال الأعمال. وعموما كان رئيس مدينة كوريتيبا يتمتع بسلطة كبيرة فى صنع القرار والإدارة وتمويل البرامج.
هناك فارق كبير بين مصر والبرازيل فى ميدان التخطيط العمرانى والإدارة. فى حالة البرازيل فإن معظم نواحى التخطيط والإدارة العمرانيةفيما يخص شئون البلدية هى مسؤولية البلدية. وتتضمن مسؤولية البلديات أيضا النقل واستخدامات الأراضى ومواصفات البناء والتخلص من القمامة والإسكان وتنمية الحدائق والمساحات الخضراء، إلى جانب قطاعات التنمية الاجتماعية مثل التعليم ورعاية الاطفال وتحسين أحوال العشوائيات المعروفة بالفافيلا والرعاية الصحية (معهد كوريتيبا للدراسات، بدون تاريخ). أما فى مصر، فإن مسؤوليات التنمية العمرانية والاجتماعية تنقسم بين المحافظات والوزارات القومية. على سبيل المثال، هناك وحدة من “الهيئة العامة للتخطيط العمرانى” فى كل محافظة مطلوب منها أن تعد خططا عمرانية تفصيلية للمدن والقرى. تلك الوحدات نادرا ما يكون لها القدرة او الخبرة الفنية على وضع تلك الخطط، وهى تعتمد لذلك على المكاتب الاستشارية الخاصة لاستكمالها. علاوة على هذا فإن وحدات التخطيط هذه لا تملك السلطة لكى تطلع على سجلات العقارات وتسجيل الأراضى وهى مكونات هامة فى وضع خطة متكاملة. فى غضون ذلك يتم التعامل مع النقل والتعليم والصحة وتنمية المناطق غير الرسمية ووضع مواصفات البناء جميعها على مستوى الوزارات القومية (ندا، ٢٠١٤). فى ظل تلك الأوضاع، فإن خطط المدن المتكاملة ليست متكاملة على الإطلاق. وبسبب تضارب الاختصاصات بين المؤسسات، تعجز المدن عن التعامل مع التحديات التى تواجهها.١
فى كوريتيبا، كان لرئيس المدينة السلطة النهائية بشأن كل قرارات التخطيط، حيث أن منصبه يجعله رئيسا لسلطة اتخاذ القرار الأساسية فى وحدة تخطيط المدينة، وهى معهد كوريتيبا للدراسات. كان المعهد مسؤولا عن القيام بأبحات حول عناصر التخطيط الحضرى المذكورة أعلاه والقانون الحضرى للبلديات وأيضا تطوير أدوات من شأنها تنفيذ المخطط الاستراتيجى العام لكوريتيبا. وكان المعهد يشمل أيضا وحدات تتولى تنفيذ ومتابعة المشروعات التخطيطية. كان من ضمن واجبات ذلك المعهد أيضا مراجعة تخصيص الموارد وتنفيذ مشروع المدينة. وكما ذكرنا سابقا، فإن المعهد المذكور كان قد أنشىء أصلا للإشراف على تطوير المخطط الاستراتيجى العام ١٩٦٥، ولكن دوره فى الحكومة البلدية تطور بحيث أصبح كيانًا يتولى التنسيق ووضع الاستراتيجية خلال فترة رئاسة هاييم ليرنر للمدينة (وبيلر، ١٩٩٤).
وأخيرًا وليس آخرًا، فإن بلديات البرازيل، مثلها فى ذلك مثل مختلف مستويات الإدارة المحلية فى مصر، كانت تعانى من نقص الموارد، كما كانت ميزانياتها تخضع لسيطرة مشددة من قبل الحكومة العسكرية. كانت الحكومات المحلية فى البرازيل تعتمد على الحكومة المركزية فى معظم مصادر تمويلها (٧٠-٨٠ فى المائة)، وكانت تلك الموارد تخصص لاستخدامات معينة: مثل الطرق السريعة والكهرباء والتعليم والصحة والنظافة العامة، إلخ. أما باقى دخل الحكومة المحلية قكان يتم جمعه من الضرائب المحلية.
ولكن ليرنر وإدارته تمكنا من تحقيق الكثير من الإنجازات حتى فى ظل تلك القيود المالية. لم يكن ذلك بسبب أنه كان يطلب وزير المالية بالتليفون لكى يعطيه موارد إضافية. ولابد أن نتذكر هنا أن كوريتيبا هى من أغنى المدن فى البرازيل، ولكن الحرص فى أساليب الإنفاق كان من الخصائص المميزة للكثير من المشاريع والبرامج التى انجزها ليرنر وطاقمه. كان ضعف موارد الحكومة المحلية مصدر إلهام بالنسبة لليرنر. لقد آمن بأن “الإبداع يبدأ عندما تحذف صفرا من ميزانيتك” (ليرنر، ٢٠٠٧)، وقد تخلى عن استخدام الخبراء الاستشاريين لأن حلولهم هى فى العادة مكلفة ومعقدة (ماكمانوس، ٢٠٠٦). ليس القصد هنا هو الترويج لأفكار الساسة المحافظين الذين ينصحون “بالقيام بما هو أكثر باستخدام ما هو أقل” أو تبرير قرار الحكومة المركزية بإعطاء البلديات أقل مما تحتاجه. ولكننا نود ببساطة التركيز على أن وجود البيئة المؤسسية المناسبة يمكنه أن يقود إلى الإبداع والتفكير الخلاق.
هاييم ليرنر
شغل ليرنر منصب رئيس مدينة كوريتيبا ثلاث مرات، كان فى مرتين منها معيّنا من قبل النظام العسكرى (١٩٧١-١٩٧٥ و ١٩٧٩ – ١٩٨٣) وفى مرة واحدة منتخبا (١٩٨٩-١٩٩٢). فى خلال شغله لهذا المنصب، وضع ليرنر أسس ثقافة للتخطيط اتبعها كل رؤساء مدينة كوريتيبا اللاحقين وقام آخرون فى مختلف مناطق البرازيل بتقليدها (هوكين وآخرون، ١٩٩٩). يعود جانب من نجاح ليرنر كرئيس مدينة إلى تقليل سيطرة الحكومة المركزية على سياسات وبرامج كوريتيبا. بصفته معينا من قبل الجيش، كان ليرنر قادرا على تمرير برامج غير رائجةأو مشروعات أحس أنها تفيد السكان، واستطاع أن يعمل بسرعة للحد من قدرة المصالح القوية فى المدينة على معارضته. وقد اكتسب ليرنر قوته السياسية إلى حد ما بسبب أجندته الحضرية وتحالفاته السياسية. لقد تعاون مع مصالح الشركات حول أجندة حوكمة موالية للنمو وتتضمن سياسات لتوسيع وجذب الصناعات بهدف تحفيز النمو الاقتصادى فى المدينة (إيرازابال، ٢٠٠٤)، ولكنه أيضا أعطى أولوية واضحة للبرامج التى تفيد الفقراء.
معرفة ليرنر الكاملة بشوارع كوريتيبا دفعته إلى “التخطيط من أجل الناس وليس من أجل …الهياكل الاقتصادية” فى المدينة (ليرنر، ٢٠٠٦). وقد وصف البعض ليرنر بأنه كان مثل “شعلة أفكار، يشع طاقة هائلة وملهمة ولديه احساس قوى بالقدرة على الانجاز يقارب الغطرسة” (لوبو، ٢٠٠٧). وقد نفذ اجندته على نطاق واسع بشكل غير متصور وأحاط نفسه بطاقم مرتفع الكفاءة والقدرات التقنية، كما كان يعمل بسرعة هائلة.
يقوم ليرنر بتعريف ثلاثة قضايا رئيسية فى المدن يجب أن يتعامل معها المخططون من أجل خلق مدينة ناجحة: القدرة على التنقل، والاستدامة، والهوية. وكان يحتقر المشاريع الكبيرة التى عادة ما تطرح فى سياق التخطيط الحداثى، وعلى العكس من هذا تبنى أسلوبا تجريبيا ورخيصا للتخطيط أسماه “الوخز بالإبر”. هذا الوخز بالإبر يعنى القيام بعمل سريع يتضمن تدخلا قويا فى نقطة معينة فى المدينة من أجل تخفيف التوتر بها وإرسال شحنة إيجابية إلى المناطق المحيطة بها (ليرنر، ٢٠٠٦). وسوف نعطى بعض الأمثلة على هذا الوخز بالإبر لاحقا. بفضل هذا الاسلوب أصبح ليرنر نموذجا نادرا للقادة البلديين وتمكن من تغيير مدينته بسرعة فائقة من أجل تحقيق رؤيته (واشبورن، ٢٠١٣).
ذلك النطاق الواسع لإنجازات كوريتيبا فى ظل إدارة ليرنر كان جديرا بالإعجاب. لقد أنشأت إدارته أول مركز تسوق مخصص تماما للمشاة فى البرازيل، وذلك فى الحى التجارى الرئيسى فى المدينة، كما أقامت أول “نظام النقل السريع بالأتوبيسات”، وأقامت منطقة صناعية مخصصة للصناعات غير الملوثة للبيئة، وبحلول عام ٢٠٠٣ كانت تلك الصناعات تمثل ٢٠ فى المائة من صادرات البرازيل (شوارتز، ٢٠٠٤). وقد بدأت إدارته فى تنفيذ أجندة نشطة لإقامة الحدائق وحولت المناجم القديمة ومقالب القمامة إلى مساحات عامة.٢ قامت إدارته أيضا بجهود دؤوبة للحفاظ على التراث المعمارى لكوريتيبا، وذلك عن طريق استخدام المبانى القديمة لاستضافة المؤسسات الثقافية والحفاظ على هوية المدينة. وقام ليرنر أيضا بالتركيز على العدالة فى أجندة الإدارة الحضرية. وقامت البلدية بتخصيص مساحات كبيرة من الأراضى للإسكان الرخيص بقرب خطوط المواصلات العامة وأماكن العمل، وقدمت العون التقنى للسكان لكى يتولوا بناء وتصميم منازلهم بأنفسهم. قامت البلدية أيضا بإنشاء برنامج لإعادة التدوير حقق معدلا من أعلى معدلات إعادة التدوير فى العالم وأصبح مصدرا منتظما للدخل لفقراء المدينة (شوارتز، ٢٠٠٤).
يمكن لمخططى الحكومة فى مصر أن يتعلموا الكثير مما قام به ليرنر وإدارته فى كوريتيبا. وهناك مشروعان على وجه التحديد لهما أهمية خاصة لمصر، وهما نظام النقل السريع بالأتوبيسات فى كوريتيبا وتحسين مساكن الفقراء.
نظام النقل السريع بالأتوبيسات
تعتبر كوريتيبا رائدة فى النقل العام فى عصر يتميز بسيطرة السيارات الخاصة. قام المخطط الاستراتيجى العام لسنة ١٩٦٦ باتباع مبادىء التنمية المعتمدة على النقل العام، وقد استخدم ليرنر وطاقمه تلك المبادىء فى بناء نظام نموذجى للنقل العام. لقد أدركوا أن نوعية حياة السكان تعتمد على قدرتهم على الحصول على فرص للعمل والتعليم وأحياء سكنية وأسواق وغيرها من المرافق فى مختلف أنحاء المدينة وليس بالضرورة فى الحى الذي يعيشون به. وبعبارة أخرى فإن نوعية الحياة تتوقف على قدرة السكان على التنقل داخل المدينة. وهو ما يعنى ضرورة وجود نظام للنقل العام مرتفع النوعية وقليل الكلفة يسمح للسكان بالتنقل بسهولة داخل مدينتهم. وقد فهم مخططو كوريتيبا أيضا أن نظام النقل العام يمكنه أن يصبح عماد التنمية، كما يمكنه فى ظل قوانين خاصة لاستخدام الأراضى أن يقود نمو المدينة ويحافظ على قلب المدينة التاريخى (رابينوفيتش، ١٩٩٢).
أهم ما فى هذا النظام هو تشجيعه للنمو المادى للمدينة على امتداد خطوط مستقيمة تضم طرقا بها حارات مخصصة للأتوبيسات السريعة. تلك الحارات كان الهدف منها هو جذب العمالة بعيدا عن مركز المدينة التاريخى من أجل ترك المركزالتاريخى لاستخدام المشاة والحفاظ على التراث البنائى للمدينة. تم تنفيذ أول عناصر نظام النقل العام فى 1973، وذلك على امتداد محور المدينة الشمالى-الجنوبى. وعلى مدى العشرين سنة التالية تم إنشاء ثلاث ممرات أخرى شرقا وغربا، يضم كل منها طريقا سريعا به ثلاثة حارات. والحارة الوسطى من الطريق كانت مخصصة للأتوبيسات فحسب. وبمرور الوقت تمت إضافة خطوط أتوبيسات ثانوية تمر داخل الأحياء السكنية وتأتى بالركاب إلى المحطات الرئيسية للنقل العام الواقعة على الطرق الرئيسية. (رابينوفيتش، ١٩٩٢).
فى الثمانينات، قامت الحكومة بوضع محطات ركوب زجاجية على طرق الأتوبيس الرئيسية على غرار أرصفة المترو لتقصير الوقت الذى تقفه الأتوبيسات فى المحطة. تلك المحطات المغلقة مرتفعة عن سطح الأرض وبها كمسارى فى كل طرف منها لتحصيل قيمة التذاكر حتى لا يحتاج الركاب لدفع وهم يركبون الأتوبيس. تلك المحطات كانت تخدم فقط الأتوبيسات على الطريق الرئيسى. أما الركاب فى الخطوط الثانوية فيتم توصيلهم إلى نقطة قريبة منها. وكانت أبواب المحطة والأتوبيس تفتح بشكل متزامن لتسمح للركاب بالدخول والخروج بسرعة وكفاءة. تم أيضا اتباع نظام للتعريفة الموحدة يسمح باستخدم الرحلات القصيرة التى تقوم بها الطبقات المتوسطة لدعم الرحلات الأطول التى يستخدمها الركاب الأقل دخلا والذين يعيشون عادة على مسافة بعيدة عن قلب المدينة (هوكين ولوفينز ولوفينز، ١٩٩٩). فى العام الأول من تلك العملية، استطاع نظام الأتوبيسات هذا نقل ٢٥٫٠٠٠ راكبا يوميا. وبعدها بثمانى سنوات، فى ١٩٨٢، كان ينقل ٧٧٤٫٠٠٠ راكب يوميا (رابينوفيتش وهويهن، ١٩٩٥). وفى ٢٠٠٧، قام النظام بنقل ١٫٣ مليون راكب يوميا (جودمان وآخرون، ٢٠٠٧) فى مدينة بها ١٫٨ مليون شخص (كوريتيبا، بدون تاريخ)، كل هذا بدون استخدام أى دعم حكومى (لوبو، ٢٠٠٧).
لاستكمال نظام النقل السريع بالأتوبيسات وتوجيه النمو فى المدينة، قام ليرنر ومعهد كوريتيبا للدراسات بتبنى قوانين مشددة لاستخدامات الأراضى. قامت تلك القوانين بتشجيع النمو العمرانى بكثافة على امتداد ممرات النقل العام، حيث سمحت بأعلى درجة من الكثافة فى الملكيات القريبة من الممرات، وارتفعت بنسبة مسطح البناء للأرض أي تجميع مساحات الأدوار المبنية- إلى ٦ مرات مساحة الأرض التى يشغلها المبنى.٣ وتقل تلك الكثافة تدريجيا كلما ابتعدت المبانى عن ممر المواصلات. كما وضعت المدينة قيودا على نمو منطقة وسط المدينة لكى تدفع بالتنمية إلى ممرات النقل العام وتحافظ على المبانى التاريخية وهوية حى وسط المدينة (رابينوفتيش وهويهن، ١٩٩٥)
كان نظام النقل السريع بالأتوبيسات فى كوريتيبا هو الأول من نوعه فى العالم. وقد أدى نجاحه إلى تعميم تلك التجربة فى عشرات من المدن المتنوعة مثل أستنبول فى تركيا وبوجوتا فى كولومبيا ولاهور فى باكستان وأميداباد فى الهند ونيويوك فى الولايات المتحدة. وفى يوليو ٢٠١٤، أصدر برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية نداء لتطوير ممرات للنقل السريع بالأتوبيسات فى القاهرة.
توفير المساكن للفئات المنخفضة الدخل
فى منتصف القرن العشرين، شهدت البرازيل هجرة واسعة من الريف إلى الحضر مما سبب ضغوطا على البنى التحتية والخدمات فى المدن. و مثلما هو الحال فى مصر، فإن نقص المساكن الرخيصة المتاحة للسكان الجدد فى المدن تسبب فى مولد الفافيلا. وقد كان ليرنر وطاقمه فى معهد كوريتيبا للدراسات على وعى بالطبيعة الاقصائية لسوق العقارات واتخذوا من الإجراءات ما يكفل توفير الأراضى السكنية فى مناطق سكنية مرغوبة للفئات ذات الدخل المنخفض فى كوريتيبا. واعترافا منهم بعدم توفر الموارد المالية لدعم السكن للفئات الفقيرة، فإنهم تبنوا برنامجا تدريجيا للإسكان يتولى فيه السكان بناء منازلهم بأنفسهم.
وبشكل عام، قام معهد كوريتيبا للدراسات بانتهاج أسلوب التخطيط متعدد الاستخدامات الذى تضمنه المخطط الاستراتيجى العام لسنة ١٩٦٦، وذلك بإتاحة وحدات رخيصة وصغيرة للسكن فى مختلف أنحاء المدينة تحقيقا للعدالة وتشجيعا للإندماج الاجتماعى. كما قامت المدينة أيضا بتدشين سياسة جديدة “لبنوك الأراضى” قامت من خلالها بشراء الأراضى الرخيصة لأغراض الإسكان الاجتماعى قبل أن ترتفع أسعار الأراضى بسبب الإقدام على استثمارات جديدة وعمليات للتنمية. وللحد من المضاربة على العقارات، قام مخططو كوريتيبا بتقديم المعلومات بشأن تخطيط استخدامات الأراضى ومواصفات البناء للجمهور باستخدام نظام (GIS) لتحديد المواقع، حيث أن المضاربين على العقارات هم فى العادة المستفيد الأول من إخفاء مثل تلك المعلومات (هوكين وآخرون، ١٩٩٩).
عندما أدخل معهد كوريتيبا للدراسات نظام النقل السريع بالأتوبيسات إلى المدينة، أدى هذا إلى زيادة كبيرة فى أسعار الأراضى على امتداد ممرات النقل العام. وحصل مالكو العقارات على امتداد الممرات على مكاسب رأسمالية بسبب البنية التحتية الجديدة وأيضا بسبب الزيادة فى الكثافة البنائية المسموح بها.٤ ولو كان هذا الأمر متروكا لقوى السوق فإنه بمرور الوقت يتم إقصاء السكان منخفضى الدخل من المناطق القريبة من نظام النقل السريع بالأتوبيسات. ولمكافحة المنهج الإقصائى لقوى السوق العقارية والمضاربين وضمان الإتاحة العادلة لنظام النقل العام، باعت المدينة لشركات البناء حقوق الكثافة البنائية الخاصة بالأراضى التى تزيد كثافتها البنائية بما يوازى 75 فى المائة من سعر السوق. وقد سمحت سلطات المدينة بدفع مقابل حقوق الكثافة البنائية نقدا أو عينا فى مناطق أخرى من المدينة.٥ ثم استخدمت سلطات المدينة تلك العوائد فى توفير البنية التحتية للأراضى وأيضا فى شراء مساحات شاسعة من الأراضى على الطريق المخصص للممرات، ثم خصصت تلك الأراضى لمشروعات الإسكان الرخيص من أجل ضمان الإتاحة العادلة للمواصلات العامة للسكان منخفضى الدخل (هوكين وآخرون، ١٩٩٩).
فى خلال السبعينات والثمانينات من القرن الماضى، أدى استمرار هجرة السكان إلى المدينة إلى وضع ضغوط على سوق الإسكان فى المدينة ونقص المعروض من المساكن الرخيصة إلى حد كبير. عندها قامت المدينة بتنفيذ برنامج جديد مرن وتدريجى للتنمية فى أوائل التسعينات، أى فى خلال الفترة الأخيرة التى قضاها ليرنر فى رئاسة المدينة، بهدف إسكان ٣٠٫٠٠٠ عائلة مهاجرة. تضمن هذا البرنامج تقديم قطعة أرض لكل أسرة ومواد للبناء وأيضا جلسة استشارية مدتها ساعة مع معمارى. اعتمدت تلك المبادرة على المهارات البنائية للمهاجرين فى بناء منازلهم بأنفسهم وبشكل تدريجى، أى غرفة غرفة، كلما أتيح لهم بعض المال. وكانت الأراضى التى تم إعطاؤها للمهاجرين منخفضى الدخل تتمتع بسهولة الوصول إلى نظام النقل العام (هوكينيت وآخرون، ١٩٩٩).
الخلاصة
كان من أوائل إنجازات ليرنر الهامة كرئيس لمدينة كوريتيبا تحويل الشارع الرئيسى فى وسط تلك المدينة إلى منطقة مخصصة للمشاة. ومثلما اغلق رئيس الوزراء محلب شارع ٩ فى المعادى، فإن ليرنر تصرف بدون استشارة الجمهور وكان يؤمن بشدة بميزات المشروع. وبرغم المقاومة المبدئية للمشروع من السكان والبائعين، فإنه كان على ثقة من أنهم سوف يحبون منطقة المشاة لو أتيحت لهم فرصة الحياة بها. واتضح أن ليرنر كان على حق. والآن فإن شارع “كوينسا نوفيمبرو” هو من أكثر شوارع أمريكا الجنوبية نجاحا كمنطقة تسوق للمشاة. وربما يتمتع شارع ٩ فى المعادى أيضا بنفس الدرجة من النجاح.
ولكن هناك فارق بين قرارات رئيس المدينة ليرنر ورئيس الوزراء محلب. من جهة، كانت فكرة خلق منطقة مخصصة للمشاة لكوريتيبا قد وردت فى المخطط الاستراتيجى العام لتلك المدينة لسنة ١٩٦٦. ومنطقة المشاة تلك كانت تتناغم تماما مع أفكار التنمية المعتمدة على النقل العام والتنمية المتعددة الاستخدامات والحفاظ على وسط المدينة والهوية المعمارية لكوريتيبا، وهى الأفكار التى كانت عماد المخطط الاستراتيجى العام لسنة ١٩٦٦، وهو مخطط تم وضعه خلال نقاش مع الجمهور. كانت الفكرة إذن هى أحد العناصر ضمن رؤية استراتيجية أوسع لمدينة تسعى لتطوير التنمية التشاركية والإتاحة المتكافئة للمساحات العامة والنقل العام.
أما قرار رئيس الوزراء محلب فلم يكن مرتبطا بأى مخطط أوسع. لقد كانت فكرة محلية، وهى فكرة محلية جيدة نالت تأييد رئيس الحى الذى قدم الفكرة لرئيس الوزراء. وقد وافق رئيس الوزراء على الفكرة وطلب من رئيس الحى أن يبدأ بالعمل على الفور. ولو لم يكن رئيس الوزراء قد وافق على الفكرة لتعذر تنفيذها.
لماذا تتطلب الأفكار المبتكرة فى مدننا موافقة رئيس الوزراء أو مسؤول حكومى آخر رفيع المستوى؟ لماذا لا يكون لرئيس الحى السلطة لتنفيذ الأفكار الجديدة التى يؤيدها المجتمع؟ لماذا يعتمد مستقبل مدننا على الحكومة المركزية؟
الكثير من مخططى الحكومة المركزية فى مصر لديهم ولع بالمشاريع الكبيرة والخطط القومية وهى مشاريع مكلفة للغاية وأحيانا مستحيلة التنفيذ. وهم لا ينظرون إلى المدن بصفتها كيانات ديناميكية ولكن على العكس من ذلك، فإن الهيكل المؤسسى للحكومة يرغم المخططين على التركيز على قطاعات منفردة داخل النظام العمرانى. والنتيجة هى أن الخطط تأتى مفككة وينقصها التناسق ولا تحمل أملا كبيرا فى المستقبل. ليست هناك مدينة فى مصر لديها الحرية فى تحدى الوضع القائم، بل عليها أن تقف ساكنة حتى يصلها رئيس الوزراء.
المصادر
- كوريتيبا. (بدون تاريخ).
Curitiba. (No Date). “City Profile.”Portal da Prefeitura de Curitiba.Accessed 27 August 2014.Link
- جودمان وآخرون. ٢٠٠٧.
Goodman, J. and M. Laube, J. Schwenk. (2007). “Curitiba’s Bus System is Model from Rapid Transit.” Race, Poverty and the Environment. 12:1, 75-76. Accessed 27 August 2014.Link
- هوكين وآخرون. ١٩٩٩.
Hawken, P., Lovins, A., & Lovins, L. H. (1999). Natural Capitalism: Creating the Next Industrial Revolution. Little, Brown and company.
- هدسون، ر. ١٩٩٧.
Hudson, R. (1997). Brazil: A Country Study. Federal Research Division, Library of Congress, Washington, DC. Accessed 26 August 2014.Link
- معهد كوريتيبا للدراسات. (بدون تاريخ)
IPPUC. (no date). The Creation of IPPUC. Retrieved from Instituto de Pesquisa Planejamento Urbano de Curitiba. (Link)
- إيرازابال، ك. ٢٠٠٤.
Irazabal, C. (2004). City Making and Urban Governance in the Americas; Curitiba and Portland. Antony Rowe Ltd, Chippenham, Wiltshire.
- الاتحاد الدولى للسلطات المحلية. ١٩٧٨.
I.U.L.A. (1978).Local Government Finance, International Union of Local Authorities. The Hague, the Netherlands.
- ليرنر، هـ . ٢٠٠٤
Lerner, J. (2004). “Biografia.”Jaimelerner.com Accessed 28 October 2009. (Link)
- ليرنر، هـ . ٢٠٠٦.
Lerner, J. (2006). “Forward.” State of the World 2007: Our Urban Future.Worldwatch Institute. Accessed 27 August 2014. (Link)
- ليرنر، هـ . ٢٠٠٧.
Lerner, J. (2007).”Jaime Lerner Sings of the City.” TED.com. [VIDEO] Accessed 26 August 2014. (Link)
- لوبو، أ. ٢٠٠٧.
Lubow, A. (2007). “Recycle City: The Road to Curitiba.” New York Times.Accessed 27 August 2014. (Link)
- ماكيبين، ب. ١٩٩٥.
McKibben, B. (1995). Hope, Human and Wild. New York: Little Brown and Company.
- ماكمانوس، ر. ٢٠٠٦.
McManus, R. (2006). “Imagine a City with 30 Percent Fewer Cars.” Sierra. 91:1: January/February
- ندا، محمد. ٢٠١٤.
Nada, Mohamed. (2014). “The Politics and Governance of Implementing Urban Expansion Policies in Egyptian Cities.” Égypte/Monde arabe Third Series, 11.Accessed 18 June 2014. (Link)
- أولو، د. ١٩٨٢.
Owolu, D. (1982). “Local Government Innovation in Nigeria and Brazil: a comparative discussion of innovational transfers and intergovernmental relations.” Public Administration and Development. 2:345:357.
- رابينوفيتش، هـ. ١٩٩٢.
Rabinovitch, J. (1992).”Curitiba: Towards Sustainable Urban Development.”Environment and Urbanization 4: 62-73.
- رابينوفيتش وهويهن. ١٩٩٥.
Rabinovitch, J. and J. Hoehn. (1995).A Sustainable Urban Transportation System: The “Surface Metro” in Curitiba, Brazil. Working Paper No. 19.United Nations Development Programme, New York, NY.Accessed 27 August 2014. (Link)
- تلايا و بيلر. ١٩٩٤.
Tlaiye, L., andD. Biller (1994). Successful Environmental Institutions: Lessons From Colombia and Curitiba, Brazil. The World Bank, Latin Amenca Technical Department, Environmental unit.
- واشبورن، أ. ٢٠١٣.
Washburn, A. (2013). The Nature of Urban Design; A New York Perspective on Reselience. Islandpress
١.تشمل الكيانات القومية المسؤولة عن التخطيط العمرانى فى مصر: الهيئة العامة للتخطيط العمرانى ووزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية وهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة وهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة ووزارة الدولة للتطوير الحضارى والعشوائيات ووزارة النقل. وهناك كيانات أخرى معنية بالجوانب الاجتماعية مثل وزارة التعليم ووزارة الصحة والإسكان وصندوق التنمية الاجتماعية.
٢.أحد المبانى المميزة فى كورتييبيا هو “دار أوبرا الأسلاك” التى بنيت فى موقع منجم مهجور. وبأسلوب ليبرنر المميز، تم تصميم تلك الدار وبنائها وافتتاحها خلال شهرين فحسب. يمكنك مطالعة بعض الصور على هذا الرابط:
٣.تقاس الكثافة بنسبة مسطحات البناء إلى مساحة الأرض التى يشغلها المبنى. مثلا، لو أن هناك مبنى ارتفاعه أربعة طوابق ومساحة المسطحات المبنية به تساوى 2,000 متر مربع على قطعة أرض مساحتها ٨٠٠ متر مربع، فإن نسبة مسطح البناء للأرض هو ٢.٥. ولو كان المبنى المذكور من طابق واحد ومساحة المسطحات المبنية به ٥٠٠ متر فإن نسبة مسطح البناء للأرض فى تلك الحالة يبلغ ٦.٢٥.
٤.تتحقق المكاسب الرأسمالية عندما يحدث لعقار يقع فى سوق مربح للعقارات أن “يتحسن استخدامه”. على سبيل المثال، لو كانت هناك أرض كانت نسبة مسطح البناء للأرض بها تبلغ 1 فإنه فى سوق عقارية مربحة سوف تزيد قيمته لو أصبح نسبة مسطح البناء للأرض قدره 4، وسوف يصبح مالك الأرض قادرا على زيادة مسطحات البناء أربعة أضعاف على نفس الأرض وهو ما يرتفع بقيمة الأرض.
٥.هناك فارق كبير بين هذه الحالة وحالة بيع الحكومة المصرية لأراض ملك الدولة فى المناطق المحيطة بالقاهرة، وهو أن عائد بيع الأراضى فى مصر يستخدم لدعم ميزانية الدولة، فى حين ان حصيلة بيع حقوق البناء فى كوريتيبا تم استثمارها فى المدينة ذاتها.
The content of this website is licensed by TADAMUN: The Cairo Urban Solidarity Initiative under a Creative Commons Attribution-NonCommercial-ShareAlike 3.0 Unported License
Comments
Trackbacks