أصبحت الأسئلة المتعلقة بأهمية الأماكن العامة الحضرية نقاط نقاش رئيسية في المدن وبشأنها خلال السنوات القليلة الماضية. وعمل الاحتلال الثوري لميدان التحرير في القاهرة، وسيطرة ’حركة احتلال الأماكن العامة‘ على حديقة زيكوتي في نيويورك في عام 2011، إضافة إلى احتجاجات حديقة جيزي في إسطنبول في عام 2013، على إثارة هذه القضايا على نحو بارز. وفي الكويت أيضاً، ثمة دلائل بأن حق الجمهور في الوصول إلى الأماكن الحضرية العامة بات يترسخ ببطء في الوعي الحضري للناس. فمن قرار بلدية الكويت بحصر منطقة السوق التاريخية لاستخدام المشاة، إلى احتلال المحتجين السياسيين للمنطقة الخضراء المقابلة لمبنى البرلمان، باتت مسألة حق السكان بالأماكن العامة شاغلاً متزايد الأهمية للدولة وللمجتمع على حدٍ سواء. تتحرى هذه المقالة السمات الرئيسية التي تجعل الفضاء الحضري ’عمومياً‘ بالفعل، وتتتبع خصخصة الأماكن العامة في الكويت بعد حلول حقبة النفط في عقد الخمسينات من القرن الماضي. ثم تحلل الطلب المتنامي على الأماكن العامة في الكويت حالياً من خلال المقابلة بين نهجين لإقامة أماكن حضرية مشتركة جديدة: أحدههما بقيادة الدولة والآخر بقيادة جهات اجتماعية فاعلة متنوعة. ونتناول أيضاً المشهد في مصر بغية تحري ما إذا كانت الرغبة في إقامة أماكن عامة جديدة في المدن قد أصبحت ظاهرة إقليمية.
يمكن أن يشير ’المكان العام‘ إلى أي مكان يتاح الوصول إليه لجمهور العامة—وبالتالي فإنه يتضمن الأماكن التي لا تندرج ضمن الفضاء المنزلي الخاص. وبوسع المرء أيضاً أن يعرف المكان العام من حيث الملكية: الأماكن المملوكة للدولة بدلاً من الممتلكات الخاصة. بيد أن هذه التعريفات تنطوي على أوجه قصور: فيمكن أن توجد أماكن مملوكة للقطاع الخاص ولكن الوصول إليها متاح للجمهور، وأماكن مملوكة للدولة ولكن الوصول إليها مقيّد. فليست جميع الأماكن خارج الفضاء المنزلي الخاص هي أماكن عامة بالفعل، وليست كل الأماكن العامة متاحة لجميع الناس. وبمعنى آخر، من الصعب تعريف المكان العام.
وفقاً للباحثة فران تونكيس، المتخصصة في علم الاجتماع الحضري، لا تتحدد الصفة العامة لموقع محدد بالجهة التي تملكه، بل بشعور الحياة العامة التي يجسدها هذا الموقع أو يشجعها أو ينتجها (2005، 66-68). وتحدد الباحثة ثلاثة أنماط مثالية للأماكن العامة في المدن، والتي ترمز بدورها إلى ثلاث طرق مختلفة للتواجد مع الآخرين بصفة عمومية. يشمل النمط الأول المواقع العامة ذات الانتماء الجمعي في المدينة، ومن أبرز الأمثلة عليها الميادين والحدائق العامة. وعادة ما تنطوي هذه الأماكن على صفة الصرح أو تتضمن معنى رمزياً لدى الجمهور، إلا أنها تشمل أيضاً على جوانب من الاستخدامات اليومية، كما أنها توفر “إمكانية وصول متساوية ومجانية من حيث المبدأ لجميع المستخدمين والمواطنين” (تونكيس 2005، 67). ويوفر الحق العام بمثل هذه الأماكن المشتركة حساً بالانتماء الاجتماعي والسياسي في المدينة.
وتشكل مواقع التفاعل غير الرسمي نمطاً آخر للأماكن العامة. وهذا يشير إلى الطرق المختلفة للتواجد مع الآخرين بصفة عمومية، وغالباً على نحو عفوي أو غير مخطط وفي تفاعلات الحياة اليومية. ويشترك الناس في هذا النوع من الأماكن، ولكنها لا ترمز إلى الانتماء الجمعي، وإنما يتواجد فيها المرء كأمر واقع وأكثر بساطة. ومن أبرز الأمثلة على هذا النوع من الأماكن العامة هو الشارع – وتحديداً الرصيف – إضافة إلى وسائل المواصلات العامة من قبيل الباصات أو قطارات الأنفاق. ويمكن أن تندرج التفاعلات اليومية التي تجري في أماكن من قبيل الميادين والحدائق العامة ضمن هذه الفئة من الأماكن العامة عندما لا تخدم وظائف جمعية، إذ يتعاطى فيها الناس بصفة مستمرة مع أشخاص غرباء عنهم في تفاعلات هامشية متكررة إذ يسيرون في حياتهم اليومية وروتينهم اليومي.
أما النوع الثالث من الأماكن العامة الذي حددته الباحثة تونكيس فهو المكان المصمم للتبادل والتفاعل الاجتماعي. وهذه الأماكن هي التي يتوجه إليها الناس بقصد رؤية بعضهم وزيارة بعضهم، ومن أبرز الأمثلة عليها هو المقهى. وتتضمن هذه الأماكن العامة الأماكن التي تنشد تحقيق ربح إلا أنها غير محكومة تماماً بالاستهلاك—فرغم أن المرء ينفق فيها مالاً، ولكن لا يتمثل هدفها الرئيسي بالاستهلاك. ويمكن أن نُدرج ضمن هذه الأماكن المتنوعة للتبادل الاجتماعي، المتاحف والمراكز الثقافية إضافة إلى المقاهي التي تتضمن وظائف أخرى من قبيل أماكن مخصصة للدراسة أو العروض الفنية، وكذلك الصالونات السياسية.
إن من السمات الرئيسية لتحسين الحياة العامة لمكان حضري محدد هي إدماج الاستخدامات والأنشطة المختلطة؛ أي عندما لا يكون استخدام المكان محصوراً على وظيفة واحدة أو نشاط واحد، مهما بدا الأمر على خلاف ذلك. فعلى سبيل المثال، تتمثل الوظيفة الرئيسية لسوق المزارعين الذي ينظمه حي من الأحياء في ممارسة التجارة، إلا أن هذا النشاط يمثل أيضاً فرصة أسبوعية لاجتماع سكان الحي حيث يستمعون إلى الموسيقى الحية، كما يتيح فرصة لجماعات الناشطين في المجتمع المحلي لتوزيع المنشورات وجمع تواقيع على مناشدة ما، وما إلى ذلك. وعادة ما يؤدي وجود خليط من الأنشطة والاستخدامات لمكان معين إلى وجود تنوع أوسع من الناس من خلفيات وتوجهات فكرية وأساليب حياة متباينة. وبمعنى آخر، يتيح تنوع الأنشطة اتصالاً وتفاعلاً أكبر ضمن فئات متنوعة من الناس وفيما بينها، حتى لو كانت هذه التفاعلات هامشية وتبدو سطحية. وعندما يقتصر استخدام المكان على استخدام واحد، فإن ذلك يقيّد التنوع في فئات الناس الذين قد يستخدمون هذا المكان مما يُضعف نوع الحياة العامة التي يمكن أن تحدث فيه – أي توفير طرق مختلفة للتواجد مع الآخرين بصفة عمومية. وتحديداً، لا تُعتبر الأماكن التي تركز بصفة رئيسية على الاستهلاك—أي، عندما يكون استهلاك الطعام والسلع أو الترفيه مقابل المال هو النشاط الرئيسي—بأنها أماكنة عامة فعلية حتى لو كانت من الناحية النظرية مفتوحة للتدفق الحر للزائرين. ولهذا السبب لا تندرج مراكز التسوق (المولات) بسهولة ضمن التعريف الثلاثي الأجزاء الذي وضعته الباحثة تونكيس، رغم أنها مفتوحة للعموم —ليس فقط لأنها مملوكة للقطاع الخاص ومحكومة منه، ولكن أيضاً لأنها تخدم هدفاً واحداً (الاستهلاك) وغالباً ما تقيّد الاستخدامات البديلة (مثلاً الأنشطة الثقافية والمناصرة السياسية). وبوسع أصحاب مراكز التسوق استخدام أساليب مختلفة لتقييد فئات الناس الذين يدخلون إلى هذه الأماكن، من قبيل بيع البضائع الغالية الثمن، واستخدام الحراس لمنع دخول الرجال من صغار السن، أو منع دخول الباحثين عن عمل، وما إلى ذلك.
كان المشهد العمراني للكويت قبل التوسع العمراني الذي تبع انطلاقة حقبة النفط في عقد الخمسينات من القرن الماضي يعكس طريقة عيش الناس ذات التوجه العمومي. وبما أن الكويت كانت مرفأ، كان الساحل والمرافئ والسوق، والسوق البدوي المفتوح في ساحة الصفاة (وهي الميدان الرئيسي في البلدة) تمثل مركزاً للاقتصاد التجاري والبحري. ولكن، وكما بيّنت الباحثة فرح النقيب، كانت هذه الأماكن هي الفضاءات الرئيسية للتبادل الاجتماعي والخطاب السياسي، والتي ينطبق عليها، كأماكن عامة، تصنيف تونكيس الثلاثي الذي تناولناه أعلاه (2014أ).
مع انطلاقة الصناعة النفطية في عام 1946 ونشوء التخطيط الحديث في عقد الخمسينات من القرن الماضي، شهدت الكويت عملية تحديث تقودها الدولة وأدت إلى تحول تام في السمات العمرانية. ومع توجه السكان بصفة جماعية نحو السكن في ضواحي المدن، تحولت المدينة إلى مسرح لقوة الدولة وما عادت مركزاً للحياة الاجتماعية اليومية أو المناقشات السياسية كما كانت قبل حقبة النفط. واستمرت حركة توجه السكان نحو ضواحي المدن والتنظيم الوظيفي لاستخدام الأراضي لمدة عقود، وترافق ذلك مع القضاء على الأماكن الحضرية العامة (عبر توسيع الشوارع والتطوير ات العمرانية) وخصخصتها اقتصادياً وثقافياً، وقد أدى كل ذلك إلى تراجع كبير في الحياة العامة.
وعلى امتداد السنوات الـ 65 منذ نشوء التخطيط الحديث للمدن، أصبحت مدينة الكويت خاضعة بشدة للقطاع الخاص، إذ تهيمن عليها مراكز التسوق، والنوادي الشاطئية الخاصة، والضواحي المفصولة، والسيارات المملوكة للأفراد. ومع إتاحة الحصول على الإسكان المدعوم من الدولة، بات معظم الكويتيين يعيشون في منازل منفصلة في الضواحي بدلاً من بنايات الشقق السكنية (فيما يعيش معظم غير الكويتيين في بنايات شقق). وتمثل الباصات وسيلة النقل العامة الوحيدة، وأغلب مستخدميها هم من العمال الأجانب ذوي الدخل المنخفض. ونظراً لنقص أماكن اصطفاف السيارات خارج الشوارع وفي معظم المناطق التجارية، باتت الأرصفة والأماكن المفتوحة تُستخدم كمناطق مرتجلة لاصطفاف السيارات، مما يعيق إمكانية السير على الأقدام في المدينة.
رغم تطوير بعض الشواطئ والحدائق العامة في بداية عقد السبعينات من القرن الماضي، إلا أن مناطق الترفيه العامة هذه ظلت دائماً تخضع لسيطرة محكمة وبات استخدامها يخضع بصفة مطردة لاعتبارات تجارية. فعلى سبيل المثال، عندما بدأت البلدية في تطوير مسافات طويلة من الواجهات المائية التي تنطلق من وسط المدينة لتصل إلى الحافة الجنوبية لخليج السالمية الطبيعي الكبير في عقد الثمانينات من القرن الماضي، لم يتم التأكيد حينها على تمكين الجمهور من الوصول إلى شاطئ البحر. ورغم أن بعض المشاريع التي طُوّرت قبل الاجتياح العراقي في عام 1990 كانت مشاريع عامة بالفعل، فقد ركزت أكثر على شكل التفاعل الذي يجري عبر القطاع الخاص: مجمع برك سباحة داخلية ، ونادي يخوت، ومركز ترفيه على جزيرة مصطنعة خضراء، وما إلى ذلك (النقيب 2016، 159-160). وإمعاناً في خصخصة الواجهة البحرية العامة، باتت مراكز التسوق، والنوادي الخاصة والمطاعم منذ نهاية عقد التسعينات من القرن الماضي هي السمة المهيمنة على الشريط الساحلي. ومع ذلك، أدى تخطيط المناظر الطبيعية على كورنيش الشاطئ الواقعة بين هذه المرافق التجارية وبين خط المياه إلى خلق منطقة شبه عامة باتت تجتذب طيفاً متنوعاً من المستخدمين: أفراد يمشون أو يركضون أو يركبون الدراجات الهوائية على امتداد المناطق المرصوفة، في حين أخذت العديد من الأسر، لا سيما من الجاليات الأجنبية ومن الكويتيين ذوي الدخل المنخفض، باستخدام الشواطئ الرملية القليلة والمساحات العشبية المحاذية ’لشارع الخليج العربي‘ للتنزه في الأمسيات وعطلات نهاية الأسبوع. ولكن أقر البرلمان في عام 2012 قانوناً يحظر الشواء والتنزه في الأماكن العامة من قبيل الشواطئ والحدائق، وبرر البرلمان هذا القانون بكمية النفايات الكبيرة والمساحات العشبية التي تتعرض للحرق من جراء هذه الأنشطة. ولكن، وكما تحاجج الباحثة فرح النقيب، “تساهم الأنظمة من هذا القبيل في تطهير [الشاطئ] من الأنشطة غير المخطط لها والتي لا تتماشى مع الاستخدامات المحددة سلفاً ومعظمها استخدامات استهلاكية. كما أنها تزيل الخيارات القليلة المتوفرة لغالبية السكان من غير شريحة النخبة للحصول على وسائل ترفيه عامة ومجانية” (2016، 210).
لا تتعلق خصخصة الأماكن الحضرية في الكويت (كما هو الحال في أماكن أخرى) بالتوجه نحو خصخصة الملكية فقط، بل أيضاً بنوع التجربة التي بوسع المرء أن يشهدها في مكان محدد مفتوح للجمهور. وكما أشرنا أعلاه، غالباً ما تَستخدِم الأماكن من قبيل مراكز التسوق المتاحة، نظرياً، لدخول الجمهور أساليب متنوعة لتقييد فئات الناس الذين يرتادونها. أما الأماكن الأخرى، من قبيل النوادي والمرافق الترفيهية، فغالباً ما تفرض رسوم عضوية و/أو رسوم دخول. أما الأماكن القليلة التي ما زالت عامة بالفعل، فهي محكومة بقواعد حازمة بشأن كيفية استخدام الناس لها، مما يؤدي إلى الحد من تنوع جماعات المستخدمين، وتقليص الطرق المتاحة لقضاء الوقت مع الآخرين في العلن، أي حسب تعريف تونكيس للمكان العام (2005). ونتيجة لذلك، لا يتوفر لسكان الكويت سوى فرص قليلة لمقابلة الآخرين المختلفين عنهم والتفاعل معهم—حتى على مستوى هامشي—وبالتالي تضاءلت قدرتهم على التعايش مع التنوع تضاؤلاً شديداً مع مرور السنوات. وتقيم الباحثة فرح النقيب الحجة في كتابها الجديد ’الكويت المتحولة: تاريخ للنفط والحياة الحضرية‘، أنه نتج عن ذلك تزايد مطرد لكراهية الأجانب، وغياب التسامح إزاء الناس المختلفين، وإزاء الأفكار وطرق العيش التي لا تمتثل لقيم الثقافة السائدة (2016).
نظراً للخصخصة الشديدة للأماكن العامة والحياة العامة في الكويت على امتداد العقود الستة الماضية، يعكس النشوء المفاجئ والمتزامن لمكانين عامين جديدين في المشهد العمراني الكويتي خلال السنوات القليلة الماضية (وكلاهما تأسس في عام 2014) لحظة فريدة في التطور العمراني للمدينة في حقبة ما بعد النفط، وهي لحظة تستحق تحليلاً أعمق. وتتمثل إحدى السمات الرئيسية التي تجعل هذه المكانيين فريدين في أنهما يشجعان مشاركة أوسع في الحكم المكاني بالمقارنة مع العرف السائد على امتداد السنوات الـ 65 الماضية من التطور العمراني النفطي. لذا فمن المحتمل أنهما يمثلان إطاراً مفاهيمياً جديداً للتطور العمراني الكويتي، رغم أنهما يجسدان نهجين مختلفين بشدة لحكم المكان وإدارته.
المكان الأول هو حديقة الشهيد التي تديرها الدولة والواقعة على طرف مدينة الكويت، وهي المركز المالي والبيروقراطي للبلد. تبلغ مساحة الحديقة 200,000 متر مربع، وهي مساحة حضرية خضراء طورها الديوان الأميري، وتحتوي على حدائق نباتية، ومتحف تاريخي، ومتحف بيئي، وممرات للمشي والركض، ومسرح مفتوح، وقاعة متعددة الأغراض، ومقاهٍ، وحانوت للهدايا.[1] وحال إتمام إنشاء الحديقة في عام 2015، سلّم الديوان الأميري إدارتها إلى مركز لوذان لإنجازات الشباب (لوياك) والذي يقع داخل حديقة الشهيد، وذلك لإعطاء شباب الكويت فرصة “للمساعدة في نشر ورعاية الفن والتاريخ والثقافة” من خلال أنشطة منظمة في الحديقة. ينهض مركز لوياك أيضاً بالمسؤولية عن صيانة الحديقة ونظافتها وأمنها. لذا يمثل هذا المكان أول مسعى من دولة الكويت لتشجيع مشاركة أوسع في حكم المكان العام وإدارته.
أما المكان الثاني فهو الحديقة السرية (التي تدعى رسمياً حديقة بغداد) والتي يديرها المواطنون، وتقع في منطقة السالمية ذات الاستخدام السكني والتجاري المختلط. وتبلغ مساحة الحديقة حوالي 2,000 متر مربع، وتتوارى ما بين بناية تجارية وأخرى سكنية. وظلت الحديقة مهملة حتى قامت مجموعة صغيرة من الأشخاص—من بينهم كويتيون وغير كويتيين، وبعضهم من سكان المنطقة—بتنظيف الحديقة وإحياء المكان في أيلول/ سبتمبر 2014. وبدأ الجيران والإصدقاء يلتقون في الحديقة بصفة عفوية في عطلات نهاية الأسبوع لغرس الخضروات والأعشاب العطرية والورود والنباتات. وحفروا حفرة للأسمدة العضوية في أحد جوانب الحديقة، ووضعوا مقاعد وطاولات للنزهة في الجانب الآخر. وفي يوم السبت من كل أسبوعين، يُنظم المتطوعون سوقاً شعبياً صغيرة في الحديقة تدعى شكشوكة، حيث يبيع عدد محدد من البائعين الطعام والمنتجات المنزلية للجيران والزائرين فيما يقدم عازفون عروضاً موسيقية. ويستخدم المتطوعون الرسوم المفروضة على البائعين لصيانة الحديقة. وكثيراً ما تُستخدم الحديقة لاستضافة فعاليات عامة مجانية بوسع أي شخص تنظيمها وحضورها (دروس طبخ، ورشات عمل مسرحية، إلخ).
قبل أن نمضي في مزيد من وصف دور كل من هذين المكانين في تلبية الطلب المتزايد على الأماكن العامة في الكويت، يجب أن نضعهما ضمن السياق الاجتماعي السياسي المحدد الذي انبثقا منه. فابتداءً من أوائل عام 2011 (في الوقت الذي كانت تنطلق في الثورات في أماكن أخرى في المنطقة)، بدأت قوى المعارضة السياسية القائمة على الشباب بتنظيم تظاهرات جماهيرية في وسط المدينة.[2] وقبل تلك الاحتجاجات، نظمت حركتان سياسيتان فقط احتجاجات في المدينة منذ التظاهرات القومية العربية في عقد الخمسينات من القرن الماضي. كانت الأولى حملة ناجحة لتمكين النساء من التصويت جرت في أيار/ مايو 2005، أما الثانية فكانت الحركة البرتقالية التي استندت إلى الشباب، والمعروفة أيضاً باسم حملة ’نبّيها 5‘ (’نريدها خمسة‘) في عام 2006. ركزت حملة ’نبّيها 5‘، والتي نجحت أيضاً، على تقليص عدد المناطق الانتخابية في الكويت من خمسة وعشرين إلى خمسة، وذلك سعياً للحد من الفساد السياسي (من قبيل شراء الأصوات). وبما أن كلا الحركتين استهدفتها السلطة التشريعية (حيث أنهما هدفا إلى تغيير القوانين)، احتل المتظاهرون الأماكن المزينة بالأشجار بين شارع الخليج العربي وبين كورنيش الشاطئ، وهي مناطق تواجه مبنى البرلمان. وفي حملة عام 2006، أصبح هذا المكان معروفاً باسم ساحة الإرادة.
أما حركة الاحتجاجات في عام 2011، فكانت تحتج ضد الفساد المالي بين كبار السياسيين، لا سيما رئيس الوزراء، ولم تطالب بتغييرات تشريعية محددة. لذا، خطط المنظمون في البداية لتنظيم تظاهرة في مركز المدينة التاريخي، ساحة الصفاة، وهي ساحة مفتوحة مجاورة لتقاطع طرق رئيسي في وسط المنطقة التجارية. وكانت الساحة خياراً رمزياً إلى حد كبير، إذ ظلت موقعاً رئيسياً أثناء حركة المعارضة السياسية الكويتية الأولى ضد الحاكم في عام 1938. ولكن قبل أن تتاح للمتظاهرين فرصة لاحتلال المكان في عام 2011، سارعت البلدية إلى تسييجها وشرعت في أعمال صيانة كان مخططاً لها في وقت لاحق. وتم حصر التظاهرات في ساحة الإرداة، وهي مكان أقل مركزية، وقابل للسيطرة عليه (حيث له منفذ وحيد على الشوارع المجاورة، ويتسبب بقدر أقل من الاضطراب، ويتسم برمزية تاريخية من مستوى أقل، وأصبحت الساحة مسرحاً للعديد من التظاهرات السياسية خلال السنوات التالية. أدى هذا الكفاح للسيطرة على ساحة الصفاة، وتخصيص ساحة الإرادة لاحقاً لإقامة التظاهرات، إلى توجيه الانتباه إلى نقص الأماكن العامة التي يسهل الوصول إليها في الكويت، إضافة إلى حق الجمهور في تحديد الاستخدامات المختلفة للأماكن الموجودة في المدينة. يدل نقل التظاهرات إلى ساحة الإرادة على السياسة الحكومية القائمة منذ زمن طويل بالسيطرة على إمكانية الوصول إلى أماكن عامة محددة، ولكنه يدل أيضاً على المحاولة الأولى من قبل الجمهور لاستعادة إمكانية الوصول إلى الأماكن العامة بعد عقود من إخضاعها للخصخصة. ورغم أن السيطرة على حديقة بغداد وتحويلها إلى ’الحديقة السرية‘ هي أمر سياسي ظاهرياً، ولكن يمكن اعتبار هذا الإجراء بأنه يؤسس عملية انطلقت من الاحتجاجات التي جرت في ساحة الإرداة لاستعادة المكان العام.
وفي الوقت نفسه، وفي أعقاب حركة المعارضة السياسية المشاكسة بشدة في عام 2011 (والثورات التي جرت في الوقت نفسه في أماكن أخرى في المنطقة) بذلت الحكومة الكويتية جهوداً منسقة لإشراك الشباب الكويتي في العملية السياسية بغية ثنيهم عن الانضمام إلى قوى المعارضة. وشكّل الأمير مجلس الشباب الكويتي ليتيح فرصة للشباب لتحديد ما يعتبرونه أكبر مشكلات البلد، والخروج بحلول لعرضها على الحاكم. واعتُبر ذلك أسلوباً مفضلاً للتعبير عن الشواغل بدلاً من أن يعبر الشباب عن مظالمهم من خلال تظاهرات في ساحة الإرادة. وبالمثل، أتاحت حديقة الشهيد للشباب الكويتي مكاناً كبيراً ليزودهم بحس المشاركة والانهماك، ولكن بأسلوب أكثر أمناً وخضوعاً للسيطرة مقارنة بالأنشطة التي تجري في ساحة الإرادة. وتجدر الإشارة إلى أن ساحة الصفاة افتتحت بعد أعمال الصيانة في الوقت نفسه الذي افتتحت فيه حديقة الشهيد في بدايات عام 2015، ومع ذلك أصحبت ساحة الصفاة حالياً مسوّرة ومغلقة في جميع الأوقات، رغم أنها كانت تاريخياً مكاناً مفتوحاً، ولا يُسمح باستخدامها إلا في الأنشطة الرسمية وبعد الحصول على تصريح مسبق من السلطات.
تحتاج المدن إلى مشاريع عامة كبرى مخطط لها من قبيل حديقة الشهيد بقدر ما تحتاج إلى أماكن أصغر وأكثر عضوية ذات طبيعة مجتمعية من قبيل الحديقة السرية. وبوصف المكانين مشروعين فريدين متوازيين، فكلاهما يشجع الاستخدام الجماهيري، إضافة إلى المشاركة الواسعة في إدارة الأماكن العامة في الكويت. ويتشابه المكانان أيضاً من حيث أنهما غير محكومين (لغاية الآن) بالاستهلاك (أي لا ينطلق أي من المكانين من هدف تحقيق الريع). مع ذلك، ورغم التشابه بين المكانين بوصفهما مساحتين خضراوين، لكن ثمة اختلافات كبيرة بين المشروعين. فقد تم تنظيف الحديقة السرية وترميمها وصيانتها بصفة كاملة قبل الجيران والمتطوعين وعلى حسابهم الخاص، باستخدام مواد فائضة عن الحاجة أو تبرعات أو مواد يتم العثور عليها (بما في ذلك مقعد حمام أُعيد استخدمه كآنية للزراعة). وفي مقابل ذلك، يعمل في حديقة الشهيد عشرات الموظفين في العمل اليدوي وعلى المستوى الإداري، وقد كلف إقامة الحديقة وصيانتها ملايين الدنانير. ولا يوجد في الحديقة السرية أية عوائق وبوسع المشاة الوصول إليها بسهولة، ومع ذلك فإنها تقع في منطقة غير بارزة في السالمية (وإذا كنت لا تعلم بمكان وجودها، فقد لا تعثر عليها). أما حديقة الشهيد، فتقع ضمن الحزام الأخضر حول المدينة، وهي ميزة استخدمها المسؤولون الرسميون لتسويق المكان. كما أن الحديقة مسيجة ويتم الوصول إليها غالباً بالسيارة، إذ تحيطها طرق سريعة وطرق رئيسية.
تكرس حديقة الشهيد، بوصفها مكاناً خاضعاً لسيطرة مشددة، الانقسامات الطبقية والقومية الشائعة في معظم الأماكن العامة الأخرى في جميع أنحاء البلد. وبما أنه يتم الوصول إلى الحديقة بالسيارة بعد الاصطفاف في مرآب تحت الأرض، ثم يدخل المشاة عبر بوابة يراقبها حراس أمنيون، فإن الوصول إليها غير متاح للغالبية العظمى من الناس الذين يعيشون في مركز المدينة القريب: وهم العمال المهاجرون الذكور. ورغم أن الحديقة لا تفرض رسم دخول لغاية الآن، إلا أن مسؤولي الحديقة يدرسون فرض رسم رمزي لضمان أن تبقى الحديقة ’حسنة الصيانة وآمنة‘. ويحتوي مرآب السيارات الموجود تحت الأرض على حواجز لإصدار بطاقات اصطفاف وتحصيل رسوم، إلا أنها غير مستخدمة لغاية الآن، ولكن ثمة إمكانية بفرض رسوم على اصطفاف السيارات. وهناك قواعد مشددة تحكم استخدامات الحديقة: إذ يُحظر تناول طعام النزهات، والشواء، واللعب بالكرة، وغير ذلك من أنشطة الترفيه الخارجية، كما تتطلب جميع الأنشطة الجماعية التي يتجاوز عدد المشاركين فيها خمسة أشخاص الحصول على تصريح رسمي مسبق.
رغم أن حديقة الشهيد مميزة عن الحدائق العامة السابقة في الكويت من حيث أنها أقيمت بأمر من الديوان الأميري وليس من الهيئة العامة لشؤون الزراعة والثروة السمكية (والتي تحكم جميع المساحات الخضراء الأخرى في الكويت)، إلا أنها تخضع للسياسات القائمة منذ مدة طويلة التي تحكم الحدائق العامة في الكويت. وعندما أُقيمت ثلاث حدائق عامة جديدة في وسط المدينة في بدايات عقد السبعينات من القرن الماضي، فقد كانت مصممة لتجميل المدينة وليس لخدمة احتياجات الجمهور. وكانت تُقفل أثناء ساعات النهار من أجل ري النباتات وتنظيف المكان وصيانته. وفي موعد فتح الحدائق في تمام الساعة الرابعة عصراً، يكون معظم الناس الذي يعملون في وسط المدينة قد عادوا إلى الضواحي حيث يظلون باقي يومهم. كما أن هذه الحدائق محاطة بجدران يبلغ ارتفاعها مترين، ويداوم فيها حراس في جميع الأوقات لحمايتها من سوء الاستخدام. وتُحظر أنشطة الركض والرياضة واللعب بالكرة وركوب الدراجات الهوائية في هذه الحدائق، إذ تتمثل الأولوية في حماية النباتات بدلاً من تلبية احتياجات الجمهور. وبما أن حديقة الشهيد تستخدم قواعد وقيوداً شبيهة بشأن استخدامها، فإنها تقيّد إمكانية نشوء حياة حضرية عامة في الكويت.
بيد أن حديقة الشهيد تمثل تغييراً عن الحدائق العامة السابقة (ومعظم المشاريع الحكومية الأخرى) إذ أسس الديوان الأميري هيكلاً إدارياً قائماً على الشباب والمشاركة، مما يجعل الحديقة مكاناً دينامياً يعج بالحياة ويستضيف عدة أنشطة من قبيل العروض الموسيقية، والمحاضرات العامة، وقراءات عامة في كتب، وأنشطة رياضية منظمة، وجماعات لممارسة رياضة اليوغا، وما إلى ذلك. ورغم أن معظم هذه الأنشطة تتطلب الحصول على تصريح إداري وتخطيط مسبق، إلا أن التركيز ينصب على تشجيع الاستخدام العام بدلاً من الحفاظ على جماليات الحديقة. وتشير المنظمة غير الحكومية ’مشروع الأماكن العامة‘ التي تتخذ من مدينة نيويورك مقراً لها، وهي مكرسة لمساعدة الناس على إقامة أماكن عامة والحفاظ عليها لبناء مجتمعات محلية أقوى، إلى أن “80 في المئة من نجاح المكان العام يعتمد على ’إدارته‘، والمقصود هو كيفية المحافظة على المكان وتنظيم الأنشطة فيه. وبمعنى آخر، فحتى في الأماكن الأفضل تصميماً المخصصة للتفاعل العام، ينبغي تخطيط الأنشطة، ويجب أن يظل المكان نظيفاً وآمناً وحسن الصيانة، وإلا فمن غير المرجح أن يخدم الناس جيداً” (بوروب 2005). وقد أدى تكليف منظمة لوياك بالمسؤولية عن الأنشطة في حديقة الشهيد وصيانتها، ورغم الضوابط المشددة على استخدامها، إلى ضمان أن تظل الحديقة ناشطة وأن تخدم أناساً متعددين وعبر طرق متعددة (وهو وضع لا توفره سوى حدائق عامة قليلة أخرى في الكويت).
تختلف الحديقة السرية عن حديقة الشهيد من حيث أنها مكان غير خاضع لأي سيطرة ويشجع الاستخدام الجماهيري والمشاركة. وبدلاً من تكريس الانقسامات القومية والطبقية، تساعد الحديقة على تجسير الفجوة بين زوارها من السكان الكويتيين وغير الكويتيين في السالمية، وذلك من خلال تشجيع المشاركة المجتمعية في الأنشطة (والسالمية هي المنطقة السكنية المختلطة الوحيدة في المدينة). ورغم أنه ليس ثمة مجموعة محددة تسيطر على المكان تماماً، وبوسع أي شخص من الجمهور استخدام الحديقة حسبما يشاء، لكن توجد مجموعة أساسية من المتطوعين الذين يعملون بصفة تعاونية على إدارة المكان وصيانته. وبما أن حديقة بغداد (الحديقة السرية) هي مكان أخضر عام، فإنها تخضع لسلطة الهيئة العامة لشؤون الزراعة والثروة السمكية. ولكن قبل أن يبدأ المتطوعون بإحياء الحديقة وتحويلها إلى الحديقة السرية، كانت مهملة وتملؤها الأعشاب البرية ولم يتوفر فيها مصدر مياه أو تيار كهربائي. وعمل المتطوعون على التنسيق بصفة حثيثة مع المسؤولين الحكوميين وبطرق متعددة (مثلاً، دفع وزارة المياه والكهرباء إلى إصلاح البنية التحتية للحديقة)، وعينت الهيئة العامة لشؤون الزراعة والثروة السمكية ثلاثة متطوعين ناشطين كصائنين للحديقة نيابة عنها. ورغم أن هؤلاء المتطوعين لا يسيطرون على المكان على النحو الذي تسيطر فيه منظمة لوياك على حديقة الشهيد، إلا أنهم يُعتبرون الفاعلين العامين الرئيسيين المسؤولين عن صيانة الحديقة وضمان أدائها لوظائفها.
تختلف حديقة الشهيد عن غيرها من المشاريع الكبرى للدولة من حيث أن جماعة من المجتمع المدني تديرها (وليس الجهاز البيروقراطي للدولة). وقد كلّف الديوان الأميري مهندساً معمارياً محلياً شاباً لتصميم جوانب عديدة في المكان (وهو انحراف آخر عن الممارسات السائدة في البلد حيث تستخدم معظم مشاريع الدولة مخططين ومعماريين أجانب)، ومع ذلك كانت إقامة الحديقة هي مبادرة جرت بتوجيه من أعلى هرم السلطة، وهذا ينطبق أيضاً على القرار بتسليمها لإدارة منظمة لوياك. وتُعتبر حديقة الشهيد، وإلى حد كبير، استمراراً للإطار المفاهيمي للتخطيط الخاضع لسيطرة الدولة في الكويت. أما الحديقة السرية، فهي تمثل تطوراً عمرانياً جديداً تماماً وتعاونياً ومتجهاً من أسفل هرم السلطة نحو الأعلى. كما ترتبط الحديقة بمبادرات جديدة أخرى في الكويت تعمل على إعادة تعريف المفاهيم السائدة بشأن المكان العام والمكان الخاص.
بدأ سوق الشكشوكة كسوق صغير للمزارعين قبل فترة طويلة من إقامة الحديقة السرية. ومع ذلك، ثمة قوانين حازمة تقيد استخدام الأراضي العامة لأغراض تجارية، مما عنى أن البائعين القلائل اضطروا للعمل كسوق في الخفاء، إذ يجهزون أماكنهم في مواقع مختلفة في كل أسبوع، ولا يعلنون عن مكان السوق سوى في صباح يوم تنظيمه، وذلك عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وبهذه الطريقة، تمكنوا من تجنب العراقيل الحكومية. وبدأ سوق الشكشوكة كنزعة نحو أسواق الأغذية في الكويت، وقد أُطلق في أواخر عام 2013 سوق مزارعين أكبر بكثير من سوق الشكشوكة، وهو سوق الكوت. ومع ذلك، اختار منظمو سوق الكوت مساراً آخر؛ فبدلاً من انتهاك القانون الذي يحكم الأماكن العامة، فقد افتتحو السوق في أماكن خاصة متنوعة—في البداية في الطابق الأعلى لمرآب سيارات تابع لمركز تسوق راقٍ في المدينة، ثم في منطقة تجارية خارجية جديدة، وأخيراً في مساحة خارجية تابعة لمجمع شقق سكنية خاص. وفي مقابل ذلك، أراد منظمو سوق الشكشوكة أن يظلوا في الأماكن العامة، وأخيراً استقروا على إقامة السوق في الحديقة السرية. ولكن حالما علمت الدولة بشأن السوق، سعت إلى إيقافه متذرعة بالقانون الذي يحظر استخدام الأماكن العامة لأغراض تجارية. وقد صمد المتطوعون ورفضوا إزالة السوق، ولكن ما يزال من غير الواضح من سيفوز بهذه المعركة في نهاية المطاف. وإذا نجح المتطوعون في إقناع السلطات بالسماح باستمرار تنظيم السوق، فإن ذلك سيخفف كثيراً سيطرة الدولة على الكيفية التي يستخدم فيها الناس الأماكن العامة في الكويت.
إضافة إلى المزارعين الصغار، يدير معظم البائعين في سوق الشكشوكة مشاريع تجارية من منازلهم وهي تتخصص في إنتاج الطعام والحرف اليدوية. وبما أن المنازل محمية دستورياً من تدخل الدولة أو سيطرتها، فإن الأعمال التجارية التي تجري في المنازل غير مشروعة في الكويت إذ لا تتمكن البلدية أو وزارة التجارة من مراقبتها وتنظيمها مثل سائر الأعمال التجارية (لا سيما المشاريع القائمة على إنتاج الأغذية). إلا أن نزعة إقامة المشاريع التجارية في المنازل تنامت بسرعة كبيرة مما دفع عدداً من أصحاب المشاريع إلى العمل نحو تعديل القانون، والمطالبة بالسماح للمشاريع التجارية أن تعمل في البيوت الخاصة. تمثل أسواق الأغذية هذه تحدياً للكيفية التي يفكر فيها الناس بشأن استخدام الأماكن العامة في الكويت، وهذا ينطبق أيضاً على المساعي المرتبطة بهذا الأمر والرامية إلى إضفاء الشرعية على الأعمال التجارية التي تدار من المنازل، إذ أن ذلك يعيد ترتيب الكيفية التي نفكر فيها بالمكان الخاص الذي يتمتع بأكبر حرمة، وهو البيت.
لم يكن الفعل السياسي المتمثل في احتلال ميدان التحرير في القاهرة—ولاحقاً شوارع وميادين أخرى—تجلياً للكفاح للسيطرة على الأماكن العامة فقط منذ عام 2011، ففي العديد من المناطق الحضرية، ما انفك الناس يعيدون اكتشاف حقهم في وجود أماكن عامة يسهل الوصول إليها ونظيفة ورخصية الكلفة متاحة للجميع.
ويتمثل أحد الأمثلة على ذلك في جزيرة الزمالك، والتي تحتوي على العديد من الحدائق الحسنة التصميم والصيانة، والتي لا تُستخدم بما يكفي وتحتاج إلى المزيد من الانتباه. ظل إحياء حدائق المنطقة كأماكن عامة لمنفعة سكان الزمالك، والذي ينتمي معظمهم للطبقتين العليا والوسطى، من الشواغل الرئيسية لجمعية الزمالك، وهي منظمة غير حكومية أسسها عدد من سكان المنطقة في عام 1991. وظلت هذه الجمعية “تعيد ابتكار نفسها” منذ عام 2012 من خلال اجتذاب أعضاء جدد وتنظيم اجتماعات محلية. كما مثّلت سكان الزمالك في العديد من الفعاليات التشاركية العامة التي جرت خلال السنوات القليلة الماضية، وأبرزها الاجتماعات العامة مع الهيئة الوطنية للأنفاق لمناقشة خطة إقامة خط مترو جديد. وأسست المنظمة لجنة داخلية مكرسة لإحياء حديقة الأسماك بالزمالك، وهي حديقة تاريخية تأسست في أواخر القرن التاسع عشر. واستثمرت اللجنة بقوة في الترميم المادي لحديقة الأسماك. وفي عام 2013، أنجزت اللجنة ترميماً كاملاً لملاعب الأطفال، والمراحيض التابعة للحديقة، ومسجد وصنابير مياه الشرب. كما انهمكت منذ ذلك الوقت في إدارة النفايات الصلبة الناتجة في الحديقة، والمحافظة على النباتات والأشجار. وحصلت اللجنة مؤخراً على موافقة من وزارة الزراعة للتكليف بإجراء دراسة لعمليات ترميم شاملة للحديقة. إضافة إلى ذلك، قامت جمعية الزمالك بتنظيم العديد من الفعاليات من قبيل ’مذاق الزمالك‘ في الحدائق العامة في المنطقة، وخصوصاً حديقة الأسماك وحديقة الحرية، وتضمنت الفعالية تقديم أطعمة وعروض موسيقية وأسواق شعبية. وتهدف هذه الفعاليات إلى جمع المجتمع المحلي وتشجيع السكان على التمتع بالمرافق الترفيهية، إضافة إلى تعريفهم بعمل الجمعية.
وعلى نفس المنوال، تأسست مؤسسة تراث هيليوبوليس في عام 2012، وهي جماعة محلية معنية بالشأن العام، لإحياء وحماية نوعية الحياة في حي هيليوبوليس وحماية حديقة الميريلاند وأشجارها التي يصل عمرها إلى مئة عام. وتُعتبر حديقة الميريلاند أكبر مكان عام وتحمل قيمة رمزية كبيرة، وقد تأسست في بداية القرن الماضي كمضمار لسباقات الخيل، وتم تحويلها إلى حديقة في بدايات عقد الستينات من القرن الماضي. وقد أصبحت الحديقة أحد الأماكن العامة المفتوحة الرئيسية في القاهرة خلال العقود التالية. وبحلول بدايات العقد الأول من القرن الحالي، أدى سوء الإدارة وقلة الصيانة إلى تراجع وضع الحديقة، وأصبحت أقل جاذبية لسكان القاهرة، خصوصاً مع نشوء مراكز التسوق والأماكن القائمة على الاستهلاك. والحديقة مملوكة لشركة هيلوبوليس، وهي شركة مملوكة للدولة تأسست كشركة خاصة وتم تأميمها بعد عام 1952. وحالياً، أصبحت الشركة تابعة للشركة القابضة للتشييد والتعمير. وفي عام 2012، قدمت مؤسسة تراث هيليوبوليس التماساً للبرلمان أبلغت فيه عن حدوث انتهاكات بيئية—تدمير أشجار يبلغ عمرها مئة سنة—من قبل شركة هيليوبوليس. وبعدما ظهرت خطط في عام 2015 لتحديث الحديقة وتحويلها إلى مكان لأنشطة الاستهلاك المرتفعة الثمن، كافحت مؤسسة تراث هيليوبوليس للمحافظة على الصفة العامة للحديقة وإتاحة الوصول إليها بكلفة مقعولة، وذلك بدعم من العديد من سكان المنطقة. ونتيجة للجهود التي بذلتها المؤسسة، قرر محافظ القاهرة ووزير البيئة إشراك مؤسسة تراث هيليوبوليس في المفاوضات مع شركة هيليوبوليس بشأن الاستخدام المستقبلي للحديقة. وأفادت الصحف لاحقاً أن شركة هيليوبوليس ستحافظ على منطقة خضراء تبلغ مساحتها 22 فداناً في حديقة الميريلاند إضافة إلى بناء مسرح مشكوف في حديقة غرناطة—وهي مكان عام آخر تديره الشركة في الحي—وذلك بمشاركة سكان المنطقة. ومع ذلك، لم تكن آلية المشاركة أو القيود المفروضة واضحة. علاوة على ذلك، لا توجد ضمانات بأن خطة الشركة ستُنفذ، لذا تواصل مؤسسة تراث هيليوبوليس جهودها في مجال المناصرة لتحقيق غاياتها المنشودة.
يمثل اكتساب إمكانية الوصول إلى الأماكن العامة في المناطق الأقل ثراءً في إقليم القاهرة الكبرى تحدياً أكبر للسكان، مقارنة بالوضع في حيي الزمالك وهيليوبوليس الغنيين نسبياً. تعاني منطقة أرض اللواء، وهي منطقة عشوائية في الجيزة، من نقص شديد في الحدائق والأماكن الترفيهية، مثل العديد من المناطق الأخرى. وثمة تقليد قوي لدى المصريين بالتوجه في نزهة في أوقات محددة من السنة في عطلات معينة (مثل عطلة شم النسيم)، مما يعني أن الأسر تتوافد على جميع الأماكن الخضراء المتوفرة أو الأماكن العامة للاحتفال بهذه المناسبات، وتتبادل الأسر أطعمة معينة في هذه الأعياد. وبالنسبة للعديد من الأسر ذات الدخل المنخفض التي تقطن في أحياء خالية من الأماكن العامة، فإن الأماكن الخضراء الوحيدة المتوفرة لهم للنزهة هي أماكن صغيرة جداً في الدوارات التي تنعطف حولها السيارات، وأماكن مرصوفة أخرى في شوارع المدينة. وقد بدأت مجموعة من السكان في منطقة أرض اللواء (وهي منطقة عشوائية منخفضة الدخل في محافظة الجيزة)، تُعرف باسم “الائتلاف الشعبي بأرض اللواء”، بالمطالبة بإقامة أماكن عامة في المنطقة في عام 2012. وعانت المنطقة من ندرة الأراضي للاستخدام العام. وحدد الائتلاف الشعبي أماكن تبلغ مساحتها 14 فداناً تحتوي على أملاك مهجورة تعود ملكيتها لوزارة الأوقاف، واستعانت المجموعة بخبرات معماريين شباب من أعضائها لإعداد خطة لإعادة تصميم الأراضي لخدمة المجتمع المحلي. وقد اقترحت التصميمات تحويل المنطقة إلى تجمع للأماكن العامة، بما في ذلك حديقة، ونادٍ رياضي، ومقر ثقافي. وانهمكت المجموعة في مفاوضات مع الحكومة لتحقيق هذه الخطة منذ عام 2012، وقد تواصلت مع عضو البرلمان الذي يمثل المنطقة، عمرو الشوبكي، للحصول على دعم سياسي منه، ووفرت شركة الهندسة المعمارية مختبر عمران القاهرة للتصميم والدراسات (CLUSTER) دعماً فنياً. والتقى الائتلاف مع عدة مسؤولين حكوميين على المستويين المحلي والوطني، بمن فيهم كمال الجنزوري، رئيس الوزراء في عام 2012، وإبراهيم محلب في عام 2013، حيث شغل منصب وزير الإسكان آنذاك ثم أصبح رئيساً للوزراء. ونجح الائتلاف في تشجيع الحكومة على تحويل قطعة أرض غير مستخدمة من ملكية وزارة الأوقاف إلى ملكية محافظة الجيزة، مما يُعد خطوة مهمة في إنجاز الخطة. مع ذلك أدت التغييرات السياسية التي شملت البلد في عام 2013 وما تلاه إلى إيقاف المشروع، واستمرت معاناة منطقة أرض اللواء من نقص الأماكن العامة.
وكما هي الحال بخصوص حديقة الشهيد في الكويت، شهدت القاهرة مؤخراً مشروعاً تديره الدولة لتوفير مكان عام محاذٍ للواجهة المائية. مشروع “ممشى أهل مصر” هو خطة لتنمية كورنيش النيل تنفذها محافظة القاهرة ووزارة الموارد المائية والري. ويهدف المشروع إلى إقامة أماكن عامة يسهل الوصول إليها ومعقولة الكلفة لسكان المدينة بمحاذاة نهر النيل، ولحماية مناطق معينة على ضفة النهر من الخصخصة المحتملة في المستقبل. وهذه الأماكن العامة الجديدة مصممة لتثبيط الأنشطة غير الرسمية من قبيل الفلوكات (وهي قوارب شراعية تجارية صغيرة) وتمنع البائعين الجائلين من العمل فيها. وهذا يثير سؤالاً مشروعاً بشأن من هو المسؤول عن تغطية كلفة هذا التطوير وما إذا كانت المصلحة العامة تشمل جميع المواطنين، إذ أن الفلوكات مرغوبة شعبياً، وتمثل طريقة ترفيه معقولة الكلفة بالنسبة للعديد من السكان ذوي الدخل المتوسط. ومع ذلك، رحب العديد من سكان القاهرة بهذا المشروع، إذ سيتمكنون من التمتع بمصدر عام مهم، وهو ضفاف نهر النيل، إذا ما تم تنفيذ الخطة بحسب ما أُعلن عنها.
إن الحاجة إلى الأماكن العامة في المدن تتجاوز كثيراً مجرد إمكانية الاستفادة من الأماكن المفتوحة. فالأماكن العامة تساهم في خلق ’مشاعات‘، وهي مفهوم لا يعني فقط موارد عقارية مشتركة أو أماكن عامة متاحة لجميع سكان المدينة، ولكنها تتضمن أيضاً “أنشطة اجتماعية لها دور في إنتاج المجتمع المحلي وبنائه، وتجارب عيش نخلقها معاً” (بوكمان 2016، 67). ويشير الباحث ديفيد هارفي إلى تمييز مهم بين الأماكن العامة (الشوارع، والأرصفة، والميادين) والسلع العامة (الصرف الصحي، وإمدادات المياه، والصحة العامة، والتعليم)، وبين المشاعات الحضرية. ففي حين أن الأماكن العامة مشتركة بين العموم، إلا أن الأمر يتطلب نشاطاً سياسياً من قبل الجمهور، وليس الدولة، لتحويل الأماكن العامة والسلع العامة كي تصبح جزءاً من “المشاعات” (هارفي 2012، 72-73). وبالتالي فإن المكان الموجود مقابل مبنى البرلمان الكويتي (مثل ميدان التحرير في القاهرة) ظل قائماً كمكان عام قبل عام 2006، إلا أنه أصبح جزءاً من المشاعات الحضرية حالما بدأ الناس في التجمع هناك “للتعبير عن آرائهم السياسية وتقديم مطالبات” (هارفي 2012، 73)—عندما أطلق على المكان بصفة غير رسمية اسم ’ساحة الإرادة‘. وبالمثل، كانت الحديقة السرية مكاناً عاماً مهجوراً قبل عام 2014، إلا أنها أصبحت جزءاً من المشاعات الناشئة عندما توافد أفراد المجتمع المحلي لخلق مكان يخدم احتياجاتهم ورغباتهم على نحو أفضل. أما الخصخصة، التي تتمثل بخلق جيوب مكانية وأماكن محاطة تتضمن رقابة وسيطرة على استخدام المكان، وغيرها من العمليات العمرانية التي تخدم الطبقة الرأسمالية بصفة أساسية و/أو مصالح الدولة، فإنها تترك تأثيراً سلبياً على نوعية الحياة الحضرية والعلاقات المجتمعية في المدن في جميع أنحاء العالم (هارفي 2012، 67). ويمكن لإحياء المشاعات الحضرية أن يساعد على انحسار عملية الخصخصة وتحسين الحياة الاجتماعية في المدن، خصوصاً في أماكن مثل الكويت والقاهرة والتي يوجد فيها عدد كبير من الشباب الذي يعربون على نحو متزايد عن شعور بالإحباط من استمرار الوضع الحالي، وذلك في المجالين الثقافي والسياسي.
تُعتبر الأماكن العامة ذات أهمية حيوية لعملية ’إقامة المشاعات‘. ولكن لا يمكن تخطيطها ببساطة لتضمن أنها تلبي الاحتياجات العامة—كما تشهد على ذلك العديد من الساحات والحدائق العامة المهجورة في مدن في جميع أنحاء العالم. إن ما يجعل المكان الحضري ’عاماً‘ بالفعل، يعتمد على قدرة المكان على خلق طرق مختلفة للتواجد فيه والتفاعل مع شرائح متنوعة من السكان—جيران، وغرباء، وسواح، وجميع الآخرين الذين يتحركون عبر المدينة. ويمكن الزعم بأن المكان العام ’الناجح‘ يتطلب توفر ميزتين؛ خليط من الأنشطة التي تحدث في المكان وحوله (مع قيود محدودة)، وشكل ما من المشاركة العامة في حكم هذا المكان. وكما كتب الباحث توم بوروب لمنظمة ’مشروع الأماكن العامة‘، “عندما ينخرط الناس في تصميم الأماكن وإقامتها والمحافظة عليها، فإنهم يطورون مصلحة ثابتة في استخدام الأماكن وصيانتها. وعندما يشعرون بشعور فعلي ’بالملكية‘ أو يرتبطون بالأماكن التي يرتادونها، يصبح المجتمع المحلي مكاناً أفضل للعيش والعمل والزيارة. إن شعور السكان بالاحترام والمسؤولية إزاء المكان يربطهم بذلك المكان وببعضهم البعض. وليس بوسع أي مهندس معماري أو مخطط مدن أن يصمم أو يُنشئ مكاناً يحقق ذلك”. وبدلاً من مجرد تخطيط الأماكن العامة وتصميمها (كما في حالة حديقة الشهيد)، يجب على حكومات المدن والأقطار أن تركز على خلق سياسات حضرية—مثلاً، قوانين أقل تشدداً لتنظيم استخدام الأراضي ومنح التراخيص—تتيح إقامة مثل هذه الأماكن المجتمعية، والأنشطة الاجتماعية، وتجارب العيش (كما في حالة الحديقة السرية) أن تبزع بصفة أكثر طبيعية.
الأعمال الأكاديمية المقتبسة
النقيب، فرح. (2016). الكويت المتحولة: تاريخ للنفط والحياة الحضرية. ستانفورد، كاليفورنيا: مطبعة جامعة ستانفورد.
Al-Nakib, Farah. (2016). Kuwait Transformed: A History of Oil and Urban Life. Stanford, CA: Stanford University Press.
النقيب، فرح. (2014أ). “داخل مرفأ الخليج: ديناميات الحياة الحضرية في بلدة الكويت قبل حقبة النفط”. في كتاب الخليج الفارسي في العصر الحديث. تحرير لورنس ج. بوتر. نيويورك: بالغراف ماكميلان.
Al-Nakib, Farah. (2014a). “Inside a Gulf Port: The Dynamics of Urban Life in Pre-Oil Kuwait Town.” In The Persian Gulf in Modern Times. Edited by Lawrence G. Potter. New York: Palgrave Macmillan.
النقيب، فرح. (2014ب). “المكان العام والاحتجاجات العامة في الكويت، 1938-2012″. مجلة سيتي 18، 6: 723-734.
Al-Nakib, Farah. (2014b). “Public Space and Public Protest in Kuwait, 1938-2012.” City 18, 6: 723-734.
بوكمان، جوانا. (2015). “السيطرة على الوطن من الأسفل: الحركة التعاونية في واشنطن العاصمة”. في كتاب معضلة العاصمة: النمو وانعدام المساواة في واشنطن العاصمة. تحرير ديريك هيرا وسابيها برينس. نيويورك: روتليدج.
Bockman, Johanna. (2015). “Home Rule from Below: The Cooperative Movement in Washington, DC.” In Capital Dilemma: Growth and Inequality in Washington, DC. Edited by Derek Hyra and Sabiyha Prince. New York: Routledge.
بوروب، توم. غير مؤرخ. “5 طرق تتيح للمشاريع الفنية تحسين المجتمعات المحلية التي تعاني من مشكلات“.
Borrup, Tom. N.D. “5 Ways Art Projects Can Improve Struggling Communities.”
بوروب، توم. 2006. دليل البناة المبتكرين للمجتمع المحلي: كيفية تحويل المجتمعات المحلية باستخدام الأصول والفنون والثقافة المحلية. سانت بوول، مينيسوتا: فيلدستون ألاينس.
Borrup, Tom. 2006. Creative Community Builder’s Handbook: How to Transform Communities Using Local Assets, Arts, and Culture. St. Paul, MN: Fieldstone Alliance.
هارفي، ديفيد. (2012). مدن ثائرة: من الحق بالمدينة إلى الثورة الحضرية. لندن: فيرسو.
Harvey, David. (2012). Rebel Cities: From the Right to the City to the Urban Revolution. London: Verso.
تيتريولت، ماي آن. (2012). “البحث عن ثورة في الكويت“. مشروع الشرق الأوسط للأبحاث والمعلومات.
Tétreault, May Ann. (2012). “Looking for Revolution in Kuwait.” Middle East Research and Information Project.
تونكيس، فران. (2005). المكان والمدينة والنظرية الاجتماعية: العلاقات الاجتماعية والأشكال العمرانية. كامبريدج: بوليتي برس.
Tonkiss, Fran. (2005). Space, the City and Social Theory: Social Relations and Urban Forms. Cambridge: Polity Press.
الهوامش
[1] الديوان الأميري يمثل السلطة التنفيذية في حكومة الكويت.
[2] للاطلاع على تحليل شامل لحركة المعارضة السياسية الكويتية في فترة ما بعد عام 2011، بما في ذلك السياق التاريخي الذي انطلقت منه، انظر تيترولت 2012. وللاطلاع على تاريخ مكاني لحركات المعارضة السياسية في الكويت، بما في ذلك الحركة التي انطلقت في عام 2011، انظر النقيب 2014ب.
The content of this website is licensed by TADAMUN: The Cairo Urban Solidarity Initiative under a Creative Commons Attribution-NonCommercial-ShareAlike 3.0 Unported License
Comments