لقد طور المجتمع المدني المصري وصاغَ خلال السنوات الماضية رؤيته ومطالبه بتحقيق مشهد سياسي واجتماعي أكثر إنصافاً ومساواة، وبدأ العديد من المصريين إعادة التفكير بمعنى تراثهم الثقافي. فقد ظلت المواقع التراثية المصرية تعاني لسنوات “بسبب تدهور أوضاع المناطق المحيطة بها ونقص الصيانة المستمرة”، واستمرت التحديات التي يواجهها قطاع المحافظة على التراث، ثم تفاقمت بعد يناير/ كانون الثاني 2011، إذ استمرت التأثيرات السلبية على المواقع التراثية من جراء إهمال الدولة، والتعديات غير القانونية، والتلوث، وحالات النهب المتزايدة. وفي حين عبّرت الثورة عن مطلب جماعي بإقامة مجتمع أكثر عدلاً وديمقراطية، وليس فقط من حيث التمثيل السياسي أو حتى النظام السياسي نفسه، بل أيضاً جميع جوانب المجتمع، انخرطت طائفة واسعة من الفاعلين من المجتمع المدني، والقطاع الخاص، والمنظمات الأكاديمية، ومؤسسات الدولة، في تعريف التراث الثقافي المصري وتطويره وحمايته.
صرح رئيس الجهاز القومي للتنسيق الحضاري، سمير غريب، في فبراير/ شباط 2014، بالقول “لقد عشنا منذ عام 2011 في حقبة السقوط العظيم للعمران المصري”. ومع ذلك، عانى التراث الثقافي المصري من تدهور قبل مدة طويلة من عام 2011؛ ولم تعمل الثورة إلا على مفاقمة المشاكل القائمة أصلاً. وسيناقش القسم التالي بعض أهم المشاكل والتحديات التي تواجه الحفاظ على التراث في مصر.
تاريخياً، ظلت جهود الدولة المصرية لحماية التراث الثقافي العمراني تتحدد بقدرة الموقع المعني على توليد الدخل من السياحة. وبالتالي، حظيت المواقع الأثرية الشهيرة ذات القيمة السياحية الكبيرة من قبيل إهرامات الجيزة والأقصر بمعظم الموارد. ونتيجة لذلك، عانى عدد من المواقع الثقافية المهمة من إهمال شديد. وتوفر حالة قصر السكاكني في منطقة الظاهر مثالاً على إهمال الدولة المزمن للتراث المعماري في مصر. أنشئ هذا القصر في عام 1897، وهو مهم لسكان المنطقة، ليس فقط لجماله، بل لأنه يمثل نواة للتصميم العمراني للمنطقة إذ تتفرع من موقعه ثمانية شوارع رئيسية. ومنذ وفاة صاحبه في عام 1923، وهو رجل الأعمال حبيب السكاكيني، ظلت حالة القصر تتدهور بسبب عدم اهتمام الحكومة به، وبات القصر حالياً ظلاً لمجده السابق، إذ ظهرت التشققات على شرفات القصر، في حين امتلأت الحديقة بالأعشاب البرية، كما تدهور القصر من الداخل. ورغم أن القصر ظل مفتوحاً للجمهور من الناحية النظرية، إلا أن الزوار الوحيدين خلال السنوات الماضية هم طلاب كليات الفنون. ويشكل القصر جزءاً مهماً من الهوية التاريخية والثقافية لمنطقة الظاهر، ومع ذلك حُرم سكان المنطقة من حقهم في التمتع بجمال هذا المكان بسبب إهمال الدولة. وثمة مواقع ثقافية مصرية عديدة عانت من المصير نفسه، كما أغلق العديد منها بسبب نقص الصيانة.
ثمة قوانين مخصصة لحماية التراث العمراني في مصر (القانون رقم 117/1983، والقانون رقم 178/1961، والقانون 144/2006) إلا أنها أدت إلى تهديد البيوت التاريخية، وأحيانها هدمها، بسبب غموض المصطلحات القانونية. وبصفة عامة، فإن الآثار محمية بموجب القانون 117 لسنة 1983، أما المباني ذات القيمة المعمارية أو الأهمية التاريخية فهي محمية بالقانون رقم 178 لسنة 1961. وينظم القانون 144 تراخيص الهدم ويُعنى بحماية المباني ذات القيمة المعمارية المميزة. وبموجب القانون رقم 117، تُصنف المباني بأنها “تاريخية” إذا كان يمكن عزوها إلى أحد التأثيرات الثقافية الأساسية في مصر (اليونانية، والمسيحية، والإسلامية، والمصرية القديمة)، وتحظى بحماية وزارة الآثار. وفي المقابل، يتضمن القانون رقم 144 تصنيفاً أكثر غموضاً “للتراث”، وليس ثمة وزارة أو مؤسسة حكومية مسؤولة صراحةً عن التصنيف الرسمي أو عن حماية المباني التراثية. ونتيجة لهذه الثغرات القانونية، يتعين على مالكي العقارات الذين يرغبون بهدم مباني تراثية أن يطلبوا إذناً من لجنة التراث المؤلفة من متخصصين وممثلين عن المحافظة ووزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية. وإذ لم يصدر الإذن، بوسع المالك رفع شكوى إلى المحكمة يزعم فيها أن المبنى المعني لا يتمتع بقيمة تاريخية. وغالباً ما يفوز المشتكون بهذه القضايا إذ تستعين المحكمة بخبير آثار ليؤكد الزعم بأن المبنى المعني ليس ذا قيمة تاريخية، إذ تظل معايير “القيمة التاريخية” غامضة. ومن خلال نزع وضع الحماية عن هذه المباني، تعمل هذه الأحكام على إزالة جميع العوائق القانونية التي تمنع هدم المبنى.
شهدت الإسكندرية تزايداً في هدم الفلل التاريخية في المدينة، وفي أعمال البناء غير القانونية. ويعزو كثيرون هذا الأمر إلى مافيا العقارات في الإسكندرية، وهي شبكة معقدة من أصحاب العقارات وضباط الشرطة الفاسدين، وأصحاب مشاريع البناء والذين ساهموا بصفة جماعية في محو التراث العمراني للمدينة. ويُعرف عن هذه المافيا أنها تقوم “بدفع المال لسكان المباني التاريخية أو ترهيبهم لدفعهم إلى مغادرتها، أو خلع أبوابها وشبابيكها وغمرها بالمياه” مما يدفع الدولة إلى إعلانها مؤهلة للهدم. وبعد ذلك يقوم أصحاب مشاريع البناء بإقامة مباني شقق سكنية رخيصة، ومعظمها لا يلتزم بأنظمة البناء، وغالباً ما تكون غير آمنة إلى درجة خطيرة. ويجري بناء هذه المباني بأقصى سرعة ممكنة، حيث يجري بيع الشقق في الطوابق العليا أولاً لتجنب التبعات المحتملة ولتعقيد المسألة من الناحية القانونية فيما إذا سعت الدولة إلى إزالة الوحدات السكنية المخالفة للقانون. ومع ذلك، نادراً ما يواجه أصحاب مشاريع البناء أي تبعات قانونية. ومنذ ثورة 25 يناير/ كانون الثاني، ازدادت هذه الأنشطة زيادة هائلة، ويمكن عزوها إلى انعدام الاستقرار السياسي الذي يعطل أجهزة الدولة أو بسبب زيادة استعداد المسؤولين الحكوميين لقبول الرشاوى بسبب الحاجة الاقتصادية، أو ربما السببين معاً. وبما أن الدولة غير قادرة على فرض القوانين القائمة التي تجعل هذا النوع من البناء غير قانوني، فقد عانى التراث العمراني للإسكندرية بشدة، وبات سكان المدينة يُحرمون تدريجياً من حقهم في التراث الثقافي للمدينة.
لا يقتصر الأمر على أن المصريين خسروا أجزاء كبيرة من تراثهم الثقافي بسبب الإهمال المنهجي، فقد انحازات سياسات الدولة على نحو غير متناسب إلى فتح المواقع الأثرية والتراثية أمام السواح. وسعياً من الدولة إلى زيادة الإيرادات إلى الحد الأقصى، فقد نفذت مشاريع إنمائية عزلت المواقع التراثية عن المجتمعات المحلية المحيطة بها، وهي ظاهرة تُعرف بعبارة “السياحة المطوّقة”. وثمة مشروع إنمائي لتجديد الأقصر يمثل نموذجاً لهذا المفهوم. فبعد عرض فكرة المشروع في عام 1999، غادرت الشركة الأمريكية التي صممت المشروع، وظل المشروع مجمداً لمدة ست سنوات. بعد ذلك جدد محافظ الأقصر السابق، اللواء سمير فرج، الاهتمام بالمشروع في العقد الماضي. وتمت الموافقة على التصميمات في نهاية المطاف، وستبلغ كلفتها مئات ملايين الدولارات، ومن المتوقع أن ينتهي العمل بالمشروع في عام 2030. وتصر الدولة على أن هذه الجهود الإنمائية ستزيد الإيرادات من السياحة وستساعد في تخفيف الأزمة الاقتصادية المتعاظمة؛ ولكن تم توجيه انتقادات شديدة للمشروع بسبب تغاضيه بصفة تامة عن السكان الذين يعيشون بين المواقع الأثرية الفرعونية.
غالباً ما تحظى هذه السياسة برعاية الدولة المصرية نفسها، وهي تمثل قضيتين متعلقتين بالتعامل مع التراث الثقافي في مصر: التوزيع غير المتناسب للأعباء والإيرادات المرتبطة بالسياحة، والتعريف الضيق لما يُشكل تراثاً، وهو تعريف يتجاهل تنوع الثراء الثقافي لمصر. ويمثل هدم قرية القرنة مثالاً جيداً على هاتين القضيتين. فقد أقيمت القرية بين القبور في الأقصر منذ أكثر من قرن، إلا أنها هدمت في ديسمبر/ كانون الأول 2006 بغية المحافظة على سلامة منظر القبور. وقد انتقل سكان القرية إلى أطراف المنطقة السياحة مما حرم العديد منهم من مصدر دخلهم كما حرمهم من جزء من هويتهم الثقافية. وفي الوقت نفسه، بات السواح الذين يجلسون في مطعم مكدونالد الجديد في الأقصر يتمتعون “بمشهد رائع للمعبد القديم الذي يبلغ عمره 3,300 عام”. علاوة على ذلك يمثل هدم قرية القرنة ازدراءً للتراث الثقافي اللاحق للعصر الفرعوني. فعلى الرغم من أن هذه القرية موجودة منذ أكثر من قرن، وبالتالي تساهم في الهوية الثقافية للأقصر، فقد أزيلت من المنطقة السياحية لجعل المنطقة محصورة على التراث الفرعوني، وهذا يتجاهل التنوع الزمني والبصري للتراث الثقافي العمراني للأقصر، ويحصر الأهمية الثقافية للأقصر بالحقبة الفرعونية. وتوضح هذه الحالات المفهوم الذي تنتهجه الدولة المصرية والذي تحابي فيه مصلحة السواح على حساب مصلحة المواطنين المصريين، لا سيما الفقراء منهم، فيما يخص إمكانية الوصول إلى أجزاء كبيرة من التراث الثقافي العمراني.
ومن بين التأثيرات الأخرى لانعدام الاستقرار الذي تبع الثورة وهو ازدياد حالات التخريب والنهب للمواقع الأثرية والمتاحف المصرية. فوفقاً لقناة الجزيرة، حدثت زيادة بنسبة%1000 في إجمالي حالات النهب منذ ثورة عام 2011. أما أبرز الحالات المعروفة لهذه الظاهرة فهي نهب متحف ملوي في المنيا. ففي بدايات أغسطس/ آب 2013، اقتحم لصوص المتحف ونهبوا أكثر من 1000 قطعة من محتويات المتحف التي يبلغ عددها 1041 قطعة تعود للعهود المصرية القديمة والحقبة الإسلامية. ثم بيعت بعض هذه القطع لمشترين خلال ساعات من عملية النهب، في حين تم تهريب قطع أخرى إلى خارج البلد وبيعت في الخارج. ومن بين الأمثلة لأخرى الهرم الأسود في دهشور الذي حفر فيه اللصوص ثقوباً بحثاً عن القطع الأثرية. كما اقتحم اللصوص المقابر المصرية القديمة في أبو صير الملق، ونهبوا محتويات القبور، ويقدّر أنه لم يتبقَ من هذه المحتويات سوى 30% من كميتها الأصلية. وتُعزا هذه الزيادة الكبيرة في أعمال النهب إلى التباطؤ الاقتصادي وإلى ضعف الأجهزة الأمنية المعنية بحراسة متاحف البلد ومواقعه الأثرية. ونظراً للصعوبات الاقتصادية التي نشأت عن انعدام الاستقرار السياسي، “بات إغراء الربح من النهب لا يقاوم بالنسبة لأفراد عديدين” (الجزيرة). علاوة على ذلك، يُقدّر صالح لمعي مصطفى الذي يعمل في ترميم المباني الإسلامية أن عدد عناصر شرطة الأثار يبلغ 300 شخص، وأن هؤلاء العناصر يحملون مسدسات فقط وغير قادرين على ردع اللصوص الذين يحملون أسلحة أكثر فتكاً.
تعرضت آثار عديدة لأضرار أو دمار تام نتيجة للعنف الثوري. فقد لحقت أضرار فادحة بمتحف الفن الإسلامي عندما انفجرت سيارة مفخخة خارج المبنى في 24 يناير/ كانون الثاني 2014. وكان المبنى نفسه مصمماً على الطراز المملوكي وأقيم في عام 1902، وقد أصيب بأضرار فادحة من جراء الانفجار. وقد تحطمت نوافذ المبنى كما تدمرت أجزاء كبيرة داخله. وتضررت 164 قطعة من المعروضات، ومن بينها 74 قطعة لا سبيل إلى إصلاحها. كما تضرر المبنى المجاور، وهو دار الكتب الذي يضم عدداً كبيراً من المخطوطات التاريخية. ووفقاً لتقارير الأنباء، تدمرت ثمانية من تلك المخطوطات دماراً تاماً، كما تعطل نظام التكييف الحراري في المبنى مما يعرض بقية الكتب للتلف.
شهدنا منذ عام 2011، مع تحفيز الوعي السياسي لجماهير المصريين، تعبئة شعبية تدعو إلى الحفاظ على التراث. وقد برز أفراد ومبادرات من جميع فئات المجتمع المصري وتكاتفوا معاً كناشطين معنيين بالتراث ليصيغوا “الحق في التراث” بما يتلائم مع روح المشاركة المدنية والعدالة. وقد استخدم هؤلاء النشطاء مزيجاً من الاستراتيجيات تتفاوت في نطاقها وجمهورها. ففي حين ركزت بعض المبادرات على التوعية بقضايا تدمير التراث، سعت أخرى للضغط على الدولة من أجل المحافظة على الممتلكات التاريخية وحمايتها، كما انخطرت مبادرات أخرى في أنشطة خيرية لتنظيف المباني أو المساحات ذات القيمة الثقافية من أجل إعادتها للاستخدام العام.
ربما كان المثال الأوضح للنشاط التراثي في مصر هو عمل مبادرة ’أنقذوا الإسكندرية‘ التي تأسست في عام 2012 وأعلنت أنها “ملتزمة بحماية البيئة المعمورة في مدينة الإسكندرية وتحسينها”. وتستخدم المبادرة عدداً من الاستراتيجيات لتحقيق مهمتها، وقد كرست جزءاً كبيراً من تواجدها في الفضاء الرقمي لأنشطة المناصرة والدعوة. وتستخدم المبادرة موقع فيسبوك لنشر المعلومات والتوعية بشأن الاعتداءات على التراث العمراني في الإسكندرية، مع تركيز خاص على الفلل التاريخية. وثمة عدد متزايد من الفلل التاريخية في المدينة معرض للهدم، أو تم هدمها فعلاً، وتعمل المبادرة على نشر تاريخ هذه الفلل، وتسرد المحاولات الرامية إلى هدمها، والجهود الرامية لإنقاذها. أعدت المبادرة أيضاً عدداً من الوثائق التي تتراوح من تقارير حول الوضع الحالي للفلل التاريخية، إلى شرح للهيكل القانوني الذي يُفترض به أن يحمي المباني التاريخية. وقد شجع عمل المبادرة والنجاح الذي حققته نشوء مبادرات شبيهة من قبيل ’أنقذوا القاهرة‘ و ’أنقذوا المنصورة‘.
وعلى سبيل المثال، أطلقت مبادرة ’أنقذوا المنصورة‘ حملة على موقع فيسبوك لإنقاذ مسرح المنصورة من الهدم بعد تعرضه لأضرار كبيرة بسب انفجار حدث في 24 ديسمبر/ كانون الأول 2013. وتنشر المبادرة مقالات جديدة تتعلق بالوضع الحالي للمسرح، وقد شرعت في جمع تواقيع على عريضة من أجل الضغط على الحكومة للمحافظة على المسرح بدلاً من هدمه. وقد نجحت المبادرة في مسعاها، إذ يجري العمل حالياً على ترميم المسرح.
نظم الناشطون أيضاً اعتصامات كوسيلة للضغط على الدولة للتدخل في حالة هدم مبنى تاريخي بصفة مخالفة للقانون، أو كوسيلة لإجبار الدولة على التراجع عن قرارها عندما يتم الترخيص بالهدم. وقد استخدم المواطنون والمهنيون والأكاديمون المهتمون هذا الأسلوب. وقد حقق نجاحاً عندما ترافق مع أساليب أخرى للتواصل مع القنوات الرسمية في الدولة. وتمثل الجهود التي بذلتها مبادرة ’أنقذوا الإسكندرية‘ لإنقاذ فيلا شيكوريل من الهدم مثالاً جيداً لفاعلية الاحتجاجات كأسلوب للناشطين المعنيين بالتراث. وكانت هذه الفيلا قد أنشئت في بدايات القرن العشرين، وأزيلت من سجل المواقع التراثية من قبل رئيس الوزراء الجنزوري في يناير/ كانون الثاني 2012، لذا باتت مهددة بالهدم. وعندما علمت مبادرة ’أنقذوا الإسكندرية‘ بهذا القرار، نظمت أكبر احتجاج صامت غير سياسي في تاريخ المدينة أمام الفيلا في 3 مايو/ أيار 2012، وذلك لإقناع رئيس الوزراء حينها بالتراجع عن قراره. إضافة إلى ذلك، اتصل الناشطون بمسؤولي الدولة لعرض قضيتهم والمطالبة بعدم هدم الفيلا. وفي 11 مايو/ أير 2012، دفعت الجهود التي بذلتها المبادرة رئيس الوزراء إلى التراجع عن قراره السابق، وأصدر القرار رقم 488 الذي يحظر هدم فيلا شيكوريل. وقد استخدمت مبادرات أخرى هذا الأسلوب أيضاً، من قبيل ’مبادرة تراث مصر الجديدة‘، ومبادرة ’أنا من الظاهر‘.
ثمة عدة مبادرات تعمل على التوثيق والأرشفة كوسيلة لتسجيل الاعتداءات على التراث الثقافي في مصر. استخدمت مبادرة تراث مصر الجديدة أساليب متنوعة لتحقيق مهمتها، إلا أنها ركزت على توثيق وأرشفة التراث العمراني في مصر الجديدة. وأعلنت المبادرة عند تأسيسها عن مسابقة تصوير فوتوغرافي بهدف إشراك أعضاء المجتمع المحلي في توثيق التراث المعماري لمنطقة مصر الجديدة، وعُرضت الصور الفائزة على جداران الحي وأسيجته فيما وُصف بأنه معرض صور شعبي. إضافة إلى ذلك، نظمت المبادرة جولات سيراً على الأقدام عبر الضواحي لتوفير فرصة للسكان للتعرف على تاريخ المنطقة ولالتقاط صور للمباني التراثية. وأتاح التوثيق تنظيم أرشيف للتراث المعماري لمنطقة مصر الجديدة، وكذلك رصد أوضاع المباني ذات الأهمية التاريخية المعرضة للهدم. وبغية أضفاء المركزية على هذه الجهود، أسست المبادرة مشروعاً باسم ’عيون مصر الجديدة‘ وهو عبارة عن “حراسة مجتمعية” مكلفة بتوثيق التراث المعماري للمنطقة والإبلاغ عن الاعتداءات على البيئة العمرانية. وتتعاون المبادرة بصفة منتظمة مع ميكال حنا، وهو يدير مدونة حول البيئة وحفظ التراث في القاهرة منذ عام 2005.
من المهم إدارك أن العديد من المبادرات التي تشكل هذا التجمع الحيوي للنشطاء المعنيين بالتراث تهتم بنطاق واسع من القضايا، وأنها تشكلت أصلاً من قبل مهنيين وأكاديميين يعملون في مجال التوسع العمراني أو الهندسة المعمارية، فقد شهدنا أيضاً عدداً من أنشطة التعبئة المجتمعية التي نشأت داخل الأحياء المختلفة. أما الأمر الذي يجعل أنشطة التعبئة المجتمعية مميزة عن المبادرات التي تناولناها أعلاه، فهي أنه تنزع للاهتمام بنطاق ضيق من القضايا، وتنحو إلى المحلية. فعلى سبيل المثال، يضم تجمع “أنا من الظاهر” أفراداً من سكان حي الظاهر، وهو من ضواحي القاهرة، الذين بدأوا بتنظيم أنفسهم في أكتوبر/ تشرين الأول 2013 للضغط على الدولة لإعادة فتح قصر السكاكيني (الذي أشرنا إليه أعلاه) للجمهور. وقد شعر السكان بالسخط من جراء تجريدهم من أهم الممتلكات الثقافية في حيهم بسبب أهمال الدولة، لذا طالبوا بترميم المبنى وإعادته إليهم. وبالتالي، نظموا احتجاجات خارج القصر وتواصلوا مع المسؤولين الحكوميين لإبلاغ الحكومة بشواغلهم. وقد ردت الدولة إيجابياً لغاية الآن على جهود المجتمع المحلي، ووضعت وزارة الآثار خططاً لترميم المبنى وساحاته. وتتميز مبادرة ’أنا من الظاهر‘ عن غيرها من المبادرات من قبيل ’أنقذوا الإسكندرية‘ و ’مبادرة تراث مصر الجديدة‘ في أنها مبادرة تشكلت بأكملها داخل المجتمع المحلي. أما مبادرة ’أنقذوا الإسكندرية‘ فقد شكلها أفراد من الأكاديميين والمهنيين المهتمين بقضية تعرض التراث الثقافي للمحو. وبالتالي، فإن المبادرة معنية بالمحافظة على السمات المعمارية للإسكندرية بصفة عامة، رغم أنها ركزت جهودها على إنقاذ الفلل التاريخية من الهدم. وفي مقابل ذلك، لم تكن الحملة الرامية إلى إعادة فتح قصر السكاكيني جزءاً من برنامج أوسع للتوعية بالإهمال المنهجي للممتلكات التاريخية، بل عمل سكان منطقة الظاهر على تنظيم أنفسهم لتلبية رغبه نشأت من المجتمع المحلي. وإذا نظرنا إلى جهود مبادرة ’أنا من الظاهر‘ إلى جوار العمل الذي قامت به مبادرات من قبيل ’أنقذوا الإسكندرية‘ فسيتضح أن هناك اهتماماً متزايداً بالتراث المصري، ورغبة متوقدة بين المصريين العاديين بأن يتمكنوا من الوصول إلى المباني والمساحات ذات الأهمية الثقافية.
في حين طبقت الدولة تاريخياً سياسات عملت على الفصل المادي بين المواقع الأثرية والمجتمعات المحلية المحيطة بها، عمل أعضاء من القطاعين العام والخاص على مكافحة هذا التوجه. وتمثل مبادرة ’الأثر لنا‘ مثالا على الكيفية التي يمكن أن تتم بها الأمور على نحو مختلف، وهذه المبادرة هي تجمّع للحفاظ على التراث تديره جمعية الفكر العمراني (مجاورة). وقد بدأت المبادرة بعد ورشة عمل تشاركية للتصميم ركزت على حي الخليفة في القاهرة التاريخية، وطرحت سؤالاً حول العلاقة بين المواقع التراثية وبين محيطها، وكيف يمكن أن تصبح المواقع التراثية مفيدة للمجتمعات المحلية. وتعتقد مي الأبراشي، وهي من مؤسسي جمعية مجاورة، أنه على النقيض من مفهوم “السياحة المطوّقة”، لا يمكن النظر إلى المواقع التراثية بمعزل عن محيطها والمجتمعات المحلية التي تقع ضمنها. وتؤمن مبادرة ’الأثر لنا‘ أنه كي تتمكن المجتمعات المحلية من المشاركة في جهود الحفاظ على التراث، يجب أن يكون التراث الثقافي مفيداً لهم؛ ويجب النظر إلى التراث “كمورد، وليس كعبء“. ومن الأمثلة على الأعمال التي نفذتها المبادرة ترميم قبة شجرة الدر، وإعادة تأهيل مباني يعود تاريخها إلى بدايات القرن العشرين وتحويلها إلى مراكز مجتمعية توفر برامج مجتمعية تركز على التعليم والصحة العامة وبناء القدرات إضافة إلى برامج ثقافية للمعنيين بالتخطيط العمراني والمهندسين المعماريين. إضافة إلى ذلك، تأسست مدرسة الخليفة للتراث في عام 2014، وهي تهدف إلى تعليم الأطفال المحليين عن التراث من خلال الفنون والحرف اليدوية والرياضة والأنشطة الدينية إضافة إلى تحسين قدرتهم الأساسية على القراءة والكتابة.
بهدف حماية التراث العمراني لمصر والآثار التاريخية في الفترات التي تشهد تزايداً في العنف وأعمال النهب، بادر عدد من المهنيين بمن فيهم موظفون في الدولة لإقامة شبكة من الأفراد المدربين لتوفير عناية ملائمة للقطع الأثرية النادرة والتي تتطلب حرصاً في التعامل معها، وذلك استجابة لأوضاع الطوارئ والأزمات. تأسست المؤسسة المصرية لإنقاذ التراث في عام 2012 من قبل مجموعة من موظفي وزارة الآثار الذين شاركوا في دورة تدريبية لمدة أسبوعين حول الاستجابة الطارئة، وذلك برعاية المركز الدولي لدراسة صون وترميم الممتلكات الثقافية. وبعد الدورة التدريبية، احتشد هؤلاء الموظفون المهتمون كي يشاطروا معارفهم مع موظفي الدولة وموظفي المتاحف بشأن الاستجابة الطارئة والعناية الملائمة للقطع الأثرية. كما نظموا ورشات عمل إقليمية دربوا فيها مشاركين من 6 بلدان حول أفضل الممارسات لحفظ التراث في أوقات الأزمات. وبعد الاعتداء بسيارة مفخخة في يناير/ كانون الثاني 2014 الذي تسبب بأضرار للمتحف الإسلامي الذي يضم أيضاً المكتبة الوطنية والأرشيف الوطني، توجّه فريق المؤسسة المصرية لإنقاذ التراث إلى الموقع خلال 45 دقيقة ووضع إجراءات طارئة. وعمل الفريق بالتعاون مع موظفي المتحف وموظفي وزارة الآثار على تقييم الأضرار، وإرساء الاستقرار على مقتنيات المتحف ووضعوا خطة لإخلاء القطع الأثرية. ويتمثل هدفهم الحالي في تشكيل فريق من المستجيبين في الحالات الطارئة في كل محافظة، وتعيين شخصين مدربين على الأقل في كل متحف في مصر.
تمثل المبادرات التي تناولناها هنا أمثلة على أعضاء من قطاعات متنوعة من المجتمع المصري الذين بدأوا معاً في صياغة “الحق في التراث”، سواءً في الخطاب أو في الممارسة العملية، والذي تعرض لاعتداءات منذ عدة عقود. ومن خلال هذا النشاط الجماعي للنشطاء والمبادرات المعنيين بالتراث، بات تعريف “التراث” يتضمن إشكاليات كما تم توسيعه. ويجري حالياً صياغة مفهوم التراث الثقافي بوصفه أمراً يشمل الجوانب الملموسة وغير الملموسة من جميع الثقافات والجماعات الإثنية والهويات الدينية التي تعايشت ضمن حدود مصر. ويمكن تعريف هذا الحق بصفة عامة بخمس خصائص، والتي تناقشها مبادرة تضامن في مفهومها لـ “الحق في التراث“:
كان التعريف الذي تبنته الدولة قبل الثورة المصرية تعريفاً غامضاً. فالمادة 12 من دستور عام 1971 تحدده ببساطة بأنه “التراث التاريخي للشعب”. وتم توضيح المفهوم في قوانين أخرى، وحتى في دستور عام 2013 وبات يشمل “كل أنواع التراث الثقافي من العصور الفرعونية والإسلامية والقبطية والحديثة”. وتعكس هذه اللغة موقف الدولة فيما يتعلق بالتراث الثقافي الذي يحابي التراث الفرعوني والإسلامي والقبطي. إضافة إلى ذلك، وعلى الرغم من وجود إشارة غامضة إلى جوانب أخرى من التراث الثقافي المصري، وجهت الدولة المصرية في الممارسة العملية الغالبية العظمى من مواردها نحو الحفاظ على الآثار والنُصب التي تنضوي تحت هذه الفئات الثلاث.
ومن خلال العمل الجماعي للنشطاء والمبادرات المعنيين بالتراث، تم إضفاء جانب إشكالي إلى التعريف وتوسيعه. فالتراث الثقافي الذي تجري صياغته الآن يشمل الجوانب الملموسة وغير الملموسة من جميع الثقافات والجماعات الإثنية والهويات الدينية التي تعايشت في حدود مصر. فعلى سبيل المثال، نشرت مبادرة ’أنقذوا الإسكندرية‘ عدداً من الوثائق على صفحتها على موقع فيسبوك تتعامل مع الغموض الذي يلف القانونين 117 و 144. فعلى الرغم من الصياغة الغامضة في القانونين التي قادت إلى إزالة مباني معينة من قائمة التراث المعماري للإسكندرية، أصرت المبادرة على أن “هذا التصنيف لا ينفي قيمة تلك المباني للتراث الثقافي المصري”. ومن خلال الإصرار على أن تلك المباني تشكل جزءاً من التراث المصري، فقد طرحت مبادرة ’أنقذوا الإسكندرية‘ مطالبة ضمنية لاعتماد تعريف أكثر شمولاً للتراث الثقافي في الإسكندرية، تعريفاً يتضمن السمات المعمارية الجماعية للمدينة بدلاً من سمات مباني محددة.
هذا الحق الناشئ المتعلق بالتراث يتضمن أيضاً إصراراً على وجوب إتاحة الوصول إليه أمام جميع الناس. وقد ظل معظم جمهور المصريين، ومنذ سنوات عديدة، محروماً من إمكانية الوصول إلى التراث الثقافي والتمتع به بسبب ’السياحة المطوّقة‘ والإهمال المنهجي للمواقع ذات الأهمية الثقافية. وقد ركزت جميع المبادرات تقريباً، ومنذ الثورة، جهودها على زيادة إمكانية المصريين في الوصول إلى التراث المصري، سواء من خلال مكافحة الإهمال الرسمي للتراث الثقافي، أو من خلال إشراك المجتمعات المحلية المقيمة بجوار المواقع التاريخية، كما فعلت مبادرة ’الأثر لنا‘، فقد أوضحت تلك المبادرات بأن الوصول إلى التراث الثقافي يجب أن يشمل الجميع.
إلى جانب الجهود الرامية إلى زيادة إمكانية الوصول إلى التراث الثقافي، كان هناك إصرار مرافق ووثيق الصلة بوجوب أن يعود التراث الثقافي بالفائدة على المجتمعات المحلية المحيطة. ويصب هذان المفهومان في خطاب ناشئ أوسع يؤكد على الوظيفة الاجتماعية للعقارات الثقافية. وبمعنى آخر، ثمة مسؤولية على مالكي الأرض وعلى الدولة أن يضمنوا الاستخدام المنتج للعقار المعني. واستناداً إلى هذا المنطق، يحق لكل شخص أن يصل إلى المواقع التراثية، ويجب أن تعود هذه المواقع بالفائدة على المجتمعات المحلية المحيطة. وقد تمت صياغة هذا الحق من خلال ممارسات النشطاء المعنيين بالتراث، من قبيل سكان منطقة الظاهر الذين عملوا على فتح قصر السكاكيني. وفي حين ظل القصر مهملاً لعدة سنوات ولم يكن ملائماً لاستخدام الجمهور، إلا أن السكان أدركوا قيمة العقار بالنسبة للمجتمع المحلي وطالبوا بفتحه.
يشمل الحق في التراث مفهوم وجوب إقامة توازن بين المصالح الخاصة وبين حقوق الجمهور. وهذا يرتبط أيضاً بفكرة أن العقار يتضمن وظيفة اجتماعية. وفي حين قد يحق للفرد أن يجري تعديلاً على أملاكه الخاصة، يجب عليه/عليها أن يقر بأن العقار المعني هو جزء من المجتمع المحلي المحيط ومن المدينة. وفي سياق التراث الثقافي، ثمة التزام على مالكي المباني ذات القيمة الثقافية أن يضمنوا أن ملكيتهم الخاصة تخدم المجتمعات المحلية المحيطة وتُستخدم على نحو منتج. ومع ذلك، هذا يثير سؤالاً بخصوص ما إذا كان يحق لمالك مبنى تاريخي أن يهدم المبنى، حتى في الحالات التي لا يتمكن فيها المالك من تحقيق إيرادات من ملكيته.
وتوفر فلل الإسكندرية مثالاً جيداً على هذه القضية. فكما ناقشنا أعلاه، تتزايد عمليات هدم البيوت التاريخية المملوكة لأفراد. وفي حين تعود المسؤولية في العديد من حالات الهدم إلى مافيا العقارات، ثمة أصحاب عقارات ممن لا يبيتون نوايا سيئة قرروا هدم العقارات التي يملكونها. ويشير هؤلاء المالكين عادة إلى نظام ضبط الإيجار الذي يعود إلى حقبة السادات والذي لا يزال ينطبق على عدد من الفلل التاريخية. ويتطلب قانون الإيجارات القديم من مالكي العقارات تجديد اتفاقيات الإيجار بنفس قيمة الأجرة، ويتيح توريث عقد الإيجار للزوج أو الزوجة وللأبناء. وفي الوقت الحالي، يدفع ساكنوا المباني الخاضعة لهذا القانون أجرة زهيدة جداً لمالكي العقارات. وفي حين تُعتبر هذه الفلل مهمة للتراث الثقافي المصري، فهل ينبغي على مالكي العقارات أن يعملوا على نفع الصالح العام في الوقت الذي لا يحصلون فيه حتى على أجر يكفي لصيانة هذه العقارات؟ وقد سعت مبادرة ’أنقذوا الإسكندرية‘ إلى تحري هذه القضية وتطوير حلول عادلة للجمهور وتنصف مالكي العقارات. ومن خلال جهدها هذا، صاغت المبادرة هذا الجانب الصعب من الحق في التراث.
ختاماً، لا يقتصر الحق في التراث على هذا الجيل فقط، بل هو حق لكل الأجيال القادمة. وفي نهاية المطاف، تتركز الجهود الجماعية لهولاء الناشطين على هذا الجانب من الحق في التراث. وسواء أكان هؤلاء الناشطون يحتجون على هدم المباني، أو يوثقون المباني التاريخية، أو ينظفون المواقع المهملة، فإنهم يعملون على ضمان عدم تعرض التراث الثقافي المصري للمحو.
إن الجهود التي يبذلها النشطاء والمبادرات من المعنيين بالتراث الثقافي المصري هي جهود مُلهِمة. وقد عملوا دون كلل لضمان إيقاف الإهمال والمحو الذي يتعرض له تراثهم، وبالتالي فقد بدأوا بصياغة حق شامل بالتراث. مع ذلك، وكما هو الحال بخصوص جميع الحقوق، فإن مجرد صياغة الحق لا يضمن تطبيقه. وفي غياب البنى الأساسية السياسية والقانونية والاجتماعية التي تحمي الحق في التراث وتتيح سنّه رسمياً، سيظل التراث المصري عرضة للإهمال والاعتداءات. إن دستور عام 2014 هو الدستور الأكثر تقدمية فيما يتعلق بالإقرار بتنوع التراث الثقافي المصري والتأكيد على أهمية الحفاظ على هذا التراث.[i] مع ذلك، يجب إقرار تشريعات تحدد ما يمثل تراثاً مصرياً وتحدد دور الدولة في حماية وتشجيع التراث القومي. علاوة على ذلك، يجب تعديل الإطار القانوني القائم المعني بحماية التراث العمراني المصري ليكون أكثر شمولاً، وليكافح الاعتداءات الجارية (والمتزايدة) على المباني ذات الأهمية التاريخية. فعلى سبيل المثال، يجب تعديل لغة القانونين رقم 117 ورقم 144 لتوضيح جوانب الغموض المحيطة بما يشكل مبنى ذات قيمة تاريخية أو معمارية، ولتحديد ما هي بالضبط الحماية القانونية التي يوفرها القانون لكل نوع من هذه الأنواع. ويجب زيادة التعاون أيضاً بين الدولة والمجتمع المدني في الشؤون المتعلقة بالتراث الثقافي. وهذا يعني أنه يجب على الدولة التواصل مع المجال العام بصفة عامة، ومع المجتمعات المحلية المحيطة بالمواقع التراثية، ومع الأوساط المهنية المختلفة، والمواطنين المهتمين، والمبادارات التي تعمل على حماية وتشجيع التراث الثقافي المصري. وإذا تحقق ذلك، ستتمكن الدولة والمجتمع المدني من الاشتراك في المسؤولية عن تعريف التراث الثقافي والحفاظ عليه وتشجيعه. وختاماً، يجب على الناشطين المعنيين بالتراث أن يدخلوا في حوار مع بعضهم بغية تكوين فهم أفضل للتحديات المختلفة الموجودة في جميع أنحاء البلد، والتعاون على التصدي لها.
الصور مقدمة من مبادرة ’أنقذوا الإسكندرية‘، وقد التقطت أثناء احتجاج ضد هدم التراث العمراني في الإسكندرية.
[i] نص المادة 50 من دستور عام 2014: “تراث مصر الحضاري والثقافي، المادي والمعنوي، بجيمع تنوعاته ومراحله الكبرى، المصرية القديمة، والقبطية، والإسلامية، ثروة قومية وإنسانية، تلتزم الدولة بالحفاظ عليه وصيانته، وكذا الرصيد الثقافي المعاصر المعماري والأدبي والفني بمختلف تنوعاته، والاعتداء على أي من ذلك جريمة يعاقب عليها القانون. وتولي الدولى اهتماماً خاصاً بالحفاظ على مكونات التعددية الثقافية في مصر”.
The content of this website is licensed by TADAMUN: The Cairo Urban Solidarity Initiative under a Creative Commons Attribution-NonCommercial-ShareAlike 3.0 Unported License
Comments