ما هي الموازنة التشاركية؟
تعتبر الموازنة التشاركية عملية ديمقراطية تسمح لكافة المواطنين بالمناقشة واتخاذ القرارات في كيفية إنفاق جزء من الموازنة العامة. ويمكن أن نوضح ذلك بطريقة أخرى، فعلى سبيل المثال، تتيح الموازنة التشاركية لدافعي الضرائب المشاركة في اتخاذ القرار حول كيفية إنفاق عائدات الضرائب.
تتميز عملية الموازنة التشاركية بخمسة خصائص:
ما هي الأنواع المختلفة للموازنات التشاركية؟
قام سينتومر وآخرين بإدراج قائمة من ستة أنواع مختلفة من عمليات الموازنات التشاركية وهي:
1-نموذج بورتو أليجري أو المشاركة الكاملة للموطنين؛
2- مشاركة المجاورين في السكنى؛
3-التشاور بشأن التمويل العام؛
4-مشاركة حملة عدد معين من الأسهم.
5-وضع موازنات بالمشاركة المجتمعية.
6- مشاركة أصحاب المصالح الخاصة.
نموذج بورتو أليجري
ظهرت “موازنات المشاركة” أول ما ظهرت في مدينة بورتو أليجري بالبرازيل في أواخر سنوات الثمانينيات وأوائل سنوات التسعينيات.
غالباً ما كان يتم تشبيه ممارسة الموازنات التشاركية في هذا الصدد بدور قاعدة الذهب في نظرية النقود كتطبيق شامل وفعال لعملية الموازنات التشاركية. وتتميز بإجراءات طويلة تستغرق عاماً بأكمله من المشاورات المكثفة بين المواطنين في الحي حول كيفية إنفاق نسبة معينة من موازنة المحليات الخاصة بالحي. ويضم نموذج بورتو أليجري أيضاً انتخاب مواطنين في مجالس المحليات بالإضافة إلى تعاون وثيق بين الحكومة والمواطنين في هذا الصدد. وتمخض عن عملية الموازنات التشاركية هذه إعداد قائمة بالأولويات بالمشروعات التي قام المواطنون بالاقتراع عليها، والتي معظمها عبارة عن استثمارات رأسمالية. وعلى الرغم من أن الحوكمة تحتفظ بسلطتها في صنع القرار النهائي عن اختيار المشروعات التي سيتم وضعها موضع التنفيذ، ففي واقع الأمر تم التنازل عن السلطة للمواطنين بالفعل، لأن الحكومة عادة ما تعتمد على القائمة التي يضعها المواطنون بلا شك. وهناك سمة مميزة أخرى من سمات نمط بورتو أليجري وهو التركيز على العدالة الاجتماعية. وتقوم الحكومة بتطبيق المعايير الأخرى من المعايير الاجتماعية والبيئية والاقتصادية من أجل تقدير استحقاق أي مشروع من المشروعات التي تقدم المواطنون باقتراحها لضمان التوزيع العادل للموارد في أنحاء المدينة. ولكن يمكن أن تكون هناك أصوات معارضة ملحوظة في هذا النمط من أنماط المشاركة في المناطق التي تكون فيها جماعات المصالح قوية.
مشاركة جماعات المصالح
وتشارك في مثل هذا النمط من الموازنات التشاركية جماعات أصحاب المصالح فقط، مثل الشركات، ومنظمات المجتمع المدني، واتحادات العمال، وغيرهم. وعلى العكس من نمط بورتو أليجري فإن نمط أصحاب المصالح لا يقوم بالتركيز على مشروعات استثمار رأس المال، ولكنه يقوم بالتركيز على جداول أعمال سياسات واسعة الأفاق مثل الصحة، والتعليم، والتطوير العمراني. ويتميز نمط أصحاب المصالح المنظمة بالمجادلات العنيفة التي تسودها، على الرغم من أن نتائجها ليست مُلزمة. ويعتبر نموذج “الموازنات التشاركية” أكثر شيوعاً في المناطق التي تكون فيها جماعات أصحاب المصالح قوية ومنظمة.
الموازنة التشاركية المجتمعية
يساهم كل من المواطنون وجماعات أصحاب المصالح في المداولات المكثفة التي تجري بخصوص الموازنات التشاركية المجتمعية من أجل تحديد أولويات الإنفاق في المجالات الاجتماعية والبيئية والثقافية، وفي المعتاد من أجل مساعدة الفئات الأكثر حرماناً في المجتمع. على الرغم من ذلك، وعلى النقيض من نموذج بورتو أليجري، فإن المشاركين في هذا النمط، لا يتشاورون في كيفية إنفاق موازنة المحليات، بدلاً من ذلك يتناقشون كيفية الاستفادة من صندوق مخصص للمجتمع. تتكون أموال هذا الصندوق من أموال قدمتها المنظمات الدولية، أو منظمات المجتمع المدني، أو من المجتمع نفسه. وتتقرر قواعد الموازنة التشاركية بأكملها من المشاركين، ويستثنى القطاع الخاص من المشاركة. بالإضافة إلى ذلك، فإن المشاركين أنفسهم يقومون بتنفيذ المشروع، وليس المسئولين في الحكومة المحلية.
مشاركة أصحاب المصلحة المتعددين
ويتشابه مشاركة أصحاب المصلحة المتعددين مع الموازنات التشاركية المجتمعية في الكثير من الجوانب فيما عدا أن صندوق المجتمع المحلي يحتوي على تمويل من القطاع الخاص ومن الحكومة المحلية. نتيجة لذلك، تكون الأدوار التي يلعبها القطاع الخاص، والحكومة المحلية أقوى بكثير من تلك الموجودة في نمط الموازنات التشاركية المجتمعية. ويكون تأثير الممثلين المنتخبين من المجتمع المحلي محدوداً لأن الصندوق يعتمد على موازنة المجلس المحلي، لكن تأثير القطاع الخاص غالباً ما يكون نسبياً ويعتمد على حجم مساهمته في الصندوق. وبينما تقوم المجتمعات بتنفيذ مشروعات بنفسها في هذا النمط، فإن الأمر لا يكون دائماً كذلك.
مشاركة الأحياء المجاورة
يشمل نمط مشاركة الأحياء المجاورة على مداولات المواطنين عن الأهداف الإستراتيجية العامة للمجلس المحلي، ولكنها استشارية خالصة. وعادة لا يشارك مجموعات المصالح في هذه العملية. يتشاور المواطنون في جلسات اجتماعات منتظمة، كما يمكنهم أيضاً أن يتحدثوا مباشرة إلى المسئولين الحكوميين.
كما يمكن للمسئولين الحكوميين استخدام هذه الاجتماعات من أجل الحصول على النصائح المناسبة عن موضوعات معينة تتطلب آراء المواطنين، من أمثلة ذلك: “أي الطرق تحتاج إلى إجراء ترميمات وتحسينات عاجلة؟” على الرغم من ذلك، فإن نتائج هذه المناقشات الموسعة ليست مُلزمة. يتبنى المسئولون الحكوميون ما يتناسب مع جداول أعمال سياساتهم الخاصة، وليس مطلوب منهم أن يقدموا تبريرات للسياسات التي يقومون بإتباعها للمشاركين من عامة المواطنين. على الرغم من أن هذا قد يبدو وكأن الحكومة لا تأخذ هذه العملية بجدية كاملة، فإن هناك العديد من الأمثلة التي تبرهن على أنهم قد يأخذون ذلك بعين الاعتبار.
الاستشارات بشأن الميزانية العامة
تتشابه الاستشارة بشأن الميزانية العامة مع نمط مشاركة الأحياء المجاورة في معظم الجوانب فيما عدا أن الهدف الأساسي من الاستشارة بالنسبة للتمويل العام هو زيادة الشفافية فيما يخص الجانب المالي للمدينة. تستهدف العملية نشر المعلومات للعامة من المواطنين، بدلاً من التركيز على الأهداف العريضة للسياسة المُتبعة. عادة ما تشمل هذه الاجتماعات شرح الحكومة وتفسيرها للإيرادات العامة والإنفاق ومناقشة المواطنين والرد على تساؤلاتهم. كما يمكن استخدام العملية لتغطية العجز في الميزانية العامة. نعيد هنا تكرار القول “بأن أفكار المواطنين ليست ملزمة” مرة أخرى.
المراجع
Sintomer, Yves and Carsten Herzberg, Giovanni Allegretti and Anja Röcke. 2010. Learning from the South: Participatory Budgeting Worldwide – an Invitation to Global Cooperation.
No. 25 in the Dialog Global Services. InWEnt gGmbH – Capacity Building International,Germany.
مصدر الصورة المختارة: attounissia.com.tn
The content of this website is licensed by TADAMUN: The Cairo Urban Solidarity Initiative under a Creative Commons Attribution-NonCommercial-ShareAlike 3.0 Unported License
Comments
Trackbacks