غالباً ما يتم استخدام مصطلح “الأحياء المتدهورة” من أجل وصف الأحياء العشوائية “غير الرسمية” داخل المدن التي غالباً ما تكون غير ملائمة للمعيشة الآدمية، وتتسم بالقذارة وظروف المعيشة البائسة. عادة ما تكون مكتظة بعدد ضخم من السكان المحشورين في مساحة ضيقة.
تفتقر هذه التجمعات السكنية إلى الحد الأدنى من الخدمات المحلية مثل المياه النقية، والصرف الصحي، وجمع القمامة، وبالوعات تصريف مياه الأمطار، وإضاءة الشوارع، والأرصفة الممهدة للمشاة، والطرق الممهدة الضرورية للطوارئ. كما أن معظم هذه الأحياء تفتقر إلى وجود خدمات ضرورية مثل المدارس، والمستشفيات، أو الأماكن العامة التي تعمل كمتنفس طبيعي وموضع تجمع لسكان الحي. معظم هذه الأحياء المتدهورة من تجمعات الفقراء محرومة من الخدمات وغير معترف بها لفترات زمنية طويلة تصل إلى أكثر من 20 عاماً في بعض هذه المدن.
ومثل معظم التجمعات السكنية غير الرسمية، فقد قام شاغلي منازل الأحياء المتدهورة ببنائها على أراض بدون وثائق تملك قانونية وبدون أي تخطيط حضري أو التقيد بقواعد التقسيم الحضري. وبالإضافة إلى ذلك فإن العديد من المؤشرات الاجتماعية في الغالب تميل إلى الجوانب السلبية في أحياء الفقراء هذه، فعلى سبيل المثال تميل مؤشرات الجريمة والبطالة إلى الارتفاع.
ولا تتشابه الأحياء المتدهورة من كل الوجوه في كل شيء، فهناك القليل منها التي يتاح لها أن تقدم ظروف معيشة أفضل قليلاً من غيرها. وبالمثل فإن قاطني هذه الأحياء ليسوا مجموعة متجانسة من البشر، ولكنهم جماعات متنوعة لهم اهتمامات متنوعة، وأوساط وخلفيات اجتماعية شتى.
كما أن هذه الأحياء العشوائية ذات قوة اقتصادية كبيرة. ففي العديد من المدن، توجد نسبة ربما تبلغ 60% من العمالة التي تعمل في القطاع غير الرسمي تنتمي إلى هذه الأحياء.
وهناك ما يبلغ بليون من البشر في الكرة الأرضية في عالم اليوم يعيشون في أحياء الفقراء. كما أن هناك في الدول النامية واحد من كل ثلاثة أشخاص من قاطني المدن يعيشون في هذه الأحياء المتدهورة.
وهناك ما يبلغ بليون من البشر في الكرة الأرضية في عالم اليوم يعيشون في أحياء الفقراء. كما أن هناك في الدول النامية واحد من كل ثلاثة أشخاص من قاطني المدن يعيشون في هذه الأحياء المتدهورة.
وتقوم هيئة الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية بتعريف الأسر التي تعيش في الأحياء المتدهورة بأنهم مجموعة من الأشخاص الذين يعيشون تحت سقف بيت واحد في منطقة حضرية تفتقر إلى واحد أو أكثر من هذه الخدمات:
الأحياء المتدهورة ليست وليدة اليوم. فهي جزء لا يتجزأ من تاريخ معظم المدن، وعلى وجه الخصوص في السنوات الأولى لتشكيل الأحياء الحضرية والتحول نحو التصنيع وازدهار سكنى المدن. وتعتبر الأحياء المتدهورة هذه بوجه عام أكثر أيسر أنواع التجمعات السكنية في إمكانية الحصول عليها وتحمل أسعارها في المدن الفقيرة، حيث تكون المنافسة على أسعار الأراضي وأرباح المتاجرة فيها ضارية.
هناك عاملان أساسيان لنمو الأحياء المتدهورة وهما: النمو السكاني، وسوء الإدارة الحكومية.
النمـو السكاني
تتحول القرى حول العالم إلى مدن بسرعة بالغة كلما أندفع سكان الريف للهجرة من المناطق الريفية إلى المدن وتأخذ الزيادة السكانية مسارها الطبيعي نحو الزيادة والنمو. اليوم يعيش أكثر من نصف سكان العالم في مناطق حضرية. كما أن 90% من هذا النمو الحضري يتم في الدول النامية.
ترجع الهجرة إلى المناطق الحضرية إلى عدة أسباب:
قوى الدفع والجذب للهجرة: يهاجر بعض الناس لأنه قد تم دفعهم دفعاً تجاه الخروج من مواطنهم الأصلية لأسباب ترجع إلى كوارث طبيعية مثل التغيرات المناخية البيئية. كما ينجذب آخرون إلى أماكن أخرى تحت إغواء طموحات وآمال بوجود وظائف أفضل، وفرص تعليم ورعاية صحية أكثر تقدماً، أو التحرر والتمتع بحرية أكبر من القيود الاجتماعية والواقع الثقافي.
الدخل المنخفض من النشاط الزراعي: يعمل معظم القاطنين في الريف في القطاع الزراعي، الذي يعتمد على ظروف الطقس إلى حد كبير. كما أن الأرض الزراعية محدودة، وأحياناً ما تكون الخصوبة منخفضة أو متدهورة، كما أن حيازات الأراضي بمساحات صغيرة في أغلب الأحيان، والديون المتراكمة على الأراضي الزراعية عالية، وهناك الكثير من الأسر أصبحت لا تملك أراض على الإطلاق. وأصبحت دخول الأسر في المناطق الريفية نتيجة لذلك منخفضة في مجملها.
فرص عمل أفضل: تقدم المناطق الحضرية فرص عمل كبيرة تزيد بنسب هائلة بالمقارنة بالمناطق الريفية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن ثقافة المناطق الحضرية غالباً ما تكون أقل قيوداً عن تلك السائدة في القرى، كما أن المدن تمنح آفاق أكثر للحراك الاجتماعي للارتقاء إلى مستويات اجتماعية أعلى.
يعرف الناس ما يمكن أن تقدمها لهم المدن: غالباً ما يتخذ المهاجرون قراراتهم بروية عن البقاء أو مغادرة المناطق الريفية. وقد جعلت وسائل المواصلات والاتصالات المتقدمة وسهولة التواصل مع المهاجرين الأوائل، في مقدور القاطنين في الريف أن يكونوا مدركين تمام الإدراك كل شيء عن مزايا وعيوب الحياة في الحضر، وعلى وجه الخصوص ما يتعلق بفرص العمل والإسكان فيها.
غالباً ما تكون الهجرة إلى المدن إستراتيجية للبقاء على قيد الحياة بالنسبة للأسر في الريف: ففي بعض الأحيان، تنقسم بعض الأسر الريفية إلى العديد من المجموعات التي تقطن في عدة أماكن – المناطق الريفية، والمدن الصغيرة، والمدن الكبيرة – وذلك من أجل تنويع مصادر الدخل الخاصة بهم، والإقلال ما أمكن من التعرض لموجات من التدهور الحاد في الدخول الخاصة بالأسرة ككل.
سوء الإدارة الحكومية
هناك سبب آخر للنمو السرطاني في الأحياء العشوائية الفقيرة وهو سوء الإدارة الحكومية. وغالباً ما تفشل الإدارات الحكومية في التعرف والاعتراف بحقوق الفقراء في المناطق الحضرية والقيام بضمهم إلى التخطيط الحضري، وبالتالي يسهمون في نمو الأحياء العشوائية لفقراء السكان.
بالإضافة إلى ذلك، هناك ببساطة الكثير من البلاد التي لا يكون في مقدورها الاستجابة للنمو الحضري المتزايد بالسرعة الكافية. فيتدفق البشر على المدن قادمين من القرى بسرعة تزيد عن سرعة الإدارات الحكومية في القيام بعملية التخطيط الضرورية اللازمة لاستيعابهم. وغالباً ما يجد هؤلاء الفقراء قطعة أرض يقومون بإقامة كوخ عليها قبل أن تتاح الفرصة للحكومة أن تعلم بمجرد وجودهم.
تبدو المشكلة من هذه الزاوية، كما لو أن القليل من الناس هم من يأتون إلى المدينة من أجل المياه النقية أو الخدمات الأخرى – فهم يأتون في الأساس بحثاً عن عمل.
وتتخذ الحكومة في حالات أخرى مناهج أكثر سلبية تجاه التحول الحضري. ويحدث ذلك إما لأنها لا تملك أدوات التخطيط التي تمكنها من التعامل مع التحول الحضري المتسارع الذي يتم بوتيرة منتظمة، أو لأن الآليات الموضوعة ليست بدرجة الكفاءة المطلوبة للاستجابة للأحداث على أرض الواقع.
هناك أشياء أساسية يجب على الحكومة معرفتها للحد من نمو وخلق المزيد من الأحياء العشوائية. واحدة من أهم هذه الأساسيات أن التحول الحضري أمر مستمر في الحدوث. وتظن بعض الحكومات في بعض الأحيان أن القيام بتبّني سياسات بديلة، مثل التركيز على تنمية المناطق الريفية سيعمل على إيقاف التحول الحضري. لكن هذا المنهج نادراً ما يكون ذا فاعلية.
وتكون الخطوة التالية بمجرد أن تقتنع الحكومات بحقيقة التحول الحضري، هي أن تقوم بالتخطيط لها وتحديد المكان الذي سوف يعيش فيه السكان الجدد. ويجب على السلطات تحديد الأراضي والتخطيط لتوطينها وحتى إذا لم تكن الأموال اللازمة متوافرة من أجل الخدمات الحضرية اللازمة لها. وبمجرد أن يبدأ الناس في الاستقرار في هذه الأراضي ويشعرون بأن لهم الحق في العيش فيها، فيشرعون في الاستثمار فيها. ويتم تحسين وتطوير المنطقة مع مرور الوقت تدريجياً.
حيازة الأرض هو حق الفرد أو مجموعة من الأفراد في شغل أو استخدام قطعة من الأرض. ويمكن أن يكون ذلك على صورة ملكية أو إيجار.
تتعلق حقوق الأرض بالثقة في المستقبل. فالناس الذين يشعرون أنهم في مأمن من الطرد، وتعتريهم مشاعر الاستقرار على المدى الزمني الطويل – سواء كانوا يتملكون هذه الأرض أم لا – هم أكثر احتمالاً في القيام بالاستثمار في الإسكان أو في مجتمعهم. وهذه التحسينات التدريجية عن طريق الاستثمار عن طريق السكان وبمرور الوقت يمكن أن يؤدي إلى تطوير وتحسين هذه المجتمعات السكنية بأكملها.
كما يجب أن يكون هناك إطار قانوني وواضح تحيط بحقوق الأرض. فعادة ما يواجه سكان العشوائيات بعوائق ضخمة في سبيل تملك أراضيهم أو الحصول على حقوقهم في هذه الأراضي. وعادة ما تعاني أسواق الأراضي باختلال وظيفي، كما تجعل المعايير والأنظمة غير الملائمة من المحال تقريباً على السلطات المحلية أن تجد مساحات كافية من الأراضي ذات المواقع الجيدة والتي يمكن أن يتم تقديم الخدمات الملائمة لها وبأسعار في متناول دخول السكان في أحياء الفقراء السكنية المكتظة بالسكان.
وترتبط السيطرة على الأراضي بالإضافة إلى ذلك، بالمحاباة السياسية وأباطرة الفساد، مما يجعل من الصعوبة بمكان الحصول على معلومات واضحة عن ملكية، واستخدامات ومدى توافر هذه الأراضي.
لا شك أن قاطني الأحياء المتدهورة جزء من عامة جماهير الحضر، ولديهم نفس الحقوق الديمقراطية في الحصول على نفس الظروف الصحية البيئية ومستويات المعيشة الأساسية مثلهم مثل باقي السكان في المدن. وغالباً ما تكون هذه الحقوق محدودة بمقدرة الحكومة على إدراك تحقيق هذه الحقوق.
ويقع عبء تحقيق حقوق سكان هذه الأحياء المتدهورة على عاتق مقدرتهم على التواصل الفعال مع الحكومة. وهو موضوع يتعلق بخلق مكان يمكن أن يتواصل فيه الحوار بين سكان هذه الأحياء العشوائية والحكومة بشأن هذه الأحياء وتطوير هذه المجتمعات السكنية.
ويمكن لهذه الأطراف ومن خلال هذا الحوار وضع الحقوق والمسئوليات على بساط البحث وتصميم البرامج التي يمكن أن تستجيب لها هذه المجتمعات. وهو جزء مهم من العملية، فإذا لم تستطع هذه المجتمعات تفهم مسئولياتها، أو إذا كانت هذه البرامج الخاصة بتطوير الأحياء الفقيرة بعيدة عن متناول سكان هذه الأحياء، فإن فرص نجاح هذه البرامج تكون ضئيلة للغاية.
تعتبر عملية تطوير الأحياء الفقيرة هي عملية يتم من خلالها تحسين مستوى الأحياء العشوائية، وإضفاء صبغة الحي الرسمي عليها ودمجها في المدينة نفسها، من خلال توسيع نطاق أراضيها، ومدها بالخدمات ومنح حقوق المواطنة لسكان هذه الأحياء. كما تشمل إمداد سكان هذه الأحياء بالخدمات الاقتصادية، والاجتماعية، والدستورية والمجتمعية الممنوحة للمواطنين الآخرين. كما تمتد هذه الخدمات لتشمل إصباغ الصفة القانونية (حيازة الأراضي)، والمادية (البنية التحتية)، والاجتماعية (محاربة الجريمة، أو التزويد بالخدمات التعليمية، على سبيل المثال)، أو الاقتصادية.
لا يعني تطوير العشوائيات مجرد التزويد بالمياه أو الصرف الصحي أو الإسكان فحسب. ولكنها تشمل وضع الأنشطة الاقتصادية، والاجتماعية، والدستورية، والمجتمعية في حيز الحركة والتفاعل والتي تحتاج إليها لتغيير مسار المؤشرات السلبية في المنطقة. ويجب أن يتم تنفيذ هذه الأنشطة من خلال التعاون الوطيد بين كل الأطراف المعنية – وهم السكان، ومجموعات المجتمع، ورجال الأعمال، بالإضافة إلى السلطات المحلية والقومية إن وجدت.
عادة ما تميل هذه الأنشطة إلى شمول توفير الخدمات الأساسية مثل توفير الإسكان، ورصف الشوارع والأرصفة، وخدمات المجاري، والمياه النقية، والتخلص من مياه الصرف الصحي. وغالباً ما تمتد لتشمل التعليم والرعاية الصحية كجانب مهم من جوانب التطوير.
وبالإضافة إلى الخدمات الأساسية، فإن واحدة من أهم عناصر تطوير هذه الأحياء العشوائية هو إضفاء الصفة القانونية وتنظيم تملك العقارات لهم، وبالتالي منح عنصر الأمان لحيازة الأراضي للسكان.
وفي نهاية المطاف، فإن جهود التطوير تهدف إلى خلق آلية في المجتمع يتم بموجبه خلق إحساس بالملكية، والاستحقاق، وتدفق الاستثمارات إلى هذه المنطقة.
الأسطورة
إجلاء سكان الأحياء الفقيرة وإعادة توطينهم في مشروعات إسكان جديدة في أطراف المدينة يؤدي إلى حل مشكلة العشوائيات أو أحياء الفقراء.
الحقيقة الواقعية
إعادة توطين سكان الأحياء الفقيرة بعيداً عن بيوتهم الأصلية ومقار أعمالهم ليست دائمة قابلة للتطبيق العملي. وغالباً ما تكون تكلفة الارتباك الاقتصادي والاجتماعي الذي ينتج من جراء ذلك باهظاً.
يتم تعريف التطوير الحضري على نطاق واسع بأنه إجراء تحسينات مادية واجتماعية واقتصادية وتنظيمية وبيئية ويتم تنفيذها بالتضافر بين المواطنين والفئات المنظمة في المجتمع، ورجال الأعمال، والسلطات المحلية من أجل ضمان إجراء تحسينات مستمرة في نوعية الحياة التي يعيشها سكان المنطقة.
وعلى وجه العموم، فإن التطوير الحضري هو عبارة عن تحقيق التوازن فيما بين الاستثمار في أحياء المدينة المختلفة والتي تقوم بجذب الاستثمارات على المستوى العالمي، وبين البرامج التي تقوم بالاستثمار في مواطني هذه المدينة وحتى يمكنهم جنى هذه الثمار بدورهم. ويعتبر الترابط بين الأمرين أمراً حاسماً لتحقيق إستراتيجية تطوير ناجحة في أي مدينة.
يعتبر تطوير الأحياء المتدهورة عنصرا متكاملا من الاستثمار في المواطنين. ويمتلك مواطنو المدينة حقوقاً جوهرية في صحة البيئة والقواعد الأساسية لظروف معيشية أفضل. وبالمثل فإن المدن يجب أن تقوم بتأمين حقوق المواطنة للمواطنين في الأحياء العشوائية الفقيرة.
العامل الأساسي الذي يدعو إلى تطوير الأحياء المتدهورة هو أن هؤلاء المواطنين القاطنين فيها لهم حقوق أساسية في العيش بكرامة وفي ظروف لائقة.
وعلى مستوى آخر، فإنه من مصلحة المدينة أن يتم تطوير ومنع خلق عشوائيات جديدة. فإذا تم السماح لهذه العشوائيات بأن تتدهور أحوالها وتنمو، فالمؤكد أن الحكومة ستفقد سيطرتها على العامة وستتحول تلك الأحياء العشوائية إلى مراكز للجريمة والأمراض التي يمكن أن تؤثر على المدينة بأسرها.
سيفيد تطوير العشوائيات المدينة عن طريق:
تشجيع الاندماج في المدينة: ويعالج تطوير العشوائيات مشاكل خطيرة يمكنها أن تؤثر على سكان هذه الأحياء العشوائية، بما في ذلك المعاناة من عدم مشروعيتها، والإقصاء، والهشاشة وعدم الاستقرار والمعوقات التي تواجهها من نقص الخدمات، ونقص الاعتمادات، والأراضي، والحماية الاجتماعية لفئات السكان الأكثر ضعفاً مثل النساء والأطفال.
تعزيز التنمية الاقتصادية: يؤدي التطوير إلى إطلاق الموارد غير المستغلة لسكان الأحياء العشوائية والذين يملكون مهارات متنوعة ورغبة هائلة في أن يصبحوا شركاء أكثر إنتاجية في الاقتصاد، ولكنهم تخلفوا نظراً للأوضاع التي يعانون منها وتهميشهم من قبل المجتمع.
معالجة كافة مشاكل المدينة بشكل عام: ويتعامل مع مشاكل المدينة ككل عن طريق احتواء مشاكل تدهور البيئة، وتحسين الأوضاع الصحية، والإقلال من انتشار العنف وجذب الاستثمارات.
رفع مستوى المعيشة: وسيؤدي تطوير العشوائيات إلى رفع مستوى المعيشة للمجتمعات التي يتم تطوير مجتمعاتها والمدينة ككل، وحفز مشاعر المواطنة، وتقوية شعورهم بقيمة أصواتهم السياسية، وأهمية التمثيل السياسي لهم، وتطلعهم إلى ظروف معيشية أفضل، وبث مشاعر الأمن والطمأنينة.
تقديم المأوى للفقراء: وهي أفضل وأكفا وسيلة لتقديم المأوى لفقراء المناطق الحضرية وعلى نطاق واسع وبأقل تكلفة ممكنة.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن تطوير العشوائيات في مواقعها تؤمن:
تكلفة معقولة: تكون تكلفة تطوير العشوائيات أقل وأكثر فعالية عن إعادة تسكينهم في مساكن عامة. كما أن تزويد الأراضي بالخدمات الضرورية يمكن أن تكون أقل تكلفة بكثير.
مرونة أكبر: يمكن أن يتم تدريجياً عن طريق المدينة وسكان الحي بالسرعة الملائمة فنياً ومالياً بالنسبة للجميع.
قابلة للتطبيق: يرغب الفقراء ويمكنهم أن يدفعوا مقابل خدمات ومنازل أفضل.
يكون ذلك أمراً لا مفر منه في بعض الأحيان. ففي بعض الحالات تكون هذه الأحياء العشوائية قد تم بناءها على أراض غير آمنة أو أساسات غير ثابتة. فعلى سبيل المثال، بعض الأحياء العشوائية التي تم بناءها على مواقع ردم حيث توجد انبعاث لغاز الميثان الذي يمكن أن يتسبب في مشاكل صحية في غاية الخطورة. أو العشوائيات التي يمكن أن تكون في أراض طينية أو عرضة لانهيارات أرضية. ففي مثل هذه الحالات يمكن أن يكون إعادة توطين سكان هذه العشوائيات هو الحل الأمثل.
وعلى وجع العموم، وعلى الرغم من أن الأحياء العشوائية الفقيرة تكون في مواقع جيدة وتكون في مواقع تجعل في مقدور سكانها الوصول إلى المدينة بسهولة واغتنام الفرص المتاحة فيها. فإن معظم حالات إخلاء الأحياء العشوائية تتم عندما ترغب السلطات المحلية في إزالة هذه الأحياء والتي تقع في قطع أراض ذات مواقع ممتازة وتريد أن تقوم بالاستيلاء على هذه الأراضي لمصلحة شركات التطوير العقارية الكبرى أو من أجل أصحاب المصالح الخاصة الأخرى.
ولذا فإن الموقع ذو أهمية خاصة لفقراء الأحياء العشوائية في الحضر. حيث يكون احتياجهم أشد في أن يكونوا بالقرب من المدينة حيث تكون فرص العمل المتاحة والتي يمكن الوصول إليها.
هناك العديد من العوامل الضرورية المطلوبة لكي يكون برنامج تطوير الأحياء العشوائية ناجحاً.
ويعتبر العاملان الأكثر أهمية عما عداهم هما: الإرادة السياسة القوية من جهة ممثلي الحكومة، ومدى تقبل القرار لدى أطراف المجتمع الفاعلة.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن مبادرات تطوير الحي العشوائي يجب أن يقوم بتلبية حاجة ملحة؛ كما يجب أن تكون رغبة المجتمع والناس قوية حيالها، بالإضافة إلى أن تفهمهم يجب أن يكون كافياً لأهميتها.
كما أنه من المفيد أن تكون أنشطة التطوير على اتساع المدينة بأسرها وأن تضم شركاء من خارج الأحياء العشوائية نفسها، والتي تكتسبها أهميتها عند التنفيذ بصفة خاصة. كما يجب أن تكون هناك حوافز للأقسام الإدارية للعمل مع هؤلاء الفقراء؛ وتواجد تواصل جيد وتنسيق كامل بين أصحاب المصلحة؛ كما يجب أن تكون هناك أدوار محددة بوضوح بالنسبة لكل الأطراف المرتبطة بعملية التطوير برمتها.
كما يجب أن تولى أهمية خاصة في مؤسسات التمويل واللوائح المنظمة لها من أجل الحفاظ على استمرارية عملية تطوير الحي العشوائي.
كما أن تطوير الحي العشوائي يكتسب فاعلية أكبر عندما يتم ربطه بالمبادرات والأهداف الأخرى مثل:
التحديات الأساسية التي تواجه تطوير الأحياء العشوائية هي في تحقيق نوع من التماسك في المجتمع وإيجاد بعض الحلول لمجموعة عريضة من الاحتياجات الخاصة بهذه المجتمعات.
والأحياء العشوائية الفقيرة ليست متجانسة، كما أن هناك مصالح عديدة ومتنوعة تتواجد في هذه الأحياء. وبالإضافة إلى الفقراء الذين يتطلعون ببساطة إلى مكان لائق للمعيشة، فهناك أيضاً عناصر إجرامية تجد فرصتها فقط في هذه الأحياء العشوائية، أو أصحاب العقارات الذين يحققون بعض الثروات البسيطة بمرور الوقت من تأجير هذه الأكواخ المزرية للآخرين.
ويجب أن يتم تفهم كل هذه المصالح على الوجه الصحيح ووضعها في الحسبان. وتعتبر الطريقة المثلى لفعل ذلك هو عن طريق تطوير العشوائيات عبر المفاوضات، حيث يشارك الناس في هذه المجتمعات المناقشات التي تجري بشأن حقوقهم، ويتفهمون أن كافة أصحاب المصالح المختلفة لهم الحق في الاشتراك في معادلة البحث عن حقوقهم أيضاً.
فقد فشلت بعض مشروعات تطوير بعض العشوائيات في بعض الحالات وعلى سبيل المثال، لأن هناك أناس يعيشون في هذه المجتمعات والذين يعتقدون أنهم ليسوا مؤهلين للاشتراك في برنامج تطوير العشوائيات لأنهم ليسوا مواطنين في هذه البلاد أو ليسوا من سكانها.
على وجه العموم، لكي يتم تنفيذ السياسات المناسبة، وينمو الاقتصاد المحلي، وتختفي الأحياء العشوائية تدريجياً بينما يقوم هؤلاء السكان بالاستثمار في مساكنهم وتطويرها مع مرور الوقت. ويتحول الكوخ تدريجياً إلى منزل، ويتحول الحي العشوائي إلى حي سكنى لائق. وتعتمد السرعة التي تتم بها هذه العملية بدرجة كبيرة على السرعة التي ينمو بها اقتصاد المدينة، وعلى مدي كفاءة السياسات الحضرية في البلاد.
ومن المهم جداً أن نلاحظ أن هناك عدة مراحل لمشروعات تطوير الأحياء العشوائية. ويتم تنفيذ بعض المراحل بسرعة معقولة نسبياً؛ فلا يستغرق الوقت كثيراً من أجل تشييد الخدمات الحضرية مثل أنظمة إمدادات المياه النقية أو مواسير الصرف الصحي على سبيل المثال.
بينما تستغرق المراحل الأخرى وقتاً أطول. فتستغرق عملية تحويل تجمع سكني عشوائي إلى مدينة متكاملة وتأسيس الروابط الضرورية لها مع الاقتصاد عدة سنوات.
ميل الرجال والنساء على لعب أدوار وتحمل مسئوليات مختلفة، ولديهم احتياجات وتصورات مختلفة في معظم المجتمعات. وتؤثر عملية تطوير الأحياء العشوائية نتيجة لذلك على كل من النساء والرجال بطريقة مختلفة. وقد أثبتت التجارب أن بذل جهود واعية في تضمين الأبعاد الجنسية في تطوير الأحياء العشوائية تنتج عنها مبادرات أكثر نجاحاً.
وتلعب النساء دوراً محورياً في تطوير الحياء العشوائية. فالكثير والكثير من الأسر في الأحياء العشوائية تقوم فيها النساء بدور ربة الأسرة والمسئولة عنها. والكثيرات منهن سيدات ولديهن أطفال تركهن أزواجهن بحثاً عن الرزق في مكان آخر. وفي العديد من الحالات الأخرى لجئت النساء إلى هذه الأحياء العشوائية هرباً من حالات العنف العائلي، أو التمييز بين الجنسين في المناطق الريفية، أو هرباً من ظروف صعبة نتيجة للطلاق أو الخلافات الزوجية.
وتعتبر المشاركة المجتمعية هي إحدى الجوانب الرئيسية المهمة من جوانب تطوير العشوائيات، وتقع المرأة في القلب من هذا المجتمع – فهي في معظم الأحوال من تقوم بادخار المال، وتقوم برعاية الأطفال، وتعتني بالمريض أو بالمسن من الأسرة. ويمكن تطبيق المهارات التي تستخدمها المرأة في هذه الجوانب وإدارة شئون الأسرة في المجتمع على نطاق واسع من أجل تطبيق خطة ادخار كبيرة على سبيل المثال، أو إدارة مشروع تشييد مجتمع.
والمسألة الأوسع نطاقاً هو موضع الجنسين، كما أن حساسية الموضوع عامل حاسم أيضاً. وبينما يواجه كلا من الرجل والمرأة واللذان يعيشان في الحي العشوائي المتاعب الناجمة عن ذلك، فإن المرأة وخاصة الأرامل أكثر تعرضاً لهذه المصاعب بصفة خاصة. وهم الأكثر احتمالا لأن يكونوا ضحايا للعنف وان يكون ضحايا لأنماط سلوكيات ثقافية لا تمنحهم نفس الحقوق القانونية أو أوضاع الرجال في المجتمع.
كما أن النساء، بالإضافة إلى ذلك، أكثر تعرضاً للفقر لأن فرص حصولهن على أراض أو أصول ذات قيمة مادية غالباً ما تكون محدودة خارج نطاق الزواج أو داخل الروابط العائلية. ويجب أن تؤخذ كل هذه الاعتبارات في الحسبان عند التخطيط أو تنفيذ برامج تطوير عشوائيات الفقراء السكنية.
هناك دور أساسي ومهم تلعبه روابط المدن من أجل مساعدة المدن أو البلاد في تبادل الخبرات فيما يخص تطوير العشوائيات، فما هي التجربة الأكثر نجاحاً، وما هي التجارب التي لم يكتب لها النجاح، ولماذا؟ ويتيح الوصول إلى مواقع شبكات هذه المدن الفرصة لهم للتعامل مع الموضوعات المشابهة.
ومثل هذه التجربة يمكن أن تكون ذات قيمة عالية. فليس هناك نموذج مطلق للنجاح يبين كيف يمكن تطوير الحي العشوائي. فالبلاد أو المدن التي تشارك في مبادرات تطوير الأحياء العشوائية لديها مصادر موارد مختلفة في كفايتها أو عدم كفايتها كما تواجه تحديات ذات جوانب مختلفة.
ويمكن للمدن باستخدام علاقاتها الواسعة وعضويتها في الكيانات العالمية للمدن أن تقوم بجذب أفضل تجربة عملية لتطوير العشوائيات حول العالم وعرضها للحكومات التي تجاهد من أجل التعامل مع تحديات مشكلة تطوير الأحياء العشوائية الخاصة بمدنها.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن روابط المدن لديها القدرة على التواصل مع الحكومات ومنظمات المجتمع، ومساعدتها في رؤية واستيعاب أهمية الإدارة السليمة لمشكلة التطوير الحضري. ويتم التحول الحضري حول العالم بصفة مستمرة ومتزايدة، ويجب أن تضم إدارة عملية التطوير الحضري تحديد الإستراتيجيات التي يجب التعامل بها مع تطوير الأحياء العشوائية للفقراء.
تحديد عما إذا كانت تجربة تطوير عشوائيات الأحياء الفقيرة ناجحة أم لا تعتمد بدرجة كبيرة على التوقع وعلى أهداف مبادرة التطوير.
ويكون الهدف في بعض الأحيان هو توفير الخدمات الحضرية. وكانت هناك على سبيل المثال بعض المبادرات التي لاقت نجاحاً مذهلاً في جنوب إفريقيا والتي كان فيها المجتمع يعاني من عدم وجود خدمات حضرية على الإطلاق، وتم فيها مدهم بالمياه النقية، والخدمات الصحية، وتسهيل الحصول على مساكن.
وكان حق الوصول إلى أراضي البناء موضوعاً جوهرياً في برامج تطوير العشوائيات كما حدث في البرازيل. وكانت هناك العديد من الحالات والتي تم فيها منح قاطني الأحياء العشوائية الحق في أراضي البناء، ومنحهم ذلك إحساساً حقيقياً بأنه لن يتم إجلاءهم عن هذه الأراضي.
وكان انتشار الجريمة في بعض المناطق الأخرى، مثل أمريكا اللاتينية مشكلة كبيرة في الأحياء العشوائية بها، وكانت هناك جهود حثيثة من أجل الإقلال من الجريمة ونشر مشاعر الأمن والطمأنينة بين العامة.
وخلاصة القول بأنه مع نمو الاقتصاد، فإن التزام الحكومة بتطوير العشوائيات، وتفاني المجتمع المحلي في المساهمة والاشتراك في هذه الجهود، تتحول هذه الأحياء العشوائية في نهاية الأمر إلى ضاحية من ضواحي المدينة.
The content of this website is licensed by TADAMUN: The Cairo Urban Solidarity Initiative under a Creative Commons Attribution-NonCommercial-ShareAlike 3.0 Unported License
Comments