ما هو الحق في الملكية؟
عندما يتعلق الأمر بالملكية الفردية، فإن كل شخص لديه مفهوم محدد عن ما يعنيه. هذا المبدأ منصوص عليه في المادة 17 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي يعلن: “كل فرد له الحق في الملكية الخاصة، بمفرده أو بالاشتراك مع آخرين. لا يجوز حرمان أي فرد مما يملكه بصورة تعسفية” بيد أن التطبيق العملي للحق في الملكية أكثر تعقيداً. إن القوانين والأنظمة في معظم البلدان تعمل علي حماية الحق في الملكية، ولكنها أيضاً تمكن الحكومات، في ظل ظروف معينة، أن تقوم بنزع الملكية الخاصة. كما أن الحق في الملكية يزداد تعقيداً عندما يتعارض الحق في الملكية الخاصة مع المنفعة العامة أو المصالح الجماعية للمجتمع ككل (الوظيفة الاجتماعية للملكية ).
تأثير الحق في الملكية علي حياتنا اليومية
الإسكان غير الرسمي و تأمين الحيازة
تؤثر الحيازة غير الآمنة علي جزء كبير من المصريين حيث أن 44 % من الوحدات السكنية مقامة على أراضٍ ذات حيازة غير مؤمنة، على الرغم من أنهم قد يمتلكون الوحدة السكنية نفسها.1 ولا تضمن الحكومة المصرية الحق في الملكية بالنسبة للمقيمين في المناطق غير الرسمية، والحكومة لم تقم بتهجيرهم من بيوتهم وأعمالهم في معظم الأحيان وذلك ببساطة لأنه سيكون من المستحيل القيام بعملية تهجير شاملة للملايين الذين يعيشون في المناطق العشوائية. مع ذلك، وعندما تكون هناك مصالح متضاربة بالنسبة للأراضي، عادة من قبل المطورين الأثرياء أو المخططين الحكوميين، تسارع الحكومة بتهجير السكان. والسكان عرضة لمنازعات تستنزف الطاقات ولعمليات الإخلاء المحتملة عندما لا يكون لديهم أي سند قانوني.
يرتبط الحق في الملكية الخاصة بالعديد من الحقوق الأخري للمدينة. عندما لا يكون لدي سكان المناطق العشوائية سند ملكية قانوني فإنهم عادة ما يحرموا من الحقوق الأخرى مثل الحق في الخدمات العامة والمرافق. إن الحكومة المصرية لا تقدم خدمات كافية مثل البنية التحتية للمياه وللصرف الصحي ، والكهرباء، فضلا عن الخدمات الصحية والتعليمية لسكان المناطق العشوائية لأنه ليس لديهم الحيازة القانونية، مما يجبر السكان على دفع تكاليف تلك الخدمات من القطاع الخاص أو تقديم الرشاوي للحصول على هذه الخدمات العامة. لمعرفة المزيد عن الحيازة الأمنة في المناطق غير الرسمية، يرجى قراءة الحق في المسكن الملائم.
الاستثمار في المجتمعات المحلية
الحق في الملكية الخاصة يزيد من مقدرة السكان المحليين على تقديم المزيد من الاستثمارات في مجتمعاتهم لتحسين منازلهم والحياة المجتمعية مثلاً، وأيضاً في الأسواق المحلية والمشاريع التجارية أو الصناعية. إن سكان المناطق التاريخية في القاهرة ، مثل عرب يسار يواجهون صعوبات لعدة سنوات للحصول علي تصاريح لترميم منازلهم وأماكن عملهم على الرغم من أن لديهم تأمين الحيازة . إن إدارة المنطقة وزارة للآثار يفرضا تطبيق قرار إيقاف أي بناء أو وترميم في المنطقة بسبب أهميتها التاريخية وموقعها داخل إطار الحرم الفاصل المحيط بالقلعة. وقد أظهرت دراسة أجريت في عام 2012 أن 65% من السكان الذين رغبوا في تحسين منازلهم قابلتهم مشاكل قانونية وإدارية، مما أدى إلى تدهور حالة المباني بمنازل المواطنين في المنطقة . إن عدم القدرة على ترميم المنازل المتداعية وعلي ضمان سلامة المباني نتج عنه الانهيارات المتكررة للمنازل مما يتسبب في إصابات وخسائر في الأرواح. ويحدث سيناريو مشابه أيضاً في المناطق التي يوجد فيها قضايا نزاع علي الملكية مثل ماسبيرو وبولاق أبو العلا.
المنفعة العامة
وفقا للدستور المصري، فإن الدولة لها الحق في مصادرة الملكية الخاصة من أجل “المنفعة العامة ” (الدستور المصري 2014، المادة 35). وهو شئ ليس غير عادي أن تطالب حكومة ما بهذا الحق (غالباً ما يشار إلي هذا الحق باسم الاستملاك) ومع ذلك، فإن عدم وجود قواعد عامة واضحة أو تعريف لما يشكل “المصلحة العامة” يترك فرصة للمصالح الخاصة أن تسود وللفساد أن يلعب دور. لا يوجد أي كيان حكومي محدد لديه السلطة لاتخاذ هذه القرارات، وليس هناك آلية شفافة لتعويض مالك العقار. غالبا ما يكون الذين يفقدون حقوقهم في الملكية من سكان المناطق ذات الدخل المنخفض وليس من سكان المناطق الثرية، مما يعزز سياسات الحكومة في التنمية العمرانية غير العادلة.
الحق في الملكية الخاصة والدستور المصري
إن الدستور المصري الذي تمت صياغته حديثاً 2014 مشابه جداً لدستور 2012 فيما يتعلق بحقوق الملكية الخاصة. فالمادة 33 من دستور 2014 تنص على أن “الدولة تحمي الملكية، وهي ثلاثة أنواع: الملكية العامة، والملكية الخاصة، والملكية التعاونية.”
وتحمي المادة 35 حق ملاك العقارات في أن ينقلوا أصولهم إلى الورثة كما تحميهم من المصادرة إلا في الحالات التي يحددها القانون. ولكن على صعيد آخر، فإن هذه المادة تحمي حق الدولة في مصادرة الملكية الخاصة من أجل المنفعة العامة:
الملكية الخاصة مصونة، وحق الإرث فيها مكفول، ولا يجوز فرض الحراسة عليها إلا في الأحوال المبينة في القانون، وبحكم قضائي، ولا تنزع الملكية إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض عادل يدفع مقدماً وفقاً للقانون.
كما تمت مناقشتها سابقاً، فإن “المنفعة العامة” تركت بدون إيضاح أو قواعد عامة من الممكن أن تنظم من الذي يقرر ما الذى يشكل المنفعة العامة ، ويترك أصحاب العقارات عرضة لإساءة استخدام هذه المادة، لا سيما في المناطق ذات الدخل المنخفض الموجودة في مواقع استراتيجية وذات قيمة تجارية عالية.
ومما يؤسف له، فقد فشل الدستور في الاعتراف بالحقوق المتناقضة للملايين من المصريين الذين يعيشون في المناطق العشوائية وعلى الرغم من أن المادة 63 تحظر “التهجير القسري التعسفي “، فإنه لا يتناول أنواع أخرى من الإخلاء القسري.
أمثلة في دساتير دول أخرى
معظم الدساتير الوطنية تكفل الحق في الملكية في شكل أو آخر، ولكنها تحتفظ بحق الدولة في وضع قيود على الحق في الملكية أو في تجريد الأفراد من ممتلكاتهم طالما أنها ليست “تعسفية” أو إذا كانت تخدم “أحتياج عام” دون تحديد ما هو هذا “الاحتياج العام” أو هذه “المصلحة العامة”. إن اللغة المبهمة في بعض الدساتير، بما في ذلك الدستور المصري، تترك إمكانية انتهاك الحق في الملكية الخاصة. مع ذلك فإن عدد قليل من الدساتير الوطنية تستخدم لغة واضحة جداً لتجنب مثل هذه الانتهاكات.
إن دستور جنوب أفريقيا، على سبيل المثال، ينص على أنه “يجوز نزع الملكية فقط … لغرض عام أو في “المنفعة العامة” (المادة 25). كما أنه يحدد بوضوح ما هي المنفعة العامة: “المنفعة العامة تتضمن التزام البلاد لإصلاح الأراضي والإصلاح لتحقيق المساواة في الحصول على الموارد الطبيعية لجميع مواطني جنوب أفريقيا.”
الدستور البرازيلي واحد من أكثر الدساتير شمولية من حيث حماية حقوق الملكية. إن المادة 170 من الدستور البرازيلي تجعل الملكية الخاصة واحدة من المبادئ العامة للنظام الاقتصادي الوطني. وتكفل المادة 5 الحق في الملكية كحق أساسي لجميع البرازيليين والأجانب المقيمين في البلاد. ومع ذلك فإن المادة 5 من الدستور البرازيلي تسمح لسلطات الدولة أن تستخدم الملكية الخاصة فقط “في حالة وجود خطر عام وشيك” وفي المقابل يترك الدستور المصري الباب مفتوحا أمام إمكانية الإخلاء القسري ولا يضع شروط محكمة حول هذه السياسة المدمرة للدولة.
الأهم من ذلك أن الدستور البرازيلي يسمح لسكان المناطق الحضرية العشوائية والأراضي الريفية الحصول على الحيازة القانونية لمنازلهم وأراضيهم في ظل ظروف معينة. وتحدد المادة 183 الشروط اللازمة للحصول علي الملكية القانونية في المناطق الحضرية:
إن الفرد الذي يستحوذ على قطعة أرض في منطقة حضرية مساحتها حتي مائتين وخمسين مترا مربعا، لمدة خمس سنوات متصلة و بدون معارضة ويقوم باستخدامها كمنزل له أو لعائلته، يجوز له الحصول على ملكيتها، شريطة أن لا يكن يمتلك أي ممتلكات غيرها في المناطق الحضرية أو الريفية.
كما توضح المادة 191 من الذي يمكنه أن يحصل علي الملكية القانونية للأرض الريفية:
إن الفرد الذي لا يكون لديه ممتلكات في المناطق الريفية أو الحضرية، لكنه يستحوذ علي قطعة من الأرض في حيز المناطق الريفية مساحتها لا تتجاوز خمسين هكتارا لمدة خمس سنوات متصلة، وبدون معارضة، ويجعلها مثمرة من خلال جهوده أو جهود عائلته، ولديه مسكن في قطعة الأرض هذه ، يجوز له الحصول علي ملكية الأرض.
وعلى العكس من ذلك فإن الدستور المصري صامت عن حق سكان المناطق العشوائية في الحصول على الملكية القانونية للأرض، وحتى لو كانوا يعيشون عليها لمدة سنوات.
نحو دستور أفضل
يتجاهل الدستور المصري مشكلة المستوطنات العشوائية أو يعتم عليها من خلال استخدام لغة مبهمة. إنه يعترف بالحق في الملكية، ولكنه أيضاً يتيح لسلطات الدولة أن تبرر بعض أشكال إخلاء المساكن بالإكراه بصورة قانونية. وبالأضافة إلي ذلك، فإنه لا يساعد سكان المناطق العشوائية الحصول على سندات ملكية لمنازلهم ، كما فعلت بعض الدساتير الأخرى بطرق مبتكرة.
الدستور يمكن استخدامه لتعزيز الحق في الملكية في بلد ما، وتسهيل الاستثمار الخاص والعام وأيضاً لتشجيع المساواة في توفير المزيد من الخدمات العامة فى المناطق الحضرية وتضييق فجوة التفاوت العام. ويمكن تؤخذ المبادئ الاساسية التالية في الأعتبار:
الصورة المختارة من صفحة أنقذوا الإسكندرية على فيسبوك. منشورة للعامة.
The content of this website is licensed by TADAMUN: The Cairo Urban Solidarity Initiative under a Creative Commons Attribution-NonCommercial-ShareAlike 3.0 Unported License
Comments