مقدمة
في مقالنا السابق “الائتلافات: العمل الجماعي كوسيلة للتأثير على التوجهات السياسية” قمنا بالتعريف بالائتلافات، ومناقشة أفضل الممارسات والاهتمامات المشتركة والتحديات في تشكيل الائتلاف وإدارته، فضلاً عن معايير نجاح الائتلاف. في هذا المقال نتجاوز المناقشة النظرية للائتلافات إلى تناول عملها الفعلي على الأرض في مصر، حيث نقدم أربعة ائتلافات عاملة في مجالاتها، وهي: مصريون ضد الفحم، منتدى المنظمات غير الحكومية المستقلة لحقوق الإنسان، الائتلاف المصري لحقوق الطفل، وشبكة منظمات حقوق المرأة.
تختلف هذه الائتلافات من حيث الحجم، الهيكل التنظيمي، درجة رسميتها، والخبرة. على سبيل المثال، الائتلاف المصري لحقوق الطفل هو مثال نموذجي، أو كما ينص الكتاب، فلديه قاعدة تنظيمية ضخمة وجهة ذات صبغة رسمية منوط بها إتخاذ القرارات، ويغطي التمثيل فيه جميع المستويات في المجتمع، وهو أيضاً يمتلك علاقات على المستوى الدولي، بينما مصريون ضد الفحم ائتلاف متخصص يهتم بقضية واحدة، وهو يتألف من مهنيين يعتمدون في المقام الأول على حملات مواقع التواصل الاجتماعي للحصول على دعم يهدفون منه لإحداث تأثير في أعلى مستويات اتخاذ القرار في مصر. أما منتدى المنظمات غير الحكومية فإنه، شأنه شأن الائتلاف المصري لحقوق الطفل، يتألف من عدد كبير من المنظمات، إلا أنه يمتلك بنية لا مركزية فضفاضة جداً مما يسمح للمنظمات الأعضاء فيه بالتصدى لطيف واسع من القضايا دون أن يتسبب ذلك في أزمات داخلية. وأخيراً نجد شبكة منظمات حقوق المرأة تتمتع ببعض الخصائص التقليدية للائتلافات كاللائحة الداخلية واللجنة المركزية لاتخاذ القرارات والتنوع بين الأعضاء، غير أن إنشاء الشبكة وتمويلها تم من خلال مؤسسة دولية، الأمر الذي له انعكاسات هامة على استدامتها.
جدول يبين ملخص خصائص الائتلافات الأربعة محل الدراسة
من خلال نظرية الائتلافات التي ناقشناها في مقالنا السابق، نقوم هنا بتقديم كلٍ من هذه الائتلافات ومناقشة هيكلها التنظيمي، آلية عملها الداخلي، إستراتيجياتها، نجاحاتها، من هم أعضاء الائتلاف، كيف يدارون، من الذي يتخذ القرارات نيابة عن الائتلاف، كيف يتعامل الائتلاف مع أي صراع داخلي، كيف تطور الائتلاف، وإلى أي مدى تعتبر تلك الائتلافات ناجحة.
ليس شرطاً أن تحقق الائتلافات هدفها الرئيسي لكي تصبح ناجحة. وقد قمنا في مقالنا السابق بمناقشة كتابات أماندا تاترسول (٢٠١٣)، والتي سنستخدمها هنا كإطار للتحليل، حيث تقول إن الائتلافات يمكن أن تكون ناجحة من خلال أربعة سبل:
١) هل حقق الائتلاف أهداف سياسته؟
٢) هل شكل الائتلاف مناخاً سياسياً أوسع أو خطاباً عاماً؟
٣) هل عزز الائتلاف علاقته مع أعضائه وقام ببناء شبكة قوية من الحلفاء؟
٤) هل قام الائتلاف بدعم أعضائه للعمل في المستقبل؟
مصريون ضد الفحم
بدأ ائتلاف مصريون ضد الفحم (EAC) كائتلاف صغير لا مركزي وغير رسمي، مكون من المهنيين والناشطين الذين يسعون للضغط ضد استخدام الفحم كمصدر طاقة بديل للغاز الطبيعي في مصانع الأسمنت. وبناء على نجاحهم في إثارة اهتمام الرأي العام حول قضيتهم، فإن أعضاء هذا الائتلاف يتطورون بسرعة ويقومون بدمج منظمات وأفراد آخرين لدعم وجودهم في جميع أنحاء الجمهورية. ويمثل مصريون ضد الفحم نمطاً جديداً من الائتلافات تعتمد في المقام الأول على الشبكات الاجتماعية الثورية ومواقع التواصل الاجتماعية في حشد الدعم لقضيتهم. وهو أحدث الائتلافات الأربعة التي ستتم مناقشتها في هذا المقال، وحالياً هناك حوالي ١٦٥,٠٠٠ متابع لصفحته على الفيسبوك وذلك حتى كتابة هذه السطور. ومصريون ضد الفحم هو مثال كلاسيكي للائتلاف القائم على القضية الواحدة، حيث تقوم مجموعة من الأفراد المعنيين بتنظيم نفسها حول مسألة سياسية ملحة. في البداية كانت قضايا الهيكل المؤسسي وعمليات اتخاذ القرار أو الاستدامة غير ذات أولوية، وذلك طالما أن الجميع داخل الائتلاف يعملون لتحقيق الهدف المشترك له. هذا النهج قد يناسب المجموعات الصغيرة، ولكن مع نمو الائتلاف فإنه سوف يكون من الضروري أن يقوم بمعالجة هذه القضايا المؤسسية.
النشأة والتطور:
تم تشكيل “مصريون ضد الفحم” في أواخر عام ٢٠١٣ بواسطة عدد من النشطاء والمهنيين في محاولة لمنع تقنين واردات الدولة من الفحم كمصدر طاقة لمصانع الأسمنت. تستخدم صناعة الأسمنت في مصر الغاز الطبيعي المدعم كمصدر الطاقة الأساسي في الإنتاج. وكانت مصر على مدار السنوات العديدة الماضية تعاني من إمدادات غير منتظمة وغير كافية من الطاقة. ونتيجة لهذا النقص في الطاقة، فقد شهدت صناعة الأسمنت انخفاضاً في الإنتاج بدءاً من عام ٢٠١١، الأمر الذي جعل شركات الأسمنت تسعى لإيجاد مصدر آخر للطاقة يمكن الاعتماد عليه بشكل أفضل، وكان هذا ما جعلها ترغب في استخدام الفحم، وحيث إن القانون في مصر لا يجيز استيراد الفحم، فقد كان هذا هو الأمر الوحيد الذي يحول دون تحقيق ذلك. أنصار حماية البيئة عارضوا بشدة تخفيف الحظر على استيراد الفحم، وكانوا يحظون بتأييد السيدة ليلى إسكندر وزير البيئة في ذلك الوقت. فرغم أن الفحم أرخص بكثير من الغاز الطبيعي كمصدر للطاقة، إلا أن مصر تفتقر إلى البنية التحتية اللازمة لاستيراد كميات كبيرة منه. كما أن الفحم يتسبب في انبعاث ملوثات أكثر من من أي مصدر آخر من مصادر الطاقة غير المتجددة. يقول منتجو الأسمنت إن الفحم هو مصدر تقليدي للطاقة في الصناعة في جميع أنحاء العالم، وإنها في احتياج إلى الفحم كوسيلة لتعزيز إنتاجها. أما أنصار حماية البيئة وغيرهم فيحتجون بأن تكاليف الرعاية الصحية وحدها في حالة السماح باستيراد الفحم سوف تصل إلى حوالي 3.2 مليارات دولار سنوياً. وكانت حكومة محمد مرسي قد أعطت تعهداً شفهياً بالسماح لشركات الأسمنت باستيراد الفحم، ولكن أطيح بمرسي وتم حل مجلس الشعب قبل أن يتم تمرير مشروع القانون. وفي أبريل من عام ٢٠١٤ أعلنت الحكومة المؤقتة أنها ستسمح باستيراد الفحم ابتداء من سبتمبر ٢٠١٤، وذلك على الرغم من أنه لم يكن هناك قرار رسمي من رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء.
الهيكل التنظيمي:
“مصريون ضد الفحم” هو ائتلاف مهني يركز جهوده على ممارسة الضغط ضد السماح لشركات الأسمنت أن تقوم باستخدام الفحم كبديل للغاز الطبيعي. يتكون “مصريون ضد الفحم” مما يقرب من ١٥ عضواً أساسياً و١٥ عضواً متوفرين عند الحاجة. ويشمل الأعضاء الأساسيون خبراء في الطاقة وأكاديميين ومواطنين عاديين، وكذلك أيضاً نشطاء في مجالات البيئة والصحة العامة والاستدامة. يعمل العديد من الأعضاء بصفة مهنية في مجالات ذات صلة، ولكنهم مشتركون في الائتلاف كأفراد.
وتنقسم المجموعة إلى ثلاث لجان: الإعلام، السياسات، والعمل الميداني. والهيكل التنظيمي لائتلاف مصريون ضد الفحم لا مركزي نسبياً. وصغر حجم المجموعة الأساسية يساعد على إبقاء نفقات الإدارة والتشغيل عند الحد الأدنى. ولا يتلقى الائتلاف أي دعم خارجي من أجل المصاريف اليومية، ولكنه حصل بالفعل على تمويل دولي من مشروع تحول الطاقة العالمي وorg.350 لإقامة ورشة عمل (انظر فيما يلي الإستراتيجيات). ليس لدى الائتلاف أي قواعد أو لوائح محددة، وهو لا يصدر أي بيانات موحدة نيابة عن كل الأعضاء. وليس لدى الأعضاء أدوار أو مسؤوليات محددة. والهيكل التنظيمي المختصر والفضفاض يسمح للائتلاف بالمرونة في التحرك، ولكنه قد يؤدي إلى ضعف التواصل ودخول الإدارة في حلقات مفرغة من الأداء في بعض الأحيان.
الأهداف:
كان الهدف الأساسي لائتلاف مصريون ضد الفحم هو الضغط على الحكومة لمنع استيراد الفحم كبديل عن الغاز الطبيعي في انتاج الطاقة، غير أن الحكومة أعلنت في أبريل الماضي أنها ستسمح باستيراد الفحم بدءاً من سبتمبر، على الرغم من أنه لم يكن هناك أي قرار رسمي بذلك. ومازال الائتلاف يضغط لمنع إصدار قرار رسمي، لكنه يعترف أنه من غير المحتمل أن يتم التراجع عن هذا القرار. ورداً على هذا التطور، فإنه سيقوم بإعادة تركيز جهوده لكي يحد من استخدام الفحم بحيث يتم استخدامه في مصانع الأسمنت فقط، بدلاً من استخدامه كمصدر لإنتاج الطاقة بصورة عامة. وسوف يركز أيضاً على رفع مستوى الوعي في المجتمعات المحلية التي سوف تتأثر بشكل مباشر من قيام مصانع الأسمنت باستخدام الفحم. أما فيما وراء التركيز الضيق على الفحم، فإن الائتلاف يهدف أيضاً إلى اعتبار مجلس الوزراء مسؤولاً عن حماية الصحة العامة، كما يهدف كذلك إلى أن يضع للدولة خطة استراتيجية لتحقيق حلول الطاقة المستدامة بيئياً واقتصادياً، كما يقوم برفع الوعي العام حول أثر استخدام الفحم على الصحة والبيئة والاقتصاد، وباقتراح استخدام مصادر بديلة لانتاج الطاقة.
الإستراتيجيات:
يعتمد “مصريون ضد الفحم” على المعلومات كموجه أساسي للائتلاف. وهو يعتمد على شبكة من المتطوعين المخلصين وشبكات الإعلام وصفحة الفيسبوك الخاصة به كوسائل رئيسية له في نشر المعلومات. ويستهدف المسؤولين الحكوميين والشركات الصناعية، ويعمل مع المنظمات غير الحكومية في المجتمعات المحلية، ومع منظمات المجتمع المدني والأفراد في المناطق الأكثر تأثراً باستخدام الفحم. وهو يعمل أيضاً على إنشاء موقع على الإنترنت تأمل المجموعة في استخدامه كوسيلة لنشر المعلومات حول الفحم في شكل بسيط يسهل الوصول إليه من المجتمعات المحلية والجمهور.
وقد قام الائتلاف أيضاً بتدريب المتطوعين من أجل تحسين أساليبهم في تضمين الرسائل. وفي مارس عام ٢٠١٤ استضاف “مصريون ضد الفحم” ورشة عمل لمدة ثلاثة أيام في الغردقة؛ لرفع مستوى الوعي حول تأثير الفحم وتدريب كادر من المتطوعين من مختلف أنحاء مصر. وقد تم اختيار٦٠ شخصاً بعد إجراء مقابلات مع المتقدمين لحضور ورشة العمل، كما حضر وزير الصحة الورشة أيضاً. وقد جرى تمويل ورشة العمل من قبل مشروع تحول الطاقة العالمي وorg.350 عبر المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
النجاحات:
وعلى الرغم من أنه من غير المرجح أن يتمكن ائتلاف “مصريون ضد الفحم” في تحقيق الهدف الرئيسي لسياستهم؛ ألا وهو إبقاء الفحم بعيداً عن مصر، إلا أنهم تمكنوا من تغيير الحوار الوطني حول الفحم والطاقة البديلة. قبل تكوين الائتلاف لم يكن هناك خطاب عام ذو شأن حول الآثار المترتبة على استيراد الفحم. ومن خلال جهودهم تمكنوا من خلق مجموعة ضغط بيئية لديها قدرات تقنية قوية وشبكات مهنية، كما تمكنوا أيضاً من كسر احتكار وسائل الإعلام لقضية الفحم والخاضعة لسيطرة صناعة الأسمنت. وقد نال الائتلاف تأييد حركة ٦ أبريل والاشتراكيين الثوريين ونقابة الأطباء المصرية وهيئة الاستثمار السياحي، هذا إلى جانب مسؤولين حكوميين من بينهم وزير البيئة السابق السيدة ليلى إسكندر، ومحافظ البحر الأحمر أحمد عبد الله، والرئيس السابق للوكالة المصرية لشئون البيئة إبراهيم عبد الجليل. كما تمت استضافتهم في البرنامج السياسي الساخر “البرنامج” قبل إلغائه، كل هذا ساعد على إيجاد شعبيتة كبيرة لهم على شبكة الإنترنت.
منتدى المنظمات غير الحكومية المستقلة لحقوق الإنسان
مع الانقسامات العميقة في المجتمع المصري التي أوجدتها الأحداث السياسية في السنوات القليلة الماضية، لم يكن ليستمر في ظل هذا الاضطراب السياسي الشديد تنظيم للعمل جماعي لديه هذا التنوع السياسي مثل منتدى المنظمات غير الحكومية المستقلة لحقوق الإنسان، ومع ذلك فإن هيكل المنتدى اللامركزي الفضفاض يعطي الأولوية للتنوع، الشمولية، وإبقائه قادراً على العمل الجماعي. وكما هو الحال مع الائتلافات الأخرى، فإن الغرض من المنتدى هو تحقيق أهداف سياسية معينة، ولكن لأن العمل في مجال حقوق الإنسان في مصر هو نشاط خطير، فإن مصدر قوة الائتلاف تكمن عادة في عدد المنظمات المشتركة فيه.
النشأة:
أنشأت الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام ٢٠٠٦ ما يسمى الاستعراض الدوري الشامل. وهي عملية مراجعة شاملة لسجل حقوق الإنسان في جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، يمكن خلالها للمنظمات الوطنية لحقوق الإنسان أو المنظمات غير الحكومية أن تقوم بتقديم معلومات إلى لجنة التقييم، وذلك كجزء من عملية المراجعة. كانت منظمات حقوق الإنسان في مصر تجتمع بانتظام لتنسيق جهودها وذلك من قبل الإعلان عن منهج الاستعراض الدوري الشامل. وفي عام ٢٠٠٨، قررت هذه المجموعة من المنظمات غير الحكومية أن تقوم بإضفاء الطابع الرسمي على تعاونها، فشكلت منتدى المنظمات غير الحكومية المستقلة لحقوق الإنسان (المنتدى)؛ لكي تقدم تقريراً إلى لجنة التقييم عن مصر ككيان موحد. وقد واصلت المجموعة تعاونها في عدد كبير من قضايا حقوق الإنسان.
الهدف:
إن الغرض من هذا المنتدى هو إعطاء المنظمات الأعضاء وسيلة لتنسيق أنشطتها مع بعضها البعض؛ لتجنب تكرار الجهود؛ ولإيجاد المجالات التي قد تكون بها إمكانية للتعاون، إصدار تصريحات صحفية مشتركة، العمل معاً لتجميع الاستعراض الدوري الشامل وإعداده وتقديمه إلى مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، وأن توفر هذه المنظمات الحماية ظهرها لظهر بعضهم البعض.
الهيكل التنظيمي:
المنتدى هو مجموعة لا مركزية حرة مكونة من حوالي ٣٠ منظمة غير حكومية لحقوق الإنسان عاملة في مصر. والهيكل التنظيمي للمنتدى يحقق أقصى قدر من التعاون والاندماج بين المنظمات، ويقلل من الصراع فيما بينهم، وذلك من أجل ضمان المشاركة المستمرة والدعم من المنظمات الأعضاء. وتضمن تلك المرونة بقاء المنتدى لمدة طويلة تلبية للحاجة الحرجة لهذه المنظمات إلى الأمن المشترك في مناخ سياسي مثير للجدل.
ليس للمنتدى لجنة تسيير أو قيادة رسمية، ولا يمثل قادة التنظيم المنظمات الأعضاء فيه بالضرورة، وليس هناك أي شروط رسمية لعضوية المنظمات غير أن تكون من المنظمات المهتمة بحقوق الإنسان. نادراً ما يعمل المنتدى ككيان واحد، وهو لا يتطلب موافقة بالإجماع من المنظمات الأعضاء من أجل الأنشطة المشتركة، باستثناء الاستعراض الدوري الشامل. وينوط بمركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان القيام بتنسيق اتصالات المنتدى ولقاءاته.
ويوفر المنتدى مكاناً للمنظمات الأعضاء لتنسيق أنشطتها؛ ولإيجاد أرضية مشتركة للتعاون الخارجي. ونتيجة لاجتماعات المنتدى، قد تختار العديد من المنظمات أن تعمل سوياً في حملة ما أو في نشاط معين، ولكنهم يقومون بذلك بشكل مستقل عن المنتدى.
تقوم المنظمات الأعضاء في المنتدى أيضاً بإصدار بيانات مشتركة ونشرات صحفية. هذه التصريحات والبيانات الصحفية لا تصدر أبداً عن المنتدى نفسه، ولكن من المنظمات الأعضاء الذين يقومون بالتوقيع على تلك البيانات. على سبيل المثال في ٩ يوليو عام ٢٠١٤ أصدر ٢٩ من أعضاء المنتدى بياناً مشتركاً يستنكرون فيه أحدث مسودة لمشروع قانون تنظيم المنظمات غير الحكومية، والذي قامت وزارة التضامن الاجتماعي بإصداره -وهي مسألة مهمة من شأنها أن يكون لها أثر عميق على كلٍ من أنشطة المنتدى ومهامه. ورداً على الحكم الصادر غيابياً في ١١ يونيو عام ٢٠١٤ بالسجن ١٥ عاماً ضد علاء عبد الفتاح، الناشط السياسي البارز الذي تم اعتقاله بتهمة قيامه بتنظيم مظاهرة، أصدرت ١٦ من المنظمات الأعضاء بياناً مشتركاً يدين الإجراءات والحكم. وفي ١٠ يونيو عام ٢٠١٤، وقعت سبع منظمات فقط من المنتدى بياناً مشتركاً يطالب أن يتم نقل محمد سلطان وهو مواطن أمريكي وأحد مؤيدي الإخوان المسلمين إلى مستشفى القصر العيني لإنقاذ حياته. وقد ألقي القبض على محمد سلطان لدوره كمتحدث في وسائل الإعلام، وذلك في أعقاب مظاهرة رابعة العدوية التي نظمها أنصار الرئيس المخلوع محمد مرسي في عام ٢٠١٣. وهو يواجه اتهامات بتضليل وسائل الإعلام وأنه ينتمي للإخوان المسلمين. وفي الوقت الذي تم فيه إصدار البيان كان محمد سلطان مضرباً عن الطعام منذ ٢٦ يناير ٢٠١٤
توضح هذه الأمثلة الثلاثة مدى أهمية مرونة المنتدى. لإنه في ظل البيئة السياسية الحالية، فإن قضايا حقوق الإنسان -حتى بين أولئك الذين يعملون في قضايا حقوق الإنسان- هي قضايا مثيرة للجدل بشدة. ولو كان المنتدى يتطلب الموافقة بالإجماع على البيانات التي يصدرها، فمن المرجح أنه كان سيتم إصدار بيان واحد فقط من البيانات الثلاثة التي سبق ذكرها، وذلك يحد بشدة من طائفة القضايا التي يمكن للمنتدى أن يقوم بمعالجتها. على الرغم من أن أعضاء المنتدى لا يتفقون على كل قضية من القضايا، فإن تضامنهم يكفل أنه إذا تعرض أحدهم للتهديد أو الهجوم من قبل الحكومة، كما حدث عندما داهمت قوات الأمن مقر المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية في القاهرة والإسكندرية، فإن الباقين سيقومون بالرد سريعاً للتنديد بتصرفات الحكومة. والمنظمات الأعضاء في المنتدى تعي أن بقاءها على قيد الحياة في ظل بيئة سياسية قمعية مستمد من تضامنها هذا.
النتائج:
وكما سبق، فإن المنتدى عادة لا يعمل بصفته ائتلافاً من أجل التأثير على السياسة. فأعضاء المنتدى -وليس المنتدى نفسه- هم الذين يصدرون كل البيانات المشتركة، ويقومون بإجراء جميع الحملات الإعلامية. وعلى الرغم من ذلك، هناك مثالان قام فيهما المنتدى بالعمل بصورة جماعية للتأثير على أعلى مستويات السياسة في مصر. أولهما، تقرير قدمه المنتدى في عملية الاستعراض الدوري الشامل إلى مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان في عام ٢٠٠٩ ، ومرة ثانية، عندما ساهم في تقرير آخر هذا العام. المثال الآخر، اقترح المنتدى عدة تعديلات على دستور ٢٠١٤ عندما كانت تجري صياغته، وقد تم اعتماد بعض منها فعلاً.
وكان المنتدى ناجحاً أيضاً في المساهمة في الخطاب السياسي وفي الرأي العام حول حقوق الإنسان من خلال تصريحاته الصحفية وكذلك المشاركة مع المجتمع الدولي لحقوق الإنسان. وفي ضوء وضع حقوق الإنسان في مصر اليوم، فإن المنتدى قد أدرك أن مصر تحتاج إلي الكثير من الأصوات النشطة في طائفة واسعة من قضايا حقوق الإنسان من أجل الحفاظ على استدامة الحوار الوطني. والمنتدى تم تكوينه بحيث يتيح للمنظمات الأعضاء أن تستخدم كل منها الأخرى لزيادة نطاق عملها وتأثيره على الخطاب العام حول حقوق الإنسان.
واحدة من أكثر وظائف المنتدى أهمية هو توفير الأمن للمنظمات الأعضاء فيه. فمنظمات حقوق الإنسان تخضع لتمحيص شديد من قبل الحكومة. وإنه لأكثر صعوبة بكثير بالنسبة للحكومة أن تقوم بانتقاء إحدى المنظمات بعينها من بين المنظمات الأعضاء العاملة في تناغم مع بعضها البعض. وعلى الرغم من أن المنتدى لا يقوم ببناء قدرات المنظمات الأعضاء فيها للانخراط في العمل في المستقبل، إلا أنه يوفر للمنظمات الأعضاء فيه الثقة والأمن حتى تتمكن من مواصلة عملها.
الائتلاف المصري لحقوق الطفل
يعتبر الائتلاف المصري لحقوق الطفل هو الائتلاف الأقرب إلى النموذج النظري الذي سبق أن عرضناه في مقالنا السابق حول الائتلافات. وهو ائتلاف ضخم له قاعدة عريضة، وتواجده على المستوى الشعبي قوي في جميع أنحاء مصر، بالإضافة إلى قدرته الواضحة على الضغط محلياً، وإلى علاقاته القوية مع الحكومة. لهذا الائتلاف هيئة مركزية لاتخاذ القرارات وخطة إستراتيجية رسمية. وعلى العكس من بعض الائتلافات الأخرى المعروضة هنا، والتي تعمل على القضايا التي تثير الكثير من الجدل، فإن الائتلاف المصري لحقوق الطفل يعاني من واقع أن حقوق الطفل غير مألوفة في المجتمع المصري. فبموجب التقاليد الأسرية السائدة، يخضع الأطفال لسلطة والديهم، ولا يُنظر إليهم على أن لديهم حقوقاً كمواطنين مستقلين في الدولة.
النشأة:
مصر من الدول الموقعة على عدد من الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان والمتعلقة بحقوق الطفل بما في ذلك اتفاقية حقوق الطفل، واتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة. وفي عام ١٩٩٦، أصدرت مصر قانون الطفل (١٢/١٩٩٦) الذي قام بترجمة أحكام اتفاقية حقوق الطفل إلى تشريع مصري له صيغة مناسبة ثقافياً. فيما بين عامي ٢٠٠٥ و٢٠٠٨ عملت عدة منظمات غير حكومية في مجال حقوق الطفل معاً لوضع توصيات للحكومة بشأن تعديلات قانون الطفل لعام ١٩٩٦. وبعد صدور قانون الطفل عام ٢٠٠٨ شكلت هذه المجموعة من المنظمات الائتلاف المصري لحقوق الطفل.
كانت هناك عدة أحكام بقانون الطفل الصادر عام ٢٠٠٨ موضع معارضة شديدة من قبل الأعضاء المحافظين في الحكومة، وذلك أثناء مناقشة القانون في مجلس الشعب. وتشمل الأحكام التي كانت موضع اعتراض تلك التي تحظر محاكمة الأطفال كبالغين، والتي تسمح بإصدار شهادات ميلاد للأطفال المولودين خارج إطار الزواج، وتقييد العقاب البدني، ورفع سن الزواج إلى ١٨ عاماً، والتأكيد على الحظر الذي صدر عام ٢٠٠٧ بشأن تشويه الأعضاء التناسلية للإناث.
الأهداف:
ووفقاً لموقعها على شبكة الإنترنت فإن الائتلاف المصري لحقوق الطفل لديه أربعة أهداف عامة:
- “دعم ومناصرة حقوق الأطفال المصريين من جميع الطبقات وضمان وفاء الحكومة بالتزاماتها بموجب قانون الطفل ٢٠٠٨ فضلاً عن المواثيق والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الطفل والتي تعتبر مصر طرفاً فيها.
- رفع الوعي العام والحكومي بحقوق الطفل.
- تنسيق الجهود للعمل على رصد ودعم وتنفيذ القوانين المعنية بحقوق الطفل.
- دعم وبناء قدرات المؤسسات والمنظمات التي تعمل من أجل تعزيز الرفاه العام للأطفال.”
التمويل:
يعتمد الائتلاف المصري لحقوق الطفل على أعضائه للحصول على التمويل، كما يعتمد كذلك على المنظمات الدولية مثل بلان مصر وهيئة إنقاذ الطفولة أو اليونيسيف.
الهيكل التنظيمي:
الائتلاف المصري لحقوق الطفل هو ائتلاف محلي يندرج تحته ما يقرب من 100 منظمة عضو، وله تواجد في جميع محافظات مصر. جميع المنظمات الأعضاء ملتزمون إلتزاماً تاماً بحقوق وتنمية الطفل. كل منظمة من المنظمات الأعضاء ممثلة في مجلس إدارة الائتلاف المصري لحقوق الطفل، ومجلس الإدارة هو هيئة اتخاذ القرارات في الائتلاف، والذي يجتمع شهرياً لمناقشة القضايا والتحديات وأولويات الائتلاف. والمجلس مسؤول أيضاً عن وضع الخطة الإستراتيجية للائتلاف. وقد تم وضع الخطة الإستراتيجية الأولى للائتلاف المصري لحقوق الطفل منذ خمس سنوات وتجري مراجعتها حالياً.
إن عملية قبول منظمات جديدة في الائتلاف غير رسمية نسبياً. أي منظمة يمكنها أن تنضم إلى الائتلاف شريطة أن تكون من المنظمات العاملة في مجال حقوق الطفل أو التنمية. يقوم الائتلاف المصري لحقوق الطفل بالتنسيق مع المنظمة الراغبة في الانضمام لمعرفة ما هي الوسيلة الأفضل التي يمكن أن تعمل بها مع الائتلاف.
الإستراتيجية/النهج:
وفقاً للدكتور سامر يوسف صفان مدير الائتلاف المصري لحقوق الطفل، فإن الائتلاف يطبق نهجاً متعدد المستويات لتحقيق أهدافه. وهو يعمل مع المسؤولين في الحكومة والمؤسسات والمنظمات غير الحكومية والأسر في جميع أنحاء مصر، ويحافظ أيضاً على العلاقات مع المنظمات الدولية مثل شبكة المنارة، وهي منظمة من منظمات المجتمع المدني التي تدافع عن حقوق الطفل في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أو اللجنة الدولية لحقوق الطفل ومقرها في جنيف.
يتمتع الائتلاف المصري لحقوق الطفل بعلاقات قوية مع الحكومة على كافة المستويات، ويعمل على وضع توصيات سياسية للمسؤولين الحكوميين بشأن حقوق الطفل، ويقوم بدعم حقوق الطفل داخل المؤسسات الحكومية، ويحاول تغيير الطريقة التي يفكر بها المسؤولون الحكوميون بشأن الأطفال. على مستوى الجمهورية، يعمل الائتلاف مباشرة مع وزارات التربية والتعليم، الصحة، والداخلية. وعلى مستوى المحافظات، يعتمد الائتلاف على شبكات المنظمات الأعضاء فيه للعمل مع المسؤولين الحكوميين.
ويعتبر الاستعراض الدوري الشامل أحد أهم وسائل التأثير للائتلاف المصري لحقوق الطفل على الحكومة. فخلال فترة وجيزة من تأسيسه كان الائتلاف قد بدأ المساعدة في صياغة أجزاء من الاستعراض الدوري الشامل لعام ٢٠٠٩ ، والمتعلقة بحقوق الطفل في مصر. وقد تم تقديمه إلى الأمم المتحدة في عام٢٠١٠ . كما شارك الائتلاف أيضاً في صياغة الاستعراض الدوري الشامل المقدم إلى الأمم المتحدة بداية عام ٢٠١٤.
وعلى مستوى المنظمات غير الحكومية، يوفر الائتلاف المصري لحقوق الطفل الدعم في بناء قدرات منظمات المجتمع المحلي ومنظمات التنمية التي تعمل من أجل تعزيز حقوق الطفل. كما أنها تقوم أيضاً بأنشطة بناء القدرات مع المنظمات غير الحكومية. ويتمتع الائتلاف أيضاً بتواجد ضخم وقاعدة شعبية، حيث يعتمد على الشبكات المحلية للمنظمات الأعضاء فيه. وهو يعمل بصورة مباشرة مع الأسر في كل محافظة لتثقيفهم حول حقوق الطفل بشكل عام، ومساعدتهم على فهم ما هي حقوق الأطفال بموجب القانون المصري، ويقدم لهم إستراتيجيات للمطالبة بتلك الحقوق مثل إيجاد طرق للوصول إلى خدمات التعليم أو الرعاية الصحية.
يتمتع الائتلاف المصري لحقوق الطفل أيضاً بعلاقة عمل وطيدة مع وسائل الإعلام، يقود من خلالها حملاته. وفيما سبق قام الائتلاف بحملة لرفع الوعي حول مخاطر وعدم مشروعية ختان الإناث، وأخرى لدعم حقوق الطفل في دستوري عام ٢٠١٢ وعام ٢٠١٤، وللدفاع عن حقوق الطفل في القانون المصري خلال فترة رئاسة محمد مرسي.
وعلى الرغم من أن الائتلاف قد تأسس قبل ثورة عام ٢٠١١، فإنه لم يتعرض إلى أي من المخاوف الأمنية التي تعرضت لها غيره من منظمات حقوق الإنسان أو الكيانات الأخرى، وذلك لعدة أسباب.. أولاً، لأن حقوق الطفل ليست لها أولوية في مصر، وليست مصدر تهديد سياسي، لذا لا تتدخل الحكومة في أعمال الائتلاف. ثانياً، يتمتع الائتلاف المصري لحقوق الطفل بدعم مهني قوي، وكذلك بعلاقات قوية مع الحكومة. ثالثاً، الائتلاف لديه صلات قوية مع كلٍ من المنظمات الأعضاء، وأيضاً مع مؤسسات حقوق الأطفال الدولية. وكما هو الوضع في منتدى المنظمات غير الحكومية المستقلة لحقوق الإنسان، فإن التضامن بين هذه المنظمات يوفر دفعة قوية لسلامة كل منظمة من المنظمات. والائتلاف المصري لحقوق الطفل هو أيضاً عضو مشارك في منتدى المنظمات غير الحكومية المستقلة لحقوق الإنسان.
التحديات:
يؤمن الدكتور صفان أن أكبر تحدٍ يواجه الائتلاف المصري لحقوق الطفل هو أن حقوق الطفل ببساطة ليست ذات أولوية لأي أحد. وبصفة عامة هناك نقص في الوعي المجتمعي أو في قبول الأطفال كأفراد لهم حقوق. عندما يقوم أعضاء الائتلاف بالعمل بصورة مباشرة مع المواطنين كثيراً ما يقال لهم إن هذا ليس هو الوقت المناسب لمعالجة مشاكل الأطفال، وأن هناك الكثير من المشاكل الأخرى في الوقت الحالي. وبالإضافة إلى ذلك، وعلى الرغم من التشريعات القائمة، فإن الآباء والأمهات المصريين يتمتعون بحرية مطلقة في تربية أطفالهم. وعلى الرغم من أن الدستور المصري ينص على أنه “تلتزم الدولة برعاية الطفل وحمايته من جميع أشكال العنف والإساءة وسوء المعاملة والاستغلال الجنسي والتجاري”، فإن إعمال هذا الحق بالنسبة لكثير من الأطفال هو أمر بعيد المنال، وتنفيذ قانون الطفل نادر الحدوث.
النتائج:
تأسس الائتلاف المصري لحقوق الطفل في أعقاب مكاسب رئيسية لحقوق الطفل في مصر. ويكمن نجاح الائتلاف في حماية التقدم الذي تم إحرازه من خلال صدور قانون الطفل عام ٢٠٠٨، كما يتمثل نجاحه بنفس القدر في دعم تفعيل هذا القانون وتنفيذه. وقد عزز موقفه من خلال صدور دستور ٢٠١٤. وفي سبتمبر ٢٠١٣ قدم الائتلاف عدداً من التوصيات المتعلقة بحقوق الطفل إلى اللجنة الدستورية المكونة من ٥٠ عضواً مسؤولاً عن صياغة دستور جديد. وقد شارك الائتلاف في ثلاث جلسات مع ثلاث لجان مختلفة لتقديم توصيات لتحسين حقوق الطفل. وقد تم اعتماد جميع توصياته في المادة ٨٢ من المسودة النهائية التي تمت الموافقة والتصديق عليها في عام ٢٠١٤.
وقد تفوق الائتلاف في مجال واحد من مجالات نجاحه ألا وهو تطوير المنظمات الأعضاء فيه لكي تقوم ببناء شبكة الدعم الخاصة بها من أجل التعاون في المستقبل في مجال حقوق الطفل. وكان الائتلاف ناجحاً في إنشاء علاقات قوية مع الحكومة على جميع المستويات وفي العديد من الوزارات السيادية التي لها تأثير مباشر على التنمية في مرحلة الطفولة.
شبكة منظمات حقوق المرأة
تعمل شبكة منظمات حقوق المرأة على تغيير قوانين الأحوال الشخصية، وقد تأسست الشبكة كمشروع للتنمية الدولية في عام 2005. وعلى مدى السنوات القليلة الماضية تم اتخاذ خطوات لإضفاء الطابع الرسمي على هيكلها التنظيمي وإجراءات العمل ومدونة قواعد السلوك، وذلك في إطار التمهيد لسحب التمويل والدعم من جانب الراعي الدولي لها. وتمثل شبكة منظمات حقوق المرأة دراسة حالة مثيرة للاهتمام لسببين: أولاً، لأنها تسلط الضوء على آليات العمل عندما تأتي مبادرة التأسيس من منظمة أجنبية، وتكون هذه المنظمة هي المصدر الرئيسي للتمويل في ذات الوقت، وثانياً، لدلالتها على صعوبة العمل في القضايا التي هي محل خلاف اجتماعي.
النشأة:
تضم شبكة منظمات حقوق المرأة ١١ منظمة غير حكومية تعمل في مجال حقوق المرأة والأسرة. تأسست من قبل وكالة التعاون الفني الإنمائي الألماني (GIZ)، وذلك كجزء من التزامها بتعزيز المساواة بين الجنسين ودعم جماعات المجتمع المدني. وقد قام موظفو وكالة التعاون الفني الإنمائي الألماني بانتقاء العديد من منظمات حقوق المرأة الراسخة التي لديها خبرة في القاعدة الشعبية و/أو الدعوة، حيث تمت دعوتهم إلى اجتماع لتشكيل المجموعة وتحديد هدف لها. في البداية ركزت شبكة منظمات حقوق المرأة على الزواج غير الرسمي (العرفي)، ولكن بعد ثلاث سنوات من العمل، قررت المجموعة أن تترك هذه القضية نظراً لأن بعض الأعضاء المشاركين كان من رأيهم أنها قضية حساسة جداً من الناحية الاجتماعية. ونتيجة لذلك، فإن العديد من المنظمات تركت المجموعة. وفيما بين عامي ٢٠٠٦ و٢٠٠٩ ، كان عدد المنظمات المشاركة في تغير مستمر، حيث كان البعض يترك الشبكة وغيرهم ينضم إليها. ونتيجة لهذه الانتقالات، كانت المنظمات التي انضمت الى الائتلاف أكثر تركيزاً على التنمية عن أن يكون محور تركيزها في الغالب على قضايا االمساواة بين الجنسين. وبعد التخلي عن قضية الزواج غير الرسمي، أتخذت المجموعة قضية قانون الأحوال الشخصية هدفاً لها (تادرس٢٠١١).
ينظم قانون الأحوال الشخصية العلاقات بين أفراد الأسرة، ويحدد الحقوق والواجبات بين الرجال والنساء والأطفال في نطاق المنزل. وله آثار واسعة النطاق على أدوار الجنسين والقوانين في المجتمع ككل. وهو مستمد أساساً من الشريعة الإسلامية. وقد كان محوراً للنضال النسائي منذ أن تم وضعه في عام ١٩٢٩. وتقوم شبكة منظمات حقوق المرأة بالدعوة لإصلاح قانون الأحوال الشخصية في مجالات الزواج والالتزامات المالية والطاعة والطلاق وحضانة الأطفال وحقوق الزيارة وتعدد الزوجات والثروة المشتركة. وتواصل وكالة التعاون الألمانية دعمها لشبكة منظمات حقوق المرأة من خلال مشروع (PoWR) دعم حقوق المرأة.
الهيكل التنظيمي:
يندرج تحت شبكة منظمات حقوق المرأة ١١ منظمة، بما في ذلك مؤسسة حلوان لتنمية المجتمع، مؤسسة مساندة المرأة المصرية في القضايا الشرعية، الهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية، منتدى المرأة للتنمية، منتدى المرأة والتنمية، المؤسسة المصرية لتنمية الأسرة، رابطة المرأة والمجتمع، الجمعية المصرية للتنمية الشاملة، جمعية حقوق المرأة السيناوية، الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية، وكير مصر.
هناك ثلاثة مكونات تنظيمية في شبكة منظمات حقوق المرأة: لجنة تسيير، لجنة تنفيذية، ولجنة الدعم الموضوعي. وتمد لجنة التسيير شبكة منظمات حقوق المرأة بالقيادات، وتشمل رؤساء المنظمات الأعضاء في الشبكة، ومدير مشروع وكالة التعاون الألمانية، والشركاء الحكوميين من وزارة التعاون الدولي ووزارة التضامن الاجتماعي. تعقد اللجنة اجتماعات شهرية لمتابعة التقدم الذي يحرزه الفريق، وللحفاظ على قوة الدفع. أما التنسيق والتخطيط وتنفيذ أهداف الشبكة فيتم من خلال اللجنة التنفيذية المؤلفة من موظفين من كل منظمة من المنظمات الأعضاء ومدير مشروع وكالة التعاون الألمانية.
تضع مجموعة المنظمات الأعضاء في شبكة منظمات حقوق المرأة أولويات الائتلاف ورؤيته خلال اجتماعات التخطيط الإستراتيجي السنوية.
وقد وضعت شبكة منظمات حقوق المرأة مدونة لقواعد السلوك لتنظيم العمل والاتصالات وإدارة الخلافات بين المنظمات الأعضاء. وتمت الموافقة على القانون بالإجماع من قبل المنظمات الأعضاء بعد جهد تعاوني لمدة عامين. وقد رأى أعضاء الائتلاف أنه من الضروري أن تكون الموافقة بالإجماع لضمان أن جميع المنظمات سوف تلتزم بالوثيقة وتحترمها. وتُستخدم الوثيقة كمرجع في حالة حدوث خلاف بين الشركاء.
وقد قاموا أيضا بإعداد المسودة الأولى لدليل الشبكة عن السياسات والإجراءات كخطوة لتعزيز الهيكل التنظيمي والإدارة في شبكة منظمات حقوق المرأة
الهدف:
الهدف من شبكة منظمات حقوق المرأة هو خلق “بيئة مواتية لحماية وتعزيز حياة أسرية عادلة لكافة شرائح المجتمع المصري” (شبكة منظمات حقوق المرأة ٢٠١٠) وتقوم الشبكة بذلك من خلال مجالين. الأول من خلال الدعوة لإصلاح قانون الأحوال الشخصية في مصر الحاكم للعلاقات الأسرية، والذي له تداعيات قوية على الأدوار الجندرية والأوضاع في المجتمع ككل. والآخر من خلال مكافحة العنف ضد المرأة.
الإستراتيجيات:
تعمل شبكة منظمات حقوق المرأة على مستويين. المستوى الأول، هو ما تقوم به وكالة التعاون الألمانية من تمويل للمشاريع الفردية لكلٍ من المنظمات المشاركة لدعمها في مجالات الدعوة لكسب التأييد والتوعية، والأنشطة التعليمية، كلٌّ في مجال اختصاصها. في هذه الأنشطة يمكن أن تعمل المنظمات مع القادة الدينيين أو المحامين للمساعدة على تعميق فهمهم للقضايا المتعلقة بالنوع الجندري، كما يمكنهم العمل مع منظمات المجتمع المدني الأخرى. وتتمتع كل واحدة من هذه المنظمات بقدر كبير من المرونة في إدارة التمويل لهذه المبادرات. على المستوى الثاني تعمل شبكة منظمات حقوق المرأة معاً للتأثير على صناع القرار على مستوى الجمهورية. وقد اجتمع ممثلو المنظمة مع واضعي السياسات في وزارة العدل والمجلس القومي للمرأة. كما عقدوا اجتماعات المائدة المستديرة والندوات مع صناع القرار في كل من الوجهين القبلي والبحري.
وقد قامت شبكة منظمات حقوق المرأة بإصدار دليل قانوني للدعوة إلى المطالب الأساسية بإجراء تغييرات في قانون الأحوال الشخصية وبإصدار سلسلة من المنشورات، وذلك لدعم مبادئ الدليل الرئيسية وأنشطتها في هذا المجال.
التمويل:
كما سبق القول، فإن وكالة التعاون الألمانية تقوم بتمويل المشاريع الفردية كما أنها تقوم كذلك بدعم الائتلاف. وتمول وكالة التعاون الألمانية أيضاً بناء القدرات للمنظمات من خلال الدورات التدريبية والسفر للخارج للمشاركة في المؤتمرات.
النتائج:
لم تحدث أي إصلاحات رئيسية في قانون الأحوال الشخصية حتى الوقت الحالي. قبل ثورة عام ٢٠١١، كانت تجري إعادة صياغة العديد من النصوص التشريعية المقترحة، ولكن لم تتم أي مداولات حولها في مجلس الشعب ولم تكن متاحة للرأي العام. ومنذ عام ٢٠١١ لم يتم تمرير أي قوانين أخرى تتعلق بحقوق المرأة أو قانون الأحوال الشخصية، ويرجع ذلك جزئياً إلى أنه لم تكن هناك هيئة تشريعية قائمة، هذا باستثناء دورة مجلس الشعب ٢٠١٢ التي تم حلها بعد أقل من ستة أشهر من انعقادها. غير أنه خلال ولاية الرئيس السابق محمد مرسي كان هناك جدل شديد حول قانون الأحوال الشخصية، خاصة من الفصائل المحافظة في الحكومة، بما في ذلك حزب الحرية والعدالة الذي يدعمه الإخوان المسلمون.
ومع ذلك، فقد عملت الشبكة على تغيير الحوار حول قانون الأحوال الشخصية في مصر. لكن فيما عدا المعايير التقليدية للتنمية، مثل عدد الاجتماعات التي عقدت والدورات التدريبية وغيرها، فإنه من الصعب أن نتبين أثر عمل الشبكة على الخطاب العام حول قانون الأسرة في مصرعلى النطاق الأوسع.
أما على المستوى المؤسسي، فقد قطعت وكالة التعاون الألمانية خطوات لبناء الهيكل الإداري الذي على أساسه سوف تكمل الشبكة عملها في المستقبل. ومن خلال العمل مع الشبكة، تمكنت المنظمات الأعضاء من تدعيم قدرتها من أجل تحقيق أهدافها المستقلة.
التحديات:
تعتمد شبكة منظمات حقوق المرأة في عملها على التمويل من وكالة التعاون الألمانية، وعادة ما يشار الى الشبكة باسم “مشروع وكالة التعاون الفني الإنمائي الألماني” من قبل المنظمات الأعضاء فيها، مما يوحي إلى أنه ليس لديها نفس الهدف الذي يقاد من قبل النشطاء كما هو الحال في الائتلافات الأخرى. ووفقاً لبعض التفسيرات، فإن شبكة منظمات حقوق المرأة يمكن أن ينظر إليها كمشروع تنمية أكثر من كونها ائتلاف. إن الحافز الرئيسي لاستمرار المشاركة في الشبكة هو وعد وكالة التعاون الألمانية بالتمويل، غير أن وكالة التعاون الألمانية قد اتخذت نهجاً طويل الأمد لبناء شبكة يمكنها أن تقوم بتوفير التمويل اللازم بنفسها بعد أن تقوم الوكالة بسحب الدعم. في عام ٢٠١٠ ، أعلنت وكالة التعاون الألمانية أنها سوف تبتعد عن مهام الإدارة والتنسيق في الائتلاف. وتأمل وكالة التعاون الألمانية أن تقوم بالحد من التمويل للشبكة في وقت لاحق من هذا العام. فهل تستمر الشبكة؟
لقد اتخذت الشبكة خطوات لتعزيز نفسها كائتلاف استعداداً لرحيل وكالة التعاون الألمانية. يقوم الائتلاف باستخدام مدونة قواعد السلوك في حل الخلاف عندما يكون ذلك مواتياً. ويقدم الدليل القانوني الأساس الذي يمكن الائتلاف من الاستمرار في العمل في مجال الدعوة. كما أن مستند السياسات والإجراءات -عند اكتماله- سوف يوفر الأساس للحوكمة والإدارة للشبكة لكي تستمر في عملها ككيان. لكن في حين أن هذه المستندات قد تساعد على توفير هيكل تنظيمي للائتلاف في المستقبل، فإنها لا تقدم بالضرورة نفس العامل المحفز الذي يقدمه الوعد بالتمويل الذي يدفع الائتلاف للاستمرار.
وكما كتبنا في مقالنا السابق عن الائتلافات، فإن الائتلاف يتم تحفيزه من خلال النجاح. لذا فإن عدم تحقيق أي تقدم في هدفه الأساسي لإصلاح قانون الأحوال الشخصية قد يعرقل رغبة الائتلاف في الاستمرار. إن ماريز تادرس، باحث زميل بمعهد دراسات التنمية في جامعة ساسكس -وقبل ذلك كانت أستاذاً مساعداً في الجامعة الأمريكية في القاهرة وصحفية في الأهرام ويكلي- وصفت هذه القضية بأنه “لا يمكن الفوز بها” و “غير ملائمة سياسياً”، مشيرة إلى أن قوة الدفع للشبكة كانت وجود خطة لممول أجنبي لكي يقوم بالتمويل بدلاً من أن تكون العمل الجماعي للمنظمات المعنية. وفي هذا الصدد، فإن الإصلاحات التي تدعو إليها شبكة منظمات حقوق المرأة هي لعدم وجود دعم شعبي واسع والذي يعتبر عنصراً حاسماً للدعم سياسي ولنجاح الائتلاف (تادرس ٢٠١١). وعلاوة على ذلك كان من الصعب التوصل إلى توافق في الآراء بين المنظمات الأعضاء حول تغيير قانون الأحوال الشخصية مما تتطلب أن تقوم وكالة التعاون الألمانية بدور الوسيط في مناقشاتهم. وفي حين أن الائتلاف قد وافق على سلسلة من الإصلاحات التي يعمل من أجلها، وله مدونة لقواعد السلوك لاستخدامها في حالة نشوب خلاف، فإن أعضاء الائتلاف يجب عليهم أن يتعلموا كيفية إدارة الخلافات والتوصل إلى توافق في الآراء بين أنفسهم.
وقد اقترح مدير مشروع وكالة التعاون الألمانية الحالي، في تأملات له حول عمله مع شبكة منظمات حقوق المرأة، أن واحدة من الطرق لضمان نجاح الائتلاف هو أن يكون هناك طرف ثالث يقوم بتنسيق أنشطة المنظمات الأعضاء لتجنب تضارب المصالح. وهو يعتقد أيضا أن الممولين يجب أن يبذلوا قصارى جهدهم كيلا يقوموا بالتأثير على توجهات المنظمات الأعضاء أوعملها.
خاتمة
إن الائتلافات غير شائعة في مصر. والبيئة السياسية المقيدة تجعل من الصعب على الائتلافات أن تتشكل وتعمل. والنهج الإقصائي في صنع السياسات يجعل من الصعب على الائتلافات أن تتمكن من التأثير على السياسة العامة. وباستثناء الائتلاف المصري لحقوق الطفل، الذي تشكل في أعقاب إصلاحات هامة في السياسات المتصلة بحقوق الطفل، فإن كل الائتلافات الأخرى التي تمت مناقشتها في هذه المقالة لم تحقق مكاسب كبيرة في السياسة العامة. إن الهيكل التنظيمي لكل ائتلاف يوضح أن القنوات غير الرسمية للسلطة ما زالت ذات أهمية كبيرة في قدرة الائتلافات على إصلاح السياسة. والائتلاف المصري لحقوق الطفل وشبكة منظمات حقوق المرأة من خلال انتمائهما إلى وكالة التعاون الألمانية لديهما صلات قوية مع المسؤولين الحكوميين. وقد تعلم ائتلاف مصريون ضد الفحم سريعاً أنه على الرغم من أن لديه تأييد شعبي قوي نسبياً فإن الحصول على دعم من كبار المسؤولين الحكوميين سيكون حاسماً لتحقيق أهدافه.
غير أن إصلاح السياسات ليس هو مقياس النجاح الوحيد. ولعل أعظم قيمة للائتلافات اليوم هي قدرتها على التأثير في الخطاب العام. لقد قامت الحكومة بنزع إمكانية الاحتجاج من جعبة النشطاء السياسيين، وأثبتت استعدادها لإسكات المنظمات والأفراد الذين يتحدونها بصورة علنية. ومع ذلك ما زال في استطاعة الائتلافات أن تقوم باستخدام وسائل الإعلام وشبكات المنظمات الأعضاء والمتطوعين لإبقاء القضية ملائمة للوقت الحالي. والائتلافات شكل بديل للعمل الجماعي، وهي لا توفر فقط منبراً أوسع لنشر المعلومات حول قضية معينة، ولكنها توفر أيضاً الأمن للمنظمات الأعضاء، وهذا يظهر بصورة جلية في المنتدى. صحيح أن غرض كلٍ من المنظمات الأعضاء هو التأثير على السياسة العامة، إلا أن التضامن المشترك للمنتدى يسمح لأعضائه بإيصال رسائلهم والتخفيف من حدة انتقام الحكومة. أيضاً تمكن العلاقات مع المؤسسات الدولية من تعزيز موقف الائتلافات في مواجهة الحكومة. يحظى المنتدى والائتلاف المصري لحقوق الطفل وشبكة منظمات حقوق المرأة بعلاقات قوية مع المؤسسات الدولية، وهم يعتقدون أنها هامة لكي يتمكنوا من مواصلة عملهم.
في ظل البيئة السياسية الحالية فإن العديد من المنظمات الناشطة سياسياً، خاصة المنظمات الحقوقية، إما في حالة توقف أو تعمل لمنع حدوث أي تراجع في مجالات تخصصها. ففي عام ٢٠١٢ عمل الائتلاف المصري لحقوق الطفل على مقاومة جهود الإخوان المسلمين الرامية إلى خفض سن زواج الفتيات وتقنين ختان الإناث. وقد هددت الانتهاكات الكارثية في مجال حقوق الإنسان التي حدثت خلال العام الماضي المنتدى نفسه. أما ائتلاف مصريون ضد الفحم فقد أعاد توجيه مساره من منع واردات الفحم تماماً إلى التخفيف من الضرر الذي سوف تحدثه في نهاية المطاف على البيئة والصحة العامة. ومع وجود رئيس للجمهورية يعطي الأولوية إلى الأمن والنمو الاقتصادي وزيادة الاستثمار فوق أي اعتبارات أخرى، ومع عدم وجود هيئة تشريعية، فالفرصة أمام تحقيق إصلاح في السياسات ضئيلة للغاية.
وبغض النظر عن التوقعات غير المتفائلة لمستقبل الإصلاح على المدى القريب، فإن هذه الائتلافات تتطلع إلى، وتعزز نفسها والمنظمات الأعضاء فيها من أجل، الوقت الذي تسنح فيه فرصة سياسية. انتخابات مجلس الشعب تقترب بسرعة، والانتخابات المحلية من المفترض أن تتبعها بعد ذلك بوقت قصير. إن نجاح أو فشل هذه الائتلافات يعتمد على قدرتها، ليس في البقاء على قيد الحياة فحسب بل وأيضاً على التكيف مع السياق السياسي المتقلب.
مصادر:
NWRO.(2010) NWRO Code of Ethics. Network of Women’s Rights Organizations. Accessed 10 September 2014. Link
Tadros, M. (2011) Working Politically behind Red Lines: Structure and agency in a comparative study of women’s coalitions in Egypt in Jordan. Development Leadership Program. Link
Tattersall, A. (2013)Power in Coalition: Strategies for Strong Unions and Social Change. Ithaca, NY: Cornell University Press.
Zayed, D. and J. Sowers. (2014) “The Campaign Against Coal in Egypt.” Middle East Report.271 Summer: 29-35.
الصورة المختارة من : Kelly Hafermann
The content of this website is licensed by TADAMUN: The Cairo Urban Solidarity Initiative under a Creative Commons Attribution-NonCommercial-ShareAlike 3.0 Unported License
Comments