يكمن الغرض من اللقاءات المجتمعية في التعرف على مناطق وأحياء القاهرة المختلفة من وجهة نظر قاطنيها، فهم أفضل من يعرفها ويستطيع وصفها. تنقسم اللقاءات المجتمعية إلى مقدمة بسيطة لشرح مبادرة التضامن العمراني بالقاهرة، “تضامن”، التي تسلط الضوء أيضاً على مبادرات محلية ناجحة. بعد ذلك ينقسم المشاركون إلى مجموعات صغيرة لرسم خريطة لمنطقتهم. لا توجد أية تعليمات أو ارشادات للتأثير على نوع المعلومات أو طريقة رسم الخريطة. بعدها يُطلب من المجموعات التعليق على الخرائط التي رسموها لتوضيح ما يلي:
تم هذا اللقاء المجتمعي بالتعاون مع مؤسسة الشهاب للتطوير والتنمية الشاملة.
ارسم منطقتك
اتضح من خلال عملية رسم الخرائط أن علاقة المشاركين مع منطقتهم تتسم بطابع عملي وتُشكلها مخاوف متعلقة بالسلامة. فإنهم سرعان ما قاموا بتحديد مداخل عزبة الهجّانة وكذلك مواقف الميكروباص والتوك- توك والشوارع والمناطق التي تتركز فيها نسبة عالية من الأنشطة التجارية والخدمات وكذلك المناطق غير الآمنة، ولكنهم لم يقوموا من تلقاء أنفسهم بتوضيح أي مناطق ذات أهمية دينية أو شخصية. وقاموا بتحديد المدن الصحراوية الجديدة مثل الشروق والرحاب لتوضيح حدود المنطقة كما أوضحوا الأراضي المجاورة التي تمتلكها القوات المسلحة.
تضمنت الخرائط التي قام بإعدادها المشاركين شارع الصاعقة وشارع الورشة وشارع المزرعة. تم تحديد شارع الصاعقة على أنه الشارع الرئيسي الذي يربط عزبة الهجّانة بأحد محاور المواصلات الرئيسية على طريق مصر- السويس. شارع الورشة، كما يتضح من الأسم، موقع العديد من الورش والمحال التجارية وقد ألقى المشاركون الضوء أيضاً على شارع المزرعة الذي يعتبره العديد من المقيمين من الشوارع التجارية الرئيسية في المنطقة. وأبرز المشاركون جامع الحاج شحاتة والتبة التي تعلوها كنيسة العذراء مريم وأبو سيفين القبطية كمعالم رئيسية، وكلاهما يقع على محور للمواصلات. وصف المشاركون جامع الحاج شحاتة بأنه قديم ولكنهم لم يكونوا على دراية إذا كان ذو قيمة تاريخية أم لا. لم يتم تمييز أي من الأماكن على أنها الأفضل في المنطقة ولكن كان هناك إجماع بأن شارعي المزرعة والزهور يعتبرا من المناطق الجيدة. وعلى النقيض لهذا، عرف المشاركون أسوأ الأماكن دون أي تردد.
تضمنت خريطتان من الثلاث خرائط بعض المعالم الإضافية مثل المخابز، ومحل الميكانيكي، ومنظمة “كاريتاس”.1 مجموعة واحدة فقط قامت بتعريف المناطق على الخريطة باستخدام الأرقام مثال “المنطقة الثالثة”، وهذا التقسيم يستخدم بكثرة لتسهيل التنقل في هذه المنطقة الشاسعة.
مشاكل عزبة الهجّانة
مشكلة عدم كفاية الخدمات العامة كانت من المشاكل الأساسية التي برزت خلال ورشة العمل. إذ أنه توجد مدرسة واحدة فقط في المنطقة ووحدة صحية واحدة فقط لتلبية احتياجات السكان الذين يتجاوز عددهم المليون نسمة (حسب تقدير المشاركين في ورشة العمل). كما اشتكى المشاركون من الافتقار إلى أماكن آمنة ومناسبة للبالغين والأطفال. ذكر الشباب منهم انهم مضطرون لممارسة أنشطتهم الاجتماعية خارج المنطقة، كما ذكروا أن المرء لايستطيع حتى الجلوس في المقاهي المحلية لأنها – وفقاً لما يقال – مراكز للعنف ولتعاطي المخدرات.
أحد الأمور الأخرى التي تُسبب أيضاً قلقاً بالغاً للمشاركين هي كابلات الضغط العالي حيث تمر كابلات الضغط العالي فوق مناطق معينة داخل عزبة الهجّانة مما يعرّض حياة وصحة السكان الذين يعيشون أسفل تلك الكابلات لأخطار جسيمة. هذا بالإضافة للأرض الخلاء التابعة للقوات المسلحة المُتاخمة للمدرسة والتي لاتزال خاوية على الرغم من احتياج المنطقة المُلح للخدمات ورغم أن مثل تلك المناطق المهجورة قد تُشكل خطراً على أطفال المدارس أيضاً. كما تشكل طائفة الغجر مشكلة أخرى للمشاركين. فإن المشاركين ينظرون إلى طائفة الغجر على أنها جماعة غير مفهومة، ولا يتصوروا أن يعيشوا بشكل سلمي إلى جوارهم لإنهم يعتبروا المنطقة التي تقيم بها تلك الطائفة منطقة خطرة2. بالإضافة إلى ذلك فإن بعض المناطق غير مضاءة جيداً (مثل المدخل المؤدي إلى شارع الصاعقة) ونتيجة لذلك فإن النساء لا يشعرن فيها بالأمن ليلاً. في الواقع إن معظم المشاكل التي آثارها المشاركون كشفت عن إحساس عميق بانعدام الشعور بالأمان في البيئة المحيطة بهم. وبالإضافة إلى المشاكل المتعلقة بالأمان – وبناءً على ما ذكره المشاركون – فإن إزالة سوق التبة قبيل شهر رمضان (يونيو 2014) سبب لهم إزعاجاً شديداً. ومنذ إزالة هذا السوق يتحتم عليهم الذهاب إلى سوق الجمعة في الشروق للحصول على متطلباتهم بأسعار معقولة.
وفي النهاية فقد ظهرت الصورة السلبية للمنطقة كمشكلة من ضمن مشاكل الحي. قال المشاركون إن الاطفال على وجه الخصوص يشعرون بحرج شديد في الإفصاح لزملائهم عن مكان إقامتهم. وأكد المشاركون في ورشة العمل عن رغبتهم في تغيير إسم الحي، على أمل أن يشجع ذلك مزيد من الانتماء للمنطقة ويشعل العزيمة لمعالجة مشاكلها.
فرص للتحسين
وجد معظم المشاركين صعوبة في البداية في تحديد الجوانب الإيجابية لمنطقتهم، ولكن بعد المناقشة بينهم توصلوا إلى استنتاج مفاده أن سكان عزبة الهجّانة هم في حد ذاتهم من أهم مميزات المنطقة، فمنهم الشباب المتعلم الدؤوب على العمل الذي يتطلع لمساعدة المجتمع وإحداث التغييرات. في وقت الحاجة، يسارع سكان المنطقة لمساعدة الآخرين مما يخلق روح التعاون والتضامن. يعتبر السكان أيضاً أن موقع المنطقة الجغرافي يشكل ميزة حيث أن عزبة الهجّانة مجاورة لمدينة نصر، ومصر الجديدة، والرحاب، ومدينتي.
قرب نهاية ورشة العمل ناقش المشاركون أسباب استمرار مشاكل عزبة الهجّانة بدون حل، على الرغم من أن هناك أشخاص مثلهم في المنطقة لديهم أفكار جيدة. على خلاف عدة مناطق أخرى فإن الشعور بالحماس بعد الثورة لم يسفر عن تحركات أو مبادرات جديدة في عزبة الهجّانة. كانت هناك مبادرة واحدة تستهدف مشكلة القمامة في المنطقة ولكنها لم تدم طويلاً. وضّح الشباب أن عدم وجود مساحات مناسبة لاجتماع الشباب قد يكون سبب محتمل وراء إنخفاض نشاط التعبئة المجتمعية المحلية.
لو كنت رئيساً للحي كنت سأقوم ب…
في نهاية اللقاء، تم سؤال كلٍ من المشاركين عن أولوياته إذا أصبح رئيساً للحي. وفيما يلي ردود المشاركين لحل مشاكل منطقتهم:
1. كاريتاس منظمة دولية غيرهادفة للربح مكونة من كونفدرالية لعدة مؤسسات خيرية. أنشطة كاريتاس مصر تضمنت إنشاء وحدات طبية ومراكز إجتماعية في المناطق المهمشة.وقد قامت بإنشاء وحدة طبية ومركز إجتماعي في عزبة الهجانة في عام 1988.
2. فيما يتعلق بمسألة مجتمع الغجر، فإن هذه الآراء المسجلة هي آراء المشاركين في حلقة العمل، ولم يُعرّف أي منهم نفسه على أنه عضواً في هذا المجتمع. وبالتالي فإن هذا الرأي متحيز ولايعكس بالضرورة واقع الحال في عزبة الهجانة.
The content of this website is licensed by TADAMUN: The Cairo Urban Solidarity Initiative under a Creative Commons Attribution-NonCommercial-ShareAlike 3.0 Unported License
Comments