أقيمت في القاهرة مؤخرًا دورة تدريبية مكثفة موضوعها “سياسات إدارة الأراضي وتنظيم المناطق اللارسمية”، كانت بمثابة ملتقى لاكتساب المعرفة وأيضًا للحوار والتباحث وتبادل المعارف والخبرات بين ممارسين للتخطيط العمراني ومنفذي سياسات عاملين بجهات مختلفة داخل الحكومة المصرية، وبين الباحثين والمدافعين عن حقوق العمران من الجامعات المصرية والمجتمع المدني المصري، وذلك بمبادرة –نحن في أمس الحاجة لاستدامتها- من برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، مكتب مصر (UN-Habitat Egypt) بالشراكة مع معهد دراسات الاسكان والتنمية العمرانية (IHS)من جامعة إيراسموس في روتردام، هولندا.
أقيمت الدورة التدريبية على فترتين، الأولى من 22 نوفمبر وحتى 1 ديسمبر 2015، والثانية من 31 يناير وحتى 9 فبراير 2016، وألقاها كارلوس موراليس أستاذ جامعي واستشاري ممارس للتخطيط العمراني وإدارة العمران، شغل مناصب أكاديمية واستشارية عدة في مختلف دول العالم، ومناصب حكومية في حكومة المكسيك. i
حضر التدريب ممثلون عن الهيئة العامة للتخطيط العمراني وهيئة المساحة المصرية وصندوق تطوير المناطق العشوائية ومهندسو إدارتي التخطيط العمراني بمحافظتي الأقصر وقنا، كما حضرها أعضاء هيئات التدريس بقسمي العمارة والتخطيط العمراني بكليتي الهندسة بجامعة القاهرة وجامعة عين شمس، وممثلو هيئتان دوليتان شريكتان للحكومة المصرية في الكثير من المشروعات العمرانية وهما برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية(UN-Habitat) والوكالة الألمانية للتعاون الدولي (GIZ)، وأخيرًا ممثل لمبادرة تضامن بصفتها مبادرة بحثية تمثل المجتمع المدني المصري.
هدف التدريب لترسيخ مفاهيم تتعلق بالأرض وأسواق الأراضي الحضرية، والتأكيد على أنه من الأفضل فهمها وتطويعها لتلعب دورًا في صالح سكان المدن جميعهم بدلًا من أن تخدم مصالح قلة قليلة من السكان وتدفع الباقين إلى أنماط معيشية غير مستدامة، أو تحجيمها وفرض قوانين ومخططات تحمي السكان الأضعف والأكثر هشاشة بين الأطراف المتنافسة في هذا السوق –أي الفقراء- وتضمن لهم سكنًا ملائمًا. سعى التدريب لفهم أعمق لأسباب تشكل العشوائيات، وكيف تتشكل في ظل ديناميكيات الأرض في المدينة عمومًا، وعوامل الشد والجذب بين الأطراف المختلفة في تخصيص الأراضي وحيازتها، وكيف أن الكثير من السياسات والقوانين والتدخلات الحكومية المباشرة من شأنها أن تعالج مشكلات المناطق العشوائية على نطاق ضيق أحيانًا ولكنها أيضًا تلعب دورًا كبيرًا في تحفيز المزيد من النمو العشوائي.
انتهى التدريب إلى ضرورة فهم الأطر الاقتصادية والقانونية التي غالبًا ما يتم تجاهلها أو التقليل من شأن تأثيرها على تشكل العشوائيات والتعامل مع الناتج العمراني بشكل منفصل عن مسبباته. ومن ثم البناء على هذا الفهم والتركيز على صياغة سياسات وتطبيق أدوات مرتبطة بالأرض وتخصيصها وإتاحتها للفئات المختلفة من السكان كبديل لمنع نمو المزيد من العشوائيات، بشكل يتخطي التدخلات المهتمة بمعالجة العشوائيات القائمة فقط إلى استراتيجية شاملة للاسكان في المدن تستوعب النمو المستقبلي لها في عمران آدمي يتمتع بالحد الأدنى من معايير السكن الملائم.
يعتبر التدريب تكثيفًا لمنهج برنامج “تنمية الأراضي الحضرية” الذي يُشرف عليه موراليس بمعهد دراسات الاسكان والتنمية العمرانية IHS، والذي تم تطويره بالشراكة مع معهد لينكولن لسياسات الأراضي بالولايات المتحدة الأمريكية -يمكنكم مشاهدة فيديو عن التدريب عبر هذا الرابط.
بدأ التدريب بالتعريف بمفاهيم تخص الأرض وحقوق استغلالها، وحضورها في مشكلات العمران المتزايدة في العالم، وما تتيحه دراسات الحوكمة من فهم لمسألة الأرض وأهميتها في إدارة المدينة. عرض موراليس بعض المفاهيم الاقتصادية الأساسية المتعلقة بالأرض، وكيف طورت المجتمعات –والحكومات- ميكانيزمات مختلفة للتعامل بين أصحاب الأراضي ومستخدميها الراغبين في السكن، غالبًا ما تكون هذه الميكانيزمات معقدة وتحتاج للدراسة والتفكيك على عدة مستويات لفهمها والتعاطي معها، ولكن أكثرها حضورًا في أغلب المدن هي أسواق الأراضي، الرسمية وغير الرسمية، التي يسعى بها أصحاب الأراضي والمضاربين إلى تحقيق الربح من خلال دراسة قدرة –ورغبة- الطبقات المختلفة من السكان في الانفاق، ثم خلق اطار للنمو العمراني باشتراطات تحقق المكسب المادي لطرف، والمأوى للطرف الآخر، وان كان بمعايير متدنية وخارج إطار القوانين المنظمة –أي السوق غير الرسمي. ركز التدريب على فهم الارتباط بين قيمة الأرض وموقعها من القلب الحيوي من المدينة الذي يوفر للسكان فرص العمل والخدمات، وارتباط القيمة الايجارية للأرض بتكلفة التنقل، وكيفية احتساب المضاربون لقيمة الأرض بالاعتماد على تقدير قيمة مدخرات الأفراد من الطبقات المختلفة وقابليتهم للانفاق على السكن ، وأعلى وأفضل استغلال للأرض من منظور السوق.
تعرض التدريب كذلك لدور الضرائب العقارية في ضبط سوق الأرض والاسكان، وبالأخص ضرائب الأراضي الخالية غير المستغلة والتي تشكل ضغطًا على أصحاب الأراضي الراغبين بتركها لخلق ندرة واحتياج ثم رفع الأسعار لتحقيق مكسب أكبر. ناقش مدى جدوى الدعم الحكومي للأرض أو الاسكان أو مواد البناء، في حالة لم تتدخل الحكومة لتغيير قواعد اللعبة وضبط السوق العقاري، بحيث لا يذهب هذا الدعم مباشرةً من جيوب الفقراء إلى جيوب المضاربين وأصحاب الأراضي.
بجانب المفاهيم الاقتصادية، تناول موراليس والمشاركون الإطار القانوني الحاكم للأرض ومعاملاتها. تعد مفاهيم الملكية وحقوق حيازة واستغلال الأراضي من الموضوعات الاشكالية، وقد تختلف الأعراف والقوانين المنظمة للملكية من بلد لآخر، ولكن بشكل عام يفترض دائمًا أن المصلحة العامة تأتي في مرتبة أعلى من المصالح الخاصة، لذا تحدد الدساتير والقوانين الحقوق والالتزامات المرتبطة بملكية الأراضي وحيازتها وتنميتها بشكل يعلي المصلحة العامة للمجتمع والوظيفة الاجتماعية للأرض والملكية.
ويتمثل هذا في أن تعطي الدولة لنفسها الحق في التدخل لصالح الصالح العام –وليس العكس لحماية مصالح ضيقة- من خلال تخطيط استخدامات الأراضي وأيضًا من خلال فرض الضرائب وأحيانًا نزع الملكية للمنفعة العامة والتي يجب أن تكون أوجهها محددة ولصالح خدمة الجتمع.
تناول التدريب أيضًا بشكل مستفيض قضية تشكل المناطق اللارسمية/العشوائية، وقدرة الطبقات المختلفة على الوصول للأراضي في المدينة وتاثير ذلك على ظروف معيشتها ورفاهها.
وناقش مستويات الحرمان المتعددة للمناطق اللارسمية، للوصول لفهم أعمق لما هي المشكلة تحديدًا. الملفت أن العديد من المشاركين كان فكره محصورًا في أن مشكلة العشوئيات في مصر هي مظهرها غير الحضاري وكونها غير نظيفة أو جميلة بالقدر الكافي –وهو ما ينعكس في تدخلات الدولة المتكررة لتطوير/تجميل هذه المناطق.
ركز التدريب على قضايا الحرمان من المرافق والخدمات الأساسية كمياه الشرب والكهرباء والصرف الصحي والمدارس والمستشفيات، وقضايا الازدحام والمعايير البيئية والصحية غير الملائمة للسكان، وغيرها من مؤشرات الحرمان التي تتخطى المظهر السيء ومواد البناء المتواضعة. وجه موراليس للحضور –وخاصًة المعماريين- كلمة هامة “دعوا الناس يبنون ما يستطيعون بناءه! العالم لا يملك رفاهية أن يعيش الجميع في مساكن جميلة، لا يوجد ما يكفي من الموارد لتلبية ما هو ليس أولوية. ولكننا جميعًا ملتزمون بأن نهيء ظروف معيشة أفضل للجميع”. ذهبت المناظرات السياسية بين المشاركين للعديد من القضايا المتعلقة بالعشوائيات، ومنها: قدرة الأسر على تحمل تكلفة المسكن وشرعية حيازة المجتمعات للأراضي بطريقة لارسمية، واشكالية المناطق الخطرة، ودور الدولة، وغيرها.
وكان من أهم ما قدمه التدريب للمشاركين هو التعرف على العديد من أدوات إدارة الأرض بشكل تفصيلي من خلال المحاضرات وعروض الفيديو الوثائقية، الى جانب إدارة مناقشات جماعية حول هذه الأدوات بشكل نظري وتطبيقاتها في النظم والقوانين المصرية، مع إعطاء العديد من الأمثلة المطبقة حول العالم وطرحها للنقاش والتقييم من حيث الامكانيات التي تتيحها كل أداة للإدارة وكذلك التحديات التي يفرضها استخدام هذا الأداة ونواقصها. شملت الأدوات التي تمت مناقشها: تخطيط استخدامات الأراضي، والاسكان الاحتوائي -أي وسائل تضمين جميع طبقات وفئات المجتمع داخل أي وكل مشروع للإسكان، ونزع الملكية للمنفعة العامة وتثمين التعويض العادل، وتمويل الإدارة المحلية المعتمد على تحصيل الإيرادات المرتبطة بالأرض كالضرائب العقارية ومقابل التحسين وغيرها، وإعادة التخطيط وتكييف حيازة الأراضي وفقًا للمخططات الجديدة دون الحاجة لنزع الملكية، وإدارة أنظمة الحيازة الفردية والجماعية المختلفة التي تتنوع بين الملكية الفردية الخاصة والملكية الجماعية التعاونية وكذلك الايجار والأوقاف والحيازة بالتقادم وأشكال أخرى تضمن حماية المجتمع واستقراره.ii
يومًا بعد الآخر تجتذب المناطق اللارسمية السكان ليس فقط من الفقراء بل وأبناء الطبقات المتوسطة أيضًا على تنوعهم. لم تعد ظاهرة تشكل العشوائيات مرتبطة بالفقر الحضري فقط، بل هي مرتبطة بالأساس وبشكل هيكلي بعدم قدرة الحكومات على توفير أراضي جيدة الموقع، مرفقة بالمرافق الأساسية والخدمات، أسعارها في متناول اليد وبشروط حيازة آمنة للجميع.
كما أنها مرتبطة بترك سوق الأراضي للمضاربين والساعين للتربح من الأراضي دون ضبط هذا السوق الذي تدفع آلياته السكان دفعًا إلى المناطق اللارسمية، والأدهى أن تتعامل الحكومة نفسها في أوقات عديدة كمضارب أراضي وعقارات ساعٍ للتربح من الأرض دون اعتبار المصلحة العامة. لذا فانه ما لم تتدخل الحلول المطروحة لتغيير شروط وقواعد اللعبة وضبط السوق وتعبئة الموارد التي تسثمر في العمران من خزانة الدولة ومن جيوب المواطنين حتى الفقراء منهم ، لتستثمر بشكل صحيح في صالح السكان فان الحال سيبقى على ما هو عليه. ويجب على الحكومة أيضًا زيادة هذه الموارد لتستطيع الانفاق على توفير الخدمات وتطوير المدينة لكافة سكانها، وذلك من خلال أدوات تفرض العدالة وتؤكد على الوظيفة الاجتماعية للأرض والملكية ، لضمان أن الجهود التي تبذل لتحسين العمران ستذهب لصالح الفقراء الأكثر استحقاق وليس الأغنياء وأصحاب المزايا.
ولا يمكن الاعتماد على أدوات الإدارة المحلية التقليدية فقط واعتبارها كافية لحل مشكلات العمران، بل يجب تبني استراتيجيات تمنع نمو المزيد من العشوائيات وهذه الاستراتيجيات تحتاج لأدوات أكثر فاعلية وجذرية.
أثر عرض ومناقشة الأدوات التي تلجأ إليها إدارات المدن للتعامل مع الأرض بشكل إيجابي على المهندسين والمسئولين من المستوى الأوسط بالهيئات القومية والمحلية المشاركة، وسمح بالتفكير بحلول جديدة مختلفة عن المعتاد. إلى حد أن أعلن بعضهم أنه بادر بعرض أداة أو سياسة أصبح يراها ملائمة أكثر داخل الهيئة التي يعمل بها ويدعو لتبنيها وتجربتها. كان من المفيد جدًا الاطلاع على تجارب الآخرين، وخاصًة الدول النامية التي تواجه تحديات ومشكلات قريبة مما تواجهه مصر، وكيف أمكنها في ظل قلة الموارد أن تحقق نجاحات ملموسة في حياة الناس اليومية وتضمن حقوقهم وتدعم تنميتهم.
ساعدت طبيعة التدريب التفاعلية على أن يشارك الجميع في تقديم عروض ومناقشات بخصوص مناطق مصرية تحتاج للتطوير، منها منطقة ماسبيرو التي خصص لها يومًا كاملا، كنموذج حي يتم التعامل معه حاليًا من قبل الحكومة، ويمكن تطبيق العديد من الأدوات المبتكرة لضمان حقوق سكانه في الأرض وحقوق الدولة والمجتمع والمستثمرين أيضًا. شمل اليوم عرضًا قدمه مسئولون من صندوق تطوير العشوائيات يشرح الخطوات التي تمت في عملية التطوير، والتحديات التي يواجهونها لاستكمال المشروع، وشمل كذلك زيارة ميدانية ولقاء مع أهالي مثلث ماسبيرو وتعرف المشاركين لتاريخ المكان وثقافة أهله واحتياجاتهم عن قرب.
قام المشاركون أيضًا بتطبيق دراسات الحالة على عدة مناطق، منها منطقة منشية ناصر التي شهدت جهود تنموية ومشروعات تطوير منذ السبعينيات وصرف عليها المليارات وما زالت تعاني الكثير من المشاكل. وأيضًا دراسة تقارن مدينة العبور –إحدى المجتمعات العمرانية الجديدة- ومدينة الخصوص القريبة منها -وكلاهما يقع في نطاق محافظة القليوبية- وذلك من حيث الموارد التي تخصص لكل منها بالمقارنة بعدد السكان والاحتياجات، والقاء الضوء على التدهور الذي تعانيه المدينة القائمة. هذا كله بالإضافة لمناظرات أقيمت بين فرق من المشاركين لموضوعات اشكالية مثيرة للجدل، مثل خصخصة الأراضي ذات الملكية العامة، ونقل سكان العشوائيات من المناطق ذات القيمة العقارية العالية، و أخيرًا مناظرة حول اعطاء الأولوية للتدخلات العلاجية فيما يخص مشاكل العمران أم التدخلات الوقائية التي تنظر للمستقبل.
الأمر الذي جاء مبشرًا –ومفاجئًا بدرجة- أن القوانين المصرية تتيح بالفعل الكثير من الحركة، وبالمقارنة بأنظمة سياسية وتشريعية أخرى حول العالم جاءت مصر في مرتبة متقدمة عن العديد من الدول في هذا المضمار. ما ينقصنا هنا هو بشكل أساسي الإرادة السياسية لحل المشكلات بفاعلية، دون إعادة استخدام نفس الوسائل التي لا تلبث أن تفشل مجددًا مرة تلو الأخرى. ينقصنا إتاحة الحركة والابتكار لإدارات المدن والمسئولين المحلين ليتمكنوا من دراسة مشكلات مدنهم واستخدام القوانين المصرية والأدوات التي تتيحها لتحقيق الصالح العام.
ينقصنا أيضًا الكثير من الدراسات الجادة عن المدن المصرية وتوصيف مشكلاتها بواقعية وبوعي يدرك للأبعاد المتعددة لهذه المشكلات، فالعمران لا ينتجه المخططون المتخصصون بقدر ما ينتجه الناس وعلاقاتهم الاقتصادية والاجتماعية وسياسات الدولة الموجهة للنمو بدرجة كبيرة.
ينقصنا أيضًا إتاحة آليات فعالة للمشاركة لجميع الأطراف المهتمة بالشأن العام لطرح بدائل لحلول وتجربتها وتطبيقها.
يختلف هذا النوع من الفاعليات عن الندوات أو الاجتماعات التي تتم لساعة أو أكثر، وتكون مخصصة لمناقشة موضوعات شائكة تحمل في أغلب الأحيان قدرًا كبيرًا من التفاصيل الخلافية التي لا يتيح الوقت الضيق مناقشتها بشكل جاد والتوصل لاتفاق ما بشأنها، فضلًا عن تربص الأطراف المختلفة ببعضها أو تبني كل طرف لسلوك دفاعي لا يعزز كثيرًا الحوار الجاد والمشاركة الفعالة. أتاح التدريب أكثر من 120 ساعة من التعلم والتواصل للمشاركين من الحكومة والجامعات والمنظمات الدولية والمجتمع المدني، وأتاح مناقشة مفاهيم وقضايا مرتبطة بالعمران بشكل متعمق يتخطى التصورات المحدودة التي صاغتها البيئة المصرية حول موضوعات الاسكان وتخطيط وادارة المدن بمناطقها الرسمية واللارسمية على حد سواء. كما وفر فرصة هامة لتبادل المواقع، حيث شجع العمل الجماعي على استيعاب طريقة تفكير الآخر وما يشغله من محددات وأولويات.
وقد كان من الممكن أن يخرج هذا التدريب بنتائج أفضل، إن كان هناك توازنًا أكبر بين المشاركين من الحكومة ومن مؤسسات المجتمع المدني، وكذلك توازنًا بين المخططين والباحثين العمرانيين -سواء من الحكومة أو الجامعة أو مجتمع مدني- من جهة وبين مختلف تخصصات التي تمتلك خبرة أكبر بالمسائل اقتصادية وقانونية من جهة أخرى. فبالتأكيد كان سيفيد حضور عدد من القانونيين والاقتصاديين والتنمويين والمدافعين عن حقوق السكن والأرض، وكذلك حضور عدد من ممثلي المجتمعات المحلية وعرضهم خبرات أقرب إلى حياة الناس ومشكلاتهم اليومية بهذه المدينة من ناحية اجتماعية وقانونية وسياسية. ربما كان من المفيد أيضًا دعوة ممثلي للقطاع الخاص المهتمين بالتطوير العقاري.
في النهاية لا يمكن الاعتماد على الندوات أو الاجتماعات المغلقة أو حتى التدريبات وحدها، بل يجب الاستفادة من هذا الدرس المثمر الذي يوضح كيف تؤتي التشاركية ثمارها وتوسع من مدارك جميع الأطراف وتعزز فهمهم للأبعاد المختلفة لقضايا عمراننا المزمنة. هناك مصدر هائل للمعلومات والخبرات في المجتمع المصري، موجود في عقول الخبراء والسكان والفاعلين المختلفين في المدينة وإن لم يتم إشراك جميع الأطراف بالعملية التخطيطية فستظل معيوبة وغافلة عن الاحتياجات الحقيقية وبالتالي قاصرة عن حل المشكلات الحقيقية. وستظل مدننا تعاني دون حلول.
i.عن مؤلف المنهج التدريبي وملقيه، كارلوس موراليس: يدير موراليس حاليًا تخصص ماجستير تنمية الأراضي الحضرية، ودبلوم إدارة الأراضي وتنظيم المستوطنات غير الرسمية في معهد دراسات الإسكان والتنمية العمرانية (IHS)، وقد أعطي المشورة وحاضر عن قضايا الأراضي في أكثر من 30 بلدًا، كما كان عضو هيئة التدريس الزائر بمعهد لينكولن لسياسات الأرض (LILP) لمدة 15 عاما.حاضر أيضًا في الجامعة الوطنية المستقلة في المكسيك (UNAM) لمدة 22 عامًا. وشغل مناصب في الحكومة المكسيكية بما في ذلك: المدير الفيدرالي لسياسات وأدوات الأرض في وزارة التنمية الاجتماعية (SEDESOL)، وفي حكومة مدينة المكسيك (GDF) كمدير للسياسات المساحية وسياسات الأراضي والضرائب العقارية. كما شغل مناصب في البنوك العامة والخاصة مما أتاح له التعامل مع الرهون العقارية السكنية، وقروض التنمية العمرانية والبنية التحتية والخدمات المحلية وتحديث أنظمة الضرائب العقارية، ومع تسويق وتقييم وإدارة العقارات.
ii. لا يتسع المجال هنا لشرح كل أداة بالتفصيل. ناقشنا في مقالات تضامن السابقة العديد من هذه الأدوات والقوانين والتجارب المرتبطة بها في مصر والعالم، ومنها: الضرائب العقارية و نظم الإدارة المحلية وتقنين ملكيات الأراضي . وسنواصل نشر موضوعات مشابهة عن كل هذه الأدوات وغيرها في المستقبل.
The content of this website is licensed by TADAMUN: The Cairo Urban Solidarity Initiative under a Creative Commons Attribution-NonCommercial-ShareAlike 3.0 Unported License
Comments