الهيكل التنظيمي لإدارة المدن الجديدة
يقوم الهيكل التنظمي في المجتمعات العمرانية الجديدة بالأساس على طرق إدارة وعلاقات قوى تميل أكثر لشكل إدارة المشاريع ، حيث تختص وزارة الإسكان والمرافق بتخطيط و إنشاء المدن الجديدة و تُنيب الوزارة هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة في أمور الإدارة والتخطيط التنفيذي لهذه المدن، ومن ثم تنشئ الهيئة أجهزة تنمية للمدن ( قانون 59 لسنة 1979 مادة 44). تتولى هذه الأجهزة النواحي التنفيذية مثل إنشاء مرافق الخدمات العامة في المدينة وتسليمها للمديرية المختصة بالخدمة ونواحي تخطيطية مثل رفع احتياجات خطط التنمية السنوية للمدينة. وينشأ في كل مدينة مجلس أمناء وتكون اختصاصاته هي المشاركة جهاز التنمية في عملية إدارة المدينة.حيث يقوم المجلس بدعم جهازالمدينة عن طريق المشاركة في تنفيذ أعمال النظافة ( التعاقد مع شركات النظافة و الإشراف على اعمالها) والزراعة والتجميل والصيانة بالمدينة، وتحديد وإقرار خطة المشاركة بالجهود والإمكانيات الذاتية للمعاونة في تنمية المدينة بالتنسيق بين جهاز المدينة والجمعيات الأهلية بها، ويقوم أيضاً بدور استشاري عن طريق المشاركة في رسم خطط التنمية، واقتراح سياسة واضحة لسرعة تنمية المدينة.
الكيانات المعنية بادارة المدن الجديدة :
جهاز تنمية المدينة الجديدة
جهاز تابع لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة و يختص بالإشراف على الخدمات الحكومية بالمدينة و اصدار تراخيص البناء و تخصيص و تسجيل الأراضي .
مجلس امناء المدينة الجديدة
قرارات الإنشاء ، تحديد الإختصاصات ، مصادر الصرف ، أوجه الصرف و تعيين أعضاء مجلس الأمناء تصدر من وزير الإسكان و المرافق .. و تشكيل المجلس يكون من الأطراف المعنية ( مستثمرين – جمعيات قاطنين – أجهزة حكومية – شخصيات عامة – مواطنين) على أن تكون اختصاصات المجلس هي : اقترح سياسات لتنمية المدينة الجديدة ، دراسة سبل تطوير و تحسين الخدمات العامة ، تحديد و إقرار خطة المشاركة بالجهود الذاتية لتنمية المدينة ، المشاركة في تنفيذ أعمال النظافة و الصيانة و دراسة مشاكل أهالي المدينة و العمل على إيجاد حلول لها.
جمعية مستثمرين المدينة الجديدة
هي جمعيات اهلية غير هادفة للربح وتهدف إلى :
• تمثيل ومساندة مجتمع الأعمال.
• خدمات الأعمال.
• تنمية مجتمع المدينة.
يمثلوا في مجلس الأمناء و يقوموا بمساهمات مادية لتنمية المدينة و نوع اخر من المساهمات هو المساعدة في وضع خطط التنمية المدينة عن طريق ممثلوهم في مجلس الأمناء .
هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة
هيئة تتبع وزارة الإسكان و المرافق و تختص بجميع امور التخطيط و التنفيذ في المدن الجديدة، ينشئوا اجهزة تنفيذية تابعة لهم في كل مدينة جديدة ” جهاز تنمية المدينة الجديدة ” و يحدد اختصاصات كل جهاز على حدة ( طبقاً للمادة 44 من قانون المجتمعات العمرانية الجديدة )
وزارة الإسكان
القرارات المتعلقة بالمخصصات المالية وأوجه الصرف، قرارات تعيين و انشاء اجهزة التنمية تصدر من وزير الإسكان وتنيب الوزارة امور الإشراف والتخطيط للمدن الجديدة لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة
مديريات الخدمات العامة
المدن الجديدة: يقوم بإنشاء المرافق العامة جهاز تنمية المدينة بأسلوب التعاقد المباشر وعند الانتهاء من الإنشاءات يتم تسليمها لمديرية الخدمة العامة المختصة في المدينة للاشراف على تشغيلها وصيانتها، يمثل رؤساء المديريات المختلفة الحكومة في مجلس امناء المدينة الجديدة.
الخدمات العامة
خـبراء الإدارة العامـة اتفقوا على تعريف الخدمات العامة بأنها الحاجات الضرورية لحفظ حياة الإنسان وتأمين رفاهيته والتي يجب توفيرها بالنسبة للسواد الأعظم من الشعب، والالتزام فى منهج توفيرها بأن تكــون مصــلحة الغالبــية مــن المجــتمع هــي المحــرك الأساسـي لكل سياسة فى شئون الخدمات بهدف رفع مستوى المعيشـة للمواطنين. وتلبـية هـذه الخدمـات العامـة مثل الخدمات الصحية والتعليمية والثقافـية و خدمـات الأمـن، والعدالـة وغيرها، هي مسئولية الدولة بالدرجة الأولى وهى ليست موقوتة بزمن محدد، بل هي عملية دائمــة مســتمرة ينبغــي أن تخطــط الدولــة لــتقديمها وتطويــرها ليحصل عليها المواطن فى أحسن صورة.
بالنظر للواقع المصري فنجد أن عملية تخطيط الخدمات العامة تختلف على حسب المجتمع العمراني حيث تتنوع الهيئات القائمة بالتخطيط و الأطراف المعنية المؤثرة في عملية التخطيط. في الجزء التالي سنقوم بعمل مقارنة بين طريقة تخطيط الخدمات العامة في المدن الجديدة و طريقة التخطيط في المدن القائمة.
تخطيط الخدمات العامة
تعد هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة هي الجهة المسئولة عن التخطيط في المدن الجديدة، اخذة في الاعتبار توصيات أجهزة التنمية بالمدن المعنية ومجالس أمناءها. يمر تخطيط الخدمات العامة في المدن الجديدة بعدة خطوات، بداية يتم الاطلاع على المخطط العام للمدينة المعنية ومن ثم تحديد الخدمات العامة المطلوب توفيرها أو تطويرها في خلال هذا العام. بعد ذلك يتم معرفة الموارد المالية المتاحة ومتطلبات التخطيط القومي، ثم يتم تحديد الهيئات المسئولة عن التنفيذ، وتحديد خطوات تسليم مرافق الخدمات العامة المنشئة للمديريات الحكومية أو الشركات القابضة المختصة بالتشغيل والصيانة. وأخيراً يتم صياغة الخطة المفصلة لتنمية المدينة. على أن يكون دور جهاز تنمية المدينة هو عمل مسح للاحتياجات الخدمية للمدينة والتشاور مع الأطراف المعنية في المدينة (عادة ممثلين في مجلس أمناء المدينة) حول كيفية تنمية وتطوير الخدمات بالمدينة. وأخيراً يقوم برفع تقرير بالاحتياجات الخدمية وتوصيات الأطراف المعنية للهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة لتستعين بها في صياغة الموازنة المالية التفصيلية للمدينة.
يدخل في تخطيط المدن الجديدة أيضاً متطلبات التخطيط القومي التي تدور في إطار التوسع في عمل مشاريع الإسكان الاجتماعي. فيتم تخصيص جزء من الموازنة المالية للمدن الجديدة لهذا الغرض حيث تذهب أغلب مخصصات هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة لتنفيذ هذه المشاريع وتوفيرمرافق الخدمات العامة لها. كمثال على ذلك نجد في خطة تنمية مدينة 6 اكتوبر لعام 2016 أنه سوف يضخ استثمارات تقدر ب 24 مليار جنيه لتخدم مشروع التوسع في الإسكان الإجتماعي، حيث خصص 16 مليار جنيه (67% من الموازنة) لتنفيذ 116 ألف وحدة سكنية و تنفيذ المباني الخدمية بمناطق الإسكان الاجتماعي. كما خصص2 مليار جنيه (8,3 % من الموازنة)(لتنفيذ المرافق) المياه والصرف والطرق (المشروع ، بالإضافة إلى 2,2 مليارجنيه (9% من الموازنة) لتطوير الطرق والمحاور الرئيسية للمدن.
أما بالنسبة للمجتمعات القائمة (المحافظات والوحدات المحلية (المحليات) (، فتتم عملية تخطيط الخدمات العامة في الوحدات المحلية بطريقة مركزية في الوزارات القطاعية المختصة وهيئة التخطيط العمراني. وفقاً للمادة (65) من اللائحة التنفيذية لقانون الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 1979، فإنه يراعى عند وضع خطط التنمية للوحدات المحلية أن تحدد كل وحدة محلية احتياجاتها بحسب الأولويات المدروسة، وبعد عرضها على المجلس الشعبي المحلي المختص بإقرارخطة التنمية وموازنة الوحدة المحلية، ترفع الخطط إلى المحافظة ثم إلى اللجنة العليا للتخطيط الإقليمي، على أن يتولى وزير التخطيط بالاتفاق مع الوزير المختص بالإدارة المحلية ووزراءالوزارات القطاعية مثل وزارة الصحة والتعليم والإسكان الربط والتنسيق بين هذه الخطط والخطة العامة للدولة. ولكن مع غياب آليات تُلزم الربط بين تقدير الاحتياجات المالية في مشروع الموازنة، وتقدير الاحتياجات العمرانية والتخطيطية، وحيث أن وزارة المالية لها اليد العليا في تحديد المخصصات المالية فالكثير من بنود خطط تنمية وتطوير الوحدات المحلية لا تنفذ أو يتم تعديلها لتناسب الموارد المالية المتاحة.
من المسئول عن انشاء، تشغيل وصيانة الخدمات العامة؟
تختلف المدن الجديدة عن المدن القائمة في بعض الجهات المختصة بالقيام بمهام انشاء المرافق والخدمات العامة والإشراف عليها وصيانتها. ولكن يجمعهم في نفس الوقت وجود ممثلين للوزارات القطاعية (مديريات الخدمات العامة) يتولوا تشغيل و صيانة بعض هذه المرافق مثل : التعليم و الصحة.و شركات قابضة تقوم بتشغيل و صيانة بعض المرافق الأخرى مثل : مرافق خدمات المياه ، الصرف الصحي، الغاز الطبيعي و الكهرباء.
ففي المدن الجديدة، بصفة عامة تتولى أجهزة تنمية المدن الجديدة عملية تنفيذ المخططات وإدارة الخدمات العامة بالمدينة. حيث تقوم هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة باسناد خطة تنمية المدينة الجديدة للجهاز على أن يقوم الجهاز بانشاء مرافق الخدمات العامة ) مباني و شبكات الخدمات العامة)المذكورة في الخطة و تسلمها لمديرية الخدمة العامة أو الشركة القابضة للتشغيل ،الصيانة و التحصيل .وتشارك مجالس أمناء المدن الجديدة في رسم خطط التنمية واقتراح سياسات واضحة وفعالة لسرعة تنمية المدينة، وفقاً لأولويات تنفيذ مشروعات التنمية لاعتمادها من السلطة المختصة بهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة.
وفي بعض الأحيان تلجأ الأجهزة المعنية بإدارةالمدن الجديدة (جهاز تنمية المدينة ومجلس امناءها ) إلى الاتفاق مع هيئات حكومية على توفير بعض الخدمات بنظام الاستئجار، حيث تؤجر الهيئة الحكومية بعض من اصولها للجهاز وتمول مساهمات المستثمرين الممثلين في مجلس الأمناء هذا الاتفاق بسبب قلة الإستثمار في المواصلات العامة من قبل هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة وتلبية للاحتياج العاجل لدى مجتمع المدينة الجديدة لهذه الخدمة تقوم الأجهزة المعنية بإدارة المدن الجديدة بهذا النوع من الاتفاقات. وفى حال عجز المديريات الحكومية عن استلام و تشغيل مرفق الخدمة العامة تلجأ أجهزة التنمية بالمدن الجديدة لإعادة طرحها إما بالمزايدة او إما بنظام حق الانتفاع و عرضها على الجمعيات الأهلية.
أما بالنسبة للمدن القائمة فباستثناء البرامج الخمسة للتنمية المحلية (رصف،إنارة، تجميل، صحة المرأة والطفل، وشراء مستلزمات التشغيل)،تختص الوزارات القطاعية من خلال مديرياتها ومكاتبها على المستويات المحلية المختلفة بإنشاءوتشغيل وصيانة الخدمات العامة. وبعد أن تم تحويل بعض الخدمات العامة مثل (الكهرباء، المياه والصرف الصحي والغاز الطبيعي)لشركات قطاع أعمال أصبح يتم اسناد الإنشاء والإشراف والصيانة والتحصيل إلى الشركات القابضة على أن تضمن مديريات الخدمات العامة المحلية جودة تقديم الخدمة.يدعي البعض أن توزيع المهام بهذا الشكل أدى لتدهور مستوى الخدمات العامة بشكل أكبر لأن هذا النوع من الإدارة يتطلب مجهود كبير في التنسيق في مرحلة إعداد الخطط التنفيذية ومرحلة تنفيذ هذه الخطط ويتطلب وجود كوادر إدارية قادرة على التصرف في حالات الطوارئ. فضلاً على هذا فغياب التنسيق يؤدي لإهدار الموارد المالية المتاحة وبالتالي عدم احساس المواطنين بتحسن المستوى الخدمة ولجوءالمقتدرين منهم للقطاع الخاص لتوفير خدمات الصحة ، التعليم و الأمن ايجودة مقبولة .
توافر و جودة الخدمات العامة في المدن الجديدة
بالاطلاع على الموازنة العامة للدولة نجدأن حجم الاستثمارات التي يتم تخصيصها لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة يتجاوز 30 مليارجنيهر _ (الموازنة العامة للدولة 2015/2016 ) في حين أن الاستثمارات المخصصة للوزارات القطاعية المسئولة عن تشغيل وصيانة بعض الخدمات العامة في المدن الجديدة كالصحة والتعليم لاتتجاوز 10 مليارجنيه سنويا مما ينعكس على مستوى الخدمات العامة في المدن الجديدة .و بالنظر بشكل اعمق لتوزيع مخصصات هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة نجدأن أكثرمن 60% من المخصصات تذهب لبند الإسكان (بناءالوحدات السكنية والإدارية ) وأن ما يخصص للاستثمار في المرافق العامة كالمياه والصرف الصحي لايتجاوزال 25% من المخصصات وأن مخصصات الصيانة ضعيفةحيث لاتستطيع تغطية اكثرمن 30% من احتياجات الصيانة للمرافق(4% من مخصصات المجتمعات العمرانية الجديدة)،مما قد يترتب عليه تدهورمستوى شبكة المرافق القائمة على المدى الطويل.
يعتقد البعض بما أن المدن لم يمر على انشاء اقدمها اكثر من 35 عاماً فالخدمات العامة يجب أن تكون متاحة، متوفرة،جودتها مقبولةحتى بدون صيانة و تكلفتها معقولة .فعلياً كما ذكرنا في القسم السابق فإن المخططات العامة للمدن الجديدة تحاول أن تضمن هذا و لكن واقع الأمور يحدثنا بأن هذه ليست الحالة في اغلب المدن الجديدة ، فلو اخدنا خدمة الصحة في المدن الجديدة كمثال نجد ان الدولة تلتزم دستوريا بتوفيرخدمة صحية جيدة وقريبة وبتكلفة علاج مناسبة لفئات المجتمع المختلفة و لكن مستوى الخدمات الصحية على مستوى الدولة لا يزال ضعيف و ذو جودة منخفضة،وهذا انعكس بالضرورةعلى مستوى الخدمات الصحية في المدن الجديدة.حيث تقوم هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة بتنفيذ مباني الخدمات الصحية في المدن الجديدة و عند الإنتهاء منها يتم تسليمها لوزارة الصحة للإشراف عليها و تشغيلها،ولكن بسبب غياب التنسيق بين الوزارات و الهيئات المعنية في مرحلة التخطيط وتيرة انشاء مرافق الخدمات الصحية اسرع بكثير من قدرة المديريات الصحية المحلية على توفير الكوادر الفنية و الإدارية القادرة على تشغيل هذه الوحدات الخدمية، ولضعف المواردالمالية الخاصة بمديريات الصحة المحلية بالمقارنة بالموارد والمخصصات المتاحة لأجهزة تنمية المدن الجديدة ففي بعض الأحيان تمتنع مديريات الصحة من استلام المرافق الصحية بسبب ضعف جدوى توفير موارد و كوادر لوحدات صحية في مناطق قليلة الكثافة السكانية و احيان اخرى تمتنع المديريات عن استلام الوحدة بسبب عيوب فنية و انشائية في الوحدات الصحية المنشئة.
وحتى مع توافر الموارد المالية اللازمة لتشغيل وحدات الخدمة الصحية،فالكوادر الفنية المدربة تمتنع عن الذهاب للمدن الجديدة بسبب صعوبة المواصلات لهذه المدن، بعد المسافة و ضعف العائد المادي الذي يعود عليهم.
الخلاصة أنه بالرغم من استمرار هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة في بناء مرافق خدمة الصحة في توسعات مشروعات الإسكان الإجتماعي بالمدن الجديدة ، فهذا لن يضمن وجود خدمة صحية جيدة لأن مديريات الصحة ستستمر في عدم استلام هذه المرافق و تشغيلها بسبب قلة مواردها عامة و تفضيلها لتوفير الموارد القليلة المتاحة للمناطق الأكثر احتياجا.ً
مثال اخر على الخدمات العامة و مدى ملائمتها في المدن الجديدة هي خدمة المواصلات العامة.نستخلص من حداثة عهددخول خدمة النقل و المواصلات العامة للمدن الجديدة أن المخطط لم يضع في الحسبان ضرورة ايصال هذه المدن بالمدن القائمة بمواصلات عامة جيدة و لم يضع اولوية لتوفير خطوط نقل عام داخلية تساعد في التنقل بين احياء المدينة الجديدة ، مما اكبر السكان على الإعتماد كلياًً على القطاع الخاص ( ميكروباصات، تكاتك و مشاريع نقل جماعي ) في النقل الداخلي، و أنه مع زيادة شكوى المواطنين من صعوبة المواصلات و ببعض الضغط و “عرض المساهمة المالية “من مجالس امناء بعض المدن، شرعت بعض اجهزة تنمية المدن في توفير الخدمة. الملاحظ ايضاً في الفترة الأخيرة أن بالتوازي مع ازدياد الإستثمار في مشاريع الإسكان الإجتماعي في المدن الجديدة زاد الإستثمار في المواصلات العامة حيث بدأنا نسمع عن اتفاقات مع هيئة النقل العام لتوفير خطوط تابعة للهيئة تصل بين اكثر من حي رئيسي في المدينة الجديدة و المواقف الرئيسية في المحافظات التي تتبع لها ( يلاحظ أن هيئات النقل العام تتواجد في محافظات القاهرة و الجيزة و الإسكندرية فقط ) و نسمع عن طريق الإعلام عن مشروعات عملاقة باستثمارات ضخمة لإيصال المدن الجديدة بالمدن القائمة مثل مشروع القطار المعلق ( المونوريل ) لإيصال الشيخ زايد ومدينة 6 اكتوبر بمدينة الجيزة ، احياء مشروع مترو الأنفاق في مدينة 15 مايو ( مد محطة حلوان و ايصالها بمدينة 15 مايو عن طريق المترو ) و احياء مشروع الترام بين حي مصر الجديدة و مدينة القاهرة الجديدة ، و لكن على حد علمنا هذه المشاريع لا تتبع سياسة عامة للدولة تهدف لإيصال المدن الجديدة بالمدن القائمة و في نفس وقت لا يوجد وقت محدد للإنتهاء من تنفيذ معظم هذه المشاريعأما بالنسبة لخطوط المواصلات الداخلية فقد اتفقت اجهزة تنمية المدن الجديدة مع المحافظات على ترخيص سيارات السرفيس لتكون مع شركات النقل الجماعي الوسيلة الرئيسية للمواصلات الداخلية في المدن الجديدة ، و قامت بالتنسيق مع ادارة المرور بالمدينة لإتمام الإجراءات القانونية على أن يتم تحديد خطوط السير و المناطق الداخلية المستهدفة من قبل جهاز تنمية المدينة . و في بعض الحالات يتم التعاقد مع هيئة النقل العام عن طريق تأجير بعض الأتوبيسات العامة لتوفير وسائل مواصلات بين الأحياء المتطرفة في المدينة و مركز المدينة، و ذلك على أن يتحمل التكلفة مجلس الأمناء، بعد موافقة هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة.
الإستقلال المالي وتأثيره على تخطيط ونموالمدن
بالنسبة للمدن الجديدة، فمع ضخ الحكومة المركزية لمخصصات استثمار وصلت لأكثر من 30 مليارجنيه سنوياً، ومع مساهمات مجالسا لأمناء في المدن الجديدة، أصبحت المدن الجديدة تمتلك مخصصات تجعلها أكثر استقلالية من الوحدات المحلية في المدن والمراكزالقائمة. وما المانع وحصيلة إيرادات هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة تغطي هذه المصروفات بل ونجد فائض يعود لخزانة الدولة. فبالنظر لموازنة هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة لعام 2015/2016 سنجد أن إجمالي الموازنة هو 35،9 مليارجنيه وصافي الربح المتوقع هو 8 مليارجنيه مصري (22% من اجمالي الموازنة)، مما يجعلها استثمارحكومي جيد.بالنظر لحجم مخصصات الاستثمارات الحكومية في هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة ومقارنتها بمخصصات بعض الوزارات كالصحة والتعليم نستنبط أن الحكومة تولي اهتمام متزايد بالمدن الجديدة وتهتم بتطويرها، تنميتها وتشجيع سكان المدن القائمة على الانتقال لها. مما يترتب عليه سعي الحكومة لتلبية احتياجات الهيئة والسعي في تطوير وتنمية المدن الجديدة.وإذا رجعنا لعملية تخطيط الخدمات العامة في المدن الجديدة نجد أن أجهزة تنمية المدن الجديدة تقوم بتحديد احتياجاتها لتطوير و تنمية المدينة والهيئة تقوم بتلبية جزء كبير من هذه الإحتياجات، مما يعود بالنفع على المدن الجديدة ويزيد قابليتها للنمو و الاستدامة.
بعكس نظام الإدارة المحلية المدن القائمة حيث لا تغطي ايراداتها اكثر من 10% من مصروفاتها وتمثل المخصصاات الحكومية ( دعم الحكومة المركزية) اكثر من 85 % من موازنة المحافظة.
لذلك تقوم الإدارات المحلية في اطار سعيها للإستفادة المثلى من حصيلة ايراداتها بإنشاء صناديق خاصة. توضع بها ايرادات بعض الخدمات و الرسوم المحلية على أن توجه حصيلة هذه الصناديق لدعم تطوير و تحسين الخدمات و المرافق العامة.
تأثير تعديل المخطط العام على خطط التنمية بالمدن الجديدة
في دراسة مقدمة من الدكتورة نجوى ابراهيم محمود بعنوان “صنع القرار و الدور التنموي للمدن الجديدة”تم تقسيم الأطراف الفاعلة في صنع القرار إلى: جماعات حكومية، ورجال أعمال ومستثمرين، وجهات مانحة، وجماعات سياسية، وسكان وقوى مجتمعية، وجماعات أخرى.
كل مجموعة من هذه المجموعات لهم مصالحهم و تطلعاتهم في المدينة، ويمتلكون أساليبهم الخاصة في تحقيق هذه المصالح ما بين سلطات و اختصاصات رسمية تساعدهم في انفاذ مصلحتهم ،إلى مجموعات تستفيد من نفوذها المادي والمعنوي في الضغط لتمرير مصالحهم ومجموعات أصحاب مصالح أخرى يحاولوا الضغط لتيسيير حياتهم في هذه المدن و هم عادة المجموعات الأضعف والأقل تأثيراً. و بالرغم من أن كل المدن الجديدة يوضع لها مخططات عامة، تفصيلية و تنفيذية من قبل وزارة الإسكان و في إطار السياسة العامة للدولة، ففي وقت تنفيذ هذه المخططات تتدخل الأطراف المعنية باشكال مختلفة لتمرير مصالحها التي قد تؤدي في نهاية المطاف إلى التعديل في بعض المخططات العامة.
ولها تأثير كذلك ؛ فقد تعددت الاستعمالات خارج المخطط الأصلي لمدينة السادات لصالح جهات مختلفة و منها إدارة السجون بوزارة الداخلية وجامعة المنوفية .أيضاً نتيجة لتوجه الدولة في السنوات الأخيرة للتوسع في إنشاء وحدات الإسكان الاجتماعي في المدن الجديدة ،ف خصص جزء كبيرمن مخصصات المدن الجديدة لتنفيذ هذه المشاريع.
خاتمة
بشكل عام نجد أن ادارة الخدمات العامة في المدن الجديدة تتميز بقدرة اكبر على تخطيط و تنمية الخدمات العامة في المدينة من خلال الهيئات القائمة على ادارة المدينةو باستقلالية من هيئات التخطيط القومية.، ايضاً مع ازدياد عوائد بيع الأراضي و مساهمات مجالس الأمناء و جمعيات المستثمرين .تتوافر الموارد المالية اللازمة لتنمية و تطوير الخدمات العامة في المدينة، نجد ايضاً أن المخططات العامة للمدن الجديدة تلافت العيوب وأخطاء التخطيط في المدن القائمة وخططت هذه المدن لتستوعب الملايين من سكان المدن القائمة وإن لم تحقق هذه الأهداف. أخيراً نجد أن مستوى الخدمات العامة نسبياً جيد نظراً لحداثة عهد إنشاء هذه المدن بالمقارنة للمدن القائمة
أمّا التحديات التي تواجه الخدمات العامة في المدن الجديدة فنجد أن بسبب غياب التنسيق بين جهات تخطيط وإنشاء و جهات تشغيل و صيانة الخدمات العامة في مرحلة التخطيط جعل وتيرة انشاء مرافق الخدمات العامة أسرع بكثير من قدرة االمديريات و الشركات القابضة على توفير الكوادر الفنية و الإدارية القادرة على تشغيل هذه الخدمات و حتى مع توافر الموارد المالية و الفنية اللازمة لتشغيل و صيانة مرفق الخدمة العامة فالكوادر الفنية المدربة تمتنع عن الذهاب للمدن الجديدة بسبب بعد المسافة ، صعوبة المواصلات لهذه المدن و ضعف العائد المادي ، من التحديات ايضاً انه بسبب التوسع في مشاريع الإسكان الإجتماعي في المدن الجديدة و تخصيص الجزء الأكبر من الموازنة لتنفيذ هذه المشاريع و توفير مرافق الخدمات العامة لها و فيتم اهمال الإنفاق على صيانة و تشغيل المرافق و الخدمات العامة القائمة ، مما سيؤدى لتدهور مستوى الخدمات العامة على المدى الطويل. ،تنوع الجهات المسئولة عن التشغيل و التنفيذ و صعوبة التنسيق ما بينهم لتداخل اختصاصتهم في بعض الأحيان مما يؤدى لسوء الخدمة و عدم توافرها في بعض الأحيان. غياب ادوات الرقابة الفاعلة على مستوى المدن الجديدة حيث لا يوجد جهات رقابة منتخبة في المدن الجديدة ، مجرد هيئات معينة، تنقسم هذه الهيئات إلى تنفيذية متمثلة في جهاز تنمية المدينة و مديريات الخدمات العامة بالمدينة و جهات استشارية متمثلة في مجلس امناء المدينة الذي يملك سلطة مساءلة أورقابة أداء الأجهزة التنفيذية في المدينة.
ومجلس امناء المدينة لا يملك سلطة مسائلة أورقابة الأجهزة التنفيذية في المدينة.وأخيراً بسبب ازدياد نفوذ جمعيات مستثمري المدن الجديدة فنجد أن بعض قرارات أجهزة التنمية تصمم لتفيد مصالحهم بالأساس. مما يترتب عليه تعديل خطط التنمية السنوية وفي بعض الأحيان المخططات العامة مما يؤدي إلى إضافة أعباء مالية جديدة على الموازنة.
لو أردنا أن نلخص نظام إدارة الخدمات العامة في المدن الجديدة سنجد أنه بالرغم من وجود استقلالية تخطيطية وفائض إيرادات تيسر تطوير و تنمية الخدمات العامة بهذه المدن فإنه بسبب غياب التنسيق مع مديريات الخدمات العامة والشركات القابضة المسئولة عن التشغيل والصيانة فنجد أن تخطيط الخدمات العامة لا يتم بطريقة جيدة حيث أنه لايضع في الإعتبار موارد هيئات التشغيل القليلة ولا كثافة السكان المنخفضة في أغلب أحياء المدن الجديدة ونجد أن بسبب ازدياد متطلبات التخطيط القومي (مشروعات الإسكان الاجتماعي بالأساس ) في السنوات الأخيرة، ازدياد نفوذ جمعيات المستثمرين وعدم وجود جهات رقابية منتخبة فالجزء الأكبر من الموارد المالية للمدن الجديدة يستنفذ في تلبية المتطلبات القومية ومصالح مستثمري المدن الجديدة على حساب صيانة وتشغيل الخدمات العامة القائمة.
The content of this website is licensed by TADAMUN: The Cairo Urban Solidarity Initiative under a Creative Commons Attribution-NonCommercial-ShareAlike 3.0 Unported License
Comments