تقوم الحكومة المركزية كل عام بوضع أولويات الإنفاق في مصر. يضع السياسيون، والوزراء، والإدارات الحكومية المختلفة خطط توضح أي المشروعات أو المبادرات التي يرغبون في تمويلها ويقومون برفع هذه العروض أو الخطط لوزارة المالية للحصول على الموافقات المطلوبة.
تقدر وزارة المالية حينئذ الأهمية النسبية لكل تلك العروض المقدمة للموافقة عليها وتقوم بوضع موازنة قومية على مستوى البلاد. تحدد هذه الموازنة التي تضعها وزارة المالية كمية الأموال المخصصة لكل وزارة ولكل إدارة حكومية على حدة. كما توضح هذه الموازنة التي تضعها وزارة المالية قيمة الأموال المخصصة للمجتمع المحلي الخاص بك والغرض الذي تم تخصيصه من أجله.
ماذا لو قمت بنفسك باتخاذ قرار بشان بعض الأموال المخصصة لمدينتك بدلاً من أن تقوم الحكومة باتخاذ كافة القرارات بالنيابة عنك؟
على الرغم من أن موازنة الدولة الوطنية أكثر تعقيداً بكثير من موازنتك الشخصية الخاصة بك، إلا أن المبدأ واحد في الحالتين. فتقوم أولاً بتقدير: كم من المال تمتلك أو يوجد في حوزتك (بما في ذلك مدخراتك، والقروض التي تحصل عليها سواء من العائلة، أو الأصدقاء، أو البنك). وعلى أساس هذه الأموال المتاحة لك يمكنك أن تقرر كيف تنفق هذه الأموال. هل لديك ما يكفى من النقود لإضافة طابق آخر لمنزلك؟ أو لتدفع لحفل زفاف نجلك في هذا العام، أم عليك أن تنتظر لعام أو عامين من أجل بناء طابق إضافي في منزلك؟ ماذا عن شراء جهاز تليفزيون جديد أو أثاث جديد؟ هل يمكنك شراء كل من التليفزيون والأثاث أم عليك أن تختار إحداهما فقط؟
ويشبه ذلك ما يمكن أن يحدث في حالة الموازنات التشاركية. وبدلاً من اتخاذ قرار بشأن كيف يمكنك أن تنفق أموالك في الاحتياجات المنزلية، فإنك وجيرانك تقررون كيف يمكنكم إنفاق مصادر الأموال العامة على احتياجات المجتمع. هل ترغبون في إصلاح وصلات الكهرباء الموجودة في الشارع، أم رصف الطريق الذي يسير عليه الأتوبيس كل صباح لمقر العمل؟ هل المدرسة في حاجة إلى ترميمات أم بدلاً من ذلك ترغبون في أن يتم جمع القمامة بطريقة أكثر انتظاماً؟
يتم إعداد الموازنات التشاركية بطريقة مختلفة في كل مدينة عن الأخرى. ويكمن السر في التعلم عن طريق الممارسة، والبحث عن كيفية تطبيق العملية في مصر وبالتالي خدمة الصالح العام. وهناك بعض المعايير المشتركة والتي ظهرت بحكم الممارسة في جميع أرجاء العالم، وبالتالي يمكن اختيارها كنقطة بداية لتطبيق التجربة في مصر.
يتم تقسيم المجلس المحلي (المحليات) إلى مناطق متعددة من أجل تسهيل مراحل الموازنات التشاركية. وتكون هذه المناطق صغيرة بما يكفي للسماح بقطاع عريض من المشاركين، ولكنها لا يجب أن تكون صغيرة بحيث تكون عبئاً إدارياً. يتم عقد اجتماعات متعددة على مدار السنة تحت رعاية الحكومة في كل هذه المناطق بحيث يمكن للمساهمين مناقشة السياسات المختلفة وكافة الموضوعات المتعلقة بالموازنة. ويمكن للحكومة من خلال هذه الندوات التواصل بشان المعلومات مع عامة الشعب وتوصيلها إليهم. وتقوم كل منطقة بانتخاب أعضاء يمثلونهم ليكونوا جزء من المجلس المحلي الاستشاري الموسع للمنطقة بأسرها.
ويتشاور المشاركون من عامة الشعب ويتفاوضون فيما بينهم من جانب، ومع الحكومة من جانب آخر من أجل وضع أولويات لسياسات الإنفاق. وتقوم الحكومة بتجميع قائمة من هذه المشروعات المحتملة من خلال هذه المناقشات التي دارت. ويقوم أعضاء مجلس المشاركة معاً بزيارة كافة مواقع المشروعات المحتملة والتي تم تقديم مقترحات بشأنها، وذلك من أجل تقييم الاحتياج النسبي للمجتمع لكل مشروع قبل عملية التصويت النهائية. ويقوم أعضاء مجلس المشاركة بالتصويت على المشروعات النهائية ويصبح سجل التصويت جزء من سجلات الحكومة والتي يقوم العامة من أفراد الشعب بإنشائها. ويتم إرسال المشروعات بعد عملية التصويت النهائية إلى الهيئة التشريعية الخاصة للمجلس المحلي.1 وغالباً ما تقوم الحكومة بتطوير مؤشر يستند على مستويات المعيشة مثل مؤشر مستوى الدخل، وأنظمة البنية التحتية، والكثافة السكنية في الحي، وغير ذلك. ويخدم هذا المؤشر كأساس لتوزيع الموارد بين المناطق المختلفة. ويتم تقييم الوزن النسبي لأهمية المشروع باستخدام هذا المؤشر. ويمكن للهيئة التشريعية أن تقوم بالموافقة على أو رفض أي من هذه المشروعات، ولكنه ليس من المحتمل أن تقوم بتعديلها.
أما بالنسبة للرقابة والتقييم، فتقوم الحكومة بإصدار تقارير سنوية بالتفاصيل الخاصة بالمشروعات العامة وبرامجها الخاصة بعملية الموازنات التشاركية، وبالإضافة إلى ذلك، يتم تكوين لجان من أجل رصد ومتابعة تنفيذ هذه المشروعات العامة.
المصادر
Wampler, Brian. 2007. “A Guide to Participatory Budgeting.” Participatory Budgeting. Edited by Anwar Shah. World Bank: Washington, DC
1. لا تملك المجالس المحلية في مصر، والتي تم وقفها بعد ثورة 25 يناير الحق في سن تشريعات محلية، على الرغم من أنها يمكن أنها تقوم بتحصيل رسوم محلية وتقوم بالإشراف على المرافق والخدمات المحلية. ومع ذلك فإن المجالس المحلية يمكنها أن تقوم بعقد مناقشات عن الموازنات والقيام بإشراك المواطنين في هذه العملية، وتقوم سلطات الإدارات المحلية ومجلسها التنفيذي بتنفيذ المشروع. ↩
The content of this website is licensed by TADAMUN: The Cairo Urban Solidarity Initiative under a Creative Commons Attribution-NonCommercial-ShareAlike 3.0 Unported License
Comments