مقدمة
في الوقت الذي تواجه فيه المدن في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تحديات التوسّع العمراني، ثمة دينامية جديدة لأصوات المعنيين بالتطور العمراني تقدم رؤى جديدة وبديلة بشأن الكيفية التي ينبغي علينا اتباعها في تخطيط المدن وبنائها وإدارتها والعيش فيها. ويعكف المعنيون بالتطور العمراني في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من المنظمات الشعبية والجمعيات المهنية والباحثين الأكاديميين والنشطاء، على تصميم وتنفيذ استراتيجيات جديدة ومبتكرة لحل التحديات الملحة للتنمية الحضرية، ويعملون على تحسين الحياة اليومية في المدن التي يعيشون فيها. وثمة مشاكل مشتركة ومترابطة مستمرة في المدن في جميع أنحاء المنطقة، من بينها تراجع الخدمات العامة؛ ونقص المساكن الملائمة والميسورة الكلفة، والارتفاع الشديد في أسعار الأراضي، وتزايد العشوائية في البناء، وتصاعد أوجه انعدام المساواة. وما من شك أن هذه التحديات ليست محصورة على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إلا أن مدن المنطقة تواجه عقبات متشابهة ومقاومة متشابهة تعيق التغلب على هذه العقبات. لقد ظل ’الحق في المدينة‘ في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا محصوراً منذ مدة طويلة بشريحة صغيرة من النخبة السياسية والاقتصادية، التي يتمتع أفرادها بالسلطة والموارد لتشكيل البيئة المعمورة (باجين، 2009).[1] وحالياً، ثمة مجموعة متنامية من المعنيين بالتطور العمراني في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وقد بدأت تبرز باطراد وتعمل على ترويج جدول أعمال يرمي إلى جعل المدن أكثر شمولاً للجميع، وإتاحة إمكانية أكبر للمشاركة في تخطيطها وإدارتها – وتؤكد هذه المجموعة على أن الحق في المدينة هو حق لجميع المواطنين، وليس فقط للقلة التي تتمتع بالامتيازات. ومع ذلك، تظل جهود المعنيين بالتطور العمراني في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا غير مترابطة، وثمة إمكانات هائلة لتحسين التعاون والتآزر بينهم، كما أن أنشطتهم لا تحظى أنشطتهم بتغطية إعلامية كافية، ولا توجد منصة موحدة – من قبيل موقع إلكتروني، أو قاعدة بيانات، أو أي شكل آخر للتعاون – تستضيف المعلومات حول هذه المنظمات والمبادرات والأفراد. وبالتالي، لا يقتصر الأمر على الصعوبة التي يواجهها المراقبون الخارجيون الراغبون في معرفة الرؤى الجديدة التي يطرحها الجمهور والمختصون في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بشأن تنظيم الفضاءات العامة، بل يواجه هؤلاء المنظمون والأفراد أنفسهم صعوبة لمعرفة بعضهم البعض، والتعلم من بعضهم البعض.
وقد تمكن المعنيون بالتطور العمراني وجماعات المواطنين الناشطين في أمكان أخرى في العالم من تعزيز عملهم من خلال إقامة مدن مستدامة وشاملة للجميع وملائمة للحياة، وذلك من خلال التعاضد في إطار جدول أعمال مشترك. وفي عام 2016، توجه الباحثون والموظفون العاملون في ’مبادرة تضامن‘ إلى كويتو بالإكوادور للمشاركة في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالإسكان والتنمية الحضرية المستدامة (الموئل الثالث). ولقد قابلنا عدداً من التحالفات التي أقامها المعنيون بالتطور العمراني ممكن شكلوا شبكات لحشد جهودهم لمعالجة قضايا عمرانية متنوعة. فعلى سبيل المثال، يضم المنتدى العالمي للحق في المدينة أكثر من 100 منظمة، معظمها تركز على أمريكا اللاتنية، ولكن من بينها منظمات تمثل آسيا، ومنطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وأوروبا، وقد تضامنت هذه المنظمات معاً في عام 2014 وحددت هدفاً معلناً يتمثل في تشجيع الحكومات على تبني التزامات وسياسات تهدف إلى تطوير مدن منصفة وديمقراطية ومستدامة وشاملة للجميع. وأثناء السنة التي سبقت انعقاد مؤتمر الموئل الثالث، حشد أعضاء المنتدى العالمي للحق في المدنية جهودهم لمطالبة الأمم المتحدة بتضمين نص بشأن الحق الشامل في المدينة، وذلك في ’الخطة الحضرية الجديدة‘ – وهي الوثيقة الختامية التي صدرت عن مؤتمر الموئل الثالث.[2] وتشكل الجهود التي بذلها المنتدى العالمي للحق في المدينة بشأن ’الخطة الحضرية الجديدة‘ مثالاً ممتازاً بشأن أهمية العمل الشبكي وفاعليته وأهمية الجهود المشتركة لتحقيق الأهداف المشتركة. وقد لاحظنا أثناء مجريات مؤتمر الموئل الثالث، وفي عملنا اليومي أيضاً، أن التحالفات والشبكات بين المعنيين بالتطور العمراني في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هي نادرة جداً، مقارنة مع السياقات الإقليمية الأخرى. علاوة على ذلك، لاحظنا أن تمثيل المعنيين بالتطور العمراني من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مؤتمر الموئل الثالث كان تمثيلاً ضعيفاً، وأن معظم وفود المنطقة يهيمن عليها فاعلون من القطاع العام – الحكومات والمتعاقدون معها. وعندما تكون الحكومات هي الطرف الوحيد الذي يملك صوتاً في المحافل الدولية الرئيسية لوضع السياسات وتحديد ما ينتج عنها من جداول أعمال، من قبيل ’الخطة الحضرية الجديدة‘ أو أهداف التنمية المستدامة، فإننا نجد انفصالاً ما بين السياسات والجهود الناتجة (وتوجيه الموارد)، وبين واقع التحديات والتجارب العمرانية.
أطلقت ’مبادرة تضامن‘ هذا المشروع لإنتاج خرائط التطور العمراني بغية خلق فضاء يتيح للمعنيين بالتطور العمراني في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الاطلاع على مبادرات مثيرة أو مشاريع ينفذها آخرون في مجتمعاتهم المحلية، وفي مدن أخرى أو بلدان أخرى، وليتمكنوا أيضاً من عرض معلومات للتعريف بعملهم. وثمة الكثير من المكاسب التي يمكن تحقيقها من تعزيز الأواصر بين المعنيين بالتطور العمراني في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: فمن شأن المنهجيات، والاستراتيجيات، والخبرات التي سيتبادلها المعنيون بالتطور العمراني في المنطقة أن تخلق فرصاً أكثر للحوار من أجل التوصل إلى حلول ممكنة التطبيق للتحديات العمرانية المشتركة. وبما أن المعنيين بالتطور العمراني في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يواجهون صعوبات متشابهة في عملهم اليومي (إمكانية وصول محدودة إلى المعلومات في العديد من بلدان المنطقة، ودرجات متفاوتة من الانفتاح السياسي)، فهذا يزيد من أهمية زيادة الترابط بينهم. وثمة الكثير مما يمكن اكتسابه أيضاً من جمع المعلومات حول التطور العمراني في المنطقة ووضعها في مكان واحد، وخلق صورة أكثر اكتمالاً حول أوجه التشابه، والتنوع، والاختلافات بين بلد وآخر. ونحن نعتقد أنه يمكن تعلم أشياء كثيرة من دراسة الطرق المختلفة والمتنوعة التي تتجلى فيها التحديات العمرانية في السياقات المختلفة، والمبادرات العمرانية العديدة التي تنشأ عن هذه الاختلافات، كما يمكننا تعلم الكثير من دراسة أوجه التشابه بينها.
مشروع ’مبادرة تضامن‘ لإنتاج خرائط التطور العمراني
تبحث منصة خرائط التطور العمراني التابعة ’لمبادرة تضامن‘ في تنوع المنظورات، والنُهج، والاستراتيجيات، والأطر المؤسسية التي يستخدمها المعنيون بالتطور العمراني في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في عملهم. ونحن نطلق مشروع خرائط التطور العمراني لإنتاج المعرفة ونشرها حول الطرق المختلفة التي يستجيب عبرها المعنيون بالتطور العمراني في المنطقة للتحديات المشتركة، ولتسليط الضوء على الطرق العديدة التي تختلف فيها خبراتهم في أنحاء المنطقة. ونحن نأمل بأن هذا المشروع سيكون خطوة واحدة ضمن عملية أكبر لتحسين التعاون والتآزر الإقليميين بين المعنيين بالتطور العمراني في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بشأن الأهداف الإنمائية الدولية، وبناء جداول أعمال مشتركة، ونهج مشتركة، ومنهجيات مفيدة. ونحن نهدف إلى خلق منصة مشتركة وفضاءً مشتركاً يتيح للمبادرات العمرانية في المنطقة التعلم من بعضها، والتحدث بصوت يمثل طائفة واسعة منها، وتبادل المعارف، وتعزيز جهودها بصفة عامة. وسنعمل على إبراز المعنيين بالتطور العمراني في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، سعياً لتشجيع وتيسير الترابط والتعبئة المتزايدين بين هؤلاء الأفراد والمنظمات لخلق دعم مؤسسي أقوى لعملهم في المنطقة.
يتضمن مشروع خرائط التطور العمراني أربعة مكونات: قاعدة بيانات حول المنظمات المعنية بالتطور العمراني في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأداة خرائط تفاعلية على شبكة الإنترنت، ودارسات إفرادية (case studies)، وتحليلات مقدمة من منظمات ومبادرات وحلقات عمل إقليمية ممن يتم إبرازها على منصة المشروع. وقد بدأ باحثو ’مبادرة تضامن‘ في عام 2016 بتجميع المعلومات لإعداد قاعدة البيانات، وهي مصممة كي تنمو ولأن تكون قائمة على التعاون، وقد حددنا أكثر من 250 هيئة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأجرينا أبحاثاً بشأنها، وهي مكرسة لأبحاث المعنيين بالتطور العمراني؛ والسياسات العامة العمرانية؛ والفنون والثقافة؛ والهندسة المعمارية، والتصميم والتخطيط العمراني؛ والحوكمة المحلية والبيئة المعمورة؛ والتراث؛ وحقوق الإسكان؛ وأنشطة أخرى ذات صلة تجري في 13 بلداً (الأردن، الإمارات العربية المتحدة، تركيا، تونس، الجزائر، جنوب السودان، السودان، فلسطين، قطر، الكويت، لبنان، المغرب، المملكة العربية السعودية). ونحن نعكف على تطوير قاعدة البيانات لاستخدامها كأداة خرائط سهلة الاستخدام وتفاعلية وقابلة للبحث فيها، بحيث تتيح دراسة المبادرات بحسب مجالات المواضيع التي تركز عليها، والموقع الجغرفي، والحجم، والهيكل المؤسسي. وستواصل ’مبادرة تضامن‘ البناء على هذه المعلومات لتحليل الأولويات والشواغل المشتركة للمعنيين بالتطور العمراني في المنطقة، إضافة إلى إبراز وتوثيق عمل الأفراد والمبادرات. وربما كان أحد المكونات الأكثر فائدة في أداة الخرائط هو أنها تعاونية. وإضافة إلى أنها منصة تتيح ’لمبادرة تضامن‘ نشر المعلومات حول المبادرات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ستكون أيضاً فضاءً للأفراد من زائري الموقع الإلكتروني لتقديم وتبادل المعلومات حول العمل المثير للاهتمام وذي الصلة. ومن هذا المنطلق، فإنها ستساعد الأفراد والمنظمات على نشر المعلومات حول عملهم.
ابتداءً من عام 2018، تخطط ’مبادرة تضامن‘ لتنظيم عدد من حلقات العمل الإقليمية في مدن مختلفة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كي تجمع ما بين الهيئات المعنية بالتطور العمراني وتعزز الحوار فيما بينها (المواطنين، والأكاديميين، والمعماريين، وأخصائيي المحافظة على التراث، وغيرهم ممن يعملون على قضايا عمرانية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا). وستركز حلقات العمل هذه على موضوعات محددة وثيقة الصلة بعمل المعنيين بالتطور العمراني في المنطقة، بما في ذلك الإسكان؛ والتفاوت المكاني؛ وتقديم الخدمات العامة؛ وسياسات البلديات الرامية إلى إيواء التدفقات الأخيرة للاجئين والمهاجرين وتلبية حقوقهم بالإسكان الملائم؛ والحوكمة المحلية؛ وأهداف التنمية المستدامة، والخطة الحضرية الجديدة. ويمكن أن تكون حلقات العمل الإقليمية وسيلة فعالة تتيح للنشطاء والمنظمات تطوير مشاريع تعاونية على امتداد مجالات مواضيعية متنوعة، ونحن نأمل بأن حلقات العمل هذه ستعمل على تطوير ودعم شبكات ومنابر مشتركة للمعنيين بالتطور العمراني في المنطقة كي يتعاونوا على وضع استراتيجيات لمواصلة عملهم في مواجهة التحديات الاقتصادية والأمنية والبيئية المشتركة.
التطور العمراني في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: التصدي للتحديات المشتركة
يعود السبب، جزئياً، في أننا نرى أنماط المشاكل العمرانية نفسها تبرز في مدن الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إلى إرث التخطيط العمراني وأعراف إدارة الأراضي في المنطقة، إضافة إلى القضايا المشتركة في مجال الحوكمة، وهي قضايا منتشرة في جميع أنحاء المنطقة. وفي إطار الهدف العام ’لمبادرة تضامن‘، فإننا نأمل ليس فقط بفهم أوجه التفاوت والظلم في المجال العمراني والكشف عنها، وإنما أيضاً أسبابها الكامنة، ودينامياتها الأوسع، وتعقيدات القوى والجهات الفاعلة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تسهم فيها. كما أننا مهتمون جداً في السياسات الحالية والمستقبلية التي قد توفر حلولاً لهذه التحديات. وغالباً ما يتم تناول التخطيط العمراني وإدارة الأراضي بوصفها مسائل فنية أو إدارية بحتة – تتعلق بأسئلة بسيطة بشأن الموارد والخبرات، ولكننا نعلم بأن هذا التناول هو تناول خاطئ. فمن المستحيل الفصل ما بين إقامة المدن وصيانتها وبين وسائل السلطة والهيمنة والتاريخ والسيطرة الاجتماعية. وإذ ندرس شكل التطور العمراني ونطاقه في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من المهم أن نفهم ذلك في سياق مؤسسات وممارسات التخطيط الموجودة منذ مدة طويلة والراسخة بقوة، إضافة إلى تعبيرات سلطة الدولة التي ترتبط بها هذه المؤسسات والممارسات.
تستمر السياسات والممارسات والمؤسسات المعنية بالتنمية الحضرية في مدن الشرق الأوسط وشمال أفريقيا رغم أنها باتت بالية وتفتر للفاعلية وغير ملائمة وقائمة على التكهنات، ورغم فشلها الواضح في حل التحديات العمرانية الملحة. وتتواصل ممارسات التخطيط السيئة ليس لأن الدول تفتقر إلى المعرفة الكافية والموارد أو الكفاءة (رغم أن هذه السمات تنطبق في بعض الحالات)، ولكن لأن هياكل وممارسات التخطيط الراسخة غالباً ما تخدم مصالح الجهات الفاعلة المتنفذة، وذلك ضمن مؤسسات الدولة وخارجها. وتتبع أنظمة التخطيط السائدة في بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من المبادئ نفسها التي اعتمدها النهج الحداثي المبكر (والتون 2009؛ فليبيرغ، بروزيلوس، وروثينغاتر 2003؛ شيبرد وآخرون، 2015)، والتي لا تتلائم مع ظروف وسياقات مدن المنطقة في الوقت الحاضر، والتي غالباً ما طُبّقت كوسيلة لتشويه الفضاء العام لمصلحة مجموعات معينة على حساب مجموعات أخرى (وهو ما نتناوله لاحقاً في هذا العرض الموجز). تطور النهج الحداثي العمراني في أوروبا والولايات المتحدة في بدايات القرن العشرين، وهو يروّج لرؤية محددة بشأن ’المدينة الجيدة‘ والتي تقتضي أن “الأشكال العمرانية تتشكل بفعل الشواغل الجمالية (النظام، والانسجام، والشكلية التقليدية، والتناظر)؛ والكفاءة (التخصيص الوظيفي للمساحات والحركة، والتدفق الحر لحركة السير)؛ والتحديث (إزالة مدن الصفيح، وإقامة مباني عمودية مرتفعة، والترابطية، ووفرة المساحات الخضراء المفتوحة)” (والتون 2009، 2261). ظلت الحداثة العمرانية موضوعاً للنقد منذ نشأتها، حتى ضمن البلدان التي ساد فيها نموذج الحداثة العمرانية. فمنذ بدايات القرن العشرين، “لوحظ أن أهداف ’الصالح العام‘ المفترضة للتخطيط تحولت إلى وسيلة بيد الأغنياء لحماية قيمة ممتلكاتهم ولاستبعاد الفقراء” (والتون 2009، 2261). وتمكنت الطبقة الوسطى وطبقة التجار من استخدام المخططات العامة للمدن وتنظيم استخدام الأراضي (zoning) – وهما الممارستان الأوسع انتشاراً للمتخصصين في التنظيم العمراني الحداثي – لترويج مُثل التخطيط العمراني الحداثية كطريقة للمحافظة على قيمة الأراضي ومنع توافد السكان من ذوي الدخل المنخفض ومن الأقليات الإثنية أو العرقية (والتون 2009). ومع ذلك ما زالت النُخب السياسية والاجتماعية في جميع أنحاء الشرق الأوسط (وأماكن أخرى) وحتى هذا اليوم تدعم وتنفذ أجندات تنمية حضرية باستخدام وسائل من قبيل المخططات العامة وتنظيم استخدام الأراضي بغية تعزيز مصالحها الاقتصادية والاجتماعية، وتشكيل البيئة المعمورة لتلائم أهدافاً اجتماعية وسياسية وإيدولوجية معينة، من خلال لغة الحداثة العمرانية، ومؤخراً، لغة الليبرالية الجديدة والعولمة.
تؤثر العولمة، وخصوصاً الليبرالية الجديدة المعولمة، على أعراف التخطيط العمراني وممارساته في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وقد صبغت الفهم السائد والمعولم للمدن المُثلى مع التأكيد على آليات حرية السوق كقوة دافعة للنمو المستدام والتنمية: الخصخصة، التحرر الاقتصادي، ورفع الضوابط التنظيمية (باجين، 2016). وبالتالي، أخذت أنشطة السوق وقطاع المتجارة بالعقارات تشكل الفضاء العمراني في المدن في كل مكان، وعلى نحو متزايد (والتون 2009). وأخذت الدول التي تسعى للمنافسة في السوق الدولي تنظر إلى التنمية العقارية كوسيلة واسعة الانتشار للتنمية الاقتصادية والاستثمار في مشاريع عمرانية كبرى لبناء المدن (عادة من نقطة الصفر) المصممة لاجتذاب المستثمرين الدوليين، والتي تتماشى مع المفاهيم المعولمة لما تبدو عليه المدينة العصرية والمزدهرة.
إضافة إلى ذلك، غالباً ما تكون المشاريع العمرانية الكبرى متضافرة على نحو وثيق مع الخطاب القومي ومع جهود الدولة لإظهار شرعيتها، وذلك للجمهور المحلي والدولي على حد سواء. وتستخدم الحكومات بصفة متكررة سياسات ومؤسسات التخطيط لإقامة صورة للدولة بوصفها مستقرة وآمنة وعصرية ومزدهرة، وذلك كوسيلة لتعزيز سلطتها (باجين 2016، ديبوليه وفواز 2011، فالي 2011). “ثمة أنظمة حكم متنوعة استخدمت التصميم العمراني والهندسة المعمارية للدفع بأجندة قومية، وتعمل ’سياسات التصميم‘ هذه في شتى المقاييس المرئية” (فالي، 2011، 196). ومن دون شك، فإن إنشاء الفضاءات العمرانية وإدارتها هو مشروع سياسي في كل مكان، ولكن يبرز هذا الأمر بصفة خاصة في السياقات التي تكون سلطة الدولة فيها غير راسخة أو متنازع عليها. “وفي تلك الأجزاء من العالم حيث تعاني الدول القومية أو قادتها من موقف ضعيف أو يتعرضون للتحدي باستمرار من قبل قوى معارضة عنيفة، وغالباً ما تصبح السيطرة الاجتماعية والسياسية على المدينة هي العتبة إلى تكريس السلطة على مستوى المناطق أو المستوى الوطني” (ديبوليه وفواز 2011، 3). ونتج عن ذلك نمط من التخطيط العمراني والتنمية العمرانية تُخصِص فيها الدول رؤوس أموال هائلة لإنشاء مشاريع كبرى، مسترشدة بمبادئ ما يسمى “كادر الذكاء العالمي” (global intelligence corps) وعولمة التخطيط والتصميم الحضري – أي في الواقع العملي، خبرات مجموعة صغيرة نسبياً من شركات التخطيط والهندسة الدولية الموجودة في أوروبا وأمريكا الشمالية، والتي غالباً ما يتم التعاقد معها لتخطيط المشاريع العمرانية الكبرى في الشرق الأوسط (باجين 2016). وتكمن المشكلة في أن هذه المشاريع غالباً ما يجري تخطيطها وتنفيذها دون أي نقاشات جدية بشأن تأثيرها المحتمل على النسيج العمراني في المناطق التي تقع بها. وتقتصر عملية التخطيط على المطورين وأصحاب الأراضي وداعميهم الحكوميين، ودون أطر تخطيطية شاملة أو مجالات للمشاركة لأصحاب المصلحة المحليين، والممثلين المنتخبين، ومجموعات المجتمعات المحلية، والمواطنين. وبالتالي، فمن المرجح أن تخلق التدخلات العمرانية الكبرى نتائج سلبية غير متوقعة: تضخم أسعار الأراضي؛ غلاء أسعار المساكن؛ تشريد السكان من ذوي الدخل المنخفض والدخل المتوسط؛ وزيادة ازدحام حركة السير؛ أو التدهور البيئي.
وبيت القصيد هنا أن المعنيين بالتطور العمراني في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لا يتصدون فقط لمشاكل عمرانية معقدة، بل غالباً ما يتحدون أيضاً أنظمة السلطة والهياكل المؤسسية الراسخة، حتى أنهم ينازعون أحياناً في شرعية الحكومات واهتمامها بالصالح العام. وثمة عامل آخر يوحد المعنيين بالتطور العمراني في المنطقة (ويمثل سبباً وجيهاً آخر لزيادة الترابط والتعاون فيما بينهم) وهي أنهم مضطرون للعمل في بلدان ما زالت تعاني من حكومات استبدادية. ويتعين على المعنيين بالتطور العمراني في المنطقة أن يجدوا طريقهم في عملهم اليومي وسط بيئات سياسية معقدة، سواءً أكانوا يعملون في منظمات غير ربحية أم في القطاع العام أو الخاص. وإذا انتقدوا الأنظمة المفاهيمية السائدة للتخطيط فقد يتعرضون للضرر في مسيرتهم المهنية أو سمعتهم، مما يستبعدهم عن التعاقدات الحكومية وموارد التصميم والهندسة المعمارية التي ما تزال ذات حجم كبير. إن التطور العمراني في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ليس ساكناً أو متجانساً أبداً. فقد وجدنا في أبحاثنا تنوعاً كبيراً بين المعنيين بالتطور العمراني (في القطاعين العام والخاص) في جميع أنحاء المنطقة، وهم يستخدمون طائفة متنوعة من الهياكل المؤسسية والاستراتيجيات للتعامل مع التحديات العمرانية المعقدة والمشتركة، ويتصدون لتلك المؤسسات والجهات الفاعلة التي تسعى للسيطرة على الحياة العمرانية ويختطون طريقهم عبرها. وسنتحرى أدناه الطرق التي أدت فيها أنماط التخطيط العمراني والتنمية العمرانية السائدة في المنطقة (المشاريع الكبرى والتنمية القائمة على التطوير العقاري) إلى دفع المعنيين بالتطور العمراني في المنطقة إلى القيام بأنشطة لمواجهة هذه المشاريع، وذلك في ثلاثة سياقات وطنية مختلفة.
تحدي المشاريع الكبرى والتنمية القائمة على قطاع العقارات
أدت المخاوف المتعلقة بمشاريع التنمية العمرانية القائمة على العقارات والمشاريع الكبرى في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى ظهور أنشطة للمعنيين بالتطور العمراني تركز على مكافحة إجراءات تحويل أحياء الفقراء إلى ضواحٍ للأغنياء (gentrification)، وتنظيم حملات منسقة للعروض الفنية في الشوارع، ومبادرات مبتكرة لإنتاج الخرائط، وغيرها من المبادرات. وتنتشر المشاريع الكبرى في المنطقة وتتخذ أشكالاً وهياكل مختلفة من بلد إلى آخر.
ففي مصر، على سبيل المثال، تمثل التجمعات العمرانية الجديدة (وهي تجمعات سكانية أنشأتها الحكومة على أراضي صحراوية) أفضل مثال على المشاريع الكبرى ونمط التنمية الحضرية القائمة على العقارات. وقد أجرت ’مبادرة تضامن‘ وكتبت الكثير من الأبحاث حول التجمعات العمرانية الجديدة في مصر (انظر مقالنا “المدن الجديدة في مصر: ليست منصفة ولا كفؤة“) والطرق العديدة التي عادت فيها عمليات تعديل استخدام الأراضي بفوائد على فئة قليلة من الناس على حساب الأكثرية. وقد استثمرت الحكومة المصرية في الفترة 2015-2016 مبلغاً قدره 33.2 بليون جنيه مصري في إقامة وتطوير المدن الجديدة، وهو مبلغ يفوق بأربع مرات إجمالي الاستثمار العام في قطاع التعليم الوطني بأكلمه، وأكثر من خمسة أضعاف إجمال الاستثمار العام في قطاع الصحة خلال الفترة نفسها. وإذ تخصص الحكومة بلايين الجنيهات للمدن الجديدة ذات الكثافة السكانية المتدنية، ظلت ظروف المعيشة في المدن الأقدم والتي يعيش فيهم معظم المصريين تعاني من عدم كفاية التمويل وتدهور الخدمات.
وفي لبنان، يمكننا أن نلاحظ أيضاً أثار التنمية القائمة على العقارات في إعادة تطوير وسط مدينة بيروت وشاطئها، وما نتج عنها من تحويل أحياء الفقاء إلى ضواحٍ للأغنياء، وخصخصة الأماكن التي كانت متاحة للجمهور سابقاً. فابتداءً من أواسط عقد التسعينات في القرن الماضي، وفي أعقاب تدمير أجزاء كبيرة من المدينة أثناء الحرب الأهلية، شرعت السلطات اللبنانية في جهود واسعة النطاق لإعادة إعمار بيروت بقيادة قطاع الإنشاءات والعقارات بصفة رئيسية. وبينما نتج عن هذه الجهود إعادة إعمار العديد من المناطق المدمرة سابقاً، إلا أنها أدت أيضاً إلى الخصخصة الفعلية للعديد من الأماكن التي كانت متاحة للجمهور سابقاً، أو باتت الأسعار فيها بعيدة عن متناول عامة الناس. ويتضح ذلك بصفة خاصة على امتداد شاطئ بيروت، حيث انتشرت المتاجر الراقية والمجمعات الشقق السكنية الفاخرة وبالتالي باتت معظم مساحة الشاطئ حكراً على النخبة الغنية. واستجابة إلى هذه التطورات، عمدت منظمات ومبادرات عديدة معنية بالتطور العمراني في لبنان، وخصوصاً في بيروت، إلى مقاومة هذه الخصخصة بحكم الأمر الواقع للفضاءات العمرانية العامة، وعملت على توعية الجمهور حول هذه القضية. وعلى سبيل المثال، ثمة تجمع للأبحاث والعروض الفنية يدعى ’مجموعة الدكتافون‘ ينتج أبحاثاً متعددة التخصصات حول الفضاءات العامة ويبدع قطعاً فنية حية كوسيلة للتعليق على المشاهد العمرانية وإعادة تخيلها. وفي عام 2013، أعدت مجموعة الدكتافون عرضاً فنياً بعنوان “هذا البحر لي” والذي يتقصى ملكية الأرض في شاطئ بيروت، والقوانين التي تحكمها، وممارسات مستخدمي البحر، وذلك من خلال دعوة الجمهور للمشاركة في جولات على الشاطئ على متن قوارب صيد. وأنتجت مجموعة الدكتافون في إطار مبادرة “هذا البحر لي” كتيباً بنفس العنوان، وهو يقدم للقارئ استعراضاً قائماً على الأبحاث والأدلة بشأن خصخصة المناطق الشاطئية في بيروت، وتاريخها، والأطر السياسية والتنظمية التي تحكمها.
كانت منطقة دالية الروشة هي إحدى المناطق التي أبرزتها مبادرة “هذا البحر لي”، وقد ظلت هذه المنطقة الشاطئية التي تشكل شبه جزيرة وتمتد إلى الجنوب من صخرة الروشة إحدى الأماكن الشعبية الرئيسية في بيروت. “دالية الروشة هي فضاء شاطئي مفتوح، يجمع فئات اجتماعية متنوعة: صيادين من بيروت، ومرتادي صخرة الروشة، وسكان الضواحي، وأفراد الجاليتين العراقية والسورية، ومجتمعات محلية أخرى تقطن في بيروت” (مجموعة الدكتافون، 2013، 16). ووفقاً للأبحاث التي أجرتها مجموعة الدكتافون في الأرشيف، كانت ملكية دالية الروشة محصورة بعائلات لبنانية قليلة، إلا أن تنظيم استخدام الأراضي منع البناء فيها أو قيّده بشدة فيما عدا “المرافق الرياضية والترفيهية والمائية”، كما فرضت حدود على ارتفاعات المباني فيها (مجموعة الدكتافون، 2013، 16). وفي عام 1995، اشترت ثلاث شركات عقارية، من بينها شركة البحر العقارية التابعة لرئيس الوزراء اللبناني السابق المرحوم رفيق الحريري، معظم قطع الأراضي في المنطقة. وتزعم مجموعة الديكتافون أن تغيير الملكية هذا كان “الخطوة الأولى في تقويض الوظيفة المجتمعية [لمنقطة دالية الروشة] ومن ثم تحويلها لخدمة المصالح الخاصة”. وصدر تقرير في عام 2014 يفصل خططاً لتطوير دالية الروشة إلى منتجع فاخر على الشاطئ، مما دفع إلى بروز مبادرة جديدة للمعنيين بالتطور العمراني، وهي: الحملة الأهلية للحفاظ على دالية الروشة (“الحملة الأهلية”).
الحملة الأهلية هي تحالف مؤلف من متطوعين من السكان والنشطاء والمهندسين المعماريين والخبراء القانونيين والمنظمات المعنية بالعدالة البيئية (التي تنضوي مجموعة الدكتافون في عضويتها)، وقد عملت الحملة على تعبئة وسائل الإعلام المحلية والدولية، والجامعات، والمنظمات القانونية للتوعية بالتأثيرات الاقتصادية والثقافية والإيكولوجية السلبية المحتملة لإنشاء المنتجع الفاخر. وأنتجت الحملة الأهلية كتيباً معلوماتياً استند إلى أبحاث شاملة حول تاريخ دالية الروشة والتنوع البيولوجي فيها، وطبوغرافيتها، إضافة إلى التسلسل الزمني للأحداث، والتظاهرات، والأشكال الأخرى للعمل الاحتجاجي المباشر لحماية المنطقة. ونظمت الحملة الأهلية عدة تظاهرات، بما في ذلك “مواجهة لاستعادة الحيز العام” وذلك احتجاجاً على إقامة سياج من الأسلاك الشائكة بطول 377 متراً من قبل المستثمرين من القطاع الخاص بهدف تقييد إمكانية الجمهور من الوصل إلى شاطئ دالية الروشة. واستخدمت الحملة التخطيط التشاركي أيضاً من خلال “مسابقة الأفكار” التي نظمتها، والتي طلبت من المخططين والمصممين العمرانيين والمهندسين المعماريين والسكان تخيّل وعرض خطط بديلة للمنطقة. ورفعت الحملة الأهلية دعوى قضائية لمعارضة الخطط ثم أصدرت وزارة البيئة أمراً بتحديد دالية الروشة كمنطقة وطنية محمية، ونصت على وجوب حصول أي منشأة على شاطئ لبنان على تقييم للأثر البيئي وأن تصدر موافقة عليه
أدت المشاريع الكبرى والتنمية القائمة على العقارات في تركيا إلى خصخصة أماكن عامة كانت متاحة سابقاً لعموم الجمهور، إضافة إلى تشريد مجتمعات محلية منخفضة الدخل ومهاجرين يقطنون فيها، ونزع ملكياتهم. ومنذ أواسط العقد الأول من القرن الحالي، انتهجت تركيا سياسة “التجديد العمراني”، وسنت سلسلة من القوانين التي خولت البلديات تحديد مناطق تاريخية معينة بوصفها “مناطق تجديد” مخصصة لإعادة التطوير. والقصد من هذه السياسات هو تمكين البلديات ومديرية الإسكان التركية من ترميم المناطق غير الآمنة وحماية التراث التاريخي والثقافي للمدينة. ولكن في الممارسة العملية، عملت سياسات التجديد العمراني التركية على تخفيف القيود على إقامة المنشآت في المناطق التاريخية وفتح الباب أمام تحويل المناطق السكنية تاريخياً إلى طرق سريعة ومطارات وأحياء مسيّجة ومراكز تسوق ومساكن فاخرة ومباني مكاتب. والأمر الأهم أن مديرية الإسكان التركية عادة ما تقوم بتشريد سكان المدن الفقراء أو مستوطنات وضع اليد في الأجزاء القديمة من إسطنبول التي تتاخم عقارات ذات أسعار عالية جداً في المدينة المتوسعة (توركون، 2011). وعلى سبيل المثال، قامت بلدية إسطنبول خلال الفترة 2007-2010 بعمليات إخلاء قسري طالت حوالي 5,000 عائلة في حي سولوكول، وهو حي تاريخي تقطنه أقلية الروما (الغجر) منذ مئات السنين، وذلك بهدف توفير مساحة لإقامة مباني سكنية على “الطراز العثماني” (يونغ، 2011).[3] وأثار الناشطون المحليون والباحثون وسكان هذه المناطق تساؤلات بشأن تأثير هذه القوانين، وزعموا أنها تمثل ذريعة لإخلاء السكان لمصلحة قطاعي العقارات والإنشاءات اللذين شهدا تراجعاً في الفترة الأخيرة، كما اعترضوا على الطريقة التي عرّفت فيها الحكومة “مناطق الخطر”، وانعدام أي مشاركة من المواطنين في هذه المشاريع (بالامير، 2013؛ تاراكجي وأوزكان، 2015). وعلى سبيل المثال، يدرس مشروع منظمة ’شبكات نزع الملكية‘ في إسطنبول العلاقات ما بين الجهات الفاعلة من القطاعين العام والخاص المنخرطة في المشاريع الكبرى، وينتج معلومات حول الطريقة التي تؤثر فيها مشاريع “التجديد العمراني” التركية على المجتمعات المحلية المحيطة. وقد تأسست ’شبكات نزع الملكية‘ في عام 2013 من قبل مجموعة من النشطاء والفنانين والصحفيين والمحامين والمعنيين بالتطور العمراني، وجمعيهم متطوعون. وتستخدم المنظمة بيانات ومعلومات من السجلات العامة، بما في ذلك من المواقع الإلكترونية التابعة للشركات، والمقالات الصحفية، وقواعد البيانات الحكومية (جريبات، 2015)، كما تستخدم برنامج حاسوبي تفاعلي لرسم الشبكات (برنامج Graph Commons)، وذلك لوضع خريطة لشبكات السلطة ورأس المال المنخرطة في المشاريع الكبرى للتنمية الحضرية. وتوثق المنظمة الأملاك التي استولت عليها الحكومة في إسطنبول، وحالات التشريد، والوفيات الناجمة عن حوادث العمل أثناء عمليات الهدم والإنشاء، إضافة إلى التأثيرات البيئية للمشاريع. وتتوفر خرائط الشبكات التي تعدها المنظمة للجمهور، وهي وسيلة مهمة للنشطاء والمعنيين بالتطور العمراني والأكاديميين والصحفيين والسكان ولأي شخص مهتم بتحويل الحياة العمرانية والمشاهد العمرانية العامة.
الشكل 4: منظمة شبكات نزع الملكية تعرض خرائطها في متحف ماكسي، معرض “إسطنبول، ولع وفرح وسخط” في عامي 2015-2016.
المصدر: شبكات نزع الملكية (2013).
تتألف شبكات نزع الملكية من ثلاث فئات خرائط رئيسية لتوثيق نزع الملكية في تركيا:
وكما هي حال العديد من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تعمد الدولة التركية إلى حجب البيانات بشأن المشاريع العمرانية عن الجمهور، مما يقوض قدرة المجتمعات المحلية والمنظمات الشعبية على تحليل البيانات وتعبئة المواطنين بشأن القضايا المهمة التي تواجه مستقبل مدنهم. وفي هذا المجال، تعمل شبكات نزع الملكية “كحارس للفضاء العمراني”. وتوفر شبكات نزع الملكية للناشطين والمعنيين بالتطور العمراني والأكاديميين والجمهور في جميع أنحاء تركيا، وخصوصاً في إسطنبول، إمكانية الحصول على البيانات والمعلومات حول المشاريع العمرانية الكبرى – مما يمثل أداة مهمة للمطالبة بقدر أكبر من الشفافية والتخطيط القائم على المشاركة في عملية التحول العمراني.
يؤكد وضع المشاريع الكبرى على أهمية تركيز الانتباه على التجربة الفريدة لمثل هذه المشاريع في سياق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وسواءً أكان ذلك على شكل مشاريع لإقامة تجمعات عمرانية جديدة في مصر، أو منتجع فاخر مطل على البحر في لبنان، أو مشروع “تجديد عمراني” في أحد الأحياء التاريخية في إسطنبول، فإن المشاريع الكبرى في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تتضمن مخاطر غير مرئية، كما أنها غالباً ما تعود بالفائدة على الفئات التي تمتلك السلطة ورأس المال، وتشكل عبئاً غير متناسب على المجتمعات المحلية ذات الدخل المتوسط والدخل المنخفض. إن المشاريع الكبرى ونموذج التنمية الحضرية القائم على التطوير العقاري هي من المبادئ المركزية للتخطيط العمراني الحداثي ومنظومة المفاهيم الإنمائية التي انتشرت على نطاق واسع في المنطقة. ويقيم الباحث بارثيل (2010) الحجة بأن أنماطاً معينة للتنمية الحضرية برزت في جميع أنحاء العالم العربي، خصوصاً ما يتعلق بشكل المشاريع الكبرى وسماتها، وأن هذه الأنماط توحد المدن العربية من حيث الشكل الذي تجلى فيه التطور العمراني الليبرالي الجديد العالمي في المنطقة. فأولاً، يدفع بارثيل بأن المشاريع العمرانية الكبرى تجري في دول غير ديمقراطية، وبالتالي فإن مشاركة الجهات صاحبة المصلة تختلف عنها في سياقات المشاريع الكبرى في الدول الغربية. “المشاريع الكبرى موجودة في البلدان العربية بسبب [إرادة] ’العرش‘ (وتحديداً الملك أو الرئيس]” (بارثيل 2010، 137). وتؤدي مشاركة الحاكم أو العائلة الحاكمة في مثل هذه المشاريع إلى جعلها تتخذ شكلاً أقل رسمية، حيث تعتمد العملية برمتها على استثناءات من قوانين التخطيط السارية. ثانياً، أدى انخراط المستثمرين من الخليج العربي ونشوء “الرأسمالية العربية العابرة للحدود” إلى انتشار المشاريع الكبيرة الحجم في البلدان العربية النامية، وذلك في مواقع تنطوي على إمكانية بروز مضاربات في الأسعار وتحقيق عائد سريع للاستثمار. ثالثاً، تتسم المشاريع الكبرى في العالم العربي بغياب النهج القائم على المشاركة. وعلى الرغم من ذلك، نشأ على شبكة الإنترنت “فضاء مدونات” جديد ينتقد المشاريع الكبرى، وخصوصاً في تونس. وختاماً، تعمل المشاريع الكبرى كبديل عن الاستراتيجيات العمرانية في العالم العربي – أي أنها تمثل ضرباً من تشتيت الانتباه. وتعمل الصور والنماذج الثلاثية الأبعاد التي يتم إعدادها باستخدام برامج حاسوبية متخصصة على “تصفية، أو تقليل، أو إخفاء القضايا غير المحلولة فيما يتعلق باستراتيجيات المدن الكبرى، بما في ذلك التصميم التنظيمي والحوكمة العمرانية” (بارثيل 2010، 139). غالباُ ما تكون مشاريع التنمية الحضرية تجسيداً مادياً لرؤية الجهات الفاعلة المهيمنة التي تروج نظرتها لما يجب أن تبدو عليه المدينة، ومن هي الفئات التي يجب شمولها في سكانها، ومن هي الفئات التي يحق لها المشاركة في إقامتها وإدارتها (ديبوليه وفواز 2011). وتمثل أوجه التشابه بين المشاريع العمرانية الكبرى في جميع أنحاء المنطقة مثالاً واحداً من بين العديد من الأمثلة على ما يمكن للمعنيين بالتطور العمراني في المنطقة أن يستفيدوا منه من خلال إقامة منصة مشتركة تتيح لهم تبادل المعارف وأفضل الممارسات. وما من شك أنه توجد فروقات مهمة أيضاً بين تجارب المعنيين بالتطور العمراني في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهذه الفروقات تمثل فرصة على القدر نفسه من الأهمية للتعلم بشأن سمات التجارب العمرانية وتنويعاتها في جميع أنحاء المنطقة.
خاتمة:
يعكف المعنيون بالتطور العمراني في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على تحدي الأنماط الحالية للتخطيط العمراني، وينازعون الرؤى السائدة بشأن المدينة، ويقيمون فضاءات حضرية خاصة بهم. وعلى ذلك، يواصل المعنيون بالتطور العمراني في المنطقة إنتاج وتقديم أساليب مبتكرة للتعامل مع التحديات العمرانية، ويمكنهم العمل مع حلفائهم ضمن الجهات الحكومية أيضاً. وتقاوم هذه المنظمات خصخصة الفضاءات العامة القليلة أصلاً؛ وتوثّق ظروف المستوطنات العشوائية في المدن الكبرى؛ وتقدم تحليلاً نقدياً لسياسات الإدارة العمرانية السيئة التي تنتهجها الحكومات المحلية؛ وتقدّم أدوات جديدة للمحافظة على التراث المعماري في مدن الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؛ وتتعاون لعرض أساليب جديدة يمكن للقطاع العام تكييفها لتنفيذ إدارة النفايات وتحديث البنية التحتية؛ إضافة إلى أنشطة عديدة جداً ضرورية لتحقيق العدالة والاستدامة والسلامة وشمول الجميع في المدن. ونحن نعتقد أن هذه المنصة الإقليمية للتطور العمراني التي تطلقها ’مبادرة تضامن‘ على شبكة الإنترنت سوف تولّد شبكات جديدة للتضامن والتنسيق بين المنظمات والمبادرات المحلية والإقليمية للمعنيين بالتطور العمراني في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ونحن نأمل بأن هذه المنصة والأنشطة الأخرى التي نقوم بها ستعزز عملهم وتدعمه، كما ستساعد على إحداث تغيير جدي في الطريقة التي يتم عبرها تخطيط المدن وإدارتها والعيش فيها. ويمكن لمنصة خرائط التطور العمراني أن تعمل كأداة تعاون مفيدة لتحقيق هذه الغاية.
المراجع
أليغرا، م؛ بونو، أي.؛ روكيم، ج.؛ كاساغليا، أ.؛ مارزوراتي، ر.؛ ياكوبي؛ إتش. (2013). إعادة التفكير بالمدن في الأوقات المضطربة: تعبئة المعارضة العمرانية في ’الربيع العربي‘. مجلة الدراسات الحضرية، 50 (9)، 1975-1688. التصنيف الرقمي: 10.1177/0042098013482841
Allegra, M., Bono, I., Rokem, J., Casaglia, A., Marzorati, R., & Yacobi, H. (2013). Rethinking Cities in Contentious Times: The Mobilization of Urban Dissent in the ‘Arab Spring.’ Urban Studies, 50 (9), 1675-1688. DOI: 10.1177/0042098013482841.
باجين، س. (2016). إعادة تأطير التنمية الحضرية الوطنية المستدامة في الشرق الأوسط. أوبن هاوس إنترناشونال، 41 (4).
Bagaeen, S. (2016). Reframing the Notion of Sustainable Urban Development in the Middle East. Open House International, 41 (4).
بالامير، م. (2013). العقبات أمام تبني سياسات دولية للحد من أخطار الكوارث: حالة تركيا. ورقة معلومات أساسية أُعدت لتقرير التقييم العالمي بشأن الحد من أخطار الكوارث، 2014
Balamir, M. (2013). Obstacles in the adoption of international DRR policies: The case of Turkey. Background paper prepared for the global assessment report on disaster risk reduction, 2-24.
بارثيل، ب. (2010). المشاريع الكبرى العربية: ما بين تأثير دبي، والأزمة العالمية، والتعبئة الاجتماعية، والتحول في الاستدامة. مجلة بيلت إنفايرومينت، 36 (2)، 132-145. بالرجوع إليه من http://www.jstor.org/stable/23290061
Barthel, P. (2010). Arab Mega-Projects: Between the Dubai Effect, Global Crisis, Social Mobilization, and a Sustainable Shift. Built Environment, 36 (2), 132 – 145. Retrieved from http://www.jstor.org/stable/23290061.
الحملة الأهلية للحفاظ على دالية الروشة. (2014). كتيّب دالية الروشة. بالرجوع إليه من http://dalieh.org/assets/booklet-en.pdf
Civil Campaign for the Protection of al-Daliyah of Raouche (CCPDR). (2014). Dalieh Research Booklet. Retrieved from http://dalieh.org/assets/booklet-en.pdf
ديفيس، د.؛ دير دورين، ن. ل. (2011). مقدمة: نزاعات الهوية في الميدان العمراني. في ديفيس، د.؛ دير دورين، ن. ل.، محررون (2011). مدن وسيادة: سياسات الهوية في الفضاءات العمرانية (1-14). بلومينغتون، إنديانا: مطبعة جامعة إنديانا.
Davis, D., & de Duren, N. L. (2011). Introduction: Identity Conflicts in the Urban Realm. In Davis, D., & de Duren, N. L., Eds. (2011). Cities and Sovereignty: Identity Politics in Urban Spaces (1-14). Bloomington, Indiana: Indiana University Press.
ديبوليه، أ.؛ فواز، م. (2011). منازعة شرعية إعادة الهيكلة العمرانية والطرق السريعة في المستوطنات العشوائية في بيروت. في ديفيس، د.؛ دير دورين، ن. ل.، محررون (2011). مدن وسيادة: سياسات الهوية في الفضاءات العمرانية (116-151). بلومينغتون، إنديانا: مطبعة جامعة إنديانا.
Deboulet, A. & Fawaz, M. (2011). Contesting the Legitimacy of Urban Restructuring and Highways in Beirut’s Irregular Settlements. In Davis, D., & de Duren, N. L., Eds. (2011). Cities and Sovereighty: Identity Politics in Urban Spaces (116-151). Bloomington, Indiana: Indiana University Press.
مجموعة الدكتافون. (2013). كتيب أبحاث حملة هذا البحر لي. بالرجوع إليه من الموقع الإلكتروني التابع لمجموعة الدكتافون: http://www.dictaphonegroup.com/wp/wp-content/uploads/2013/11/SIM-booklet-compressed.pdf
Dictaphone Group. (2013.). This Sea Is Mine Research Booklet. Retrieved from Dictaphone Group website: from http://www.dictaphonegroup.com/wp/wp-content/uploads/2013/11/SIM-booklet-compressed.pdf
فليبيرغ، ب.؛ بروزيلوس، ن.؛ روثينغاتر، دبليو. (2003). المشاريع الكبرى والمخاطر: تحليل للطموحات. مطبعة جامعة كامبريدج.
Flyvbjerg, B., Bruzelius, N., & Rothengatter, W. (2003). Megaprojects and Risk: An Anatomy of Ambition. Cambridge University Press.
المنصة العالمية للحق في المدينة (غير مؤرخ). ما هو الحق في المدينة؟ بالرجوع إليه من: http://www.righttothecityplatform.org.br/download/publicacoes/what-R2C_digital-1.pdf
Global Platform for the Right to the City. (N.d). What is the Right to the City?” Accessed: http://www.righttothecityplatform.org.br/download/publicacoes/what-R2C_digital-1.pdf
جريبات، ن. (2015). مقابلة مع ياسار أدانالي، مؤسس مشروع شبكات نزع الملكية. مجلة الضواحي/المدن، 3، 153-164.
Gribat, N. (2015). Interview with Yasar Adanali, Founder of Networks of Dispossession project. Sub/Urban Magazine, 3, 153-164.
شبكات نزع الملكية. (2013). معلومات شبكات نزع الملكية. بالرجوع إليه من: https://burak-arikan.com/networks-of-dispossession/
Networks of Dispossession (NOD). (2013). Networks of Dispossession Information. Retrieved from https://burak-arikan.com/networks-of-dispossession/
سقسوق-ساسو، أ. (2015). إقامة فضاءات للسيادة الجماعية: قصة دالية بيروت. مجلة الدراسات العربية، 23(1)، 296.
Saksouk-Sasso, A. (2015). Making Spaces for Communal Sovereignty: The Story of Beirut’s Dalieh. Arab Studies Journal, 23(1), 296.
شيبرد، إي.؛ غيدواني، في.؛ غولدمان، م.؛ ليتنير، إتش.؛ روي، أ.؛ مارينغانتي، أ. (2015). مقدمة: الثورات العمرانية في عصر التطور العمراني العالمي. مجلة الدراسات الحضرية، 52 (11)، 1947-1961.
Sheppard, E., Gidwani, V., Goldman, M., Leitner, H., Roy, A., & Maringanti, A. (2015). Introduction: Urban Revolutions in the Age of Global Urbanism. Urban Studies, 52 (11), 1947-1961.
تاراكجي، س.؛ أوزكان، أ. (2015). تقييم القانون رقم 6306 حول تحويل المناطق المعرضة لأخطار الكوارث من منظور الفضاءات العامة – حالة حديقة جيزي. مجلة إيكونارب الدولية للهندسة المعمارية والتخطيط، 3(1)، 63-82.
Tarakçı, S., & Özkan, A. (2015). Evaluation of Law no. 6306 on Transformation of Areas under Disaster Risk from Perspective of Public Spaces – Gezi Park Case. Iconarp International Journal of Architecture and Planning, 3(1), 63-82.
توركون، أ. (2011). الإحياء العمراني وعلاقات السلطة المهيمنة. مجلة دراسات التخطيط الدولية، 16(1)، 61-72.
Türkün, A. (2011). Urban regeneration and hegemonic power relationships. International planning studies, 16(1), 61-72.
فالي، ل. (2011). إغراءات النزعة القومية في مدن العواصم الحديثة. في ديفيس، د.؛ دير دورين، ن. ل.، محررون (2011). مدن وسيادة: سياسات الهوية في الفضاءات العمرانية (196-208). بلومينغتون، إنديانا: مطبعة جامعة إنديانا.
Vale, L. (2011). The Temptations of Nationalism in Modern Capital Cities. In In Davis, D., & de Duren, N. L., Eds. (2011). Cities and Sovereighty: Identity Politics in Urban Spaces (196- 208). Bloomington, Indiana: Indiana University Press.
والتون، في. (2009). النظر من الجنوب: إعادة تركيز التخطيط العمراني على القضايا العمرانية المحورية العالمية. مجلة الدراسات الحضرية، 46(11)، 2259-2275. التصنيف الرقمي: 10.1177/0042098009342598
Walton, V. (2009). Seeing from the South: Refocusing Urban Planning on the Globe’s Central Urban Issues. Urban Studies, 46(11), 2259-2275. DOI: 10.1177/0042098009342598.
الهوامش
[1] الحق في المدينة هو “حق جميع السكان، الحاليين والمستقبليين، باستخدام وإشغال وإنتاج مدن عادلة وشاملة للجميع ومستدامة، والمعرّفة بأنها سلعة عامة ضرورية لعيش حياة كريمة وكاملة” (المنتدى العالمي للحق في المدينة، غير مؤرخ، 2). وهو حق جماعي وحق ممتد زمنيا (collective and diffuse right) ويتطلب اعتبار المدن بأنها مشاعات ينبغي أن يتمتع جميع سكانها بحق متساوٍ بالوصول إلى الموارد والخدمات والسلع العمرانية وإلى فرص حياة المدينة؛ والمشاركة في تشكيل المدينة (المنتدى العالمي للحق في المدينة، غير مؤرخ). كان الباحث هنري لوفيفر هو أول من اقترح مفهوم الحق في المدينة، وذلك في كتاب صدر في عام 1968 بعنوان “الحق في المدينة” (Le Droit a la Ville). ولخّص لوفيفر هذا المفهوم بأنه “مطالبة بإحداث تحول في حياة عمرانية متجددة وإمكانية الحصول عليها”. وقد عمدت عدة حركات شعبية إلى إدماج فكرة الحق في المدينة في أهدافها، حتى أن البرازيل سنت الحق في المدينة في قانونها الفدرالي، وذلك في قانون المدينة الذي صدر عام 2001. ومؤخراً، أُدمج الحق في المدنية في ’الخطة الحضرية الجديدة‘ – وهي الوثيقة الختامية التي تم الاتفاق عليها في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالإسكان والتنمية الحضرية المستدامة (الموئل الثالث) الذي عقد في عام 2016.
[2] للاطلاع على مزيد من المعلومات حول المنتدى العالمي للحق في المدينة، يرجى الرجوع إلى الموقع الإلكتروني للمنتدى، وإلى هذا المقال الصادر عن ’مبادرة تضامن‘.
[3] للاطلاع على تاريخ حي سولوكول وتأثير سياسة التجديد العمراني، راجع تقرير اليونسكو حول حي سولوكول الصادر في عام 2008.
The content of this website is licensed by TADAMUN: The Cairo Urban Solidarity Initiative under a Creative Commons Attribution-NonCommercial-ShareAlike 3.0 Unported License
Comments