نشرت جريدة الشروق فى 25 من أبريل 2014 مقالاً عن الرؤية الاستراتيجية لتنمية القاهرة التى يجرى إعدادها لمنطقة القاهرة الكبرى. يصف المقال هذه الرؤية الاستراتيجية بإنها تلك المفترض أن “تنقذ” القاهرة من المشاكل التى تواجهها ومن بينها مشكلة المرور وضعف الخدمات العامة. كما يؤكد المقال أن هذه الرؤية الاستراتيجية منحازة لفئات الدخل المنخفض كما أنها من أجل كل سكان القاهرة من جميع الخلفيات الاجتماعية والاقتصادية.
يشير المقال إلى العديد من النقاط الإيجابية فى هذه الرؤية وعن الطابع التشاركي المفترض فيها. ومع ذلك، فقد فشل المقال فى إيضاح نقطة واحدة فى غاية الأهمية وهى: وجود القليل جداً من المعلومات المتاحة حول هذه الاستراتيجية. كما إنه لم يتم الإعلان عنها رسمياً حتى اليوم، والمعلومات القليلة المتاحة لا تعطي صورة شاملة للكيفية التي تؤثر بها الخطة على سكان القاهرة.
في الوقت الحاضر هناك نوعان من المصادر يمكن للفرد من خلالها الحصول على معلومات حول استراتيجية التنمية العمرانية في القاهرة. الأول هو جلسات المناقشة المجتمعية (الحضور للمدعوين فقط) التي تعقدها الهيئة العامة للتخطيط العمرانى وبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية لمناقشة مشاريع محددة.
الثلاث جلسات المجتمعية التي عقدت حتى الآن كان بها بعض المعلومات بشأن المشاريع الثلاثة المحددة التي تمت مناقشتها، لكن كان ذلك لعدد محدود من الأفراد فقط هم الذين حضروا هذه الجلسات. غير أن المصدر الوحيد الذي يقدم معلومات حول الخطة بأكملها هو وثيقة غير معلنة تم إعدادها بواسطة الهيئة العامة للتخطيط العمرانى وبمساهمة من برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية. وقد أعدت الوثيقة كوسيلة لإطلاع الجمهور على هذه الخطة، وسوف يبدأ نشر هذه الوثيقة قريباً. وعلى الرغم من أن الوثيقة تحتوي على الكثير من المعلومات الأساسية حول المشاكل التي تواجهها القاهرة، وتلك التى من المتوقع أن تواجهها، فضلاً عن المجالات المحددة المستهدفة من قبل خطة التنمية، فإنها فشلت فى إيضاح خطط التنمية المزمع إجراؤها في هذه المجالات بالتفاصيل.
تعتبر منطقة المطرية التى من المخطط تطويرها كجزء من الرؤية الاستراتيجية لتنمية القاهرة، مثال رئيسي على ذلك. لا يتجاوز مستوى التفاصيل المتاحة في الوثيقة بشأن ما هو مخطط للمنطقة عبارات فضفاضة جداً مثل “التعامل مع المناطق غير المخططة”. وعلى الرغم من تقديم معلومات أكثر حول الخطة لمنطقة المطرية أثناء جلسة المناقشة المجتمعية سالفة الذكر ، فإنه لا يزال هناك الكثير من الغموض حول التصور بالنسبة للأحياء الفقيرة في المنطقة.
مثل هذا الغموض يجعل حصول سكان القاهرة على معلومات بشأن التخطيط المزمع لمدينتهم بشكل عام، وبالنسبة لمنطقتهم بشكل خاص شىء فى غاية الصعوبة. ناهيك عن أن المعلومات الواردة من مصادر مختلفة تتضارب في كثير من الأحيان.
على سبيل المثال، ينص مقال الشروق على أن الرؤية الاستراتيجية لتنمية القاهرة تضع أهمية خاصة على دراسة الآثار الاجتماعية والاقتصادية المحتملة، وبناءً على تلك الدراسة فإن الرؤية الجديدة قامت بإجهاض الكثير من الخطط الأصلية لمشروع القاهرة 2050 كانت تنطوي على الإخلاء القسري، مثل مشروع مثلث ماسبيرو. وعلى الرغم من أن مثلث ماسبيرو لم يرد ذكره في وثيقة الرؤية الاستراتيجية لتنمية القاهرة، فإن المشروع لا يزال مدرجاً على موقع محافظة القاهرة.
وهكذا، مرة أخرى، يتم ترك سكان القاهرة مع صورة مشوشة لما يجري تخطيطه لمدينتهم. يدعي مقال الشروق في العنوان إنه “ينشر تفاصيل استراتيجية التنمية العمرانية في القاهرة”، ولكنه، تماماً مثل وثيقة الاستراتيجية، يترك قرائه مع معلومات غامضة وغير مكتملة.
ينص الدستور المصري 2014 على أن “المعلومات والبيانات والإحصاءات والوثائق الرسمية ملك الشعب،” وواحدة من فوائد هذا الحق هو أنه يضمن أن “لا تحتفظ السلطات بالمعلومات لصالحها ولكنها تقوم بذلك لأجل خدمة الصالح العام.” كيف يمكن أن يضمن 19 مليون نسمة تقريباً، هم سكان القاهرة الكبرى أن المخططات تعزز مصلحتهم على أفضل وجه إذا لم يكن لديهم معلومات دقيقة عن تلك المخططات؟ لا ينبغي فقط أن يكون المواطن المصري على علم بشكل كاف بخطط التنمية، ولكن يجب أن تكون لديه أيضاً فرصة المشاركة في تطوير مثل هذه الخطط. وإلى حين أن يحدث هذا، لا يمكن أن يكون هناك ضمان للمواطنين بخدمة خطط التنمية للمصلحة العامة حقاً.
لا مشاركة بدون معلومات.
The content of this website is licensed by TADAMUN: The Cairo Urban Solidarity Initiative under a Creative Commons Attribution-NonCommercial-ShareAlike 3.0 Unported License
Comments
Trackbacks